صفقات البيع الكبرى: من يقوم فعلاً بعملية الشراء؟

25 دقيقة
من يقوم فعلاً بعملية الشراء
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أنتم لا تفهمون حقيقة الأمر: فـ “ويلي” كان بائعاً متجولاً… لم يكن “ويلي” ميكانيكياً يرص البراغي، ولا رجل قانون ولا طبيباً، بل كان رجلاً يعمل وحيداً في الهواء الطلق، ولم يكن يملك رأسمال سوى ابتسامته وحذائه الأنيق. وعندما لا يردّ الناس ابتسامته بمثلها تتزلزل الأرض تحت قدميه.

من مسرحية موت بائع متجول(Death of a Salesman) لآرثر ميلر

تبذل العديد من الشركات جهوداً كبيرة على عملية البيع لتحديد من يستكمل عملية الشراء بالفعل، ما يجعل جهودها نماذج يحتذى بها في الكفاءة التسويقية لأنهم استطاعوا تحديد الزبائن بمهارة. حيث توضع خطط العملاء بدقة وعناية فائقتَين، ويلقى الزبائن الأساسيّون اهتماماً خاصّاً من الإدارة، وتُكرّس موارد كبيرة لخدمة عمليات البيع، ابتداءً من التعرّف على الزبون المحتمل وانتهاءً بخدمة ما بعد البيع.

غير أن استراتيجيات البيع هذه غالباً ما تُخفق بالرغم من جودة تخطيطها وحسن تنفيذها، وذلك لأن الإدارة لا تمتلك الفهم الكامل لسيكولوجيا عملية الشراء – متجسّدة بالجانب البشري للشراء. تأمّل المثالين الآتيين:

المثال الأول: شركة تنمو بسرعة، تصنّع وتبيع حواسيب متطورة جداً مخصصة لمعالجة الرسوم التصميمية، واجهت مشكلة في بيع منتجاتها إلى زبائن كبار محتملين. فخلافاً للممارسات الشائعة في هذا القطاع والقائمة على التسعير المرتفع للمنتجات ومنح الزبائن الذين يشترون بالجملة حسومات كبيرة، كانت هذه الشركة تخفّض أسعار منتجاتها بنسبة 10% إلى 15% أقل من أسعار منافسيها لكنها قدّمت حسومات أقل من أولئك المنافسين لمن يشتري منتجاتها بالجملة.

وبالرغم من أن صافي أسعار منتجات هذه الشركة كان في الغالب الأدنى مقارنة بصافي أسعار نظيراتها، إلا أنها لاقت ممانعة كبيرة من قبل الشركات المشترية. ويعود السبب في ذلك، كما علمت إدارة الشركة لاحقاً، إلى أن وكلاء الشراء كانوا يقيسون أداءهم، كما كانوا يُقيَّمون من قبل رؤسائهم، لا بالاعتماد على صافي أسعار الحواسيب المتطورة التي كانوا يشترونها، بل بناءً على مقدار التخفيض الذي كانوا يحققونه خلال عمليات التفاوض. وبعبارة أخرى كان للحسم أهمية أكبر من السعر ذاته بالنسبة للمشترين، الأمر الذي لم يكن بالإمكان تنبّؤه انطلاقاً من منطق التسعير السليم.

المثال الثاني: قبل عدة سنوات، كان المدير المسؤول عن العملاء في شعبة خطوط الهاتف الطويلة في شركة “أيه تي آند تي”، ينافس شركة مزوّدة أخرى ربما تفوق شركته تكنولوجياً وتهدّد بالاستئثار بأحد العملاء المهمّين في السوق. ولقد كان من بين المدراء التنفيذيين في الشركة الزبون المسؤولين عن اتخاذ القرار بالتحوّل من شركة “أيه تي آند تي” مدير الاتصالات الذي سبق له أن كان موظفاً في شركة “بيل” (التي تحولت لاحقاً إلى شركة “أيه تي آند تي”)، ونائب رئيس قسم معالجة البيانات الذي كان يُعرف في وظيفته السابقة بلقب “محطّم أنظمة الشركات المشهورة” وذلك لأنه عمل على تبديل جميع الحواسيب المشتراة من شركة “آي بي إم” بحواسيب من شركات مزوّدة أخرى أقل شهرة، إضافة إلى مدير إحدى شُعَب الاتصالات الذي كان معروفاً بعدائيته وكان الوصول إليه صعباً بالنسبة لفريق بيع شركة “أيه تي آند تي”.

وإزاء هذا الوضع وقف المدير المحلي الشاب المسؤول عن العملاء في شركة “أيه تي آند تي” عاجزاً تقريباً. فلم يسبق لفريقه أن أخذ جديّاً بحسبانه توزّع قوة المدراء التنفيذيين المختلفين ودوافعهم وتصوّراتهم العامة في الشركة الزبون، التي كانت تشتري من شركته على مدى سنوات عديدة. ومع غياب تحليل توزّع القوى والدوافع والتصوّرات لم يكن ممكناً القيام بعمل منسَّق وفعّال وبالسرعة المطلوبة – في الوقت القصير المتاح للتعامل مع التهديد الخطير بفقدان الزبون.

فكرة المقالة باختصار

المشكلة

إن نَهج المبيعات الصارم القائم على الالتزام بالإجراءات، والذي كان سائداً لسنوات، آخذٌ في التداعي. فأزمنة دورة المبيعات تتطاول، ومعدلات التحويل تتراجع، والهوامش الربحية تتقلص، والتنبؤات تصبح أقل موثوقية.

الحجة

بما أن العملاء أصبحوا أكثر معرفة باحتياجاتهم وبالحلول المتاحة، يتعين على مندوبي المبيعات أن يتحدوا تصوراتهم من خلال تقديم رؤى وحلول غير متوقعة. ولا يمكنهم تحقيق ذلك عن طريق الالتزام بإجراءات صارمة.

الدروس

يستغل مندوبو المبيعات المتفوقون اجتهادهم وإبداعهم لزيادة سلوكيات العملاء التي تشير إلى تقدمٍ نحو البيع. ولمساندتهم في ذلك، يشجع المدراء مبدأ تعاونياً لتطوير الاستراتيجيات وحل المشاكل، ويتواصلون على نحو واسع النطاق وغير رسمي مع جميع المراتب الوظيفية، ويركزون على الأداء طويل المدى لا على الأداء قصير المدى.

الاستفادة من العوامل البشرية

كيف يمكن توظيف السيكولوجيا في تحسين فعالية البيع؟ أنا أرى أن إدراك البائع للعوامل البشرية في عملية الشراء ومدى انتباهه وتيقّظه لها من شأنه أن يحرز نسباً أعلى من صفقات البيع المكتملة ويقلّل من المفاجآت غير السارة التي قد تواجهها عملية البيع.

قد لا نكون دقيقين هنا عندما ننظر إلى الجانب البشري لعملية البيع وكأنه همّ حديث وطارئ لم يكن معروفاً سابقاً، لكن يمكننا القول إن الشركات الأكثر تقدماً، هي فقط تُدرك أن سيكولوجية الشراء عامل رئيس في تطوير عملية انتقاء الزبائن وتحسين نتائج البيع. ومع ذلك فإننا نجد في معظم القطاعات أن الجزء الأكبر من أعمال الشركة إنما يتأتى من عدد صغير من زبائنها.

ويغدو الحفاظ على هؤلاء الزبائن المهمّين أكثر صعوبة بشكل متزايد لأن المشترين في أيامنا هذه لا يتطلّعون فقط إلى إبرام الصفقة الأمثل وإنما يرمون أيضاً إلى التعامل مع الشركات المزوّدة التي تسعى لفهمهم وتلبية احتياجاتهم بالشكل الأمثل. إن هذا الفهم وهذا البيع المدروس الناتج عنه هما العاملان الأساسيان اللذان يحقّقان الفائدة الأكبر لمدراء التسويق.
شراء طائرة أعمال نفاثة جديدة. تتّضح الأوجه الشخصية وتعقيداتها في عملية الشراء عندما نتأمل عن كثب مثال شراء طائرة أعمال نفاثة جديدة سعرها يفوق 3 ملايين دولار أميركي. ينقسم الزبائن في سوق طائرات الأعمال بوضوح إلى شريحتين اثنتين: شريحة الشركات التي تمتلك طائراتها الخاصة أو تسيّرها، وشريحة الشركات التي لم تمتلك أو تسيّر أي طائرة حتى الآن.

في شريحة مالكي الطائرات، قد تُطلق عملية شراء طائرة جديدة من قبل رئيس المدراء التنفيذيين أو أحد أعضاء مجلس الإدارة (بهدف زيادة الكفاءة أو الأمان) أو كبير طيّاري الشركة، أو من خلال مساعي الشركات المزوّدة المتمثّلة بالإعلانات وزيارات وكلاء المبيعات الميدانية. ومن المؤكّد أن دور الرئيس التنفيذي مركزي في عملية اتخاذ القرار فيما يخص شراء الطائرة، غير أنه سيتأثر جداً بآراء كبير طيّاري الشركة ومسؤولها المالي وربما رأي مجلس الإدارة أيضاً.

لكل طرف من أطراف عملية الشراء أدوار واحتياجات خفية. وهكذا فإن وكيل المبيعات، الذي يسعى على سبيل المثال إلى التأثير على الرئيس التنفيذي من خلال إحصائيات جداول الإهلاك وعلى كبير الطيارين من خلال بيانات مدارج الطيران القصيرة اللازمة لطائراته، يغدو من المستحيل عليه أن يبيع طائرة واحدة إذا ما أغفل العوامل السيكولوجية والعاطفية المؤثرة في قرار الشراء.

فكما لاحظ أحد وكلاء المبيعات، “بالنسبة إلى كبير الرؤساء التنفيذيين، أنت بحاجة إلى كل الأرقام والبيانات لتدعمك في عملية إقناعه بالشراء، إلا أنك إن لم تكن قادراً على إيقاظ الطفل النائم داخل المدير وإذا لم تثر حماسه بجمال الطائرة الجديدة الأخاذ، فلن تتمكن مطلقاً من بيعها. فعندما تبيع الحماس تبيع الطائرة”.

وغالباً ما يكون لدى كبير الطيّارين، بوصفه الخبير التقني، امتياز بممارسة حق النقض فيما يتعلق بقرارات الشراء، فبمقدوره إيقاف شراء إحدى الماركات ببساطة بأن ينتقد مقدرات طائرات تلك الماركة في ظروف الطقس الرديء على سبيل المثال. ومن هذا المنظور فإن الطيّار لا يؤثّر على عملية اتخاذ القرار فحسب، وإنما يؤدي أيضاً دور “حارس بوابة” المعلومات من خلال إرشاده الإدارة إلى الطائرة المناسبة.

وبالرغم من أن موظفي الدائرة القانونية في الشركة هم المسؤولون عن صياغة اتفاقية الشراء وأن قسم الشراء هو الذي سيقوم فعلاً بشراء الطائرة، غير أن هذه الأطراف قد لا تمتلك قوة التأثير على قرار الشراء وعلى كيفية شراء الطائرة وتحديد نوعها. أما مستخدمو الطائرة – أعضاء الإدارة الوسطى والعليا للشركة المشترية وزبائن الشركة المهمّين وغيرهم – فقد يكون لهم دور غير مباشر على الأقل في عملية انتقاء الطائرة.

يخلق اشتراك العديد من الأشخاص في عملية اتخاذ قرار الشراء دينامية جماعية ينبغي على الشركة البائعة فهمها وأخذها في الحسبان لدى تخطيط عمليات البيع. وذلك بطرح أسئلة من مثل: ممَّن يتشكّل فريق الشراء؟ وكيف تتفاعل الأطراف فيما بينها؟ ومَن سيكون المُسيطر ومَن سيكون الخاضع؟ وما هي الأولويات الشخصية للأفراد؟

تستغرق الشركات التي تمتلك أصلاً طائرات أو تسيرها حوالي ثلاثة أشهر لاتخاذ قرار شراء طائرة جديدة. ونظراً لأن أنجح شركات بيع الطائرات لن تبيع أكثر من 90 طائرة سنوياً، فإن كل زبون محتمل جدّي هو زبون مهمّ. ولا غرابة إذاً أن يكون الحال مع الشركات التي لم تمتلك أو تسيّر طائرة حتى الآن أصعب وأكثر تعقيداً، وذلك لافتقار هذه الشركات إلى الخبرة السابقة وإلى الاختصاصيين في مجال الطيران.

ولعلّ عمليات شراء المنتجات والخدمات الأخرى ستكون مماثلة لعملية شراء الطائرة أو مختلفة عنها تبعاً للشركة والمنتج والأطراف المعنية في عملية الشراء ككل. فقرار شراء المعدات الحاسوبية، على سبيل المثال، يشبه قرار شراء الطائرة فيما خلا أن المسؤولين عن اتخاذ قرار الشراء من المرجّح أن يتضمّنوا مدراء تنفيذيين في مجال معالجة البيانات وإنتاجها، فضلاً عن أن سوق المشترين ينقسم هنا إلى شريحة العملاء الصغار وشريحة العملاء الكبار – خلافاً لانقسام سوق المشترين للطائرات إلى شريحة المالكين وشريحة غير المالكين.

وفي حالات أخرى (مثل تحديث شبكة اتصالات الشركة، أو شراء أسطول بحري، أو إطلاق حملة توسيع منشأة ما)، قد تختلف كثيراً عملية الشراء عن مثال شراء الطائرة. فما هي العوامل المشتركة التي من شأنها أن تساعد الإدارة في الشركة البائعة لتتوجّه بثقة وثبات نحو تلك الاعتبارات البشرية التي من المرجّح أن تحسّن فعالية عملية البيع وكفاءتها؟

ثمّة سيكولوجيات شراء مختلفة ومتنوّعة تصعّب عملية البيع الفعال. فمن جهة، الشركات كشركات لا تشتري شيئاً بذاتها بل البشر هم من يشترون. وهذه الحقيقة كافية لكي تجعل البائع يحلل هوية المشترين المهمين ويتعرّف على احتياجاتهم.. ومن جهة أخرى، يجب ملاحظة أن عدداً كبيراً من الأفراد، بعضهم قد يكون مجهولاً بالنسبة للبائع، منخرطون في معظم عمليات الشراء الكبرى.

وحتى عندما تكون الأطراف كلها معروفة، فقد يكون توقع نتيجة تفاعل الأطراف مع بعضها البعض غير ممكن بمجرد معرفة الأفراد. فالبيع الفعال إنما يتطلّب تركيب ودمج ديناميات سلوك الأفراد والجماعات فيما يخص قرارات الشراء بشكل مفيد بغية توقّع ما ستفعله “وحدة اتخاذ قرارات الشراء” أو ما سنطلق عليها اسم “مركز الشراء”.

ولكي يكون هذا التركيب عملياً وقابلاً للتطبيق، ينبغي على الشركة البائعة الإجابة عن الأسئلة الأربعة الأساسية الآتية التي تساعد الشركات على تحديد زبائنهم بدقة:

السؤال الأول

من هم الأطراف الموجودون في “مركز الشراء”؟

إن مجموعة الأدوار أو المهام الاجتماعية التي يتولاها المشترون ثابتةٌ بغض النظر عن المنتج والمشاركين في اتخاذ قرار الشراء. وللمساعدة في فهم هذا المنهج يمكن النظر إلى مجموعة الأدوار هذه على أنها مجموعة محددة من خانات سلوكية يتم ملؤها بمدراء من وظائف ومواقع مختلفة. ويمكن إطلاق اسم “مركز الشراء” على مجموع المدراء الذين يؤدون تلك الأدوار.

ويبيّن الشكل المعنون “أعضاء مركز الشراء وأدوارهم” ستة أدوار شراء موجودة في كل حالة بيع. ولقد وضّحتُ هذه الأدوار مستعيناً بمثال شراء نظام اتصالات جديد أو تحديثه. فلندرس إذاً كل دور من هذه الأدوار على حدة.

“إن لم تكن قادراً على إيقاظ الطفل النائم داخل المدير وإذا لم تثر حماسه بجمال الطائرة الجديدة الأخاذ، فلن تتمكن مطلقاً من بيعها. فعندما تبيع الحماس تبيع الطائرة”.

المُبادرون في عملية الشراء، سواء أكان موضوع الشراء طائرة نفاثة أم مناديل ورقية أم خدمات اتصالات، هم الذين يُدركون أن بعض مشاكل الشركة يمكن حلّها أو تجنّبها من خلال امتلاك منتج أو شراء خدمة جديدة.

فالطائرة التوربينية التي تمتلكها شركة ما قد لا تفي بالسرعة والمدى المطلوبين لوصول موظفي الإدارة العليا إلى أماكن عمليات الشركة المتوزعة على مساحات كبيرة وعودتهم منها ضمن فترة معقولة من الزمن. كما أن المشتري المحتَمَل لمعدات الاتصالات ربما يرغب في الاستفادة من التحسينات التكنولوجية أو التقليل من التكاليف من خلال امتلاك معدات الاتصالات بدلاً من استئجارها.

الحرّاس في كل عملية شراء تجد واحداً أو أكثر منهم. وهؤلاء قد يكونون في منصب “مدير المشتريات” عادة ما يؤدون دور خبراء في المنتجات أو في حلّ المشاكل. ووظيفتهم الأساسية هي امتلاك معلومات شاملة ومحدّثة باستمرار حول عروض الشركات المزوّدة المتنوعة. ففي مثال الطائرة، من الطبيعي أن يتولى كبير الطيّارين هذا الدور.

أما في مثال معدات الاتصالات المذكور في العرض التوضيحي، فيمكن استشارة قسم الشراء أو موظفي الاتصالات في الشركة، وحديثاً يمكن أيضاً الاستعانة بآراء خبراء معالجة البيانات. ومن خلال عملية ضبط بوابة المعلومات (أي حرفياً التحكم بفتح تلك البوابة وإغلاقها)، وفي بعض الأحيان التحكم بوصول وكلاء المزوّد إلى صنّاع القرار في الشركة، يحدد الحرّاس إلى حدّ كبير المزوّد الذي يمتلك فرصة الفوز بصفقة البيع.

وفي بعض صفقات الشراء يكون دور الحرّاس رسمياً من خلال تحضيرهم للائحة بالمزوّدين المقبولين، وهي وثيقة مكتوبة تحدد الجهات المزوّدة المقبولة (الواردة أسماؤها في الوثيقة) وغير المقبولة (الغائبة أسماؤها عنها).

المؤثرون وهم الأشخاص الذين لهم كلمة ورأي فيما إذا كانت عملية الشراء ستتمّ أم لا وحول ما الذي سيتم شراؤه. ويزداد عدد المؤثرين بازدياد حجم صفقة الشراء، وذلك نظراً لازدياد حجم الموارد المرصودة لعملية الشراء في الشركة وعدد عناصرها المنخرطين في هذه العملية.

وفي الصفقات الكبرى والمهمة، يمكن للجان مجالس الإدارة والمساهمين في الشركات المساهمة العامة والميكانيكيين “العاديين” أن يصبحوا “مؤثرين” في إبرام الصفقات. وقد واجهت إحدى شركات آلات حفر المناجم صعوبة في بيع نمط جديد من آلاتها إلى زبائنها العاملين في مجال التنقيب.

ولقد تبيّن أن بعض الموظفين المسؤولين عن صيانة معدات المنجم، والذين أثّروا في قرار الشراء، قد عارضوا عملية الشراء تلك لكي لا يضطروا إلى تعلّم كيفية إصلاح الآلة الجديدة وإنشاء مستودع جديد لقطع الغيار.

التطبيق العملي للفكرة

المقرِّرون وهم الأشخاص الذين يبتّون في عملية الشراء المزمعة. وفي عمليات الشراء الكبرى غالباً ما يؤدي هذا الدور عدد كبير من كبار مدراء الشركة معاً. لكن المسار الطبيعي للأمور هو أن أحد المدراء يصبح “المناصر” لعملية الشراء المزمعة أو المدافع عنها فيحفّز استكمالها وإتمام إجراءاتها.

ولولا هذا المناصر، ما كانت عمليات شراء كثيرة لتتم وتكتمل. ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن المقرّرين ليسوا في الغالب من يقرر بشكل نهائي على إتمام صفقات الشراء ولا من يتابع إجراءها، بل إن تلك المهام تُترك في أغلب الأحيان للآخرين. وبالرغم من أن الموقّعين غالباً ما يقدّمون أنفسهم بوصفهم مقررين، غير أن ذلك قد يكون تزويراً للحقائق. ومن الممكن ألا يكتشف المزوّد الذي يفتقر للفهم العميق لطبيعة مركز الشراء في الشركة المشترية أين تكمن المفاصل الحقيقية المحرِّكة لعملية الشراء فيها.

ويمكننا هنا استخدام مثال عن عملية شراء حواسيب ضخمة للمدراء التنفيذيين لإيضاح أهمية دور الشخص المناصر والدور الخفي للشخص المقرِّر الذي يعمل خلف الكواليس. فقد يقرر أحد المدراء التنفيذيين رفيعي المستوى، والذي بات مهتماً باستخدام الحاسب في مكان عمله بعد قراءته لمقالة حول الحواسيب في مجلة ما أو بعد عبثه بحاسبه المنزلي، بأن يجرّب أجهزة الحواسيب الميكروية الدقيقة أو الحواسيب الضخمة المشتركة.

وهنا قد يطلب المدير من فريق معالجة البيانات في الشركة – والذي من المرجّح أن يكون ممانعاً بشكل كبير لتدخل المدير التنفيذي في عمله – أن يقدّم له تقييماً شاملاً لأجهزة الحواسيب الميكروية المتوفرة في السوق. وعندما تتم عمليات الشراء التجريبية، فإن هذا المدير الرفيع قد يساعد في الخفاء وبهدوء تام في توجيه دفّة نظام الشراء عبر القنوات المناسبة التي من شأنها أن تفضي في نهاية المطاف إلى قبول الصفقة التجريبية وإتمام المزيد من عمليات الشراء.

إن فريق بيع الشركة المزوّدة الذي يتعامل مباشرة مع الموظفين في قسم معالجة البيانات، قد لا يشعر بتأثير أو وجود هذا الشخص المقرر على الإطلاق.

ويضطلع المشترون بالعملية الإجرائية للشراء، أما المستخدمون فهم المستهلك النهائي للمنتج أو الخدمة. وعادة ما يؤدي قسم المشتريات في الشركة دور المشتري. أما الجهة التي تؤدي دور المستخدم فتُتحدَّد تبعاً لماهية المنتج أو الخدمة.

تذكّروا دائماً أنني أتحدث عن الأدوار الاجتماعية، لا عن الأفراد أو الجماعات. لذا فإن عدد المدراء الذين يؤدون أدوار المشترين قد يتراوح بين مدير واحد و35 مديراً. ففي الحالات البسيطة جداً، كإقدام أحد المدراء على شراء آلة حاسبة صغيرة خلال رحلة عمل، من الواضح أن شخصاً واحداً –هو المدير – يؤدي الأدوار الستة جميعها.

وهنا قد تتداخل الأدوار المختلفة المبيَّنة في العرض التوضيحي: فالمدير يبادر (يشعر بالحاجة لآلة حاسبة) و”يحرس” بوابة المعلومات (ما هي ماركة الآلة الحاسبة التي نسيتها في المنزل؟) ويؤثّر في نفسه (قد تفوق هذه الآلة حاجتي، لكن سعرها 39.95 دولاراً فقط) ويقرر ويشتري ويستخدم المنتج.

أما في حالات الشراء الأكثر أهمية، فيزداد عدد المدراء الذين يتولون تأدية أدوار الشراء المختلفة. وفي دراسة حول 62 صفقة شراء لمعدات وخدمات رأسمالية في 31 شركة، قمت مع زميلي “ويسلي جونستون” بالتعرّف على مركز الشراء في كل من تلك الصفقات. وقد وجدنا أن الأدوار الستة في العملية النمطية لشراء المعدات الرأسمالية جرت تأديتها وسطياً من قبل أربعة أقسام (قسما الهندسة والشراء كانا دائماً مشمولَين)، وثلاثة مستويات من التراتبية الهرمية للإدارة (المدير العام والمدير الإقليمي ونائب المدير على سبيل المثال)، وسبعة أشخاص مختلفين.

أما بالنسبة لعملية شراء الخدمات، فقد كانت الأرقام تتمثّل في أربعة أقسام ومستويين من الإدارة وخمسة مدراء. وكما هو متوقّع، كلما ازداد تعقيد قرار الشراء، كبُر حجم وحدة القرار وازدادت سوية الاهتمام والتأني في اتخاذ القرار. فمثلاً، عندما كان نوع البضاعة المطلوبة لوازم تعبئة وتغليف، بُذلت جهود متواضعة للبحث عن مزوّدين ولتقييم ما بعد البيع. أما في عملية شراء مرجل جديد لغلي الماء، فلقد أُجريت مقارنات دقيقة بين المزوّدين إضافة إلى تدقيق مفصّل لتقييمات ما بعد البيع.

السؤال الثاني

من هم المشترون الأقوياء؟

رغم أهمية مفهوم “مركز الشراء”، إلا أنه صعب التطبيق لأن المدراء لا يضعون بطاقات تعريفية كتب عليها “صانع قرار” أو “شخص غير مهم”. فالأشخاص الأقوياء المقرّرون غالباً ما يكونون غير مرئيين، على الأقل بالنسبة لمندوبي الشركة المزوِّدة.

ولسوء الحظ فإن القوة وسلطة القرار لا ترتبطان بعلاقة متبادلة مع المنصب التنظيمي داخل الشركة المشترية. وكما يُظهر مثال عمال الصيانة في المنجم، فإن الأشخاص ذوي السوية الوظيفية المتدنية قد يكونون قادرين على إيقاف صفقة الشراء أو تأخير تنفيذها على أرض الواقع. وقد تتأثر نتيجة عملية الشراء بوجود مدير مشتريات يرفض تخصيص أحد البائعين الذين يكرههم، أو بوجود سكرتيرة تمنع وصول مندوبي بيع إحدى الشركات إلى المدراء لأنها تعرضت لإهانة حقيقية أو متخيَّلة على يد أحدهم.

لذلك لا يمكن توجيه مساعي البيع فقط بالاعتماد على قراءة المخطط التنظيمي لموظفي الشركة المستهدَفة، بل يتعيّن على الشركة المورّدة التعرّف على عناصر مركز الشراء الأكثر قوة في الشركة المستهدفة.

وقد حدّدتُ في العرض التوضيحي المعنوَن “أسس القوة” أسساً خمسة للقوة في الشركة. وعلاوة على ذلك قمتُ بتقسيم تلك الأسس إلى فئتين تبعاً لتأثيرها الإيجابي (قوة الشخص المناصر) أو تأثيرها السلبي (قوة نقض).

المكافآت: ضمن هذا الجدول تشير القدرة على منح “المكافآت” إلى قدرة المدير على تشجيع الشراء من خلال منح الآخرين مزايا مالية أو اجتماعية أو سياسية أو سيكولوجية. ففي إحدى الشركات الصغيرة على سبيل المثال كانت نائبة رئيس قسم التسويق ترغب في تحسين قرارات التسويق من خلال تزويد فريق المبيعات في شركتها بحواسيب صغيرة لإدخال البيانات. واستباقاً لمعارضة نائب رئيس قسم المبيعات لهذا الإجراء بحجة أن تلك الحواسيب غير ضرورية، وجدت المسؤولة في قسم التسويق نفسها مضطرة لاقتراح تزويد نظيرها في قسم المبيعات بحاسب خاص به، الأمر الذي أدى إلى نجاح عملية الشراء.

قوة الإكراه: وتشير إلى قدرة المدير على إنزال العقوبات بحق الآخرين. وبالطبع هنالك فرق بين التهديد بإنزال العقوبة والقدرة على فرضها فعلاً. فالمدراء الذين يكثرون من التلويح بعصا العقوبات غالباً ما تنقصهم القدرة الفعلية على تنفيذ تهديداتهم.

الجاذبية: وهي القدرة على أسْر الآخرين أو إقناعهم بطريقة أو بأخرى بقبول ما يفضله صاحب هذه القدرة. وتعد قوة الجاذبية بالإضافة إلى قوة المكافأة والعقاب أكثر أسس القوة تأثيراً في حياة المدراء. فحتى المدير العام التنفيذي لشركة ما سيجد صعوبة في عدم الإصغاء لأحد زبائنه المهمين الذي رافقه في رحلاته الجوية على مدى أكثر من عشر سنوات، والذي يقول له على سبيل المثال: “اسمع يا زيد، أنا أكلمك كصديق وأقول لك بصراحة إن شراء هذه الطائرة سيكون خطأ”.

الخبرة: عندما يدفع أحد المدراء شركاءه في اتخاذ القرار إلى اعتماد حكمه أو تقديره بناءً على خبرته الفعلية أو المتخيَّلة في مجال محدّد، فإن ذلك يعني أنه يمتلك قوة الخبرة. فمدير الاتصالات سيجد صعوبة في مخالفة رأي أحد خبراء الكمبيوتر المشهود لهم الذي يرى على سبيل المثال بأن شراء نظام مقسم هاتفي بعينه أمر ضروري لإنشاء “مكتب المستقبل” –أو أن عدم شراء هذا النظام سيجعل التواصل الفعّال مستحيلاً في الشركة.

وجدير بالذكر أن قوة الخبرة لا تشترط أن تكون خبرات وكفاءات الشخص المعني “حقيقية”، أي لا تشترط أن يمتلك الشخص المعني فعلاً تلك الخبرات والكفاءات المنسوبة إليه، بل يكفي أن يعتقد الآخرون أن هذا الشخص يمتلك مهارات متميزة أو أن يكونوا على استعداد لاحترام رأيه بسبب إنجازاته في مجال قد يكون مختلفاً كلياً عن المجال الذي يبدي رأيه فيه الآن.

قوة المنصب: وهي تنبع من المكانة الرفيعة للوظيفة التي يشغلها الشخص المعني في شركته. وترتبط هذه القوة بما تعنيه عادة كلمة “سلطة”. وهي تشير إلى نمط التأثير الذي يمتلكه الرئيس على مشرف موظفي الخط الأول على سبيل المثال، وهي قوة محددة التأثير أكثر من سواها من القوى. وقد تبدو هذه القوة لأول وهلة في نفس مكانة قوة المكافأة أو قوة الإكراه، بيد أنها تختلف عنهما في نواح أساسية. أولاً، إن مجال التأثير الأساسي لسلطة المناصب الرفيعة في الشركة هو الإقناع، وليس العقاب ولا المكافأة. إذ يجدر بنا أن نُقنع الآخرين بالكلام ونستميلهم إلى رأينا، لا أن نعلّق لهم الجزرة أو نلوّح بالعصا في وجههم، فثمة آخرون في الشركة يمتلكون سلطات مشابهة ويمكنهم استخدامها للانتقام منا.

ثانياً، لا يمكن للمدير ذي المكانة الرفيعة في الشركة أن يستخدم سلطته بشكل متكرر إلا إذا سمح له مرؤوسوه بذلك. ففي إحدى أقسام التصنيع الثقيل على سبيل المثال، كان التفضيل المستمر لبعض المورّدين من قبل مدير المصنع (وغالباً بأسعار غير مناسبة) السبب الذي أدى إلى “ثورة داخلية” من قبل المدراء الآخرين الذين أساءت هذه التصرفات على الدوام إلى تقديرات أسعار المكوّنات لديهم.

وثالثاً، إن أساس قوة أصحاب المناصب الرفيعة مقيد جداً، لأن سلطتهم لا تُطبّق إلا على من هم أدنى منهم وظيفة على نحو مباشر في المخطط التنظيمي للشركة، وهو محدّد أيضاً في الأمور ذات الصلة بالعمل فقط. وبعبارة أخرى، فإن أساس قوة المنصب واحد من أضعف أسس القوة.

وغالباً ما يسود في قرارات مراكز الشراء والمدراء الفرديين أساس واحد فقط للقوة. ففي إحدى الشركات الصغيرة على سبيل المثال كان العنصر الأهم في تقييم رأي المدير هو ما إذا كان ينتمي إلى الأسرة المؤسِّسة للشركة أم لا – وهذا مثال عن تداخل قوّتَي المنصب والجاذبية لتشكلا أساساً واحداً للقوة. أما في إحدى الشركات الكبرى لمقاولات الأسلحة عالية التقانة، فإن جميع القرارات كانت تُتّخذ على أساس قوة الخبرة الفعلية أو المتخيّلة. ويبقى ذلك صحيحاً حتى عندما لا يتعلق الأمر الذي يُتّخذ فيه القرار بالمعدات الحاسوبية أو العلوم الهندسية.

ويكمن مفتاح تحسين كفاءة المبيعات في حسن الملاحظة والتقصّي الدقيق لفهم ثقافة القوة لدى الشركة المستهدفة. ويتوجب على فريق المبيعات التعرّف على أنماط القوة التي يمتلكها أو يسعى إلى امتلاكها المدراء المهمّون في الشركة المستهدفة. فالتخفيضات وعروض الأسعار المغرية قد لا تكون ذات أهمية كبيرة بالنسبة لمدير شاب وثوري في الشركة المشترية يسعى بشغف لامتلاك قوة المنصب، فحينئذ قد تكفي زيارة أحد كبار مدراء الشركة المزوّدة للمدير الشاب فهي سوف ترضي غروره وتؤدي بالتالي إلى إبرام الصفقة. وبالمثل، بوسع إدارة المبيعات أن تركز على الجوانب التقنية لجذب المهندسين وسواهم من موظفي الشركة المشترية الذين يبنون قوتهم على أساس الخبرة.

يميل أصحاب القوة الكبرى في مراكز الشراء إلى أن يكونوا مراكز استقطاب فقط للمعلومات دون أن تخرج منهم أي معلومة. فنائب المدير الذي لا يحضر الاجتماعات لكنه يحصل على صور لجميع المراسلات ذات الصلة بصفقة شراء ما، قد يكون أحد المؤثّرين والمقرّرين المركزيّين في تلك الصفقة.

ويُبيّن العمودان الأخيران من العرض التوضيحي المعنوَن “أسس القوة” أن نمط القوة الفاعل غالباً ما يسمح للمدير إما أن يحفز أو أن ينقض مقترحاً ما، ولا يسمح له غالباً بالأمرين معاً. وأنا أعتقد أن من يمتلك قوة المنصب أو الخبرة إنما يستخدم قوته في أغلب الأحيان لنقض قرارات الشراء، لا لتحفيزها.

وهذا يعود إلى أن الآخرين يكونون في الغالب موافقين مسبقاً على الصفقة المزمع عقدها، فإن نقضها يتطلب عموماً إما المقدرة على رؤية جوانب من الصفقة لا يراها المدراء العاديون بناءً على الخبرة المتميزة التي يمتلكها الشخص الخبير، وإما المقدرة على رؤية الصفقة من المنظور الأشمل الذي يُقال أن أصحاب المناصب العليا في الشركة يمتلكونه. وبالمقابل تُستخدم قوتا المكافأة والإكراه في الغالب لتحفيز عقد صفقات الشراء واختيار المزوّدين المفضلين لدى أصحاب تلك القوّتين. أما قوة الجاذبية فتبدو مفيدة في جميع الأحوال ويمكن استخدامها في الاتجاهين من قبل المناصرين للصفقات والمعارضين لها. والنقطة الأساسية هنا تكمن في أن غالبية أعضاء مراكز الشراء يميلون إلى استخدام قواهم في اتجاه واحد فقط.

ستة مفاتيح سلوكية. بناءً على التحليل السابق لمراكز القوة استخلصتُ ستة مفاتيح للتعرّف على المدراء الأقوياء في تلك المراكز:

مع أن قوة عنصر مركز الشراء غالباً ما تتناسب مع سلطته الرسمية في الشركة، إلا أن ذلك التناسب ليس تاماً. وعلى الشركة البائعة أن تلجأ إلى مفاتيح ودلائل أخرى حول مواضع تمركز قوى الشراء الحقيقية في الشركة المشترية.

إحدى الطرق المفيدة للتعرّف على أصحاب القوة في مراكز الشراء، تتمثل في مراقبة قنوات التواصل في الشركة المشترية. وبالطبع فإن أصحاب القوة في مراكز الشراء لا يمكن تهديدهم ونادراً ما يكافئهم الآخرون، لكن حتى أقوى المدراء يمكن التأثير عليهم من قبل الآخرين، وبخاصة من قبل أولئك الذين يمتلكون قوة الجاذبية أو الخبرة. فبوسع من يمتلكون القوة الأدنى أن يحاولوا التأثير على من يمتلكون القوة الأعلى من خلال أساليب الإقناع والحجج المنطقية. والجدير بالذكر أن المدراء الذين يحظون باهتمام كبير من قبل الآخرين لكنهم في منأى عن المكافأة والتهديد، يمتلكون قوة تأثير عظيمة في آلية اتخاذ القرار.

قد يكون أصحاب القرار في مراكز الشراء مكروهين من قبل من هم أقل منهم سلطة ونفوذاً. وهكذا فعندما يعبّر بعض المدراء عن قلقهم إزاء موقف أحد أعضاء مركز الشراء بمشاعر ملتبسة أو فيها شيء من الكره، فإن ذلك يمثل إشارة قوية إلى فريق المبيعات حول من هو العنصر القوي في مركز الشراء.

يميل أصحاب القوى الكبرى في مراكز الشراء إلى أن يكونوا مراكز استقطاب فقط للمعلومات دون أن تخرج منهم أي معلومة. فنائب المدير الذي لا يحضر الاجتماعات لكنه يحصل على صور لجميع المراسلات ذات الصلة بصفقة شراء ما، قد يكون أحد المؤثّرين والمقرّرين المركزيّين في تلك الصفقة.

إن أقوى عناصر مركز الشراء ليسوا في الغالب الأكثر ظهوراً ولا الأكثر كلاماً، بل يمكن القول إن عناصر مركز الشراء الذين يمتلكون قوة حقيقية غالباً ما يرسلون ممثلين عنهم إلى المفاوضات الحاسمة لأنهم على ثقة بأن أي قرار نهائي لن يُتّخذ إلا بموافقتهم.

ليس هنالك تطابق تام بين مجال التأثير الوظيفي للمدير ومجال قوته الحقيقية داخل مركز الشراء في شركته. فلقد تعلّم مزوّدو الحواسيب الكبيرة أنه من غير المنطقي التوجّه بشكل أعمى إلى قسم معالجة البيانات في الشركة المشترية وتوقّع إيجاد أصحاب القرار لشراء نظام حواسيب جديد داخل ذلك القسم تحديداً. كما إنه من غير المنطقي أيضاً أن يتوجه فريق بيع الطائرات ببساطة إلى المدير العام التنفيذي للشركة المشترية ويتوقع أنه هو صاحب القرار الوحيد في شراء طائرة جديدة للشركة. فليس هنالك من بديل عن العمل بجد واجتهاد لفهم ديناميات اتخاذ القرار في الشركة المشترية.

السؤال الثالث

ماذا يريد العملاء؟

من السهل على الإدارة أن تقع في التشخيص الخاطئ لدوافع العملاء ومن أصعب الأمور تشخيص هذه الدوافع تشخيصاً صحيحاً. ويمتلك غالبية المدراء خبرة واسعة في تشخيص حاجات الآخرين، لكن رغم صعوبة اعترافهم بالأمر، فإن معظمهم لا يستطيعون في الواقع معرفة ما يريده الآخرون وما ينوون فعله بالقدر المطلوب من الدقة والثقة.

ولعلّ القاعدة الأساسية للتعرّف على دوافع الآخرين هي التالية: إن جميع المشترين (وفي الواقع جميع البشر) يتصرفون بدافع الأنانية ويسعون لتحقيق مصلحتهم الذاتية، غير أنهم أحياناً يخطئون الحساب فلا يصبّ سلوكهم في مصلحتهم. إذاً يحاول جميع المشترين تعظيم مكاسبهم وتقليل خسائرهم في عمليات الشراء. فكيف يحدد أولئك المشترون مصلحتهم الخاصة؟ فيما يلي بعض الاكتشافات التي توصلت لها الأبحاث عن عملية اتخاذ القرار.

أولاً، يتصرف المشترون وكأن المنتج المعقّد الذي يريدون شراءه مفكّك إلى مزايا متعددة، مثل مواصفات المنتج وسعره ووثوقيته وما إلى ذلك.

ثانياً، يُصنّف المشترون الميزات المختلفة إلى أقسام متعددة، من أشهرها الأقسام المرتبطة بالشأن المالي، وبمواصفات الخدمة أو المنتج، وبالشأن الاجتماعي السياسي وبالشأن الشخصي الخاص. وبالنسبة لبعض المشترين فإن الميزات المالية هي الأهم، في حين يهتم البعض الآخر بالميزات المرتبطة بالشأن الاجتماعي السياسي –أي كيف ستبدو صفقة الشراء هذه في عيون الآخرين في الشركة. وبالطبع قد تكون تلك الأبعاد المختلفة مرتبطة ببعضها، فعندما يحصل المشتري على أقل العروض سعراً (ميزة مالية) يُعدّ ذلك أداءً جيداً للمشتري وقد يحصل بنتيجة ذلك على مرتبة وظيفية أعلى (ميزة اجتماعية سياسية).

وأخيراً، عادةً لا يكون المشترون واثقين أن شراء المنتج سيجلب حقاً المزايا المتوقَّعة منه. فجهاز كمبيوتر التحكم على سبيل المثال الذي جرى بيعه بناءً على ادعاء وثوقيته وبنية صناعته القوية، قد يظهر هاتين الميزتين على أرض الواقع وقد لا يظهرهما. ولما كانت المزايا الموعودة لا تحقق القيمة المطلوبة إلا إذا جرى الوفاء بها فعلاً، فإن المشترين يريدون أن يضمنوا وفاء الشركة البائعة بوعودها. وربما تمتلك الشركات المعروفة مثل “آي بي إم” و”زيروكس” ميزة تنافسية في هذا الصدد على الشركات الأقل شهرة.

وكما يعلم اختصاصيو التسويق، لا يبدي الزبائن رغبتهم بجميع المزايا الموعودة بنفس الدرجة، بل لكل مشترٍ مزايا يضعها في رأس أولوياته، وهي ما يطلق عليها “الأزرار الساخنة”. فمدير الاتصالات الذي يحاول المقارنة بين خيار الشراء من شركة “بيل” أو الشراء من سواها، قد يجد أن بعض المزايا مثل مزية امتلاك المنتجات لا تتوفّر في خيار الشراء من شركة “بيل”، في حين أن مزايا أخرى مثل السمعة الحسنة للخدمات والوثوقية قد تكون متوفرة باحتمال أكبر في خيار الشراء من هذه الشركة.

ومن الواضح أن المشتري الذي يضع الشأن المالي في رأس أولوياته وبين “أزراره الساخنة” قد يقرّر تحمّل المخاطر المحتملة الناتجة عن مشكلة وثوقية الخدمات في مقابل الفوز بمزية تخفيض التكاليف المتوفرة في خيار الامتلاك، في حين أن مديراً آخر – يولي تقديراً أكبر لخفض المخاطر الاجتماعية السياسية الناتجة عن مشاكل وثوقية الخدمة – قد يتّخذ قراراً مختلفاً. ويُظهر العرض التوضيحي المعنون “الدوافع السائدة في معظم عمليات شراء أنظمة الاتصالات الجديدة” الفئات الأربع التي يقسّم المشترون مزايا المنتج وفقاً لها. ويوضّح مثال الاتصالات كل فئة من المزايا المحتملة المختلفة.

من السهل على الإدارة أن تقع في التشخيص الخاطئ لدوافع العملاء ومن أصعب الأمور تشخيص هذه الدوافع تشخيصاً صحيحاً.

وبناءً على دوافع المشتري يتم اعتماد أحد النهج المختلفة للبيع. وقد يحاول البائع تركيز انتباه المشتري على مزايا لم تكن قد خطرت له من قبل. فقد ابتكر مندوب بيع إحدى المجلات على سبيل المثال استبياناً ليقنع زبائنه المتردّدين بأن يشتروا حيّزاً إعلانياً في مجلته. وكان هدف الاستبيان الحصول على معلومات حول المزايا المفضلة لدى الزبون –من حيث مدى وصول الإعلان وتركيبة جمهور القراء وتكلفة الوصول إلى ألف قارئ. وبمجرد أن تجاوب المشتري المحتمل و”لعب هذه اللعبة السخيفة” وملأ استمارة الاستبيان فإنه أقنع نفسه بالقيمة المرتفعة لمجلة البائع على نفس القاعدة التي كان على أساسها يحاول التقليل من قيمة المجلة.

وبالمقابل بوسع البائعين حرف نظر المشترين عن رغبتهم بالحصول على مزايا غير متوفرة بشكل كبير في عرض الجهة البائعة. فإذا كانت الطائرة التي تعرضها الشركة المنافسة على سبيل المثال توفّر ميزة أفضل من ناحية استهلاك الوقود من الطائرة التي تعرضها الشركة البائعة ذاتها، فإن هذه الشركة قد تحاول إعادة توجيه اهتمام المشتري من ميزة التوفير في استهلاك الوقود باتجاه سرعة أكبر أو نفقات إصلاح أخفض على سبيل المثال.

ويمكن للبائع أيضاً تعزيز ثقة المشتري بأن المزايا الموعودة ستُحقَّق فعلاً. فقد عرضت إحدى شركات البرمجيات المزوِّدة لأنظمة الإدارة القانونية على سبيل المثال خدمة استشارية يمكن للمستخدمين الاستفادة منها عن بعد عبر الهاتف، وخدمة توفير نسخة احتياطية للبرامج الأساسية في حال تعطّل النسخة الأصلية، وخدمة توفير مجموعة كاملة من نماذج إدخال البيانات لتشجيع الموظفين على إدخال البيانات بشكل كامل، وخدمة تنظيم ورشات عمل دورية بغية إبقاء المستخدمين على اطّلاع دائم حول أحدث نسخ برامج النظام. ومن الواضح أن هذه الخدمات مجتمعة قد جرى تصميمها لكي تعزز ثقة الإداريين المشككين والمحامين الباحثين عن برامج تخدم حاجاتهم.

وأخيراً، كثيراً ما يحاول البائعون تغيير رغبات المشترين أو تغيير فئة المزايا التي تتصدّر قائمة أولوياتهم. ولكن خبرتي في مجال الدوافع تجعلني أؤكد على أن هذا المنهج غالباً ما يكون فاشلاً، وأن استراتيجية البيع يجب أن تعمل مع دوافع المشتري لا أن تحاول التحايل عليها.

السؤال الرابع

كيف يرانا العملاء؟

إن صورة الشركة البائعة ومنتجاتها وموظفيها في عيون عملائها عنصر مهم جداً للوصول إلى كفاءة مرتفعة في البيع. ولطالما تنوّعت تصورات المشترين الأقوياء حول الشركات البائعة لتشمل طيفاً واسعاً من الانطباعات. فقد يكون لأحد عناصر فريق الشراء صديق لدى شركة أخرى كانت قد استخدمت منتجاً شبيهاً وقد قال له صديقه: “هذا المنتج كاد يودي بنا إلى الهاوية”، في حين قد يكون عنصر آخر من الفريق قد تكلّم مع شخص آخر عنده منتج مشابه فيقول له أن الشركة البائعة “قد أرسلت أحد موظفيها على متن طائرة خاصة إلى هاواي لإصلاح ذلك المنتج بسرعة. يا لها من شركة تهتم فعلاً بإرضاء زبائنها”.

ويحكي مندوب مبيعات في إحدى شركات الأدوية قصة مفادها أن شركته قد أُقصيت من جميع المشافي الكبرى لإحدى المدن، لمجرد أن أحد الأطباء المتنفّذين كان يعتقد أن أحد المنتجات الجديدة للشركة له علاقة بموت أحد مرضاه. ولم يكتفِ ذلك الطبيب بتعميم انطباعاته لتشمل جميع منتجات الشركة، بل عمل على حثّ جميع أصدقائه على مقاطعة هذه الشركة.

ولعلّ الطريقة الأبسط للبقاء على اطّلاع حول صورة البائع في عيون المشترين هي أن نطلب من مسؤولي المبيعات أن يقيّموا رأي أهم الشركات المشترية في الشركة البائعة وفي نشاطاتها. ومن الممكن تمثيل هذا الرأي على محور يمتد من النظرة السلبية إلى الإيجابية. أما إذا أردنا الحصول على معلومات تفصيلية أكثر عن صورة الشركة يمكن للشركة البائعة وضع صورة منتجاتها وموظفيها على محورين متعامدين كما في الشكل التالي.

إن ندرة الأموال المخصصة للتسويق وأهمية دور الشخص المناصر للصفقة داخل فريق الشراء تصبّان كلاهما بقوة لدعم فكرة توجيه الموارد إلى الأمور التي من المرجّح أن تأتي بالقدر الأكبر من النتائج. وعلى المساعي التسويقية أن تنصبّ على موظفي الشركة المشترية تعجبهم الشركة البائعة، فهم في عداد الموافقين على الشراء إلى حدّ ما. ومع أنه لا يمكن نكران صحة القول المأثور بأن “من المهمّ إقناع الجميع بالشراء”، إلا أن أولئك الذين يبدّدون جهودهم بهذه الطريقة نادراً ما ينجحون في إقناع أيٍّ كان.

جمع المعلومات السيكولوجية

مع أنني كنت أرغب في الادّعاء بأن هنالك تقنيات جديدة تسمح لي بأن أضع بين أيادي موظفيكم وبطريقة سحرية إجراءات بسيطة توصلهم إلى تحليلات سيكولوجية سليمة للأشخاص المنخرطين في عملية الشراء، إلا أن تلك التقنيات، للأسف، غير موجودة حتى الآن. لكنني نجحت في توظيف منهج الجانب البشري لتحسين كفاءة عمليات البيع. ولا يحتاج ذلك المنهج سوى ثلاث قواعد توجيهية حتى يعمل بشكل جيد:

اجعل لقاءات البيع المثمرة هي القاعدة، لا الاستثناء. يسعى مدراء الشركات إلى إيجاد طرق بديلة عن لقاءات البيع بسبب التخوّف من ارتفاع تكاليفها بسرعة متزايدة. وفي كثير من الأحيان لا يكون لدى موظفي المبيعات فكرة واضحة عن الغاية الفعلية من معظم لقاءات البيع التي يجرونها ولا عن الأمر الذي يمكنهم اكتشافه في اللقاء أو ما هي الأسئلة التي قد توصلهم إلى الإجابات المطلوبة.

ولا ينحصر الهدف من التخطيط للقاءات البيع في اختصار المسافات ولا في تبادل عبارات المجاملة مع عملاء محتملين غير مهمّين، بل يتعداهما إلى تحديد المعلومات المطلوبة من العملاء المهمّين والأسئلة أو الاستفسارات الكفيلة بالحصول على تلك المعلومات.

وقد سافرتُ مؤخراً مع مندوب إحدى الشركات المتخصصة ببيع معدات النسخ، ورافقتُه في خمسة لقاءات بيع في يوم واحد. ولم ينتج عن أي من تلك اللقاءات أو الزيارات حتى 10% من المعلومات السيكولوجية المحتملة التي كان بوسع المندوب الاستفادة منها في لقاءاته المستقبلية، رغم أن العملاء وفّروا للمندوب فرصاً متكررة للحصول على تلك المعلومات.

ففي إحدى الشركات على سبيل المثال أخبرتنا مسؤولة إدارية كثيرة الكلام أن المدير التنفيذي يعمل في شبه عزلة عن الآخرين ويصرّ على التحقّق بنفسه من طلبات شراء المعدات، وأن أحد مدراء الفروع (دون موافقة المدير التنفيذي الذي كنا في ضيافته) استقدم آلة نسخ من إحدى الشركات المنافسة بغرض تجريبها، كما علمنا أن إحدى آلات النسخ الجديدة التي باعتها الشركة المزوّدة للشركة الزبون تبقى معطلة لفترات أطول من فترات عملها.

لكن مندوب المبيعات لم يتابع أياً من هذه المعلومات المجانية ولم يجد لأي منها أهمية تجعلها تستحق التدوين أو إبلاغ لمدير المبيعات عنها. وفي المحصلة ذهب هذا اللقاء سدىً لأن مندوب المبيعات لم يكن يعرف عمّ يبحث ولم يستطع الاستفادة من المعلومات التي قُدّمت له على طبق من فضة.

يُظهر العرض التوضيحي المعنون “جدول جمع المعلومات السيكولوجية” سجلاً يمكن استخدامه لتدوين البيانات السيكولوجية الأساسية الخاصة بأحد العملاء على ورقة واحدة. وكنت قد قدّمت أفكاراً تساعد على ملء هذا الجدول في موضع سابق من المقالة.

غير أن كيفية جمع هذه المعلومات من قبل وكلاء المبيعات ترتبط بقطاع العمل وبالمنتج وبالزبون على وجه الخصوص. وفي جميع الأحوال فإن من بين التقييمات الأساسية للبيع: (1) تحديد الأعضاء الفاعلين في مركز الشراء (2) التعرّف على ما يريدونه من حيث “أزرارهم الساخنة” وحاجاتهم الخاصة (3) تقييم نظرتهم إلى الوضع. وفضلاً عن ذلك فإن جمع المعلومات السيكولوجية يعتمد على الإصغاء بانتباه أكثر من طرح الأسئلة “الذكية” خلال مقابلة البيع.

أصغِ إلى فرق المبيعات. لا شيء يحبط فريق المبيعات عند جمع المعلومات السيكولوجية مثل معرفتهم بأن الإدارة لا تريد فعلاً الإصغاء إلى ما يعرفه وكلاء المبيعات عن العميل.

فالعديد من الشركات تطلب من وكلاء المبيعات لديها إعداد تقارير طويلة حول لقاءات البيع وتوفير الكثير من البيانات الأخرى – لكن هذه التقارير تُهمل وتختفي ولا يتم الرجوع إليها إطلاقاً إلا لاستخدامها ذريعة من أجل معاقبة أحد وكلاء المبيعات لسبب أو لآخر.

ولمجابهة هذه العقبة التي قد تكون مدمّرة، أنصح بإجراء عملية تدقيق للمبيعات. ولإجراء هذه العملية قم بتقييم جميع نماذج ضبط فريق المبيعات وتقارير لقاءات البيع واستبعد النماذج والتقارير التي لم يتم استخدامها من قبل الإدارة لأغراض التخطيط والضبط في العام المنصرم.

وتتميز هذه الطريقة بأثر يرفع المعنويات من كل الجهات، فهي تريح فريق المبيعات من ملء استمارات ونماذج يعرفون مسبقاً أن أحداً لن يستخدمها، كما تريح إدارة المبيعات من تجميع النماذج التي لا تعرف ماذا تفعل بها، وتريح إدارة معالجة البيانات من معالجة تقارير لم يطلبها أحد مطلقاً.

وبدلاً من كل هذا ركّز اهتمامك على نموذج بسيط وواضح ودقيق لضبط البيع من نمط النموذج المقترح في الجدول السابق الذكر –ويفضّل ألا يتجاوز حجم النموذج ورقة واحدة بالنسبة لفترة بيع محدّدة. قد تبدو هذه النصائح كتغييرات جذرية بشكل زائد عن اللزوم، لكن عندما تغيب مصداقية الإدارة في تجميع معلومات فريق المبيعات والاستفادة منها، تصبح التغييرات الكبيرة أمراً لا بد منه.

ركّز على تنفيذ المهام والتفاصيل. لا يكفي أن تتوفّر لدى الشركة تقنيات لجمع المعلومات وأن تقوم إدارة المبيعات بقراءة تقارير البيع بتركيز واهتمام، بل لا بد لهذه الإدارة أن تركز على أنكم كشركة تكافئون جمع المعطيات والمعلومات بدقة وتأنٍّ وتحليلها تحليلاً متقناً والتنفيذ الخالي من الأخطاء. ولعلّ لهذه الرسالة وقعاً أقوى وأشد إذا ما أتت من مستويات الإدارة العليا.

إن جمع المعلومات السيكولوجية يعتمد على الإصغاء بانتباه أكثر من طرح الأسئلة “الذكية” خلال مقابلة البيع.

ملاحظات تحذيرية

لا شك أن مجموعة المدراء المؤثرين في قرار الشراء لا يسمون أنفسهم “مركز الشراء”. كما أن أصحاب القرار والأشخاص المؤثرين لا ينظرون إلى أنفسهم بهذه الطريقة. وعلى المدراء ألا يخلطوا بين عملية التحليل وإصدار أمر الشراء من جهة وما يقوم به الأشخاص المسؤولون عن الشراء من جهة أخرى.

وعلاوة على ذلك فإن جمع البيانات التي نصحتُ بها هو أمر حساس للغاية. وفي جميع الأحوال ومهما كانت الأسباب، فإن إجراء التقييمات السيكولوجية للمشترين يبقى أمراً أقل قبولاً من إجراء التقييمات والتحليلات الاقتصادية.

غير أن إجراء حسابات الأرقام من دون النظر إلى العوامل السيكولوجية لا يؤدي سوى إلى خسارة صفقات البيع. وختاماً فإن الفكرة الأساسية المتضمنة في هذه المقالة، إنما تتلخص في أنه يتعيّن على البائعين أن يحددوا من يقوم بعملية الشراء بالفعل من زبائنهم، وذلك لفهم عملية الشراء، تماماً كما على المشترين أن يفهموا عملية البيع. وإذا ما تحقق ذلك، فإن التحليل النفسي والتسويق يعملان معاً على نحو مفيد، وحينها يغدو إبرام صفقات البيع أمراً شبه تلقائي ونتيجة طبيعية لهذا التفهم والتفاهم.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .