لا تترك موظفيك يواجهون التعب الناجم عن التغيير وحدهم

5 دقائق
الإجهاد الناجم عن التغيير
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: كيف يمكن للقادة مساعدة فرقهم في التغلب على الإعياء الناتج عن التغيير أو التخلص من براثنه؟ تشجع المؤسسات موظفيها أحياناً على تنمية القدرة على التحمل، ما يضع عبء إيجاد طرق للتحسن على عاتق الأفراد وحدهم. لكن يجب على القادة إدراك أن الإجهاد الناجم عن التغيير ليس قضية فردية، بل هو قضية جماعية يجب معالجتها على مستوى الفريق أو المؤسسة. أولاً، فكّر قليلاً لتحدد وقت حدوث التغيير الكبير ومشاعر عدم الراحة التي قد تصاحبه. ثانياً، تبنّى عقلية التعلم وكن نموذجاً يُحتذى به في التعلم والتطور، خاصة في مواجهة حالة عدم اليقين المستمرة. ثالثاً، ضع خططاً، لكن تقبّل احتمال أن تحيد أنت وفريقك عن مسارها. وأخيراً، استثمر في طقوس بسيطة يمكن للفريق ممارستها بشكل جماعي لتقليل التوتر.

 

إعادة تنظيم، انتقالات القيادة، تكنولوجيا جديدة. عانى العديد من الموظفين في مرحلة ما قبل جائحة “كوفيد-19” من الإجهاد الناجم عن التغيير، الذي يُعرّف بأنه شعور باللامبالاة أو الإرهاق تجاه التغييرات المؤسسية الكثيرة المتتالية.

لكن تغيّر كل شيء عندما انتشرت جائحة “كوفيد-19”. وما زلنا نتذكر تغريدة استشاري الصحة الرقمية، سيمون تيري، التي تركت فينا أثراً عميقاً: “الإجهاد الناجم عن التغيير. الإجهاد الناجم عن القدرة على التحمل. الإجهاد الناجم عن المرونة. الإجهاد الناجم عن العمل من المنزل. الإجهاد الناجم عن مؤتمرات الفيديو. الإجهاد الناجم عن الدراسة عن بُعد. الإجهاد الناجم عن القيود. الإجهاد الناجم عن النزاعات. الإجهاد الناجم عن الإجهاد. عام 2020 هو العام العالمي للإجهاد”. دفع المستوى المرتفع من عدم اليقين الكثير منا إلى الشعور بالإجهاد الناجم عن التغيير في كل جانب من جوانب حياتنا المهنية والشخصية. ووجدت شركة “غارتنر” (Gartner) أن قدرة الموظفين على التعامل مع التغيير في عام 2020 بلغت 50% مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة.

كيف يمكن للقادة مساعدة فرقهم في التغلب على الإعياء الناتج عن التغيير أو التخلص من براثنه؟ تشجع المؤسسات موظفيها أحياناً على تنمية القدرة على التحمل، ما يضع عبء إيجاد طرق للتحسن على عاتق الأفراد وحدهم. لكن يجب على القادة إدراك أن الإجهاد الناجم عن التغيير ليس قضية فردية، بل هو قضية جماعية يجب معالجتها على مستوى الفريق أو المؤسسة.

وإليكم أربع ممارسات يمكن للقادة اتباعها لمساعدة فرقهم أو مؤسساتهم على التصدي للإجهاد الناجم عن التغيير بشكل جماعي استناداً إلى البحث الذي أجريناه لكتابنا الذي يحمل عنوان “مشاعر كبيرة” (Big Feelings).

خصص بعض الوقت للاعتراف بالتغيير وشعور عدم الراحة الذي يصاحبه

يتطلب تجاوز حالة عدم اليقين أن نرفض نزعتنا الطبيعية للهرب من وضع الانزعاج. فنحن عادة ما نميل إلى اتخاذ إجراء فوري عندما نشعر بالقلق. ويدعو علماء النفس ذلك الإجراء بـ “إصلاح القلق”، وهو لا يفيدنا أو يفيد الأفراد من حولنا. وبدلاً من معالجة السبب الجذري لقلقنا، نجهد أنفسنا في محاولة بلوغ حالة من الارتياح الفوري.

لنفترض أن الفريق يحاول تغيير خطة العودة إلى المكتب. قد يتمثّل رد فعلك كقائد في أن تحاول إثارة الحماس وإرسال سلسلة من الرسائل الإلكترونية بتواريخ وجداول زمنية جديدة، دون التوقف عن الاعتراف بالضرر العاطفي الذي قد يلحقه التغيير بموظفيك. وقد يسأم أعضاء فريقك من تلك الإعلانات والخطط الجديدة الأخرى للعودة إلى المكتب. لذلك تأكد من أن تخصص وقتاً بداية كل اجتماع يشارك فيه الموظفون مشاعرهم ومخاوفهم ويطرحون الأسئلة.

وقد تكون تلك الممارسة مفيدة خارج نطاق حالة عدم اليقين المتعلقة بجائحة “كوفيد-19” أيضاً، كانضمام شخص ما إلى الفريق. إذ وجدت دراسة أجرتها شركة “غارتنر” أن التغييرات الشخصية على نطاق أصغر، كتعيين مدير جديد أو الانتقال إلى فريق جديد، كانت مجهدة بمقدار مرتين ونصف أكثر من التغييرات التحويلية الأكبر، كعمليات الدمج أو الاستحواذ. لكن كم مرة يتمهّل القادة عند تغيير مهام الفريق ويتيحون للموظفين التعبير عن الانزعاج الذي يشعرون به جراء تلك التغييرات؟ نوصي بجعل المدير السابق للموظف يجتمع مع كل من الموظف والمدير الجديد للتحدث عن تفاصيل التغيير، والإفصاح عن القلق الذي قد يعتري الموظف، والسماح له بمشاركة مشاعره وطرح الأسئلة.

تبنّى الشعار التالي: “أنا شخص يتعلم _______”

تساعدنا حالة عدم اليقين في مواجهة حقيقة أننا لا نملك جميع الإجابات. وقد يكون ذلك مخيفاً طبعاً، خاصة إذا كنت شخصاً يحب أن يتولى السيطرة. ولتساعد نفسك وفريقك في التحول من القلق إلى عقلية النمو، أعد صياغة الموقف. فعندما تقول لنفسك: “أنا أتعلم أن______” بدلاً من “لن أنجح في ذلك” أو “يجب أن أحل ذلك بنفسي”، سترى نفسك كشخص قادر على إجراء التغيير.

وإليكم بعض الأمثلة حول كيفية إعادة صياغة حالة عدم المعرفة:

  • بدلاً من أن تقول: “لست خبيراً في إدارة الموظفين في بيئة عمل عن بُعد. ولن أنجح في ذلك”، قل لنفسك: “أنا أتعلم أن أصبح مديراً رائعاً في بيئة عمل عن بُعد”.
  • وبدلاً من: “أشعر بالقلق تجاه تقديم العروض التقديمية وجهاً لوجه مرة أخرى”، قل لنفسك: “أنا أتعلم كيفية تقديم العروض التقديمية أمام الجماهير مرة أخرى”.

ونوصي بإجراء هذا التمرين مع فريقك من خلال مطالبتهم بملء العبارة: “أنا شخص يتعلم _____” أو “نحن فريق نتعلم _____”. قد يكون من المفيد سماع ما يحاول الآخرون تجاوزه لئلا يشعر أعضاء الفريق بالوحدة وليكونوا قادرين على دعم بعضهم لبعض بسهولة. وقد يكون من المفيد أيضاً فهم مستوى ارتياح كل شخص مع حالة عدم اليقين بشكل أفضل. (يمكنك إجراء تقييم تحمل عدم اليقين هنا.) إذا كنت تعلم أن كل عضو في فريقك يفضّل تجنب حالة عدم اليقين، فيمكنك مثلاً اتخاذ خطوات إضافية لتتأكد من أن يفهم الجميع ماهية الخطة المستقبلية.

ضع خطة يمكنك تغييرها

يجب علينا بذل مزيد من الجهد لمعرفة ما يجب فعله في مواجهة حالة عدم اليقين. في الواقع، أدمغتنا مجبولة على التعرف على الأنماط؛ فعندما تواجه تحدياً معروفاً (ككتابة تقرير ربع سنوي)، يمكنك أن تقول ببساطة: “ذلك الأسلوب الذي اتبعته المرة الماضية والذي سأتبعه الآن”.

لكن حالة عدم اليقين تقوّض تلك الآلية. وتقول الدكتورة في علم النفس مولي ستاند: “قد تشعر بضرورة أن تولي اهتماماً أكبر بكل ما يحدث لعدم ثقتك بما يجب عليك فعله. وذلك هو السبب الذي يجعل حالة عدم اليقين مرهقة للغاية”.

ولهذا السبب يسهل علينا الوقوع أيضاً في براثن الشلل التحليلي، وهي الحالة التي تصاب فيها عقولنا بالإرهاق نتيجة التفكير في الملايين من الاحتمالات المستقبلية. كيف يمكنك وضع خطة مستقبلية في ظل هذه الظروف إذاً؟

أخبرتنا الدكتورة لورا غالاهر أن الفِرق في وكالة “ناسا” تضع “خططاً يمكن تغييرها”. وأضافت: “تتمثّل فائدة التخطيط في التفكير فيما سنفعله عندما يستجد أمر ما. وتكمن القيمة في العملية والرحلة، وليس في جدول الأعمال المحدد”. بعبارة أخرى، يكمن الحل في التخطيط، وليس في اعتبار خططنا خططاً ثابتة. لذلك، خذ خططك على أنها تطمينات بأنك على استعداد لمواجهة ما قد يحدث في المستقبل.

ونوصي باستخدام نهج مماثل مع فرقك. إذ يمكنك من خلال تبني عقلية أكثر مرونة في أثناء التخطيط مساعدة موظفيك على التخلص من مشاعر الإحباط عندما تتغير الأمور وأن يكونوا أكثر استعداداً لاعتبار الرحلة تجربة تعليمية.

مارس بعض الطقوس

تشير الدراسات إلى أن الطقوس أو العادات تسهم في تقليل مستويات التوتر في أوقات عدم اليقين بشكل كبير. في الواقع، وجد الباحثون أن ماهية الطقوس لا تهم حتى، بل إن مجرد أداء الشيء نفسه في الوقت نفسه قد يحسّن صحتنا العقلية. ألا تصدق ذلك؟ لقد أثبتت الدراسات أيضاً أن الطقوس تساعد الأفراد على الشعور بالتحسن، حتى عندما يكونون غير مؤمنين بمدى فاعليتها!

لكن قد يصعب عليك الالتزام بالطقوس كفرد داخل مؤسسة أكبر. فعندما نضيف فترات استراحة لممارسة التأمل أو تناول الغداء إلى جداول مواعيدنا، نجد أنفسنا نتخلى عن تلك العادات لحضور اجتماع ما أو نعجز عن تجاهل صناديق البريد الوارد باستمرار فترة من الوقت.

وتقترح الاستشارية في مجال المؤسسات آمي بونسال، التي تساعد المؤسسات على تحقيق الرفاهة بشكل جماعي أن يطرح أعضاء الفرق السؤال الآتي: كيف يمكننا دمج الطقوس في جداول أعمالنا اليومية؟ تقول بونسال إن ماهية الطقوس التي تمارسها الفرق غير مهمة طالما أنها جماعية وتركز على أهداف الفريق (كتعزيز الطاقة أو الإبداع أو التواصل). وتقترح أن تبدأ كل اجتماع بتمرين تأمل بسيط، كإغلاق العيون بشكل جماعي والتنفس لمدة دقيقة. أو تخصيص استراحة يومية لمدة 15 دقيقة يتحدث فيها الجميع عن مصادر إلهامهم.

لا شك في أن حالة عدم اليقين تسبب القلق. ويكمن الحل في ألا نترك الموظفين يواجهون الإجهاد الناجم عن التغيير بمفردهم، وأن نعترف بالتحديات ونتصدى لها بشكل جماعي. ويمكنك باستخدام الأدوات المناسبة جعل فريقك يؤمن في قدرتك على التعامل مع تحديات المستقبل بشكل أفضل، سواء كان ذلك يعني إنشاء “خطة قابلة للتغيير” أو ممارسة بعض الطقوس الجديدة (حتى لو لم تؤمن بها تماماً).

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .