لماذا تخصص الشركات العظيمة وقتاً لاعتكاف القادة التنفيذيين؟

5 دقائق
معتكفات الإدارة التنفيذية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: بعد توقف دام عامين، عادت معتكفات الإدارة التنفيذية السنوية للظهور مجدداً. ومن المعروف أن هذه المعتكفات تشهد تجمُّع كافة المسؤولين التنفيذيين للشركة بصحبة رئيسها التنفيذي خارج مقراتها الرسمية من أجل دراسة استراتيجيتها العامة بشيء من التركيز، ويخرج منها الفريق بأكمله بأهداف واضحة وإحساس عام بالصداقة الحميمة. في الواقع، غالباً ما تشهد هذه الفعاليات إلقاء كم هائل من العروض التقديمية يومياً باستخدام برنامج باور بوينت، حيث تتدفق المعلومات في اتجاه واحد، تليها أسئلة وأجوبة مرتجلة بطريقة الميكروفون المفتوح. ويبذل المسؤولون التنفيذيون قصارى جهدهم من أجل الدفاع عن مصالحهم الفردية. وغالباً ما يُلاحَظ غياب العمل الجماعي. وكانت المحصلة النهائية لكل ذلك قائمة من الرسائل الغامضة التي نادراً ما تكون قابلة للتنفيذ ونادراً ما تتم متابعة نتائجها. خلاصة القول: غالباً ما تكون معتكفات الإدارة التنفيذية مضيعة للوقت على الرغم من تكلفتها الباهظة. وتقدم كاتبة المقالة نهجاً أكثر إبداعاً يمكن للرؤساء التنفيذيين اتباعه لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من هذه الفرصة السنوية للالتقاء مع فرقهم التنفيذية.

 

لطالما شكّلت معتكفات الإدارة التنفيذية عنصراً أساسياً في الشركات، وها هي تعود إلى المشهد مجدداً بعد أكثر من عامين من التجمعات الافتراضية. ويعتبر الشكل التقليدي لهذه المعتكفات في غاية البساطة، إذ يصحب الرئيس التنفيذي قادة الشركة ومسؤوليها التنفيذيين بعيداً عن المقر المكتبي لمدة يوم أو يومين من النقاشات المستمرة والتفكير الاستراتيجي. ويخرج منها الفريق بفكرة واضحة عما يفعلونه وبشعور متجدد بالعمل كفريق واحد مع زملائهم.

هذا هو الأمر من الناحية النظرية، لكن غالباً ما تشهد هذه الفعاليات في واقع الأمر إلقاء كم هائل من العروض التقديمية يومياً باستخدام برنامج الباور بوينت. حيث تتدفق المعلومات في اتجاه واحد، تليها أسئلة وأجوبة مرتجلة بطريقة الميكروفون المفتوح. ويبذل المسؤولون التنفيذيون قصارى جهدهم من أجل الدفاع عن مصالحهم الفردية. وغالباً ما يُلاحَظ غياب العمل الجماعي. وكانت المحصلة النهائية لكل ذلك قائمة من الرسائل الغامضة التي نادراً ما تكون قابلة للتنفيذ ونادراً ما تتم متابعة نتائجها. خلاصة القول: غالباً ما تكون معتكفات الإدارة التنفيذية مضيعة للوقت على الرغم من تكلفتها الباهظة.

واستناداً إلى خبرتي التي امتدت لعشر سنوات في تصميم وتيسير معتكف التخطيط الاستراتيجي في الشركات الصغيرة والكبيرة حول العالم، هناك نهج أكثر إبداعاً يمكن للرؤساء التنفيذيين اتباعه لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من هذه الفرصة السنوية مع فرقهم التنفيذية.

إعادة النظر في التصميم التنظيمي للمعتكف

كان واحداً من أولى المعتكفات التي أجريتها لصالح إحدى شركات الاتصالات التي يعمل بها 5,000 موظف، وسنطلق عليها “الشركة الهندسية للاتصالات”. طرأت على ذهن الرئيس التنفيذي للشركة فكرة جديدة تتمثل في تحدي الفريق التنفيذي المكوَّن من 25 مسؤولاً تنفيذياً من خلال تغيير التصميم التنظيمي التقليدي للمعتكفات. فقد ولى عهد العروض التقديمية التي لا نهاية لها. أعاد الرئيس التنفيذي تسمية الاجتماع السنوي الداخلي باسم “يوم مستثمري الهندسية للاتصالات”.

كان من المتوقع أن يتولى المسؤولون التنفيذيون عرض استراتيجياتهم وخططهم للسنوات الثلاث المقبلة كما لو كانوا أمام مجموعة من المستثمرين يصعب إقناعهم بأي شيء. ولدعم تمرين تقمُّص الأدوار، أعدّ الرئيس التنفيذي مجموعة من الأسئلة التي لم تكن معتادة في المعتكفات الداخلية السنوية، مثل:

  • ما الهدف الذي تريدون تحقيقه كشركة بعد 3 سنوات من الآن؟
  • ما خطتكم التنفيذية للوصول إلى أهدافكم؟
  • ما العوامل المميزة التي تدفعكم إلى الاعتقاد بأنكم ستتمكنون من الفوز بالحصة السوقية؟
  • نحن مؤسسة خدمات ولم يسبق لنا أن بنينا شيئاً كهذا من قبل، فماذا ستفعلون لإثبات مصداقيتنا في هذا العمل؟
  • من المهم أن نوصّل للجمهور أننا جادون بشأن الاستدامة، فما مدى مصداقية روايتكم بشأن الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات؟ وكيف تخططون لتنفيذها على أرض الواقع؟
  • باختصار، ما استراتيجية الأعمال المستدامة لديكم في 50 كلمة؟

حرص الرئيس التنفيذي على عدم إطلاع المسؤولين التنفيذيين على الأسئلة مسبقاً. وأقدم بدلاً من ذلك على إبلاغ المسؤولين التنفيذيين قبل أسبوعين من “يوم مستثمري الهندسية للاتصالات” بأنه يتعين عليهم إعداد كلمة ترويجية لا تتجاوز مدتها 10 دقائق حول استراتيجيتهم خلال السنوات الثلاث المقبلة، وتم استبعاد شرائح العرض ببرنامج باور بوينت. التقيتُ مع كل مسؤول تنفيذي مرتين، المرة الأولى لعقد جلسة إحاطة على أرفع المستويات، والمرة الثانية للتدرُّب.

وقد تبين في المعتكف أن تمرين تقمُّص الأدوار فعَّال للغاية، ونجح في جذب أنظار الجمهور. وقد شاركتُ لأول مرة على مدار خبرتنا الاستشارية أنا وزميلي في اجتماع الخطة الاستراتيجية الذي استمر لمدة يومين، حيث تولى المسؤولون التنفيذيون قيادة المهمة وأسهموا بفاعلية في المناقشة دون مطالعة رسائل البريد الإلكتروني الواردة إليهم. كانوا حريصين على تحدي أنفسهم بطريقة بنّاءة. وقد علّق أحد المسؤولين التنفيذيين على هذه النقطة قائلاً: “لطالما كانت المعتكفات الفرصة الوحيدة طوال العام التي نلتقي فيها ويرى بعضنا بعضاً وجهاً لوجه، وهذه هي المرة الأولى التي نتواصل فيها بطريقة أكثر إيجابية. وأشعر أيضاً بأن لدي فهماً أوضح للأهداف الاستراتيجية وطموحات زملائي وكيفية التعاون معاً بشكل أفضل”.

وأتاح هذا التصميم التنظيمي للمسؤولين التنفيذيين فرصة ثمينة لتغيير رؤاهم وتصوراتهم وتبني وجهة نظر المستثمر. إذ يضعهم هذا التصميم في موقف يتيح لهم التفكير من وجهة نظر الأطراف الخارجية غير المرتبطة عاطفياً بالشركة وأعمالها الفردية. سمح ذلك بالتدفق الحر للأسئلة والمعلومات، ما وضع حجر الأساس لتبادل الآراء بشكل عادل ومنفتح وبنّاء. وكان على كل مسؤول تنفيذي أن يعمل بجد لإقناع الرئيس التنفيذي وأقرانه الذين كانوا يلعبون دور المستثمرين بشأن اقتراح خلق القيمة وسلامة استراتيجية الأعمال المقترحة.

3 دروس من أجل معتكف إدارة تنفيذية ناجح

ناقشنا النتائج المتحققة مع الرئيس التنفيذي بعد انتهاء المعتكف، وخلُصت مناقشاتنا إلى تحديد 3 دروس لا بد من تطبيقها لجعل هذا المعتكف الفريد من نوعه روتيناً متكرراً في المستقبل:

تحويل الجمهور إلى ميسّرين.

لا يقتصر دور المسؤولين التنفيذيين على حضور اجتماع تمت دعوتهم إليه، فهم بحاجة إلى المشاركة بفاعلية طوال فترة المعتكف. ولا تبالغ في التخطيط لأدق التفاصيل عند إعداد جدول أعمال المعتكف. واترك مساحة كافية من الوقت لتبادل الأفكار بجرأة حقيقية وإجراء محادثات استراتيجية هادفة لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من الوقت وتشجيع المسؤولين التنفيذيين على الانخراط في المناقشات الدائرة.

فبمجرد انتهاء المعتكف، من الشائع أن تحيط الفرق التنفيذية كل ما جرى خلاله بالسرية والكتمان. لكن يجب عليهم إبلاغ فرقهم بالملاحظات الإيجابية والسلبية على حد سواء. شجّع المسؤولين التنفيذيين على مشاركة مذكرة من صفحة واحدة بانتظام مع موظفيهم، لكن يجب ألا تتحوّل هذه المذكرة إلى كم كبير من الأوراق. ومَنْ أفضل من مرؤوسيك المباشرين للبناء على الملاحظات، ومَنْ غيرهم سيساعدك على تنفيذ استراتيجيتك وتحقيق ما جاء من طلبات في الكلمة الترويجية للمستثمرين؟

مساعدة المسؤولين التنفيذيين على الاستعداد والتدرُّب.

لا يصح أن ترتجل إذا أردت إجراء مناقشات هادفة. فالمعتكف الناجح ليس حدثاً فوضوياً يشهد حالة من الارتجال. امنح المسؤولين التنفيذيين الوقت والدعم اللازمين للاستعداد والتدرُّب على كيفية تحقيق ما جاء من طلبات في الكلمة الترويجية للمستثمرين بأسرع ما يمكن وتحت الضغط. ساعدهم على التعاطف مع مجموعة أوسع من أصحاب المصالح من خلال التفكير خارج القائمة المعتادة للمشتبه بهم. اطرح أسئلة غير متوقعة حول قيمة الموظف (الاندماج، التنوع والمساواة والشمول، الرفاهة، إلخ) أو القيمة المجتمعية (العلاقات الخارجية والتنظيمية، أثر حقوق الإنسان، البصمة الكربونية، إلخ) لاستراتيجيتهم. وتُعد الكلمة الترويجية فرصة لا تُقدَّر بثمن لتمرين عضلات رواية القصص لدى المسؤولين التنفيذيين مع تعزيز نهج أكثر شفافية وانفتاحاً في صياغة الاستراتيجية.

تشجيع المناقشات الاستراتيجية الصريحة.

تدرك الشركات أهمية تشجيع ثقافة الأمان النفسي، لكن من النادر أن تجد مسؤولاً تنفيذياً يريد إظهار ضعفه أو يستطيع تعريض نفسه للخطر، لا سيما فيما يتعلق بمناقشة الاستراتيجية السنوية خارج الموقع الرسمي للشركة. ويعد هذا المعتكف مثالاً جيداً على كيفية تقديم المسؤولين التنفيذيين للملاحظات الصادقة والبنّاءة في الوقت الحالي، مع إظهارهم للمشاركة الوجدانية أيضاً. فاحرص خلال هذا الحدث على تنبيه جميع المشاركين في الغرفة إلى بعض القواعد التي تراعي “الصراحة الممزوجة بمراعاة مشاعر الآخرين”. وللبدء بإعداد قائمة المراجعة، إليك 4 قواعد أثبتت فاعليتها الكبيرة في شرح ما تعنيه الصراحة في المعتكفات:

  • عبّر عن خلافك بطريقة صحية. ولا يقتصر الأمر على تعاملك بلطف فحسب، بل يرتبط بالصراحة والاحترام.
  • كُن منفتحاً على الأسئلة الصعبة.
  • الأمر لا يتعلق بك شخصياً، لكنه يتعلق بإجراء محادثات ذات وجهة تعليمية.
  • لا بأس ألا تكون لديك إجابات عن كل الأسئلة.

أهم شيء أنه يمكن ابتكار حتى أكثر الممارسات التقليدية ذات الجذور الراسخة في كبرى المؤسسات، خاصة تلك التي قد تعتقد أنه لا يمكن تغييرها لأنها الطريقة التي لطالما تم اتباعها في تنفيذ الأعمال. وتحتاج الاستراتيجية الرائعة أحياناً إلى القليل من الإبداع.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .