بحث: الفِرق المتباعدة تنجح بسرعة وتفشل ببطء

5 دقائق
نجاح وفشل الفرق المتباعدة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: تشير البحوث حول نجاح وفشل الفرق المتباعدة إلى أن الفِرق المتباعدة، التي تعمل عن بُعد، عادة ما تكون أكثر كفاءة من تلك التي يعمل أعضاؤها معاً ضمن الموقع نفسه لإكمال المشاريع بنجاح، لكنها أيضاً غالباً ما تواصل العمل على مشاريع فاشلة لفترة أطول من الفِرق التي تعمل في الموقع نفسه. للمضي قدماً في بيئة العمل الهجين، يحتاج المدراء إلى مساعدة الفِرق المتباعدة على أن تصبح أفضل “في الفشل بسرعة”. وسيشمل ذلك فحص المشاريع وتخطيطها على نحو أفضل، والمزيد من العمل المتزامن، مع رقابة وتدخل إداري أكثر.

خلال العام الماضي، اعتدنا جميعاً على العمل في فِرق يعمل أعضاؤها من أماكن متفرقة. ولكن الآن، بعد أن أصبح من الممكن العودة إلى المكتب والعمل جنباً إلى جنب مع الزملاء، فمن الطبيعي أن نسأل عما سيكون عليه مقدار عملنا في المكتب بالفعل.

فوائد العمل الجماعي في فِرق متباعدة موثقة جيداً. وقد أظهرت الكثير من البحوث أن تكوين فِرق عبر الحدود المؤسسية أو الجغرافية يسمح للشركات بالاستفادة من التنوع في خلفيات الأشخاص وتوجهاتهم وقدراتهم. وهذا التنوع يعزز التحسين والإبداع والابتكار. ومع ذلك، فقد أظهرت البحوث نفسها أيضاً أن المشكلات المتعلقة بالتواصل أو سوء الفهم الثقافي أو الخلافات حول متى وأين يمكن عقد الاجتماعات قد تؤدي إلى تكبُّد تكاليف متعلقة بالتنسيق.

في محاولة لمعرفة ما إذا كانت الفوائد ستفوق التكاليف وتحت أي ظروف قد يحدث ذلك، درسنا 5,250 فريقاً في مجتمع عبر الإنترنت، والعديد من تلك الفِرق كانت موزعة عبر مؤسسات ومناطق جغرافية مختلفة. يعمل أعضاء هذا المجتمع في مجموعة متنوعة من المؤسسات، بما في ذلك مؤسسات كبيرة، مثل “مايكروسوفت” و”سيسكو” (Cisco)، والفِرق التي درسناها طواعية اجتمعت معاً للعمل على وضع معايير للإنترنت.

كانت نتائج دراستنا مفاجئة؛ فقد وجدنا أن الفِرق المتباعدة كانت أكثر كفاءة من نظيرتها غير المتباعدة، ولكن فقط عندما كانت نتيجة المشروع ناجحة. على النقيض من ذلك، كانت الفِرق التي تعمل في الموقع نفسه أسرع في التخلي عن المشاريع الفاشلة، ولكنها كانت أقل كفاءة في العمل على المشاريع التي نجحت بالفعل.

النجاح بشكل أسرع

عموماً، قضت الفِرق المتباعدة وقتاً أقل وأجرت محاولات أقل قبل تحقيق النجاح مقارنة بالفِرق التي تعمل في الموقع نفسه. يشير هذا إلى أن أعضاء الفريق يدركون صعوبة تنسيق العمل عندما يكونون موجودين في مؤسسات مختلفة أو عندما يتعين عليهم تنسيق العمل عبر الحدود الجغرافية. لذلك، إذا اختارت الفِرق الوقت المناسب للعمل عبر الحدود، فمن المحتمل أن تفعل ذلك فقط في المشاريع التي تعتقد أنها ستكون ناجحة، كما أنها ستعمل بجهد أكبر لتحقيق النجاح.

على العكس من ذلك، لا تحتاج الفِرق التي تعمل في الموقع نفسه إلى بذل جهد إضافي لتنسيق العمل لإكمال المشاريع. كما أن لديها حوافز أقل للعمل بكفاءة. وقد تكون هذه الفِرق أيضاً أكثر استعداداً للمخاطرة في اختيار المشاريع لأنها ستلاحظ أنها لا تتكبد الكثير من تكاليف التنسيق.

الفشل بشكل أبطأ

في المشاريع التي فشلت في عينة البحث، وجدنا أن الفِرق التي تعمل في الموقع نفسه انتقلت إلى مشاريع أخرى بسرعة أكبر من الفِرق المتباعدة التي استمرت في العمل على المشاريع الفاشلة بإعادة المحاولة عدة مرات قبل التخلي عنها. قد يكون هذا بسبب شعور الفِرق المتباعدة بأنها أكثر التزاماً بتنفيذ الأفكار التي تؤمن أنها جيدة أو لأنها تعتقد أنها متفوقة وستتغلب على أي عقبات. لاحظنا أيضاً أن الفِرق المتباعدة استثمرت جهداً في المشاريع في وقت مبكر من العملية أكبر مما استثمرته الفِرق غير المتباعدة، ما يجعلها فريسة للتكاليف الغارقة والمخاطرة بـ “تصعيد الالتزام”.

بالإضافة إلى ذلك، عند الفشل تبدأ تكاليف التنسيق في الظهور؛ إذ تُظهر البحوث أيضاً أن أعضاء الفِرق المتباعدة قد يجدون صعوبة أكبر في النقاش حول فشل شيء ما أو التوصل إلى اتفاق حول الوقت المناسب للتخلي عن المشروع. في المقابل، قد يكون من الأسهل على الفِرق التي تعمل في الموقع نفسه أن تجتمع لمناقشة التقدم المحرز في المشروع والاتفاق على الوقت المناسب للتخلي عنه. ويمكن أن يكون من السهل عليها أيضاً البدء في مشاريع جديدة، لذلك فإنها قد تكون أقل إحجاماً عن التخلي عن المشاريع الفاشلة.

أظهرت بحوث في مجال ريادة الأعمال فوائد تشجيع الفِرق على المخاطرة وتقبُّل ما يسمى بـ “الفشل السريع”؛ بمعنى أن تفشل الفِرق كثيراً وسريعاً من أجل التعلم من هذا الفشل. تشير دراستنا إلى أن هناك ما يقيّد هذه التوصية: إذا كانت الفِرق متباعدة، فقد لا تكون جيدة في الفشل بسرعة. وعندما تتمسك الفِرق المتباعدة بالمشاريع الفاشلة، فإن هذا الأمر يكون مكلفاً؛ فحينها لن يتمكن أعضاء الفريق من التعلم والمضي قدماً بسرعة. وفي غضون ذلك، يستهلكون الموارد التي كان من الممكن توفيرها للاستثمار في مشاريع أخرى. بعبارة أخرى، تكمن التكاليف الحقيقية للفِرق المتباعدة في المشاريع الفاشلة التي تحجم عن التخلي عنها.

إذاً، كيف يمكن للشركات أن تحدّ من تكاليف الفشل في الفِرق المتباعدة؟

تحديد ما قد ينجح أو يفشل مقدماً

قد تحتاج الفِرق المتباعدة إلى مساعدة في تحديد المشاريع التي من المرجح أن تنجح أو تفشل مقدماً. ووضع آليات تنسيق أفضل قد يساعد الفِرق المتباعدة على التوصل إلى اتفاق حول الوقت المناسب للتخلي عن مشروع ما. وإذا فشلت في ذلك، حينها قد يتعين على الإدارة التدخل.

1. الفحص والتقييم

قد تحتاج الفِرق المتباعدة إلى دعم لضمان التزامها بالمشاريع التي من المرجح أن تنجح حقاً. يمكن أن تشمل الإجراءات التي يجب اتخاذها: وضع السيناريوهات والتخطيط للمخاطر أو عرض الأفكار على الزملاء أو الإدارة قبل الالتزام بالمشاريع أو وضع حالات تسمح للفِرق بالتماس الإسهامات المهمة مسبقاً. وقد تجعل مثل هذه المحادثات أعضاء الفريق أكثر تقبلاً لحقيقة أن المشروع يمكن أن يفشل، ما يجعلهم أكثر استعداداً للتخلي عن المشاريع الفاشلة.

2. العمل المتزامن

عندما تنسق الفِرق المتباعدة العمل عبر مناطق زمنية مختلفة، فإنها غالباً ما تنظم المهام بحيث يتم العمل على المشاريع في أوقات مختلفة. وهذا يسهل إنجاز العمل، وعندما تسير الأمور على ما يرام فإنه يصبح فعالاً أيضاً، لكنه يقلل من فرص التواصل عندما يُنجَز العمل فعلياً. وهذا يعني أنه من المحتمل أن تتأخر مناقشة المشكلات التي تشير إلى أن المشروع في طريقه إلى الفشل. لذلك، قد تحتاج الفِرق المتباعدة إلى وضع آليات يتم بموجبها العمل على المشاريع مع بعض التداخل في أوقات العمل للسماح بإجراء محادثات متزامنة.

3. تدخل الإدارة

يحتاج المدراء إلى المتابعة من كثب مع الفِرق المتباعدة أكثر من الفِرق التي تعمل في الموقع نفسه لضمان إحراز تقدم وللبحث عن مؤشرات تدل على أن المشاريع في طريقها إلى الفشل. وقد تحتاج الفِرق المتباعدة أيضاً إلى مزيد من المساعدة في التخلي عن المشاريع عندما تبدأ في الفشل. ومع تدخل الإدارة في الوقت المناسب، يمكن أن تحدث حالات فشل سريع للفِرق المتباعدة أيضاً، وبذلك يتم توفير الموارد بسرعة ويمكن إعادة توزيعها لمشاريع جديدة. وفيما يتعلق بالفِرق التي تعمل في الموقع نفسه، قد تحتاج الإدارة إلى الانتباه للمشاريع التي بدأ العمل عليها، حتى لا تهدر الموارد على المشاريع ذات احتمالات النجاح الضعيفة؛ أي: حدوث الكثير من حالات الفشل السريع.

وفي حين يفكر المدراء في الدروس المستفادة من تجربة العمل في فِرق متباعدة التي فرضتها الجائحة، فإنهم بحاجة إلى دراسة دقيقة لموضوع نجاح وفشل الفرق المتباعدة. ويجب أن يتذكروا أيضاً أن العمل في الموقع نفسه والعمل بشكل متباعد لا يلزم أن يستبعد أحدهما الآخر. فقد تتطلب أجزاء من المشروع العمل في الموقع نفسه، وقد لا تتطلب أجزاء أخرى ذلك. ومهما يكن شكل التصميم العام، يحتاج مدراء المشاريع إلى التأكد من معالجة نقاط الضعف في كلا نموذجي العمل بشكل مناسب.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .