بناء منتج يتيح للناس التمسك بعاداتهم

4 دقائق
منتج للتمسك بالعادات
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio
حوار مع سكوت كوك، رئيس مجلس الإدارة والشريك المؤسس في شركة “إنتويت”، حاوره ديفيد تشامبيون حول موضوع منتج للتمسك بالعادات لدى الناس.

هارفارد بزنس ريفيو: ما الدور الذي لعبته عادات المستهلكين في نجاح شركتك؟

كوك: قبل إنشاء منتجنا الأول، أولينا اهتماماً وثيقاً للأسلوب الذي كان الناس يديرون به فعلياً شؤونهم المالية الشخصية – وجعلنا واجهة المستخدم تحاكي تلك الأعمال التي يؤديها الناس بشكل روتيني. وتم تصميم تطبيق “كويكن” (Quicken) ليبدو كدفتر شيكات. لم يكن الأمر متعلقاً بالتصميم فقط، بل كان المستخدم يتعامل مع الواجهة مثلما يتعامل مع سجل الشيكات. فأنت تسجل الصفقة التالية في الجزء السفلي، على سبيل المثال، تماماً كما تفعل مع سجل الشيكات. ولم يقدِّم أحد غيرنا مثل تلك الواجهة المألوفة.

اقرأ أيضاً: 3 عادات بسيطة لتحسين تفكيرك الناقد

تابعنا خلال بنائنا لوظائف المنتج أعمال الناس الروتينية. حيث كان الناس في الماضي، وتحديداً في عام 1984، يسدِّدون الفواتير عن طريق الشيكات. ولذلك فقد حرصنا وقتها على مسألة أن يكون لتطبيق “كويكن” القدرة على طباعة الشيكات على طابعة الحاسوب الآلي بمنتهى السهولة. هذا الأمر يبدو بسيطاً الآن، ولكن في ذلك الوقت، كان الناس يستخدمون طابعات “إبسون” القديمة النافثة للحبر، ما جعل محاذاة الكتابة من أجل الطباعة على أسطر الشيكات أمراً في غاية الصعوبة. في الواقع، لقد اخترعنا وسجلنا براءة اختراع لتقنية محاذاة تجعل الطابعات تفعل ذلك بشكل صحيح. ويبدو أنه لم يخطر في بال أحد غيرنا فعل ذلك.

ما الذي جعلك تراهن بقوة على مهام المستهلك الروتينية؟

كانت شركة “آبل” هي المحفِّز. فقد طلبتُ من أحد الموظفين هناك أن يريني أحد أجهزة حاسوب “ليزا” (Lisa)، ووجدتُ أن واجهة سطح المكتب تشبه إلى حد كبير الأغراض المادية التي كان الناس يستخدمونها في مكان العمل – كالملفات وغيرها. لا أنسى كيف غادرتُ مقر شركة “آبل” وقدتُ سيارتي إلى أقرب مطعم فقط لأتمكّن من الجلوس وتدوين ملاحظاتي عما شاهدته من قوة التصميم.

“بعد ذلك بفترة، وتحديداً عند إطلاق جهاز “ماكنتوش”، أدهشني ما قاله ستيف جوبز عن جعل استخدام أجهزة الحاسوب سهلاً كاستخدام الهاتف. فكِّر معي للحظةٍ في ذلك القول. إلى أي مدى كان استخدام الهاتف سهلاً آنذاك؟ لقد كان عليك أن تحفظ سبعة أو عشرة أرقام. وإذا طلبتَ رقماً خاطئاً، كان جهاز الاتصال يسجِّل عليك تكلفة المكالمة، التي كانت باهظة جداً بالنسبة للاتصال بمناطق بعيدةٍ، ويتعيّن عليك بعد ذلك معاودة الاتصال من جديد. وإذا كان الخط مشغولاً، كنت تسمع صوت صفير مزعج. لقد كانت واجهة الهواتف بشعة حقاً. إذاً لماذا قال جوبز – الذي يُضرب به المثل في التصميم الأنيق – أنه يريد أن يجعل أجهزة “ماكنتوش” سهلةً كالهاتف؟

اقرأ أيضاً: تعرّفوا على العادات اليومية للعباقرة

لأن الجميع كانوا معتادين عليه.

هذا صحيح؛ كان ذلك بسبب العادات. ذلك أن الناس كانوا معتادين على كتابة تلك السلاسل من سبعة أو عشرة أرقام. والآن، ممن سنستقي العادات التي نختارها؟ عندما أطلقنا تطبيق “كويك بوكس” (QuickBooks)، للشركات الصغيرة، كانت برمجيات المحاسبة تُصمّم عالمياً على اعتبار أن هناك محاسِبين يفهمونها، وكان على المستخدمين أن يجيدوا التعامل بلغتها المحاسبية. لكن تسعة من كل عشر شركات صغيرة لم يكن لديها محاسبٌ ضمن الموظفين – وكانت دفاترهم تُحفظ عند موظف ربما لا يستطيع التفريق بين حسابَي المَدين والدائن، ولم يكن حتى يرغب في أن يعلم الفرق بينهما. لقد اكتشفنا هذا من خلال مراقبة عملاء تطبيق “كويكن”، وقرّرنا تصميم أول منتج للمحاسبة لا يشتمل على اللغة المحاسبية؛ وأطلقنا عليه اسم “كويك بوكس”. وبالرغم من أن الإطلاق لم يكن موفقاً، كنا في غضون شهرين الشركة الرائدة في السوق لهذا المجال، لأننا صمّمناه ليناسب عادات الناس. والآن صارت العديد من الشركات الصغيرة تستخدم “كويك بوكس”، وصار مدققو حساباتها معتادين عليه أيضاً، بل ويشيرون على العملاء الجدد باستخدامه، ما جعل له قوة وتأثيراً كبيراً. لقد قام كل هذا النجاح على منتج يسمح للناس التمسك بعاداتهم.

ولكن ألا ترى أن العادات تتغير سريعاً في الفضاء الرقمي؟

بلى. إن الناس على استعداد للتكيف مع تغير جذري في حياتهم إن كان هذا التغير سيتيح لهم إحدى العادات من سياق آخر – وخاصة من الفضاء الرقمي. ونحاول الآن الإسهاب في تقديم كثير من العادات التي هي في الحقيقة مجرد وسيلة لتبسيط حياتك. ولنأخذ ، على سبيل المثال، أحد العاملين بالمهن الحرة، ومنهم سائقو شركة “أوبر”. حيث يكون السائقون المستقلون بحاجة إلى تتبع نفقاتهم ليتسنى لهم اقتطاعها من الضرائب. لكنه عمل مزعج أن تحتفظ بجميع إيصالاتك وتفرزها، وتكتبَ قائمة بقراءات عدّاد المسافات المقطوعة بالأميال لكل توصيلة عمل تقوم بها. إن السواد الأعظم من السائقين المستقلين لا يفعلون ذلك، ويخسرون بالمقابل استقطاعات ضريبية بآلاف الدولارات. ولذلك فقد أطلقنا خدمة تُسمى “كويك بوكس الذاتي التوظيف” (QuickBooks Self-Employed)، التي تقرأ عمليات بطاقة الائتمان والمدخلات المصرفية وتصنف المصروفات تلقائياً بحسب القوانين التجارية المعمول بها. كما أنها تسجل كل مرة تقود فيها السيارة بشكل تلقائي، وبالتالي فكلُ ما عليك فعله هو أن تختار محددات عملك. وعندما يحلّ أوان الضرائب ستتدفق جميع المعلومات مباشرة إلى مُعدّ البيان الضريبي أو إلى برنامج الضرائب الخاص بك.

لو قررت التخلي عن العادات التي كانت سبباً في انطلاق عملك، فمن أين ستأتي ميزتك التالية؟

إنها تتعلق بأثر الشبكات الآن حول وجود منتج للتمسك بالعادات لدى الناس، ولهذا نعمل على الاستفادة من تجمعات المستخدمين على شبكة الإنترنت. فمن خلال موقع “تيربو تاكس” (TurboTax) الإلكتروني، على سبيل المثال، نجعل العملاء يجيبون عن أسئلة الناس حول الضرائب. لقد أنشأنا أكبر وأفضل مصدرٍ للإجابات عن الضرائب – وإذا قصدتَ محرك البحث “جوجل” ووضعت فيه سؤالاً عن الضرائب، فغالباً ما سيشير أول رابطٍ في أعلى الصفحة إلى إجابتنا. إن هذا الأمر يطلق العنان لعادةٍ أحدثَ جاءت مع العصر الرقمي: ألا وهي المشاركة في مجتمعات من المستخدمين على الإنترنت. ولكن ما كان لنا أن نتمكن من خلق هذا المجتمع لو لم نتعامل مع أعمال الناس الروتينية وعاداتهم في المقام الأول.

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .