لماذا قررت الولايات المتحدة أن المدراء أيضاً يستحقون أجراً عن ساعات العمل الإضافية؟

3 دقائق
معايير العمل العادل
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

لا يكمن الفرق بين أصحاب الياقات البيضاء (الموظفين الإداريين) وأصحاب الياقات الزرقاء (العمالة اليدوية) في نوع العمل المنجز فحسب، بل في مقابل هذا العمل أيضاً، وفقاً لقانون “معايير العمل العادل” الأميركي. فبالنسبة لهؤلاء المشمولين بالقانون (العمالة اليدويّة عادةً)، ينص القانون على حد أدنى للأجور، وأجر عن ساعات العمل الإضافية، وشروط أخرى كمدة مخصصة للراحة. أما غير المشمولين (وهم الإداريون عادةً)، فلا يسري عليهم أي مما سبق.

قانون معايير العمل العادل

حتى وقت قريب، تأثر عدد قليل فقط من أصحاب المناصب الإدارية بهذا القانون، وكان هذا بسبب الحد الأدنى المنخفض للغاية البالغ 23,666 دولاراً. ولكن مع عمل المدراء في قطاع الخدمات لساعات تتجاوز 60 ساعة أسبوعياً برواتب بالكاد تتجاوز هذا الرقم، هناك دليل قوي على أن 11% من العمال تم تصنيفهم خطأ كـ “أشخاص مستثنين”، وذلك بلا شك كي تتجنب الشركات دفع مقابل ساعات العمل الإضافية لهم.

لكن هذا تغير. حيث أعلنت إدارة أوباما في 2016 أنها سترفع حد الأرباح السنوية إلى ما كان سينتج مع أخذ معدل التضخم في الاعتبار؛ أي: 47,476 دولاراً بالإضافة إلى زيادات لمواكبة التضخم في المستقبل.

مضاعفة هذا الحد خطوة كبيرة. فحوالي نصف القوى العاملة الأميركية مشمولة بقانون “معايير العمل العادل”، ولا شك أن هذا الرقم سيزداد بدرجة ملحوظة، وسيتأثر كل من أصحاب العمل والموظفين بدرجة كبيرة على صعيد الخدمات اللوجستية الملموسة ودور العمل في باقي حياتهم. يصعب التفكير في موقف آخر عندما يحدث مثل هذا التغيير الهائل لقطاع ضخم كالقوى العاملة. وسيتضح رد فعل أصحاب العمل على هذا التغيير رأيهم في مساهمات ووقت هؤلاء المشرفين والمدراء في المستويات الأقل.

وقف أصحاب العمل أمام ثلاثة خيارات للتعامل مع الموظفين المشمولين بقانون “معايير العمل العادل” اعتباراً من 1 ديسمبر/كانون الأول 2016 (وحينها كان هناك احتمال أن يقرر الرئيس الجديد وقف هذا التغيير).  بإمكانهم رفع أرباحهم السنوية (التي يمكن أن تتضمن 10% من العلاوة) إلى مبلغ 47,476 دولاراً.  في هذه الحالة، سيكون الموظفون مرة أخرى أشخاصاً مستثنين، ما يعني أنهم لن يحصلوا على مقابل ساعات العمل الإضافية أو أي مزايا أخرى نص عليها قانون “معايير العمل العادل”.  إلا أنهم كانوا سيحصلون على مزيد من الأموال.

الخيار الثاني، أن بإمكان أصحاب العمل خفض ساعات عمل الموظفين مرة أخرى لتصبح 40 ساعة؛ وفي هذه الحالة إما أن يدفعوا لهم مقابل ساعات العمل التي تتجاوز هذا الحد، ما سيمثل زيادة معقولة في أرباحهم، أو تثبيت الحد الأقصى لساعات عملهم عند 40 ساعة وتعيين مزيد من العمال لأداء ساعات العمل الإضافية.

سيلقى كلا الخيارين على الأرجح ترحيباً من الموظفين الذين عملوا لساعات طويلة بأجر قليل. فهل سيكرهون الحساب بالساعة بعد أن كانوا برواتب يحصلون عليها كل أسبوعين بدلاً من شهر ،كما اقترح البعض؟ أراهن أنهم لن يكرهوا هذا بقدر ما يكرهون كسب أموال أقل ممن يشرفون عليهم.

لكن بالنسبة إلى أصحاب العمل، يمثل هذا التغيير على الأرجح صدمة غير سارة قد تغير طريقة إدارتهم للأعمال، خاصةً لشركات التجزئة الكبيرة وسلاسل مطاعم الوجبات السريعة.  بشكل عام، رفع التكلفة ليس بالأمر الرائع، وإحداث تغيير من هذا القبيل سيزعزع الكثير.  لذا يمكن للشركات تحديد أجر بالساعة للعمال المشمولين حديثاً بالقانون يكون منخفضاً بما يكفي للحصول على نفس إجمالي عدد الساعات دون زيادة التكلفة التي يتحملها صاحب العمل، حتى مع إضافة الأجر المستحق عن ساعات العمل الإضافية.  وهذا سيتطلب خفض أجر الساعة إلى حدٍ قريب من الحد الأدنى للأجور، وهو ما سيوضح للموظفين التقدير الضعيف الذي يلقونه من أصحاب العمل.

لكن إذا كان هذا التغيير عبئاً غير عادل بالنسبة لأصحاب العمل، فلا شك أن ترك سقف الراتب ينخفض لسنوات طويلة ليكون مشمولاً بقانون “معايير العمل العادل”، هو أكبر ميزة غير عادلة أدت إلى اضطرار مدراء المحلات إلى العمل لساعات كالمسؤولين التنفيذيين لأجل الحصول على رواتبهم. أن تتوقع من المسؤولين التنفيذيين التضحية بحياتهم خارج ساعات العمل العادية لأجل الشركة لأنهم يكافؤون على ذلك، فهذا شيء؛  وأن تتوقع من الموظفين الذين يحصلون على أجر ضعيف فعل ذلك، شيء آخر.

بتعميم أكبر، من الجيد أن يدرك أصحاب العمل أن الساعات الإضافية التي يقضيها الموظفون ليست مجانية،  بل إن الدفع مقابل كل ساعة يقضيها الموظف في العمل يبدو فكرة معقولة للغاية.  فنحن نعرف أن وضع سعر لوقتنا يجعلنا نأخذه بجدية أكبر،  وهذا قد يساعدنا على استغلال وقتنا في العمل بصورة أفضل، من خلال تقليل العمل الذي يستغرق وقتاً ولا قيمة له، وتوفير مساحة في جداولنا لأمور مهمة تحدث خارج العمل.

أمام أصحاب العمل قرارات كبرى عليهم اتخاذها استجابة لتغيير القانون. وفي النهاية، ستوضح قراراتهم كيف ينظرون إلى المدراء المباشرين للعمل؛ هل هم جزء من فريق الشركة أم مجرد تكلفة أخرى عليهم تقليلها؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .