كيف تُظهِر بأنك شخص جدير بالثقة في أثناء مقابلة العمل

4 دقائق
إظهار الثقة خلال مقابلة العمل

تتعلق معظم النصائح الخاصة بمقابلات التوظيف بكيفية تقييم مهارات الشخص المرشح لشغل الوظيفة في حال كنت أنت من يجري المقابلة الوظيفية، وبكيفية إظهار مهاراتك في حال كنت أنت المرشح لشغلها – بحيث تظهر بمظهر الشخص الذكي الذي يمتلك الحافز الكبير. وهنا تكمن المشكلة ومنذ البداية، لأن أهم شيء يجب إظهاره في هذا النوع من مقابلات العمل ليس أنك ذكي وتمتلك حافزاً كبيراً، بل يجب أن تبدي أنك جدير بالثقة.

كيفية إظهار الثقة خلال مقابلة العمل

تعتبر جدارة المرء بالثقة هي الخصلة الأساسية التي يبحث عنها الناس – وليس فقط من يجرون المقابلات الوظيفية – تلقائياً وبلا وعي في الآخرين. وهي العنصر الذي سيحدد مصيرك، سلباً أو إيجاباً. وكما أظهرت دراسات كثيرة أجرتها إيمي كودي من "هارفارد" وآخرون غيرها، هناك صفتين يجب أن تمتلكهما ليُنظر إليك على أنك شخص أهل للثقة، ألا وهما "اللطف" و"الكفاءة". فاللطف يشير إلى أنك تمتلك نوايا حسنة تجاه الشخص الناظر إليك، بينما تشير الكفاءة إلى أنك قادر على وضع هذه النوايا الحسنة موضع التطبيق. فالشخص الذي يخضع لمقابلة ويتصف باللطف والكفاءة يُنظر إليه على أنه حليف محتمل مهم للغاية. ولكن إذا كان نفس الشخص يمتلك الكفاءة دون إظهار اللطف خلال المقابلة، فسيُنظر إليه بوصفه عدواً محتملاً مرهوب الجانب، أي أنه من النوع الذي لا يجيد العمل ضمن فريق وقد يتسبب بالمتاعب مستقبلاً.

لذلك إذا اتبعت النصائح المعتادة الخاصة بالمقابلات، وركزت كل طاقتك على تسليط الضوء على كفاءتك وإبرازها، ونسيت أن تبعث برسائل تشير إلى اللطف الموجود لديك، فإن من يجري المقابلة معك سيشعر على الأرجح بشيء من الاحتراس تجاهك. بالتأكيد قد يكون السؤال الذي يوجهه لك من يجري المقابلة معك مقتصراً على مهاراتك، ولكن هذا ما كان قد دُرّب على فعله أصلاً. وهذا لا يعني أنك لا تستطيع الإجابة عن السؤال الذي يطرحه فعلاً، حتى لو لم يكن يدرك ذلك.

كيفية الإجابة عن أكثر الأسئلة شيوعاً في مقابلات العمل

لذلك دعونا نراجع اثنين من أكثر الأسئلة شيوعاً والتي تطرح على الناس خلال مقابلات العمل، وكيف بإمكانكم اغتنام هذه الفرص لتعبّروا عن دفئكم وكفاءتكم في إجاباتكم.

"أخبرني عن نفسك"

هذا سؤال عظيم يتيح الفرصة للمرء لإثبات كفاءته، ومعظم الناس يشعرون بسعادة غامرة من هذا السؤال لينطلقوا في خطابهم الذي حضروه وتدربوا عليه ملياً أمام المرآة في الحمام، ومحوره "دعوني أخبركم عن الأسباب التي تجعل مني شخصاً عظيماً". لكنه سؤال عظيم أيضاً لإرسال إشارتين قويتين للغاية تتسمان باللطف ألا وهما: "التواضع" و"الامتنان".

دعونا نناقش خصلة "التواضع" أولاً. أعلم أنه من المغري جداً أن يحاول المرء سرد الإيجابيات التي يتمتّع بها، غير أن الأبحاث تُظهر أنك إذا أبديت بعض التواضع بخصوص مهاراتك وقدراتك، فإن الناس سيضيفون ما مقداره 20% إلى 30% وسطياً إلى تقديراتهم الخاصة بكفاءتك. ولكن إذا تماديت في الترويج لقدراتك العظيمة، فإنهم سيحذفون المقدار نفسه من تقديراتهم.

سيكون ضرباً من المبالغة الشديدة أن تقول: "أنا شخص عظيم جداً مع الزبائن. وهم يحبونني".

أما الطريقة البديلة لقول نفس الأمر بشيء من التواضع فهي: "لقد عملت بجد كبير لفهم ما يحتاجه الزبائن، وأنا فخور بالنجاحات التي حققتها معهم".

عندما يتعلّق الأمر بإبداء الامتنان، فأنت لم تصل إلى ما وصلت إليه بمفردك، وبالتالي، يتعيّن عليك أن تكون صريحاً في هذا الصدد. فعندما تذكر قدراتك ونقاط قوتك، لا تنسَ أن تذكر أيضاً الإرشاد الذي حصلت عليه، والفرص التي خلقها الآخرون لك لتطور نقاط قوتك. قل أنك شخص محظوظ جداً حصل على الكثير من المساعدة والتوجيه.

"لماذا غادرت وظيفتك السابقة؟"

هذا هو السؤال الذي يسهل على الكثير جداً من الناس الوقوع في مطب الإجابة عنه. فالجميع يقولون إن التفوه بكلام سيئ بحق رب عملك السابق أو مؤسستك السابقة هو فكرة سيئة، وهم محقون في نصيحتهم هذه. لذلك، فإن النصيحة التي يقدّمونها لك عوضاً عن ذلك هي بأن تركز على أنك "في طور البحث عن تحديات جديدة"، وأنك تحاول تطوير نفسك ضمن وظيفة جديدة أو منصب جديد. هذه نصيحة لا بأس فيها، إذا كنت مهتماً بأمر الكفاءة فقط، ولكن لاحظ كم مرة ترد كلمة "أنا" في هذه الإجابات: "أنا أبحث عن تحديات جديدة. وأنا أريد تطوير نفسي". وماذا عن الناس الذين تركتهم وراءك؟ وأين هو "ولاؤك"، وإحساسك "بالمسؤولية" (وهذان مؤشران رئيسيان على اللطف).

لإظهار ولائك، تحدث عن حجم الألم الذي شعرت به عندما غادرت عملك السابق (حتى لو لم يكن ذلك صحيحاً) – وكيف أنك أنت وأقرانك تهتمون ببعضكم بعضاً. قل أنه لو كانت هناك طريقة تسمح لك بمواصلة تطوير ذاتك وتحدّي نفسك في عملك السابق، لكنت بقيت فيه ولم تغادره. فإذا ما بدا بأنه كان من السهل عليك مغادرة فريقك السابق، فإنهم سيفترضون بأن من غير الصعب عليك مغادرتهم أيضاً.

من أجل إظهار إحساسك بالمسؤولية، هناك أمران يجب أن تبعث بهما: أولاً (وهو الأوضح) أنك توّاق إلى تسلم مسؤوليات جديدة، وثانياً، أنك لم تترك أياً كان يترنح وحيداً عندما غادرت وظيفتك القديمة. بعبارة أخرى، يجب أن توضح وبكل جلاء بأنك قد أخذت مسؤولياتك على محمل الجد في وظيفتك السابقة أيضاً. وربما قد يكون من المفيد أن تذكر بأنك قد فكرت في ترك عملك السابق في وقت أبكر لكنك بقيت حتى استكمال مشروع رئيسي أو أنك قد انتظرت حتى بات الشخص البديل جاهزاً ليشغل منصبك.

هناك طريقة قوية أخرى لإظهار اللطف والكفاءة من خلال الأسئلة التي تطرحها على الشخص الذي يجري المقابلة معك. يمكنك الاستفادة من هذه الأسئلة المحددة لإرسال 3 من أكثر الإشارات دفئاً، وهي: "الاهتمام" بالشخص المتلقي، و"التأكيد" على مهاراته وقدراته، و"التعاطف" معه.

فطرح الأسئلة التي ترسل الإشارات الصحيحة يمكن أن يخلق فرصاً قيّمة تسمح لك بأن تبدو بمظهر الشخص الدافئ والكفؤ. على سبيل المثال، بوسعك إظهار الاهتمام بالشخص الذي يجري المقابلة معك من خلال طرح السؤال التالي عليه: "إذاً، كيف وصلت إلى وظيفتك (أو شركتك) الحالية؟" أو "ما الذي تعمل عليه حالياً؟" قد تكشف الإجابات عن قواسم مشتركة ونقاط تشابه تجمعكما في الخلفية، أو الخبرة، أو الأهداف، أو قد تمنحك الفرصة لتعبر عن تعاطفك وتفهّمك للتحديات المشتركة. كما بوسعك أن تؤكد على دور الشخص الذي يجري المقابلة ومهاراته من خلال طرح السؤال التالي عليه: "ما هي النصيحة التي تقدمها إلى شخص (يشغل الوظيفة التي تقدمت بالطلب للحصول عليها)؟"، فقد أظهرت الأبحاث، وخلافاً لما يشير إليه الحدس، بأن طلبك للنصح واعترافك بما لا تعرفه يجعلانك تبدو شخصاً دافئاً وكفؤاً في الوقت ذاته.

خصص وقتاً لا بأس به لتفكر بعمق في الطريقة التي ستستعملها لتُظهر دفئك خلال مقابلتك القادمة – أو خلال اتصالك القادم مع زبون جديد أو زميل في العمل. ومهما قلت، أجد صعوبة في المبالغة بتعداد المكاسب التي ستحققها إذا ما أظهرت بأنه شخص جدير بالثقة، أو الفرص التي ستخسرها إذا لم تفعل ذلك، ولهذا عليك الحرص على إظهار الثقة خلال مقابلة العمل.

اقرأ أيضاً : كيف تتميّز في مقابلة العمل؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي