المشكلات الناتجة عن معيار تصنيف الخمس نجوم وكيف يمكننا حلّها؟

3 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تفرض أسواق السلع والخدمات عبر الإنترنت قيمتها وقوتها على نحو مطرد، ومع ذلك، تُدهشنا حقيقة أنّ الكثير منها ليس على درجة كافية من التطور عندما يتعلق الأمر بطريقة تصنيف سمعتها، والتي تتخذ عادة شكل تصنيفات الخمس نجوم.

من خلال خبرتنا الاستثمارية في العشرات من مؤسسات الأعمال، وإسداء المشورة لها لأكثر من عقد من الزمن، وجدنا أنه عندما يُعتبر معيار تصنيف الخمس نجوم البسيط جيداً بما يكفي لتحديد المنتجات والخدمات ذات الجودة المنخفضة والموردين الذين يزودون الشركات بها، وبالتالي يمكن الاستغناء عنهم، إلا أنّ المعيار نفسه يُعتبر ضعيفاً في قدرته على فصل المنتجات أو الموردين الجيدين عن الرائعين. قد لا تُعد هذه المشكلة كبيرة بالنسبة إلى الشركات التي تقدم خدمات ومنتجات سلعية (مثل شركتي “ليفت” (Lyft) و“أوبر” (Uber))، ولكنها قد تكون مشكلة خطيرة بالنسبة إلى الشركات التي تُعنى بالسماح لمقدمي الخدمات الرائعين حقاً بتمييز أنفسهم بوضوح (مثل شركات “99 ديزاينز” (99designs) و“فايفر” (Fiverr) و“أب وورك” (Upwork)). (إفصاح: يمتلك أحدنا، وهو جوش، أسهماً في شركتي “أب وورك” و”يلب”).

يُعاني معيار تصنيف الخمس نجوم في شكله الحالي من العديد من مواطن القصور، إذ يفتقر إلى الدوافع لتقديم آراء تقييمية دقيقة، فمن المرجح أن يترك المستخدمون الذين لديهم تجارب متطرفة (إما سيئة جداً أو جيدة جداً) آراء تقييمية أكثر من أولئك الذين لديهم تجارب متوسطة، وبالتالي، يخلق ذلك تحيزاً عند الاختيار. تُعتبر التصنيفات أيضاً عرضة لتضخيم “الدرجة” التي تُظهرها، فبعض الشركات التي يحوز فيها المورِّد على تقييم بمتوسط 4.8 نجمة، أو آراء إيجابية بنسبة 96%، لا يكون بالضرورة مورِّداً استثنائياً على نحو خاص. وفي بعض الشركات، قد يكون الفرق بين المورّد الحائز على 4.5 نجمة والحائز على 4.8 نجمة هائلاً، ما يجعل من الصعب على المستخدمين التمييز بين ذلك الجيد والآخر الجيد للغاية.

توجد مجموعة من الخيارات قادرة على تزويد مستخدمي مواقع تلك الشركات بإدراك أفضل للتصنيف النسبي للموردين، الأمر الأساسي الذي يمكنهم فعله هو إظهار متوسط درجات جميع الموردين في الفئة ذات الصلة أمام المستخدمين (مثل فئة الألعاب على موقع شركة “أمازون”، ومطاعم سان فرانسيسكو على موقع “يلب” (Yelp)، وناقلي الأثاث على موقع “تاسك رابيت” (Task Rabbit)، والفنادق الاقتصادية على موقع “إكسبيديا” (Expedia)). كما يمكِنهم التفكير في إظهار توزيع الدرجات داخل الفئة بطريقة بسيطة، ما يُشير إلى موقع المورِّد الحالي في هذا التوزيع، فمن خلال رؤية التوزيع بالكامل، وموقع المورّد الملائم، يمكن للمستخدم التعرف على الوضع العام بسرعة.

تكون الطريقة الأخرى للمساعدة على التمييز بين أفضل الموردين من خلال الإشارة إلى الموردين ضمن الفئة المئوية الأعلى، فمثلاً “هذا المورد هو ضمن الفئة الـ 10% الأعلى”، مع عدم الكشف عن النسبة الخاصة ببقية الموردين. هذا التعامل مع النسب المئوية العلي باعتبارها إشارات تعريف، مثل التصنيفات التي يطلقها موقع “إيباي” (eBay)، وموقع “إير بي إن بي” (Airbnb)، وهي “البائع الأعلى تصنيفاً” و”المضيف الرائع” على الترتيب.

القياس الرئيسي الثاني الذي نؤيده هو ضبط تصنيفات المستخدمين مع الاختلافات في مراجعة السلوك، ويمكن على وجه التحديد إعطاء تقييم مستخدم معين ثقلاً أكبر إذا كان هناك تباين أعلى في درجات المراجع الفردية، على عكس الشخص الذي يعطي دائماً النتيجة نفسها أو نتيجة مشابهة. ينبغي أيضاً التفكير في ضبط الدرجة التي يعطيها المستخدم حسب متوسط التقييم الذي قدمه في الماضي، لذا، فإنّ الاختلافات النسبية عبر التصنيفات التي قدمها المستخدم هي فقط التي ستغير تصنيف المورّد. من شأن هذا أن يساعد على ضبط الاختلافات بين المستخدمين الذين يعطوُن تصنيفات سخية في طبيعتهم، وبين أولئك المتطلبين.

من الأمثلة على المشكلات الناتجة عن هذه الاختلافات نذكر شركتي “ليفت” و”أوبر”؛ فعلى عكس شركة “ليفت”، يُمكن للسائقين في شركة أوبر مشاهدة التصنيفات التي يعطيها الركاب، لذا، يميل سائقو “أوبر” إلى رفض الطلبات من الركاب الذين يعطون تصنيفات أقل، لأنهم يتوقعون أن يمنحوهم تقييمات منخفضة. تستطيع شركة “أوبر” أن تتجنب هذه المشكلة عن طريق ضبط تقييمات الركاب، والأخذ في الاعتبار أنّ بعضهم يمنحون تصنيفات منخفضة باستمرار، بالتالي، يجب عدم معاقبة السائق على تقديم خدماته لمثل هؤلاء الركاب، ما من شأنه أن يجعل السائقين أكثر استعداداً لخدمة الركاب الذين يقدمون درجات منخفضة.

من بين الطرق الأخرى التي تستطيع الأسواق من خلالها تحسين معيار قياس سمعتها هي استخدام مزيد من المعلومات الخاصة (مثل المراجعات والتعليقات التي لم تُكشف للموردين على الإطلاق)، والمقارنات النسبية (مثل مقارنة المورّد الحالي مع المورّد السابق للمستخدم)، وهذا بالطبع لتصنيف الموردين. يمكنهم أيضاً طرح أسئلة على المستخدمين، تساعد الإجابات عنها في مواءمتها بصورة أفضل مع الموردين المناسبين في المستقبل، على سبيل المثال، ما هي السمات التي أعجبتك أو لم تعجبك أكثر في هذا المورّد؟

قد لا يكون معيار التصنيف كافياً بحد ذاته لضمان الثقة والسلامة في الأسواق عبر الإنترنت، فهي بحاجة عادة إلى استكمالها بضمان تغطية التأمين وغيره من الضمانات. ومع ذلك، فإنّ تطبيق المقاييس التي ناقشناها سوف يقطع بتلك الأسواق شوطاً كبيراً نحو جعل معيار التصنيف أكثر قوة، إضافة إلى الحد من احتياجات الأسواق وتكاليف توفير هذه الخدمات الإضافية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .