لا تضع استراتيجية رقمية لمجرد أن الجميع يفعلون

3 دقائق
الاستراتيجية الرقمية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

عندما يعلن الرئيس التنفيذي لشركة “جنرال إلكتريك” أنها ستصبح مؤسسة صناعية رقمية ويقول الرئيس التنفيذي لشركة “سيتي غروب” (Citigroup) إنها ستصبح البنك الرقمي الرائد في العالم، فاعلم أن ثمة أولوية استراتيجية جديدة تجتاح عالم الشركات بسبب وضع الاستراتيجية الرقمية. فقد جرت العادة أن يُطرح عليك السؤال التالي: “ما هي استراتيجيتك في مجال تكنولوجيا المعلومات؟”، ثم أصبح السؤال كالتالي: “ما هي استراتيجية الإنترنت الخاصة بك؟”، وأضحى سؤال اليوم هو: “ما هي استراتيجيتك الرقمية؟”.

الاستراتيجية الرقمية للشركات

ينشغل قادة الشركات بالمبالغات التي تكتنف الإمكانات “المزعزِعة” للتكنولوجيا الرقمية. فهم يدركون إمكانيات إنترنت الأشياء والبيانات الضخمة والتواصل الدائم مع العملاء، ويشعرون بالرعب مما يمكن أن يقدمه الآخرون إلى هؤلاء العملاء باستخدام تلك التقنيات نفسها. وكل ما تحتاجه هو بعض مستشاري الأعمال المؤثرين ومجموعة من مورِّدي التكنولوجيا المتعطشين لإشعال الشرارة وإطلاق استراتيجيتك الرقمية مثلما تم إطلاق استراتيجية “تقنية المعلومات”.

لكن يتعين على قادة الشركات أن يقاوموا الاندفاع المتهور نحو وضع خطة استراتيجية لمجرد أن الجميع يفعلون ذلك. فهذا الأمر يطرح مخاطر هدر الوقت والمال وضياع فرص هائلة؛ كما أنه يثير مخاطر الارتباك الموهِن لاستراتيجية الشركة الحقيقية والاحتياجات الفعلية والأولويات الصحيحة في ظروف عمل متغيرة.

الأسئلة الهامة المتعلقة بالتكنولوجيا الرقمية

من أجل الحفاظ على أعمالهم وازدهارها في الاقتصاد الرقمي العالمي، يجب على قادة الشركات أن يتريثوا ويركزوا ويفكروا بعمق في 5 أسئلة حول التكنولوجيا الرقمية لتحقيق الفائدة لشركاتهم من الأدوات التكنولوجية الجديدة (مثل الهواتف) والمنصات (مثل وسائل التواصل الاجتماعي)، واستخدام البيانات التي يمكن أن تجمعها الشركات الآن باستخدام شبكة الإنترنت وغيرها من الوسائل. والأسئلة الخمسة هي:

هل تغير التكنولوجيا الرقمية مجالات الأعمال التي تتخصص فيها؟

ما هي الأصول التي تمتلكها وما هي قدراتك المميزة وكيف يمكنك إنشاء أعمال جديدة من خلال دمجها مع التكنولوجيا الرقمية؟ هل يمكن أن تساعدك التكنولوجيا الرقمية على توسيع حدود شركتك في سلسلة القيمة في بداية دورة أعمالك الحالية أو نهايتها؟ على سبيل المثال، إن أكبر مصدر للأرباح بالنسبة لشركة “أمازون” هو شبكة أمازون للخدمات (Amazon Web Services)، التي حولت أصولها وقدرات الحوسبة الخلفية لديها إلى شركة جديدة سريعة النمو ومربحة للغاية تخدم احتياجات الحوسبة وتخزين البيانات في المؤسسات. وبالمقابل لا يعني إسهام التكنولوجيا الرقمية في ظهور شركات مثل “زيبكار” (Zipcar) وغيرها من خدمات النقل التشاركي أن هذه التكنولوجيا تغير نماذج الأعمال الأساسية للشركات الكبيرة لصناعة السيارات.

كيف يمكن للتكنولوجيا الرقمية تحسين الطريقة التي تضيف بها قيمة معينة إلى أنشطة الأعمال التي تنخرط فيها؟

كيف يمكن أن تجعل التكنولوجيا الرقمية شركتك أفضل في تقديم المساعدة لأعمالك المستقلة على أن تكون أكثر تنافسية في أسواقها؟ إذا كانت “جنرال إلكتريك” على سبيل المثال قادرة بشكل مميز على تأهيل مدراء العموم الأكفاء في الأعمال الصناعية، فكيف يمكنهم الاستفادة من تكنولوجيا التعليم (“EdTechs”) في تعزيز هذه القدرات؟ ويمكن التساؤل بدلاً من ذلك: كيف يمكن أن تساعدك التكنولوجيا الرقمية على تحسين تكلفة وجودة الخدمات المشتركة التي تقدمها شركاتك اليوم؟ هل يمكن لمنصة مثل “إيباي” (eBay) أن تمكّنك من إدخال انضباط الأسواق التنافسية في خدمات شركتك؟ وكيف يمكن استخدام التكنولوجيا الرقمية في تحسين التخطيط الاستراتيجي أو تخصيص رأس المال أو إدارة الأداء أو العمليات الإدارية الأخرى؟ وهل يمكنك مثلاً تكييف منصة “بروسيدر” (ProSeeder) للاستثمار عبر الإنترنت التي يستخدمها المستثمرون الملائكة لجعل تمويل مشاريعك الإنشائية أسرع وأكثر ذكاءً؟

هل يمكن أن تغير التكنولوجيا الرقمية زبونك المستهدف؟

وهل تؤدي إلى تراجع سوقك المستهدف كما فعلت بالنسبة للصحف ووكالات السفر، أم أنها ستفتح فرصاً محتملة جديدة أمامك؟ لقد دفعت البيانات الضخمة إحدى الشركات مثلاً إلى تنويع عملائها الأساسيين وانتقلت من التعامل مع الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية إلى التعامل مع مدراء التسويق. وبدلاً من الاقتصار على تقديم خدمة مالية للرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية يمكنها اليوم أن تقدم خدمات لمدراء التسويق، حيث تعزز جهودهم في استقطاب عملائهم وضمان وفائهم لهم.

هل تؤثر التكنولوجيا الرقمية على عرض القيمة المقدم للعميل المستهدف؟

وبدلاً من تقديم منتج أو خدمة مقابل رسوم، هل يمكن أن تعِد بنتيجة معينة في مقابل الحصول على حصة من الحصيلة التي تسمح لك التكنولوجيا الرقمية وحدك بتقديمها، وهو الأمر ذاته الذي تسعى مستشفيات كثيرة لتقديمه إلى مرضاها؟ كيف يمكنك استخدام التكنولوجيا الرقمية لتحسين منتجاتك المادية، كما فعلت شركة “ليغو” (Lego) باستخدام الواقع الافتراضي الذي يمكّن الأطفال من اللعب عبر الإنترنت باستعمال قوالب الطوب البلاستيكي الشهير الذي كان له تأثير في زيادة الطلب على اللُعب الحقيقية التي تنتجها وتبيعها؟

كيف يمكن للتكنولوجيا الرقمية أن تعزز قدرات الشركة التي تميزك عن منافسيك؟

لا يتعلق الأمر بإضافة قدرات رقمية، بل بإضافة الطابع الرقمي إلى قدراتك. فإذا كانت قدرتك على تقديم إدارة ائتمانية متفوقة على سبيل المثال هي العنصر المميز المقصود في عرض القيمة الذي تقدمه إلى عميلك، فكيف ستستخدم وسائل التواصل الاجتماعي والبيانات والتحليلات المحوسبة الكبيرة لمساعدتك على تحقيق مزيد من التميز؟ ومن ناحية أخرى، إذا كانت استراتيجيتك هي التميز على أساس آخر غير مجال إدارة الائتمان، فما هو المستوى المناسب للاستثمار في وسائل التواصل الاجتماعي والبيانات الضخمة لتحقيق هذا الغرض؟

تنظم العديد من الشركات جهودها الرقمية حول البنية التحتية التي تشمل أنظمة تكنولوجيا المعلومات وهندسة البيانات وبرامج التحليلات المحوسبة والتوظيف والتدريب وعقد الشراكات والحوكمة وما إلى ذلك. ويؤدي هذا إلى حدوث إهدار وإرباك لأنه لا يستند إلى إجابات واضحة ومتماسكة عن الأسئلة الخمسة أعلاه.

ويُنصب الفخ عندما تبدأ بالسؤال: “ما هي استراتيجيتنا الرقمية؟” فبدلاً من ذلك، ابدأ بالأسئلة الخمسة عند وضع الاستراتيجية الرقمية. وبينما يتحدث الكل عن الاقتصاد الرقمي العالمي، سوف تركز أنت وتعمل على كيفية إضافة التكنولوجيا الرقمية ميزة جديدة إلى استراتيجيات الشركة والأعمال التي وضعتها بالفعل من قبل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .