هل يجب أن تشارك مشاعرك خلال أحد نزاعات العمل؟

4 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

عندما يشتد الخلاف مع أحد زملاء العمل، من الطبيعي أن تشعر بمشاعر خيبة الأمل والغضب والإحباط. ولكن هل ينبغي عليك التعبير عن هذه المشاعر؟ أو يجدر بك كظمها في صدرك؟ هل سيفيدك إخبار زميلك أنه أغضبك؟ هل ينبغي عليه أن يعرف كم أنت غاضب؟

بطبيعة الحال، لا يعني مجرد شعورك بالغضب أنه يجب عليك أن تعبّر عنه. لا تكمن المسألة في الكشف عن عواطفك أو لا. فالأهم من ذلك هو أنك تمتلك القدرة على اختيار مشاركة مشاعرك أو عدم مشاركتها. وهذا ليس سهلاً دائماً عندما نكون في خضم نقاش مع أحدهم، لأننا غالباً ما نشعر أننا في قبضة المشاعر وأنها تُملي علينا ما نقول وما نفعل، بدلاً من العكس. في ظل هذه الظروف، لا تستطيع اتخاذ خيار ذكي حول ما يجب قوله والقيام به. بل أنت في حاجة إلى إيجاد مساحة بين ما يحدث (الخلاف) وبين ردة فعلك. وإليك كيف تفعل ذلك.

أولاً، لابد إدراك أنّ النزاعات في العمل ليست أحداثاً نادرة غالباً. يقول الكثير من الناس الذين أدربهم أنهم وجدوا أنفسهم فجأة في خضم نزاع عمل. ربما يقولون: “لم ننتبه لحدوث هذا” أو “لقد فوجئنا”. ولكن معظم النزاعات يمكن توقعها من حيث أنّ لها جذوراً في تصرّف سابق. لذلك هناك احتمال بأنّ الجدال الحالي الذي تواجهه مرتبط بنمط من السلوكيات التي تزعجك عادة ويفعلها ذلك الشخص (أو أولئك الأشخاص عموماً). على سبيل المثال، ربما تعمل مع شخص تشعر أنه يتخذ قرارات غير عادلة أو أنه يستغل الآخرين.

في هذه الحالة، عندما نشعر بالانزعاج فذلك لأننا رأينا دليلاً يُثبت هذه السلوكيات. وعندما تشعر بأن أحد زملائك يتهرب من مهامه فإنك ستبحث عن السلوكيات التي تبين تقاعسه عن عمله. وإذا كنت قلقاً بشأن معاملة مديرتك غير العادلة للفريق، فتكون منتبهاً لأي دليل يظهر أنها تعامل الفريق بتمييز. تعرّف على أنماط السلوكيات هذه حتى لا تفاجئ بأحد نزاعات العمل في المرة القادمة. هكذا وبدل أن تشعر بغضبك يتصاعد، تدرك التالي “أنّ هذا التصرف هو الذي يستفزني غالباً”، وإذا استطعت أن تكون أكثر انسجاماً مع الصراعات التي تنشأ داخلك وحولك، تستطيع أن تكون أكثر تحكماً بمشاعرك.

من ثم، عندما ينشأ أحد النزاعات، تستطيع أن تتخذ قراراً واعياً حول ما إذا كنت ستعبّر عن مشاعرك وكيفية فعل ذلك من خلال طرح هذه الأسئلة الأربعة على نفسك:

من هو المسؤول؟ هل هي مشاعري أم أنا الذي أحس بها؟

اسأل نفسك هل أنت الذي يتخذ قرارات مدروسة عن كيفية الرد أو أنّ العاطفة هي التي تتحكم بردود أفعالك. إذا كانت أفكارك وعواطفك هي المسؤولة عن ذلك، فهذا دليل على أنّ مشاعرك تسيطر عليك وأنك تمضي في مسار من غير المرجح أن يساعدك على حل النزاع بل من المحتمل أكثر أنه سيزيده سوءاً. إذا كانت العاطفة تملي عليك كيف تتصرف، سيكون من الصعب أن تفعل ما أنت بحاجة إليه وهو أن تفهم وجهة نظر الشخص الآخر، وأن تتعاطف معه، وتعبّر بوضوح عن رأيك بشأن الموضوع المطروح.

ما الذي أشعر به بالضبط؟

عندما تشعر بالغضب (وهو الاستجابة العاطفية الطبيعية للنزاع)، نجد غالباً أنّ ما يكمن تحت هذا الغضب شعور آخر مختلف مثل الخيانة، والشعور بالتجاهل أو خيبة الأمل. قبل أن تقرر ما إذا كنت ستعبّر عن مشاعرك أو لا، لابد عليك أن تفهم شعورك جيداً. اسأل نفسك: “ما هو الشعور الفعليّ الذي أشعر به بالضبط؟ ما هو الشعور الكامن تحت شعوري السطحي؟”، وعندما تجد الجواب، اسأل نفسك: “ما هي المشاعر الأُخرى التي أحس بهما؟” فتحديدك الدقيق للمشاعر خطوة حاسمة للمضي قُدماً بفعالية.

إلى ما يشير هذا الشعور؟

تذكر أنّ المشاعر إشارات. ما الذي يخبرك به شعور الخيانة عن الأمور المهمة بالنسبة لك؟ إلى ما يشير شعورك بالحزن؟ ربما لأنك تريد أن يكون فريقك موالياً لك، أو أنك تقدر قيمة المساواة. هذا ما سيساعدك على معرفة كيف تتحدث مع نظيرك المخالف. يُعتبر إخبار شخص ما أنك غاضب أقل فائدة بكثير من إخباره أنك تشعر بخيبة الأمل لأنه لم يصدق بالتزاماته وأنّ الانضباط قيمة مهمة بالنسبة لك. تستطيع أيضاً أن تسأل نفسك هذا السؤال: ما هي العلاقة التي تربط بين ما تخبرني به مشاعري وما يرى نظيري المخالف أنه مهم؟ إذا استطعت أن تحدد القيم أو المصالح المشتركة، ستكون في وضع أفضل لإدارة هذا النزاع.

إلى أي مدى يفيدني التعبير عن مشاعري في هذا الوضع؟

وأخيراً، بعد أن تعرف ما إذا كانت مشاعرك تسيطر عليك أم لا، صنّف تلك المشاعر، وحدد ما الذي تشير إليه، ثم اسأل نفسك ما الذي سيساعدك في تحقيق هدفك لحل هذا النزاع هل القول: “أنا غاضب حقاً” أو “أنا محبط من هذا الوضع”. يتحدث علماء النفس عن المشاعر “الساخنة” و”الباردة”. إذا كنت تشعر بمشاعر “ساخنة”، والتي تأتي مع منطق ملّح من الاستحقاق أو حتى الانتقام (مثل: “يجب أن أقول له بالضبط ما الذي أشعر به”)، فأنت تحت رحمة مشاعرك، ومن الأفضل أن تجد وسيلة تهدئ من نفسك قبل فعل أي شيء. أما إذا كانت المشاعر “باردة” بحيث تستطيع التحكم بها، وكانت نيتك من ورائها تحسين الوضع (مثل: “أود إخباره ما الذي أشعر به لأن ذلك يساعده في فهم وجهة نظري”) فمن الأرجح أنه لا بأس بالتعبير عنها.

ومن الأفضل أن تعبّر بشكل أعمق من مجرد تسمية ما تشعر به إلى شرح ما الذي تهتم له. فإخبار نظيرك في النزاع بأنّ المساواة قيمة مهمة بالنسبة لك، على سبيل المثال، هي الخطوة الأولى في تطوير مجموعة مشتركة من القيم. وإذا كان نظيرك في النزاع هو مديرتك، فلربما المساواة قيمة مهمة لديها أيضاً، وحينئذ يكون لديك نقطة انطلاق لحل النزاع وتجنب الصراعات المستقبلية.

بطبيعة الحال، هناك دائماً خطر أنك سوف تعبّر عن شعور أو عاطفة تكون مهمة بالنسبة لك لكنها لا تهم الشخص الآخر بل وحتى ربما يرّد عليها بقسوة. وهذا ما يجب عليك تحمّل مسؤوليته، وسيكون من المستحسن استعدادك لتقبل العواقب إذا كانت نيتك تطوير فهم مشترك.

لا يكون النزاع من جانب واحد أبداً، كذلك المشاعر التي تصحبه. فإذا أردت أن تعبّر بأنك غاضب أو تشعر بالخيانة، فعليك أيضاً أن تفكّر فيما يشعر به الشخص الآخر. يُعتبر لهذا المنظور (أضف له التعاطف والرحمة التي تحفز) له أهمية قصوى في حل النزاعات. لذلك، إذا قررت التعبير عن مشاعرك، فمن الأفضل أن تُتبع ذلك بسؤال الشخص الآخر عن مشاعره. وهذا لا يتطلب (ولا ينبغي) أن يتحول إلى مسابقة من تأذت مشاعره أكثر جرّاء الوضع لكنه يكون وسيلة لإظهار مشاعرك واهتمامك عياناً والبحث عن طريق للمضيّ قُدماً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .