دعم منشورات الأصدقاء سيكلف فيسبوك كثيراً!

3 دقائق
دعم منشورات الأصدقاء

أعلن مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة "فيسبوك"، أن منصته بحاجة إلى التغيير. وبحسب زوكربيرغ، أظهرت ردود فعل المجتمع أن المحتوى العام "يحد من اللحظات الشخصية التي تقودنا للتواصل أكثر مع بعضنا البعض". نتيجة لذلك، تقول الشركة إنها ستركز على دعم منشورات الأصدقاء أكثر من دعمها لمنافذ وسائل الإعلام، وأنها بذلك ستقود إلى تفاعل اجتماعي هادف أكثر.

دعم منشورات الأصدقاء

في الوقت الذي تبدو فيه النتائج على المدى البعيد، غامضة بالنسبة للمستخدمين والصحافيين ووسائل الإعلام والصداقات وفيسبوك بحد ذاته ومستقبل الديمقراطية، كما يصعب أيضاً الحكم على هذه النتائج، هناك بعض الدروس التي يمكن استنباطها من خلال هذا الإعلان.

هدف الشركة يتطلب التزاماً حقيقياً

تعددت الأحاديث عن الهدف في العمل التجاري. وأثبتت الشركات الطامحة لهدف ما، تفوقها على نظيراتها على المدى الطويل. كما أمكنهم حصد فوائد كبيرة نظراً للإنتاجية الأعلى للموظفين، إلى جانب رضا العملاء وولائهم. لكن يصعب على الشركات الطامحة لهدف ما في الوقت ذاته، أن تحقق المكاسب المادية. ما السبب وراء ذلك؟ السبب هو أن تحقيق الهدف باهظ الثمن. على أقل تقدير، يتطلب ذلك الهدف التزاماً حقيقياً. ومقابل ذلك الالتزام، يجب دفع ثمن باهظ، وفي غياب هذا الثمن، يمكن أن تدّعي أي شركة أنها طامحة لتحقيق هدف ما، فيصبح الالتزام غير حقيقي.

اقرأ أيضاً: دراسة جدوى توفير التأمين الصحي للموظفين منخفضي الدخل

تفاعلت أسواق الأسهم بسلبية مع الإعلان، مُكلّفة بذلك "فيسبوك" خسائر تقدر بنسبة 5% من رأس مال الشركة، أو حوالي 27 مليار دولار. وكلف ذلك زوكربيرغ شخصياً أكثر من 2 مليار دولار، من هنا يتحقق الالتزام الحقيقي للهدف الذي يطمح إليه "فيسبوك" وهو السير نحو (تطوير البنية التحتية الاجتماعية لمنح الأشخاص القوة لبناء مجتمع عالمي يعمل لأجلنا جميعاً). والحقيقة، أن "فيسبوك" سيأخذ على عاتقه تحقيق هذا الالتزام مع معرفته الثمن الذي سيكلفه من أجل ذلك. وتشير نقطة إضافية من البيانات إلى أن "فيسبوك" يمكنه التحول إلى شركة طامحة لهدف ما، وهو ما يُعد درساً إضافياً لرؤساء الشركات. ويتلخص الدرس: أن بناء مؤسسات طامحة لهدف ما، أمر يتطلب أكثر من عبارات رخيصة، وجهود (ملّمعة).

المستثمرون يولون اهتماماً كبيراً

جاء هذا الإعلان رداً على الضغط المتزايد على "فيسبوك" ليدرك جيداً، ويراقب تأثيره على المجتمع. فيقول النقاد إن انتشار الأخبار والدعايات الكاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي، يهدد الديمقراطية. إذ تُعد هذه إشارة أخرى إلى أن تطورات الأحداث في المجتمع تمثل وقائع مالية ملموسة بالنسبة لأداء الشركة، نتيجة لذلك، ازدادت الحاجة إلى بيانات ذات جودة عالية، ملائمة للمستثمرين، والتي تُقيّم جهود الشركة لتقلل من تأثيرها السلبي، وتزيد من تأثيرها الإيجابي.

ولذلك، يدمج عدد متزايد من المستثمرين، البيانات الحكومية والاجتماعية والبيئية (ESG) عندما يتخذون قرارات الاستثمار. وأظهرت الاستطلاعات أن الشركات تطور أداءها فعلياً في أبعاد حكومية، بيئية، اجتماعية جوهرية، وبالتالي، تتفوق على أقرانها.

النزعة نحو الأرباح الفورية في مدة قصيرة:

أعلن زوكربيرغ أنه قد يترتب على هذه النقلة تكاليف مالية على المدى القصير، لكنها ذات فوائد بالنسبة للشركة على المدى الطويل. ويبدو أن التكاليف المالية فاقت الفوائد من خلال ردة فعل السوق تجاه هذا الإعلان، مع هبوط بنسبة 5% على الأسهم في نفس اليوم.

اقرأ أيضاً: وسائل التواصل الاجتماعي أهم من أن تترك إدارتها لقسم التسويق فقط.

وتحدث العديد من رؤساء الشركات عن ظاهرة النزوع نحو الأرباح الفورية في مدة قصيرة، كما وثّقت الاستطلاعات أن هذه النزعة تعيق نوايا الشركات الجيدة. لكن تبقى الفكرة القائلة أن رؤساء الشركات واقعون تحت رحمة السوق الذي استحوذت عليه نتائج النزعة نحو الأرباح الفورية في مدة قصيرة فكرة غير دقيقة. وفي معظم الأحوال، يتحمل رؤساء الشركات أنفسهم مسؤولية الإخفاق في نقل الصورة الحسنة للفوائد الطويلة الأمد لمثل هذه الإجراءات، التي، إذا تمت بشكلها الصحيح، فإنها تبني الثقة في القيادة. لا تُعتبر الفوائد الواعدة على المدى الطويل كافية. قد تؤدي الأهداف المحددة زمنياً على أساس المقاييس والخطة الإستراتيجية الواضحة المهمة، بالرغم من ذلك، ولسوء الحظ، لا يزال معظم رؤساء الشركات لا يلتزمون بوعودهم عندما يتعلق الأمر بالتوجه نحو خطة على المدى الطويل.

قد يتغير ذلك الوضع إذا ما لمّح مستثمرون أكثر إلى التزامهم بالنزعة نحو هدف محدد للشركة، والأرباح على المدى الطويل. بعد انطلاق بادرة "فيسبوك" التي بينت أن رؤساء الشركات مهتمون بأكثر من أرباح قصيرة الأمد، تأتي البادرة نفسها من لاري فينك، رئيس شركة "بلاك روك" ومديرها التنفيذي، الذي وجّه رسالة إلى الشركات، تقول بأن شركته تستثمر بالتزامن مع المطالبة بما يلي: "لا يقع على عاتق كل شركة تقديم أداء مالي فحسب، بل أن تلعب دورها في المساهمة الإيجابية ضمن المجتمع". في هذه المقالة، وصفت هذا الدور بأنه ممثل العموم.

ويبدو أن مارك زوكربيرغ يوافق على ذلك حول دعم منشورات الأصدقاء تحديداً، وعلى استعداد لدفع أي ثمن لإثبات أهمية هذا الدور.

اقرأ أيضاً: أخطاء مواقع التواصل الاجتماعي الأساسية التي مازالت الشركات ترتكبها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي