نشر منهجية الأجايل

20 دقيقة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

بطبيعة الحال، يطرح مدراء الشركات الذين جربوا أو سمعوا عن فرق “أجايل” بعض الأسئلة الملحة، منها؛ ماذا لو كانت أي شركة على وشك إطلاق عشرات أو مئات أو حتى آلاف فرق أجايل في جميع أرجاء المؤسسة؟ وهل يمكن أن تتعلم جميع قطاعات الشركة كيفية العمل بهذه الطريقة؟ هل زيادة تطبيق منهجية أجايل من شأنه أن يحسن أداء الشركة بالقدر الذي تحسن به أجايل أداء الفريق الواحد؟

وفي الأسواق المضطربة في وقتنا الحالي، حيث تقاوم الشركات القائمة بشراسة أمام الشركات الناشئة والمنافسين الآخرين، تعد إمكانية تحويل الشركة إلى مؤسسة رشيقة الحركة وقادرة على التكيّف جذابة للغاية. ولكن بقدر ما تُعد هذه الرؤية جذابة، فإن تحويلها إلى حقيقة يمكن أن يكون صعباً. وتعاني الشركات في كثير من الأحيان لمعرفة أي الوظائف التي ينبغي والتي لا ينبغي إعادة تنظيمها إلى فرق تطبق منهجية أجايل باختصاصات متعددة، لأن الشركات تعاني من مشكلة إطلاق المئات من فرق أجايل الجديدة ثم رؤيتها تختنق من البيروقراطية البطيئة.

ولقد درسنا تأثير زيادة تطبيق أجايل في مئات الشركات، بما فيها الشركات الصغيرة التي تدير المشروع بأكمله بمنهجية أجايل وشركات أكبر مثل سبوتيفاي ونتفلكس، التي وُلدت مطبقة لمنهجية أجايل وأصبحت تطبقه أكثر فأكثر مع نموها وتطورها. وتقوم شركات مثل أمازون وشركة يو إس إيه إيه (USAA) (شركة الخدمات المالية للمؤسسة العسكرية الأميركية) بإجراء التحول من التسلسل الهرمي التقليدي إلى شركات تطبق منهجية أجايل. ومع العديد من قصص النجاح كانت هناك بعض خيبات الأمل. على سبيل المثال، لم تحقق محاولات إحدى الشركات الصناعية البارزة على مدار السنوات الخمسة الماضية للابتكار مثل شركة ناشئة صاعدة النتائج المالية التي سعى إليها المستثمرون الناشطون ومجلس الإدارة واستقال العديد من كبار مسؤوليها مؤخراً.

وتظهر دراستنا أن الشركات يمكنها رفع نسبة أجايل في الإدارة على نحو فعال وأن فعل ذلك يحقق فوائد كبيرة. لكن مديري الشركات يجب أن يكونوا واقعيين. لا تحتاج كل وظيفة إلى تنظيمها وتحويلها إلى منهجية أجايل؛ ففي الواقع لا تناسب أساليب أجايل بعض الأنشطة. وبمجرد أن تبدأ إطلاق عشرات أو مئات من فرق أجايل، لا يمكنك أن تترك الأجزاء الأخرى من الشركة وحدها. إذا كانت أقسامك التي تعتمد أجايل محبطة باستمرار بسبب الإجراءات البيروقراطية أو نقص التعاون بين فرق العمليات والابتكار، سيصدر هذا الاحتكاك التنظيمي شرارةً تؤدي إلى انهيارات ونتائج سيئة. تُعد التغيرات ضرورية للتأكد أن الوظائف التي لا تعمل كفرق “أجايل” تدعم الوظائف التي تعمل كذلك.

اتباع منهجية أجايل عبر تطبيق أجايل

لكل من ليس على دراية بأساليب ومنهجية أجايل، إليكم هذا الاستعراض القصير. تُعد منهجية فرق أجايل الأنسب للابتكار، أي التطبيق المُربح للإبداع لتحسين المنتجات أو الخدمات أو العمليات أو نماذج الأعمال. تعمل هذه الفرق الصغيرة متعددة التخصصات وفق مبدأ تقسيم المشكلات، وعند مواجهة مشكلة كبيرة ومعقدة، تقسمها هذه الفرق إلى وحدات وتطور حلولاً لكل عنصر من خلال تطبيقها على نماذج أولية عبر استجابة سريعة، وتدمج الحلول في حل واحد متماسك. وتعتمد هذه الفرق على مبدأ التأقلم مع التغيير أكبر من اعتمادها على الالتزام بخطة، وتتحمل مسؤولية النتائج (مثل النمو والربحية وولاء العملاء) وليس فقط السعي نحو تحقيق نتائج (مثل المنهجية البرمجية أو عدد المنتجات الجديدة).

تكون الظروف مهيأة لفرق أجايل في أي موقف تكون المشكلات فيه معقدة، والحلول غير واضحة في البداية، وتكون متطلبات المشروع قابلة للتغيير، ويكون التعاون الوثيق مع المستخدمين النهائيين ممكناً، حيث تتفوق الفرق المبتكرة على مجموعات القيادة والسيطرة. ولا تُعد العمليات الروتينية مثل صيانة مقر الشركة والمشتريات والمحاسبة أرضاً خصبةً لاستخدام منهجية أجايل، إذ استُخدمت أجايل في أقسام تكنولوجيا المعلومات أولاً وتُستخدم الآن على نطاق واسع في تطوير البرمجيات. وبمرور الوقت انتشرت هذه الفرق في أقسام مثل تطوير المنتجات والتسويق وحتى الموارد البشرية. (راجع “تبني منهجية أجايل، هارفارد بزنس ريفيو، مايو/أيار 2016، و”انتقال الموارد البشرية إلى منهجية أجايل“، هارفارد بزنس ريفيو، مارس/آذار- أبريل/نيسان 2018)

وتعمل فرق أجايل بشكل مختلف عن الإدارات البيروقراطية ذات الهياكل التنظيمية المتسلسلة، إذ أنها تدير نفسها ذاتياً إلى حد كبير: يخبر المديرون الكبار أعضاء الفريق أين يمكنهم الابتكار ولكن لا يخبرونهم عن الكيفية، وتعمل الفرق مع العملاء بشكل وثيق على الصعيدين الخارجي والداخلي. وبطريقة مثالية، فإن هذا يضع مسؤولية الابتكار في أيدي هؤلاء المقربين من العملاء، ويؤدي لمنتجات محسنة ويقلل من تكاليف الإدارة التقليدية؛ وبالتالي تزداد سرعة العمل وتزداد دوافع الفرق. وهذا ما يتيح الفرصة للمديرين الكبار أيضاً ليقوموا بالمهام المطلوبة منهم مثل: بناء ونقل التصورات طويلة الأمد ووضع وترتيب الأولويات الاستراتيجية، وبناء القدرات التنظيمية لتحقيق هذه الأهداف.

وعندما لا يستوعب المديرون ولا يطبقون بأنفسهم أساليب أجايل، ربما يحاولون زيادة منهجية أجايل في الإدارة بالطريقة التي طبقوا بها مبادرات التغيير الأخرى، أي من خلال الخطط والتوجيهات من أعلى لأسفل. ويكون سجل مسار الأداء أفضل عندما يسلكون سلوك فرق أجايل، وذلك يعني الاطلاع على جوانب مختلفة من عمل المؤسسة والتعرف على عملائها والأشخاص والمجموعات التي تختلف احتياجاتهم.

يحدد الفريق التنفيذي الأولويات ويرتب الفرص لتحسين تجارب هؤلاء العملاء وزيادة نجاحهم. ويستغرق المديرون في حل المشكلات وإزالة القيود بدلاً من تفويض هذا العمل للمرؤوسين. ويملك فريق قيادة أجايل، مثل أي فريق عمل آخر، قائداً مبادراً مسؤولاً عن النتائج الإجمالية ومعاوناً يدرب أعضاء الفريق ويساعد في جعل الجميع متفاعلين ومشاركين بنشاط.

تتبع شركة بوش الألمانية هذا الأسلوب في الإدارة، وهي واحدة من أبرز الموردين للتكنولوجيا والخدمات في العالم من خلال أكثر من 400 ألف عامل، وعمليات في أكثر من 60 دولة.

وعندما بدأ مديرو الشركة يرون أن الإدارة التقليدية من أعلى إلى أسفل لم تعد فعالة في عالم سريع الحركة تسوده العولمة، أصبحت الشركة من أولى الشركات التي طبقت منهجية أجايل. ولكن مجالات العمل المختلفة تطلبت أساليب مختلفة، وأضرت محاولة شركة بوش الأولى تنفيذ ما أسمته “مؤسسة مزدوجة”، أي مؤسسة تدار فيها الأعمال الجديدة بواسطة فرق أجايل، بينما يتم استبعاد الوظائف التقليدية من العمل، بهدف الوصول إلى تحقيق تحول كلي في الإدارة. وفي عام 2015، قرر أعضاء مجلس إدارة الشركة، بقيادة مديرها التنفيذي فولكمار دينر، تأسيس وحدة لإطلاق فرق أجايل في الإدارة.

عمل مجلس الإدارة كلجنة توجيهية وكلّف فيليكس هيرونيمي، وهو مهندس برمجيات تحول إلى خبير في أساليب أجايل، بمهمة توجيه هذه الجهود.

في البداية توقع هيرونيمي أن يدير المهمة بالطريقة ذاتها التي أدارت بها شركة بوش معظم مشروعاتها: من خلال تحديد هدف وتاريخ تحقيق الهدف وإرسال تقارير حالة منتظمة إلى الإدارة. لكن هذا الأسلوب لم يتفق مع مبادئ أجايل، وكانت أقسام الشركة متشككة للغاية بسبب تخوفها من اتباع برنامج مركزي آخر في الإدارة والتنظيم، لكن الفريق أجرى تغييراً سريعاً. وقال هيرونيمي في حوار معنا: “تحولت اللجنة التوجيهية إلى لجنة عاملة، وأصبحت المناقشات أكثر تفاعلية بكثير”. قام الفريق بجمع وترتيب مجموعة من أولويات الشركة التي كانت تُحدَّث بانتظام، وركز على إزالة العوائق على مستوى الشركة في سبيل نجاح منهجية أجايل.

وبادر أعضاء الفريق بالمشاركة في الحوار مع مديري الأقسام. وقال هيرونيمي: “تطورت الاستراتيجية من مشروع سنوي إلى عملية مستمرة. وقسّم أعضاء مجلس الإدارة أنفسهم إلى فرق أجايل صغيرة وجربوا أساليب مختلفة، باستخدام أساليب “مالك المنتج” و”قائد الفريق” مع بعضها، لحل المشكلات الصعبة أو العمل على الموضوعات الأساسية. قامت إحدى المجموعات على سبيل المثال بصياغة مبادئ القيادة العشرة الجديدة التي أُصدرت عام 2016. واختبروا بأنفسهم شعور الارتياح بزيادة السرعة والفاعلية. لا يمكنك اكتساب هذه الخبرة من خلال قراءة كتاب”. والآن، تدير شركة بوش مزيجاً من فرق أجايل المتعددة والوحدات المنظمة تقليدياً، لكنها تشير إلى أن جميع الأقسام تقريباً تطبق مبادئ أجايل وتتعاون بفاعلية أكبر وتتكيّف بسرعة أكبر مع الأسواق التي تكتسب ديناميكية بشكل متزايد.

فكرة المقالة باختصار

الطموح

الانتقال من عدد محدود من فرق الابتكار الذكية في تطوير البرمجيات، إلى انتشار واسع لمجموعات الفرق في جميع أنحاء شركتك، عبر نشر منهجية “أجايل” التي تؤدي لنشر الرشاقة في الشركة هي الطريقة التي تتجه الشركات العالمية لاعتمادها.

التحديات

معرفة أين تبدأ وبأي سرعة وإلى أي مدى تذهب، وتحديد الوظائف التي يمكن وينبغي تحويلها إلى فرق أجايل، وكذلك تحديد الوظائف التي لا ينبغي لها اتباع هذا المنهج. وصولاً إلى مناقشة التحديات ومنع البيروقراطيات البطيئة من إعاقة تلك التحولات.

الحل

ينبغي للمدراء استخدام منهجية أجايل بأنفسهم وإنشاء تصنيف لفرص تطبيقها، وتحديد الأولويات وتقسيم مهام العمل والمشاريع إلى خطوات تنفيذية صغيرة عبر فرق أجايل. كما يجب أن تتعلم الوظائف والأقسام التي لم يتم تحويلها إلى فرق أجايل أن تستفيد من قيم أجايل في عملها، وأن يتم العمل على الموازنة السنوية للشركة بحيث تكون مرنة وكأنها “صندوق استثمار مغامر” (أو ما يسمى بصندوق استثمار جريء) أي أن تكون قابلة للتعامل مع مختلف متطلبات فرق العمل.

تطبيق أساليب أجايل

في شركة بوش وغيرها من المؤسسات التي تطبق منهجية أجايل بشكل متقدم، تكون الرؤى طموحة. ومع ذلك، وتماشياً مع مبادئ أجايل، لا يخطط فريق القيادة لكل التفاصيل مسبقاً. ويدرك المديرون أنهم ما زالوا لا يعرفون عدد الفرق الرشيقة التي سيحتاجونها وبأي سرعة ينبغي إضافة هذه الفرق، وكيف يمكنهم إزالة القيود البيروقراطية دون إثارة الفوضى في المؤسسة؛ ولذلك يطلقون عادةً موجةً أولية من فرق أجايل ويجمعون بيانات عن القيم التي تخلقها هذه الفرق والقيود التي تواجهها، ثم يقررون ما إذا كانوا سيتخذون الخطوة التالية ومتى وكيف سيتخذونها. ويسمح لهم ذلك بتقدير قيمة زيادة منهجية أجايل (على أساس النتائج المالية ونتائج العملاء وأداء الموظفين) أمام تكاليفها (على أساس كل من الاستثمارات المالية والتحديات التنظيمية).

وإذا كانت الفوائد تفوق التكاليف، يستمر المديرون في زيادة تطبيق منهجية أجايل من خلال نشر موجة أخرى من الفرق وإزالة القيود في الأجزاء الأقل رشاقة من المؤسسة وتكرار هذه الدورة. وإذا لم يحدث ذلك، يمكنهم التوقف ومراقبة بيئة السوق واستكشاف طرائق لزيادة قيمة فرق أجايل الموجودة بالفعل (من خلال تحسين ترتيب أوليات العمل أو ترقية قدرات النمذجة الأولية على سبيل المثال) وتقليل تكاليف التغيير (من خلال الترويج لنجاحات الأساليب الرشيقة أو تعيين خبراء منهجية أجايل المتحمسين).

ولبدء دورة التعلم والاختبار تلك، تستخدم فرق القيادة عادة اثنتين من الأدوات الأساسية: تصنيف للفرق المحتملة وخطة تسلسلية تعكس أولويات الشركة الرئيسية. دعونا أولاً ننظر في كيفية استخدام كل من هاتين الأداتين، ثم نستكشف ما هو المطلوب أكثر للتعامل مع مبادرات أجايل طويلة المدى.

إنشاء تصنيف للفرق

مثلما تحدد فرق أجايل مجموعة من الأعمال لإنجازها في المستقبل، تبدأ الشركات التي نجحت في زيادة تطبيق أساليب أجايل عادةً في إنشاء تصنيف كامل للفرص. وباتباع أسلوب فرق أجايل، ربما تقسم الشركات هذا التصنيف إلى ثلاثة عناصر: فرق تجارب العملاء وفرق عمليات الأعمال التجارية وفرق أنظمة التكنولوجيا، ثم تدمجها معاً. يحدد العنصر الأول جميع الخبرات التي يمكن أن تؤثر بشكل كبير على قرار وسلوكيات ورضا العملاء الخارجيين والداخليين. ويمكن أن تُقسم هذه التجارب عادةً إلى عشرات التجارب الرئيسية (تتمثل واحدة من أكبر تجارب العملاء مع تجار البيع بالتجزئة في شراء ودفع مقابل منتج)، التي بدورها يمكن أن تُقسم إلى عشرات التجارب الأكثر تحديداً (ربما يحتاج العميل إلى اختيار طريقة للدفع، واستخدام قسيمة أو استبدال نقاط الولاء، وإكمال عملية السداد والحصول على قسيمة شراء). ويدرس العنصر الثاني العلاقات بين هذه التجارب وعمليات الأعمال الرئيسية (تحسين عملية السداد لتقليل وقت الانتظار في الصفوف على سبيل المثال) بهدف تقليل المسؤوليات المتداخلة وزيادة التعاون بين فرق العمليات وفرق تجارب العملاء. ويركز العنصر الثالث على تطوير أنظمة التكنولوجيا (مثل تطوير تطبيقات أفضل للسداد عبر الهاتف النقّال) لتحسين العمليات التي ستدعم فرق تجارب العملاء.

ويرتبط تحديد عدد فرق أجايل مع نوع المشروع وقيمته، ولكي نتصور ذلك، فإننا نذكر تقديرياً أن مجموعة مشاريع بقيمة 10 مليارات دولار أميركي تحتاج لإدارتها عبر منهجية أجايل إلى فرق تتراوح بين 350 إلى 1000 فريق محتمل أو أكثر. تبدو هذه الأرقام مرعبة، وغالباً ما يتردد كبار الرؤساء التنفيذيين في مجرد التفكير لإجراء تغيير كبير بهذا القدر (“ماذا إذا جربنا اثنين أو ثلاثة من هذه الأشياء لنرى كيف تسير الأمور؟”).

ويساعدنا هذا المثال السابق على استكشاف حجم الرؤية التحويلية، والتي تبدأ بتقسيم العمل وتقسيم الرحلة إلى خطوات صغيرة يمكن إيقافها مؤقتاً أو تغيير مسارها أو وقفها في أي وقت، كما يساعد المدراء أيضاً على تحديد القيود. وبمجرد أن تحدد الفرق التي يمكنك إطلاقها وأنواع الأفراد الذين ستحتاج إلى توظيفهم، على سبيل المثال، تحتاج إلى أن تسأل نفسك: هل نملك هؤلاء الأفراد؟ وإذا كانت الإجابة نعم، فأين هم؟ يكشف التصنيف الذي ذكرناه في المثال السابق عن الفجوات الموجودة في المواهب التي تملكها وأنواع الأفراد الذين يجب عليك توظيفهم أو إعادة تدريبهم لسد هذه الفجوات. ويمكن للمدراء أيضاَ أن يروا كيف يتناسب كل فريق محتمل مع الهدف المتمثل في تقديم تجارب أفضل للعملاء.

وتملك شركة يو إس إيه إيه (USAA) أكثر من 500 فريق أجايل وتخطط لإضافة 100 آخرين في عام 2018. ويكون التصنيف واضحاً تماماً لجميع أفراد المؤسسة. وقال كارل ليبرت، مدير العمليات في الشركة، في حوار معنا: “إذا لم يكن لديك تصنيف جيد حقاً للمهمات، فستعاني من الإسراف والتكرار”. وقال على سبيل المثال: “أريد أن أدخل إلى القاعة وأسأل الفرق: “من المسؤول عن مسألة تغيير عنوان العضو المشترك؟ وأريد إجابة واضحة ومختلفة من الفريق المسؤول، سواء كان العضو يتصل بنا أو يسجل دخوله في موقعنا من حاسوب محمول أو يستخدم تطبيقنا على الهاتف النقّال. لا نريد توجيه أصابع الاتهام ولا نريد إجابات تبدأ بـ “الأمر معقد”.

يربط تصنيف شركة “يو إس إيه إيه” أنشطة فرق أجايل بالأفراد المسؤولين عن وحدات الأعمال وخطوط الإنتاج. ويتمثل الهدف في التأكد أن المدراء المسؤولين عن أجزاء محددة من الربح والخسارة يدركون كيف ستؤثر الفرق متعددة الوظائف على نتائجهم. تملك الشركة مدراء كباراً يعملون كمدراء عامين في كل مجال من مجالات العمل ويتحملون كامل المسؤولية عن نتائج الأعمال. لكن هؤلاء المدراء يعتمدون على الفرق التي تركز على العملاء والفرق متعددة الوظائف لإنجاز معظم الأعمال.

تعتمد الشركة أيضاً على الموارد التقنية والرقمية المخصصة لذوي الخبرة، ويتمثل الهدف هنا في التأكد أن مدراء الأعمال لديهم الموارد الكاملة لتحقيق النتائج التي يلتزمون بها. يتمثل الغرض من التصنيف في توضيح كيفية إشراك الأفراد المناسبين في العمل المناسب دون إثارة الفوضى. يُعد هذا النوع من الاتصال مهماً بصفة خاصة عندما لا تتوافق الهياكل التنظيمية الهرمية مع سلوكيات العملاء. على سبيل المثال، لدى العديد من الشركات هياكل وسياسات منفصلة للربح والخسارة للعمليات التي تتم عبر الإنترنت والتي لا تتم من خلاله، لكن العملاء يريدون تجارب متكاملة متعددة القنوات. يجعل التصنيف الواضح الذي يطلق الفرق متعددة الوظائف المناسبة مثل هذا التوافق ممكناً.

تنفيذ التحول في خطوات متسلسلة

بعد أن يتم إنشاء التصنيف، يحدد فريق القيادة الأولويات ويرتب المبادرات في خطوات تسلسلية. يجب على المدراء النظر في معايير متعددة تشمل الأهمية الإستراتيجية وقيود الميزانية وتوافر الأفراد وعوائد الاستثمار وتكاليف التأخير ومستويات المخاطر والترابط المتبادل بين الفرق. الأمر الأكثر أهمية والأكثر إغفالاً في كثير من الأحيان؛ هو نقاط الألم التي يشعر بها العملاء والموظفون من ناحية وقدرات المؤسسة وقيودها من ناحية أخرى. يحدد ذلك التوازن الصحيح بين السرعة التي ينبغي أن يسير طرح الفرق الرشيقة بها وعدد الفرق التي يمكن للمؤسسة التعامل معها في وقت واحد.

تسعى القليل من الشركات، التي تواجه تهديدات استراتيجية وتحتاج إلى تغيير جذري، إلى إجراء نشر ضخم وشامل لفرق أجايل في بعض الوحدات. على سبيل المثال، توقعت شركة آي إن جي (ING) المالية الهولندية في عام 2015 زيادة حاجة العملاء إلى الحلول الرقمية وزيادة توغل المنافسين الرقميين الجدد (خدمات التكنولوجيا المالية). قرر فريق الإدارة التحرك بقوة، إذ جرّد الهياكل التنظيمية من معظم وظائفها الأكثر ابتكاراً، بما في ذلك تطوير تكنولوجيا المعلومات وإدارة المنتجات وإدارة القنوات والتسويق، أي أنه ألغى وظائف الجميع في الأساس، ثم أنشأ تشكيلات رشيقة صغيرة وطلب من نحو 3500 موظفاً أن يتقدموا من جديد إلى 2500 منصب أعيد تصميمه داخل هذه التشكيلات. واضطر نحو 40% من الأفراد الذين يشغلون هذه المناصب إلى تعلم وظائف جديدة، وكان عليهم جميعاً تغيير عقليتهم بشكل عميق.

لكن التحولات الضخمة شاقة، إذ تتطلب التزاماً قيادياً كلياً وثقافة منفتحة وأفراد موهوبين وذوي خبرة كافية لتوظيف مئات الفرق دون استنفاد قدرات أخرى، وكتيبات الإرشادات التوجيهية لتحقيق التوافق بين جميع الأساليب. وتحتاج أيضاً إلى درجة احتمال عالية للمخاطر، بجانب خطط طوارئ للتعامل مع الانهيارات المفاجئة. وتستمر شركة آي إن جي في إزالة الشوائب في الوقت الذي تنشر فرق أجايل في جميع أرجاء المؤسسة.

ومن الأفضل للشركات التي تعاني من نقص هذه الأصول أن تطبق منهجية أجايل في خطوات متسلسلة، ومقارنة إمكانية تطبيق هذه المنهجية في كل وحدة مع قدراتها. وفي بداية مبادرتها لاستخدام أساليب أجايل، أطلقت مجموعة التكنولوجيا المتطورة في شركة 3 إم (3M) لأنظمة المعلومات الصحية ثمانية إلى عشرة فرق كل شهر أو شهرين، والآن -وبعد مرور عامين- أصبح هناك أكثر من 90 فريقاً. وبدأ قسم نظم البحث في الشركة هذه المبادرة لاحقاً، لكنه أطلق 20 فريقاً في ثلاثة أشهر فقط.

ومهما كانت الوتيرة أو نقطة النهاية، ينبغي للنتائج أن تظهر سريعاً. ربما تأخذ النتائج المالية بعض الوقت، إذ يعتقد الملياردير الأميركي الشهير جيف بيزوس أن معظم المبادرات تستغرق من خمس إلى سبع سنوات لتعود بالأرباح على شركته أمازون، لكن التغيرات الإيجابية في سلوك العملاء وقدرة الفريق على حل المشكلات تعكس علامات مبكرة أن هذه المبادرات تسير على الطريق الصحيح. قال تامي سبارو، مدير البرامج في شركة 3 إم: “مكننّا اتباع أساليب أجايل بالفعل من تسريع تسليم المنتجات وإصدار نسخة تجريبية من التطبيق قبل ستة أشهر من الموعد المخطط له”.

يمكن لرؤساء الأقسام تحديد التسلسل مثلما يفعل أي فريق أجايل. ابدأ بالمبادرات التي تقدم أكبر قيمة ممكنة وتتيح أكبر قدر من التعلم. كانت شركة إس أيه بي (SAP) الأوروبية الشهيرة للبرمجيات من أولى الشركات التي طبقت منهجية أجايل، إذ أطلقت هذه العملية منذ عقدٍ مضى. واتبع مديروها منهجية أجايل في أقسام تطوير البرمجيات أولاً، وهي أقسام تركز بشدة على العملاء حيث يمكنهم اختبار وتحسين هذه الأساليب. وأنشأوا مجموعة استشارية صغيرة لتدريب وتعليم وتضمين طريقة العمل الجديدة، وصمموا سجلاً لتتبع النتائج ليتمكن الجميع من الاطلاع على مكاسب الفرق. وقال سيباستيان فاغنر، الذي كان مديراً استشارياً في تلك المجموعة آنذاك: “تسبب عرض أمثلة ملموسة للمكاسب الإنتاجية الرائعة من تطبيق أجايل في تأثير أكبر على المؤسسة”. على مدار العامين التاليين، طبقت الشركة أجايل على أكثر من 80% من مؤسساتها التنموية، وكوّنت أكثر من 2,000 فريق. ورأى الأفراد في قسمي المبيعات والتسويق الحاجة إلى التأقلم للاستمرار؛ ولذلك كانت هذه المجالات هي التالية في اتباع هذه الأساليب. وبمجرد أن كانت الواجهة الأمامية للأعمال تتحرك بسرعة، حان الوقت للواجهة الخلفية لأخذ المبادرة؛ ولذلك حوّلت شركة إس أيه بي مجموعتها العاملة في نظم تكنولوجيات المعلومات الداخلية إلى فرق رشيقة. وتقع العديد من الشركات في خطأ السعي إلى تحقيق انتصارات سهلة، إذ تضع الفرق في حاضنات خارج موقع العمل وتتدخل لإنشاء حلول سهلة للعقبات التنظيمية. يزيد هذا التدليل من احتمالات نجاح الفريق، لكنه لا ينتج البيئة التعليمية أو التغييرات التنظيمية الضرورية لتكوين العشرات أو المئات من الفرق. تحمل فرق أجايل الأولى في الشركة عبء تقرير المصير لمستقبل هذه المنهجية. وينبغي لاختبارها، تماماً مثل اختبار أي نموذج أولي، يجب أن يعكس ظروفاً متنوعة وواقعية. مثل شركة إس إيه بي، تركز الشركات الأكثر نجاحاً على تجارب العملاء الحيوية التي تسبب إحباطات أكبر بين الصوامع الوظيفية.

التحولات الكبرى ضمن الشركات عادة ما تكون صعبة. ومن الأفضل أن تُنفذ منهجية أجايل عبر خطوات متسلسلة.

ومع ذلك، لا ينبغي إطلاق أي فريق من فرق أجايل إلا إذا كان مستعداً للبدء. لا يعني الاستعداد أن يكون الفريق مخططاً له بالتفصيل وأن نجاحه مضمون، لكنه يعني أن الفريق:

يركز على فرصة عمل كبيرة مع وجود الكثير منها على المحك.

مسؤول عن نتائج محددة.

موثوق به للعمل بشكل مستقل؛ مسترشد بحقوق واضحة في اتخاذ القرار، ومزود بموارد مناسبة، وتعمل به مجموعة صغيرة من الخبراء متعددي التخصصات المتحمسين للفرصة.

ملتزم بتطبيق القيم والمبادئ والممارسات الرشيقة.

مفوّض للتعامل عن قرب مع العملاء.

قادر على بناء نماذج أولية وإبداء ردود أفعال سريعة.

مدعوم من كبار المديرين التنفيذيين الذين سيزيلون العوائق ويتبنون تطبيق عمل الفريق.

سيساعدك اتباع هذه القائمة في رسم التسلسل الخاص بك لتحقيق أكبر تأثير على كل من العملاء والمنظمة.

تحتاج إدارة المؤسسات إلى غرس قيم أجايل في جميع أنحاء المؤسسة، بما في ذلك الأجزاء التي لا يمكنها تحويلها إلى فرق أجايل.

المبادرات الرشيقة واسعة النطاق الرئيسية

يواجه العديد من الرؤساء التنفيذيين مشكلة في تخيل أن فرق أجايل الصغيرة يمكنها المشاركة في مشروعات واسعة النطاق وطويلة الأجل، ولكن مبدئياً لا يوجد حد لعدد الفرق التي يمكنك إنشاؤها أو حجم المبادرة. يمكنك إنشاء “فرق من الفرق” التي تعمل على مبادرات ذات صلة؛ وهو منهج قابل للتوسع بدرجة كبيرة. على سبيل المثال، تملك شركة ساب السويدية للطيران أكثر من 100 فريق أجايل يعملون على تطوير برمجيات وأجهزة وجسم لطائرتها المقاتلة “غريبين”؛ وهي طائرة تبلغ قيمتها 43 مليون دولار أميركي وتُعد بالتأكيد واحدة من أكثر المنتجات تعقيداً في العالم. تنسق الفرق عملها من خلال اجتماعات المتابعة اليومية: في السابعة ونصف من صباح كل يوم عمل، يعقد كل فريق أجايل بالخط الأمامي اجتماعاً لمدة 15 دقيقة لتحديد العوائق، التي يكون بعضها لا يمكن حله بواسطة ذلك الفريق. وفي الساعة الثامنة إلا ربع صباحاً يتم تصعيد العوائق التي تحتاج إلى التنسيق إلى فريق من الفرق، حيث يعمل قادة الفريق على إما تسويتها أو تصعيدها إلى مستوى أعلى. يستمر هذا المنهج، وبحلول الساعة التاسعة إلا ربع صباحاً، يصبح لدى فريق الإجراءات التنفيذية قائمة من المشكلات الحرجة التي يجب عليه حلها ليستمر سير العمل في المسار الصحيح.

وتنسق إدارة الملاحة الجوية فرقها أيضاً من خلال إيقاع مشترك لسباقات تستمر ثلاثة أسابيع؛ وهي خطة رئيسية للمشروع يتم التعامل معها على أنها وثيقة حية، وتجميع الأجزاء المتفرقة بشكل تقليدي من المنظمة -على سبيل المثال، وضع الطيارين التجريبيين وأجهزة محاكاة الطيران مع فرق التطوير. تكون النتائج مثيرة، إذ اعتبرت شركة آي آتش إس جين (IHS Jane) للاستشارات الدفاعية أن طائرة غريبين هي أكثر الطائرات العسكرية فعالية من حيث التكلفة في العالم.

نشر مبدأ الرشاقة في مختلف الأعمال

يُعد زيادة عدد فرق أجايل خطوة مهمة تجاه زيادة رشاقة أي نشاط تجاري، لكن كيفية تفاعل هذه الفرق مع باقي أجزاء المؤسسة لا تقل أهمية عن ذلك. حتى أن معظم المؤسسات الرشيقة المتطورة، مثل أمازون وسبوتيفاي وجوجل ونتفلكس وبوش وساب وإس أيه بي وسيلز فورس وريوت غيمز وتسلا وسبيس إكس، تعمل بمزيج من فرق أجايل والهياكل التنظيمية التقليدية. وللتأكد أن الوظائف البيروقراطية لا تعرقل عمل فرق أجايل أو تفشل في تطبيق أو تسويق الابتكارات التي تطورها تلك الفرق، تسعى مثل هذه الشركات باستمرار إلى إجراء تغيير أكبر في أربعة جوانب على الأقل.

القيم والمبادئ

يمكن لأي شركة ذات تسلسل هرمي تقليدي أن تستوعب عادةً عدداً صغيراً من فرق أجايل المنتشرة في المؤسسة. ويمكن تسوية النزاعات بين الفرق والإجراءات التقليدية من خلال التدخلات والحلول الشخصية. لكن عندما تطلق الشركة المئات من فرق أجايل، لا يكون ذلك النوع من التسوية المخصصة ممكناً. ستواصل فرق أجايل المضي قدماً في كل الجبهات، وستدافع الأجزاء التقليدية من المؤسسة بشدة عن الوضع الراهن. وكما هو الحال مع أي تغيير، يمكن للمتشككين إنتاج جميع أنواع الأجسام المضادة التي تقاوم فرق أجايل، بدءاً من رفض العمل حسب جدول زمني وفقاً لمنهجية أجايل، عبر رفض تنفيذ برمجية معينة خلال ستة أشهر علي سبيل المثال، أو حجب الأموال عن الفرص الكبيرة التي تحتاج إلى حلول غير تقليدية.

لذلك تحتاج المؤسسة إلى قيادة تتبنى منهجية أجايل عبر غرس القيم والمبادئ المتعلقة بأجايل في المؤسسة، بما في ذلك الأقسام والمهام التي لا يمكن تحويلها للعمل وفق منهجية أجايل. ولهذا السبب طوّر مديرو شركة بوش مبادئ قيادة جديدة ونشروها في جميع أرجاء الشركة. لقد أرادوا التأكد أن الجميع يدرك أن الأمور ستكون مختلفة وأن أساليب أجايل ستكون هي محور ثقافة الشركة.

هياكل التشغيل

يتطلب تطبيق أجايل على نطاق واسع تجزئة مسارات العمل ثم دمجها بسلاسة. على سبيل المثال، يمكن لشركة أمازون أن تطور برمجياتها لآلاف المرات يومياً، وذلك لأن هيكل قسم تكنولوجيا المعلومات الخاص تم تصميمه عبر فرق أجايل لمساعدة المطورين لطرح إصدارات سريعة ومتكررة دون التعرض لأنظمة الشركة المعقدة. لكن يمكن للعديد من الشركات الكبيرة، بغض النظر عن مدى سرعتها في ترميز البرامج، تطوير برمجيات لمرات قليلة فقط يومياً أو أسبوعياً؛ لأن هياكلها تعمل بهذه الكيفية التقليدية.

وبناءً على المنهج النموذجي لتطوير المنتجات الذي ابتكرته شركة تويوتا اليابانية لصناعة السيارات، تصمم شركة تسلا الأميركية بدقة واجهات بين مكونات سياراتها لتسمح لكل وحدة بالابتكار بشكل مستقل. وبالتالي يمكن لوحدة امتصاص الصدمات تغيير أي شيء ما دامت تحافظ على واجهات مستقرة مع الأجزاء التي تؤثر عليها.

وتتخلى تسلا أيضاً عن إصدار التقارير السنوية التقليدية لصالح الاستجابات الفورية لردود أفعال العملاء. وقال رائد الأعمال الأميركي الشهير إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي للشركة، إن شركته تجري نحو 20 تغييراً هندسياً أسبوعياً لتحسين إنتاج وأداء سيارة تسلا طراز إس. وتشمل الأمثلة على ذلك حزم البطاريات الجديدة وتحديث أجهزة وبرمجيات الأمان والقيادة الآلية التي تضبط عجلة ومقعد القيادة تلقائياً من أجل دخول وخروج أسهل من السيارة.

وفي المؤسسات الأكثر تطبيقاً لمنهجية أجايل، تصطدم أنظمة المنتجات والعمليات المبتكرة ببعض من القيود التنظيمية الشائكة من أجل المزيد من التوسع في اتباع أساليب أجايل. تعيد شركة ريوت غيمز، المطوّرة للعبة الشهيرة ليغ أوف ليجيندز، تصميم الواجهات بين الفرق الرشيقة وأقسام الدعم والتحكم التي تعمل بشكل تقليدي مثل أقسام التسهيلات والمالية والموارد البشرية. وقال براندون شيون، مدير المنتجات في هذه المبادرة المستمرة، إنها تتضمن خطوتين رئيسيتين على الأقل؛ الأولى هي تغيير مفهوم أدوار عملائهم. وأوضح هيسونغ قائلاً: “عملاؤهم ليسوا هم رؤساءهم الوظيفيين أو الرؤساء التنفيذيين أو حتى مجلس الإدارة، إنما هم فرق التطوير التي يخدمونها، التي تخدم لاعبينا في نهاية المطاف”. وأجرت الشركة استطلاعات رأي عبر أداة نت بروموتر (Net Promoter) لجمع ردود الأفعال بشأن ما إذا كان هؤلاء العملاء سينصحون غيرهم بهذه الخدمات وجعلت من الواضح أنه بإمكان العملاء غير الراضين عن الخدمة الاستعانة بمزودي خدمة خارجيين في بعض الأحيان. وقال هيسونغ: “إنه آخر شيء نريده أن يحدث، لكننا نريد التأكد أن خدماتنا تطور قدرات من طراز عالمي يمكنها المنافسة في سوق حرة”.كما قامت شركة ريوت غيمز أيضاً بتجديد أساليب عملها وكيفية تفاعل وظائفها مع فرق أجايل التي تعمل ضمنها. حيث اتجهت إلى تحويل بعض هذه الوظائف إلى فرق أجايل، وعملت على تخصيص جزء من الموظفين لتلبية طلبات فرق أجايل ومساعدتها. كما تم تخفيض مستوى التدخل الرسمي في أعمال الفرق. وقال هيسونغ: “يمكن أن تعتمد فرق العمل مثل العقارات والتعلم والتطوير فلسفات على إرشادات وقواعد خاصة بها. عليك أن تفعل ما تعتقد أنه الأفضل لإنجاز المهام”.

وفي الشركات التي تطبق منهجية أجايل على نطاق واسع، تبدو الهيكليات التنظيمية لوظائف الدعم والعمليات الروتينية بشكل عام مثلما كانت من قبل، لكن مع طبقات إدارية أقل ومساحات تحكم أوسع إذ يتعلم المشرفون أن يثقوا في الأفراد ويمنحونهم الصلاحيات. تكون التغيرات الأكبر في الطريقة التي تعمل بها الأقسام الوظيفية، حيث تنسجم الأولويات الوظيفية بالضرورة مع استراتيجيات الشركة. وإذا كانت إحدى أولويات الشركة الرئيسية هي تحسين تجربة العملاء للهاتف النقّال مثلاً، فلا يمكن لذلك أن تكون هي الأولوية رقم 15 في قائمة التمويلات بقسم المالية أو قائمة التوظيف بقسم الموارد البشرية. وربما تحتاج الأقسام مثل قسم الشؤون القانونية إلى قدرة للتعامل مع الطلبات العاجلة لفرق أجايل ذات الأولوية العليا.

وبمرور الوقت، من المرجح أن تؤدي العمليات الروتينية مع الهياكل الهرمية إلى تطوير عقليات أكثر رشاقة. بالطبع، ستدير الأقسام المالية الميزانيات دائماً، لكنها لا تحتاج إلى الاستمرار في التشكيك بقرارات أصحاب المبادرات الرشيقة. وقال أحمد صدقي، رئيس قسم إدارة التطوير في شركة ريوت غيمز: “يلقي مديرنا المالي التنفيذي المسؤولية باستمرار على فرق أجايل ذات الصلاحيات القوية. حيث يمكن أن يقول “أنا لست هنا لإدارة الشؤون المالية للشركة، بل أنتم المسؤولون عن ذلك بصفتكم قادة فرق. أنا هنا بصفة استشارية”. وفي المؤسسات التي تعمل بشكل يومي، يتم تضمين شركاء ماليين في كل فريق، لكنهم لا يتحكموا في ما تفعله أو ما لا تفعله الفرق، بل تكون هذه الفرق أكثر مثل مدربين ماليين يطرحون أسئلة صعبة ويقدمون خبرات عميقة، لكن قائد الفريق هو من يتخذ القرارات في نهاية المطاف، وفقاً لما هو الأفضل للاعبي ريوت غيمز”.

ربما تجد بعض الشركات وبعض الأفراد صعوبة في قبول وتنفيذ هذه المقايضات؛ فتقليل السيطرة شيء مخيف دائماً، إلى أن تفعل ذلك وتجد الأشخاص أكثر سعادة وتزداد معدلات النجاح ثلاثة أضعاف. وفي دراسة استقصائية أخيرة أجرتها شركة بين الاستشارية بمشاركة نحو 1,300 رئيس تنفيذي من جميع أنحاء العالم، اتفق أكثر المشاركين مع العبارة التالية عن الإدارة أكثر من أي عبارة أخرى: “يجب على رؤساء الأعمال في وقتنا الحالي أن يثقوا ويمنحوا السلطة للأشخاص، لا إملاء الأوامر عليهم والتحكم بهم” (5% فقط لم يوافقوا على هذه العبارة).

اكتساب المواهب والتحفيز

تحتاج الشركات التي تطبق أساليب أجايل في الإدارة على نطاق واسع إلى أنظمة لاكتساب الموظفين المميزين وتحفيزهم لجعل أداء الفرق أفضل. (عامل موظفيك المميزين بطريقة غير عادلة، وسيفرون للعمل في شركة ناشئة جذابة). تحتاج هذه الشركات أيضاً إلى إطلاق العنان للطاقات المهدرة لأعضاء الفريق الأكثر نموذجية وبناء الالتزام والثقة والمسؤولية المشتركة عن النتائج. ولا توجد طريقة عملية لفعل ذلك دون تغيير إجراءات الموارد البشرية. لم تعد أي شركة قادرة على توظيف الخبرات فقط؛ فعلى سبيل المثال، تحتاج الآن إلى الخبرة الممزوجة بالحماس للعمل في فريق تعاوني. لا يمكن للشركة تقييم الأفراد بناءً على ما إذا حققوا أهدافاً فردية؛ تحتاج الآن إلى النظر في أدائهم ضمن فرق رشيقة وإلى تقييم أعضاء الفريق لبعضهم البعض. عادةً ما تتحول عمليات تقييم الأداء من أساس سنوي إلى نظام يعرض ردود أفعال وتوجيهات ذات صلة كل بضعة أسابيع أو شهور. تكون المسميات الوظيفية أقل أهمية وتتغير بشكل أقل في الفرق ذاتية الإدارة ومستويات تسلسل هرمي أقل. وتوضح المسارات الوظيفية كيف يمكن لمالكي المنتجات -أي الأفراد الذين يحددون الرؤية ويملكون نتائج أي فريق أجايل- الاستمرار في تنميتهم الشخصية وتوسيع تأثيرهم وزيادة تعويضاتهم.

وربما تحتاج الشركات إلى تجديد أنظمتها التعويضية لمكافأة الإنجازات الجماعية بدلاً من الإنجازات الفردية. إنها بحاجة إلى برامج التقدير التي تحتفي بالمساهمات على الفور. يُعد التقدير العلني أفضل من المكافآت النقدية السرية في تعزيز القيم الرشيقة، إذ أنه يلهم المستفيدين للتحسن بشكل أكبر ويحفز الآخرين لمحاكاة سلوكيات هؤلاء المستفيدين. كما يمكن لقادة الفرق مكافأة الأعضاء المميزين من خلال إشراكهم في الفرص الأكثر أهمية وتزويدهم بأكثر الأدوات تطوراً وأقصى حرية ممكنة، وربطهم بالمرشدين الأكثر موهبة في مجالهم.

دورات التخطيط والميزانية السنوية

في الشركات البيروقراطية، تُعد جلسات الاستراتيجية ومفاوضات الميزانية السنوية أدوات فعالة لترتيب المنظمة وتحقيق الالتزامات للتوسع في الأهداف. يبدأ متبعو أساليب أجايل بافتراضات مختلفة؛ إنهم يرون أن العميل يحتاج إلى التغيير باستمرار وأنه يمكن لهذه الرؤى الهائلة أن تحدث في أي وقت. تعيق الدورات السنوية الابتكار والتأقلم من وجهة نظرهم: تستنزف المشروعات غير المثمرة الموارد حتى تنفد ميزانياتها، بينما تنتظر الابتكارات المهمة دورة الميزانية التالية للحصول على التمويل.

وفي الشركات التي تضم العديد من فرق أجايل تكون إجراءات التمويل مختلفة. يدرك الممولون أنه بالنسبة لثلثي الابتكارات الناجحة، سيتغير المفهوم الأصلي بشكل كبير خلال عملية التطوير. إنهم يتوقعون أن الفرق ستسقط بعض الميزات وتطلق أخرى دون الانتظار إلى الدورة السنوية التالية. ونتيجة لذلك، تتطور إجراءات التمويل لتشبه ما يقوم به أي رأسمالي مغامر (جريء). عادة ما ينظر الرأسماليون المجازفون لقرارات التمويل كفرص لشراء خيارات من أجل المزيد من الاكتشافات. لا يتمثل الهدف في إنشاء نشاط تجاري واسع النطاق على الفور، لكن بدلاً من ذلك، إيجاد عنصر حاسم في الحل النهائي. هذا يؤدي إلى الكثير من حالات الفشل الظاهرة ويقلل تكلفة التعلم. يعمل مثل هذا الأسلوب بشكل جيد في مؤسسة رشيقة، ويحسن سرعة وكفاءة الابتكار على نحو كبير.

وتشهد الشركات التي تتبع منهجية أجايل تغيرات كبيرة في أعمالها؛ حيث تحقق الأنشطة التجارية المزيد من الابتكارات مقارنة مع العمليات الروتينية. وتساعد الأعمال التجارية على قراءة الظروف والأولويات المتغيرة، وتطوير حلول قابلة للتكيّف وتجنب الأزمات المستمرة التي كثيراً ما تضرب الهياكل الهرمية التقليدية. ستصبح الابتكارات التخريبية أقل تشويشاً وأكثر تشابهاً مع الأعمال القابلة للتكيّف كالمعتاد.

كما يؤدي زيادة تطبيق أساليب أجايل إلى إرساء قيم ومبادئ رشيقة في عمليات الأعمال ووظائف الدعم، حتى لو بقيت العديد من الأنشطة الروتينية. إنه يؤدي إلى مزيد من الكفاءة والإنتاجية في بعض مراكز التكلفة الكبيرة للأعمال، ويحسن الأنظمة التشغيلية والنماذج التنظيمية لتعزيز التنسيق بين الفرق والعمليات الروتينية. تأتي التغييرات أسرع وأكثر استجابة لاحتياجات العملاء. وأخيراً، يحقق النشاط التجاري تحسينات قابلة للقياس في النتائج؛ ليس فقط نتائج مالية أفضل، ولكن ولاء عملاء ومشاركة أكبر للموظفين أيضاً.

وكثيراً ما يوصف منهج مبادرات أجايل في الاختبار والتعلم على أنه تدريجي ومتكرر، ولكن لا ينبغي لأحد أن يخطئ في عملية التنمية المتزايدة للتفكير التدريجي. على سبيل المثال، تهدف شركة سبيس إكس إلى استخدام منهجية أجايل لبدء نقل الأشخاص إلى المريخ بحلول عام 2024، بهدف إنشاء مستعمرة مستدامة ذاتياً على هذا الكوكب. كيف سيحدث ذلك؟ حسناً، لا يعرف العاملون في الشركة حقاً حتى الآن، لكن لديهم رؤية بأن ذلك ممكن، ولديهم بعض الخطوات في أذهانهم. إنهم يعتزمون تحسين الموثوقية بشكل كبير وخفض النفقات جزئياً من خلال إعادة استخدام الصواريخ إلى حد كبير مثل الطائرات، ويعتزمون تحسين أنظمة الدفع لإطلاق الصواريخ التي يمكن أن تحمل ما لا يقل عن 100 شخص، ويخططون للتوصل إلى كيفية التزود بالوقود في الفضاء. وتشمل بعض الخطوات دفع التقنيات الحالية إلى أقصى حد ممكن ثم انتظار ظهور شركاء جدد وتكنولوجيات جديدة.

هكذا يكون تطبيق أساليب أجايل عملياً: طموحات كبيرة وتطور خطوة بخطوة. إنه يرسم الطريق للمضي قدماً، حتى عندما يكون المستقبل غامضاً كما هو الحال دائماً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .