توقّف عن الشعور بالذنب حيال تفويض المهمات

5 دقائق
تفويض المهمات
أودشوليه/غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: ليس من السهل التغلب على الشعور بالذنب حيال تفويض المهمات. إذ قد يبدو أن الاستثمار في تفويض المهمات قرار غير موفق، لا سيما إذا كنت أنت وفريقك تعانون من ضيق الوقت بالفعل. ولكن تذكر أن هذا الاستثمار سيحقق منافع أطول أجلاً: توفير الوقت، وموظفون أكثر كفاءة واندماجاً في العمل. يقدم المؤلف في هذه المقالة 5 استراتيجيات لمساعدتك على تفويض المهمات بوتيرة أكبر وبشعور أقل بالذنب.

 

يعرف معظم القادة العائد من تفويض المهمات: ستفرّغ نفسك للتركيز على العمل ذي الأولوية الأعلى بينما تمنح لفريقك فرصاً للنمو والتطور. في حين أن هذه فكرة ممتازة من الناحية النظرية، فإن العديد من القادة الناجحين يكافحون لتنفيذها.

فهناك الكثير من الأسباب وراء عدم تفويض القادة للمهمات. يعتقد البعض أنهم الوحيدون الذين يمكنهم القيام بالمهمة بشكل صحيح، أو أن شرح المهمة سيستغرق وقتاً أطول من القيام بها بأنفسهم. ولا يريد آخرون التخلي عن دورهم كخبراء يلجأ إليهم أعضاء فريقهم للاستشارة، أو يخشون أن يتفوق عليهم أعضاء فريقهم. ولكن مؤخراً كان الشعور بالذنب حيال إضافة المزيد من المهمات إلى قائمة مهمات أحد أعضاء الفريق هو العقبة الأساسية التي عبّر عنها القادة الذين أدربهم.

على سبيل المثال، قالت الرئيسة التنفيذية للتسويق في شركة متخصصة في تكنولوجيا الإعلان، سنسميها كندة: “أنا مشغولة للغاية، وكذلك أعضاء فريقي. لذا، أشعر بالذنب إذا طلبت منهم القيام بأي عمل إضافي”. وهناك أيضاً مؤسس علامة تجارية ناجحة للأزياء، سنسميه ماجد، دفعه حرصه على فريقه إلى الاستمرار في القيام بالمهمات التي كان ينبغي تفويضها.

يُعد الاهتمام برفاهة فريقك وإدارة عبء العمل جزءاً من القيادة الناجحة. ولكن عندما يعوق الشعور بالذنب تفويض المهمات، فهذا وضع لا مستفيد فيه. فزيادة عبء العمل على القائد تؤدي إلى شعوره بالقلق وإصابته بالاحتراق الوظيفي وعدم إنجاز العمل ذي القيمة الأعلى. كما أنها يمكن أن تضر الفريق نفسه الذي تحاول حمايته. إذ يمكن أن يشعر الموظفون أنهم غير جديرين بالثقة، ما يثبط المعنويات ويقلل الاندماج في العمل، كما أن انعدام فرص النمو يؤدي إلى زيادة معدل دوران الموظفين.

إليك كيفية تخفيف شعورك بالذنب وتفويض المزيد من المهمات مع مواصلة الاهتمام بفريقك.

حدد ما إذا كان شعورك بالذنب له ما يبرره

هناك نوعان من الذنب: مبرَّر وغير مبرَّر. عندما ننتهك قاعدة أخلاقية، فإن الشعور بالذنب “المزعج ولكنه مبرَّر” ينشط إحساسنا بالمسؤولية ويشجعنا على إصلاح الأمر. ويساعدنا أيضاً على تفادي المخالفات وتعزيز السلوكيات الاجتماعية.

ولكن عندما نتحمل مسؤولية ليس من المفترض أن نتحملها في موقف ما، أو نبالغ في تقدير المعاناة التي قد نسببها لشخص ما، حينها لن يكون الشعور بالذنب منطقياً وصحياً. إذ يقترن الشعور الدائم وغير المبرَّر بالذنب بانخفاض تقدير الذات وزيادة القلق والاكتئاب وأعراض جسدية.

للتمييز بين ما إذا كان الذنب الذي تشعر به مبرَّراً أم غير مبرَّر، اسأل نفسك: “ما الذي يمنعني من تفويض هذه المهمة؟” واكتب أي أفكار تخطر في بالك. على سبيل المثال، أراد ماجد أن يجعل فريقه يحب القدوم إلى العمل، لذلك تولى المزيد من المهمات (“يمكن أن أضطلع أنا بهذه المهمة”) بدلاً من تفويضها.

تحكّم في أفكارك. اسأل نفسك: ما الذي قد أكون مخطئاً بشأنه؟ وما الذي قد يكون صائباً أيضاً؟ أدرك ماجد أنه كان من الصائب قيامه بالعمل، إلا أنه لم يكن الحل المناسب للفريق أو الشركة. إذا كان ما تفعله لا يؤذي أحداً أو يتناقض مع أخلاقياتك، فمن المحتمل أن يكون شعورك بالذنب غير مبرَّر.

يُعد التحقق من أفكارك مهماً خاصة إذا كنت ممن يميلون إلى الشعور بالذنب؛ أي عندما يمكن لأي إشارة أو احتمالية لمعاناة شخص آخر وشعوره بالاستياء أن تدفعك إلى تحمُّل مسؤولية ليس عليك تحمُّلها.

بطبيعة الحال يمكن أن يكون تفويض المهمات غير منطقي في بعض الأوقات، ولكنك من خلاله تحافظ على نفسك وفريقك عندما يدفعك الشعور بالذنب إلى التمسك بالمسؤوليات التي يجب توزيعها.

غيّر فكرتك عن التفويض

الأشخاص الذين يشعرون بالذنب حيال تفويض المهمات يخشون إثقال كاهل فريقهم. إذ يمكن أن يشعروا أنهم مسؤولون أيضاً عن سعادة الآخرين، أو يعتقدوا أن احتياجات الآخرين تعلو على احتياجاتهم. بدلاً من ذلك، أقِر بفوائد التفويض وأعِد صياغة أفكارك.

على سبيل المثال، بدلاً من الاعتقاد أنك تثقل كاهل فريقك، فكّر في أنك بذلك تمنحهم فرصة للنمو. وبدلاً من الاعتقاد أن عدم تفويض المهمات سيزيد شعور فريقك بالسعادة، تفهّم أن الموظفين يحبون أن يشعروا أنهم جديرون بثقة قائدهم. فالسماح بزيادة الإسهامات والقيام بمزيد من الأعمال المهمة يعزز الاندماج والالتزام والرضا الوظيفي.

اكتناز أصحاب المناصب العليا للمهمات هو أيضاً وضع لن يعود بالنفع على شركتك. فالقيام بجميع المهمات يعني أنك قد تهمل العمل الذي لا يمكن لسواك إنجازه، ما سيتسبب في ضياع الفرص. أما التفويض فينقل العمل إلى مَن هم في المستوى الأنسب ويستبعد المهمات الأقل أهمية. فمع الوتيرة السريعة للتغيير التي نشهدها اليوم، يجب على القادة أن يقيّموا المهمات باستمرار وأن يستبعدوا تلك التي لم تعد مهمة.

حسِّن مهاراتك في التفويض

إذا كنت تعلم أنك لا تفوض المهمات بفعالية، وأن هذا يسهم في شعورك بالذنب والتردد، فاتخذ إجراءً. فالغرض من “الشعور الصحي بالذنب” هو إحداث تغيير إيجابي وإجراء تعديلات.

وهذا يتطلب النية وإعادة تخصيص وقتك. فبدلاً من أن تقوم بالمهمات، احرص على أن تقود وتدعم. ابدأ بتقييم مهماتك وتحديد ما يمكنك تفويضها أو حذفها تماماً. ثم فكر في من يجب أن يضطلع بها: مَن الذي يحتاج إلى، أو يرغب في، تنمية هذه المهارات أو على استعداد لخوض تحدٍّ جديد؟

سيكون من المفيد أيضاً إشراك فريقك في هذه العملية. على سبيل المثال، بدأت كندة بإجراء مراجعة دورية لنطاق المسؤوليات مع مرؤوسيها المباشرين، وكانت تسأل: “ما هي المهمات التي أشارك فيها أكثر مما ينبغي؟” و”ما هي المهمات التي تريدون أن أشارك فيها بشكل أكبر؟” لضمان شعور أعضاء فريقها بالتمكين والدعم.

يمتد التفويض الفعال إلى ما هو أبعد من التوضيح المبدئي للنتائج المرجوة ومواعيد التسليم. تحقق من التقدم الذي أحرزه أعضاء فريقك بانتظام مع تقديم ملاحظات، وقدِّم التوجيه على طول الطريق، وعبِّر لهم عن تقديرك لإسهاماتهم وإنجازاتهم. وتحسين مهاراتك في التفويض سيساعدهم على الشعور بالتمكين والدعم والتحفيز.

استخدم طرقاً مختلفة لحماية فريقك

عندما يمنعك الشعور بالذنب من التفويض، فإنه غالباً ما يكون مرتبطاً برغبة في حماية فريقك تعاطفاً معه ولكنها رغبة في غير محلها. لحسن الحظ، هناك طرق أخرى لحماية فريقك، دون التكاليف التي تصاحب عدم التفويض.

على سبيل المثال، ساعد أعضاء فريقك على ترتيب أولويات عملهم بصرامة. وأشرِكهم في النقاشات حول المهمات الموكلة إليهم حالياً، واحذف بسرعة المهمات المنخفضة القيمة من قائمتهم. وساعدهم على التعامل مع الأولويات المتضاربة من خلال توضيح أهم الأهداف لمؤسستك ولدور كل عضو وترسيخها وتقييم كل مهمة من حيث أهميتها ومدى إلحاحها.

يجب أيضاً أن تحمي فريقك من الطلبات الخارجية. إذ قد يكون من الصعب على أعضاء فريقك رفض بعض الطلبات، خاصة طلبات كبار أصحاب المصلحة الخارجيين. كن على استعداد للتدخل عند الضرورة لرفض تلك الطلبات بحكمة سواء نهائياً أو رفض القيام بها في الوقت الحالي.

استخدم غريزة الحماية هذه في حماية فريقك من القيام بالأعمال المنخفضة القيمة. ومن خلال دعمهم والتأكد من أن العمل الذي يقومون به مهم، يمكنك تعزيز نمو أعضاء الفريق ورضاهم والتخفيف من شعورك بالذنب.

استعد لما ستشعر به من انزعاج مؤقت

ليس من السهل التغلب على الشعور بالذنب حيال تفويض المهمات. إذ قد يبدو أن الاستثمار في تفويض المهمات قرار غير موفق، لا سيما إذا كنت أنت وفريقك تعانون من ضيق الوقت بالفعل. ولكن تذكر أن هذا الاستثمار سيحقق منافع أطول أجلاً: توفير الوقت، وموظفون أكثر كفاءة واندماجاً في العمل.

لا شك في أنه سيكون هناك انزعاج وإخفاقات بينما تتكيف أنت وفريقك مع أسلوب قيادتك الجديد. تقبل فكرة أنه ستكون هناك أخطاء. إذا كنت ممن يميلون إلى الشعور بالذنب، فقد تسارع إلى لوم نفسك والتشكيك في قرارك بالتفويض.

بدلاً من ذلك، تعاطف مع ذاتك، وانظر إلى هذه العثرات على أنها فرص للتعلم، وامضِ قدماً. يُعد التفويض جانباً بالغ الأهمية من القيادة الناجحة؛ فهو يدلل على ثقتك بأعضاء فريقك ويمنحهم الفرصة للتوسع والنمو في أدوارهم. ببعض الجهد يمكنك تعلُّم التغلب على الشعور بالذنب حيال التفويض، والتفرغ للقيادة بقدر أكبر من الفعالية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .