نحن “كائنات اجتماعية” نتصرف بطرق إيجابية ومفيدة وتهدف إلى تعزيز القبول الاجتماعي والترابط والصداقة. وقد ساعد طلب المساعدة وعرضها وتلقيها على بقائنا لأمد طويل.

ومع ذلك، هناك فرق بين الميل إلى مساعدة شخص ما ومعرفة نوع المساعدة التي يريدها هذا الشخص أو يحتاج إليها. بوصفك قائداً، لك دور مهم في مساعدة الآخرين بطريقة لا تسلبهم استقلاليتهم وشعورهم بامتلاك زمام الأمور (بسبب اتباع نهج الإدارة التفصيلية) أو تتركهم يتساءلون عما يفترض أن يفعلوه بعد ذلك (بسبب القيادة الضعيفة).

يتجلى ذلك عندما يطلب أحد مرؤوسيك المباشرين المساعدة. فما الطريقة الأكثر فعالية لتقديم دعمك له؟ وكيف يمكنك مساعدته على سد الفجوة بين وضع الأهداف وتحقيقها؟

قد يكون إخبار شخص ما بالخطوات المحددة التي يحتاج إلى اتخاذها لسد هذه الفجوة أمراً منطقياً إذا كان بدأ للتو العمل في دور جديد أو على مشروع جديد أو إذا لم تكن هناك إلا طريقة واحدة صحيحة لإنجاز مهمة ما بشكل صحيح. ومع ذلك، عندما يكون لدى شخص ما القليل من الخبرة، فإن دورك هو مساعدته على التفكير في الخطوات التالية وتصميمها لنفسه، ما سيجعله أكثر ميلاً إلى الالتزام بالخطة التي وضعها لنفسه.

إليك ما قد تبدو عليه الإدارة التفصيلية لعملية وضع الخطة:

مرؤوسك المباشر: “أحتاج إلى أن أكون أكثر التزاماً بتسجيل مكالمات المبيعات التي أجريها، لكي يكون لدي بيانات أفضل للمتابعة مع العملاء. فهل يمكنك مساعدتي؟”.

أنت: “تبدو فكرة ذكية، ويسعدني تقديم المساعدة. هذا ما ينبغي لك فعله [اذكر خطتك]. ربما تود تدوين بعض الملاحظات”.

لا يترك هذا النهج مجالاً للاستفادة من سعة حيلتهم أو قدرتهم على الإبداع أو تعزيز شعورهم بامتلاك زمام الأمور.

وفي المقابل، هكذا تبدو القيادة الضعيفة:

مرؤوسك المباشر: “أحتاج إلى أن أكون أكثر التزاماً بتسجيل مكالمات المبيعات التي أجريها، لكي يكون لدي بيانات أفضل للمتابعة مع العملاء. فهل يمكنك مساعدتي؟”.

أنت: “تبدو فكرة ذكية، ويسعدني تقديم المساعدة. بابي مفتوح دائماً”.

على الرغم من أنك ربما تطبِّق سياسة الباب المفتوح لتجنب الإدارة المفرطة، فإنك بذلك لا تساعدهم في الواقع على الانتقال من وضع الأهداف إلى التنفيذ.

بدلاً من ذلك، فكّر في اتباع هذا النهج:

مرؤوسك المباشر: “أحتاج إلى أن أكون أكثر التزاماً بتسجيل مكالمات المبيعات التي أجريها، لكي يكون لدي بيانات أفضل للمتابعة مع العملاء. فهل يمكنك مساعدتي؟”.

أنت: “تبدو فكرة ذكية، ويسعدني تقديم المساعدة. ما الذي تعتقد أنه يمكن أن يساعدك على أن تكون أكثر التزاماً؟”

لاحظ أنك بذلك لا تضع له خطة عمل، بل تساعده على التفكير فيما يحتاج إليه وما يمكن تضمينه في خطة عمله. أشار مؤلفا مقالة “قوة الخيارات” (The Power of Options) التي نُشرت في هارفارد بزنس ريفيو، وهما الأستاذة المساعدة في كلية هارفارد للطب ومؤسِّسة معهد التدريب الإرشادي (Institute of Coaching) كارول كوفمان، والمؤلف المشارك لكتاب “القيادة الآنية” (Real-Time Leadership) ديفيد نوبل، في هذه المقالة إلى أنه ربما عليك “التعاون مع” زميلك. وهذا يشمل إبداء التعاطف والتشجيع والتدريب لمنحه مساحة للتفكير وفرصة للشعور بالاستقلالية.

هذا لا يعني أنه لا يمكنك تقديم أفكار أو مساعدته في الوصول إلى الموارد أو استكشاف المشكلات وإصلاحها إذا وصل إلى طريق مسدود. فقد تحتاج إلى “الإقدام” إذا كان زميلك عاجزاً عن حل المشكلة وسيستفيد من مساعدتك له في اتخاذ القرار أو من بعض التوجيه أو حتى من خوض تحدٍ. ولكن إذا فعلت ذلك لأن صبرك قد نفد أو لأنك غير متيقن مما يجب فعله أو تتجنب المخاطرة أو ترغب في السيطرة، فمن المحتمل أن تقوض قدرته على المشاركة والتفاعل في سبيل خدمة احتياجاتك.

يطلب مؤلف كتاب “فخ النصح” (The Advice Trap)، مايكل بنغاي ستانير، من المدراء التفكير فيما هو أكثر أهمية: “هل تريد إثبات أنك محق ولديك أفضل فكرة، أم منح الشخص الذي توجهه الفرصة للتفكير والتوصل إلى الأفكار بنفسه؟”.

إذا كنت تريد أن يضع زميلك خطته بنفسه، فيجب أن يتوصل إلى خطواته التالية بنفسه، من خلال الدعم الذي ستقدمه له.

في كتاب “31 استراتيجية لتقديم المساعدة وطلبها وقبولها” (Go to Help: 31 Strategies to Offer, Ask for, and Accept Help)، أشارك أنا وصوفي ريغل 10 أسئلة لطرحها على الآخرين لمساعدتهم على التفكير في خطتهم:

  1. ساعده على أن يكون محدداً: “ما الذي تخطط للقيام به بعد ذلك؟”.
  2. ساعده على أن يكون إيجابياً: “ما الذي ينجح معك بالفعل في هذه العملية؟”.
  3. شجِّعه: “ما الفرصة المتاحة هنا؟”.
  4. ساعده على التحلي بسعة الحيلة: “ما الذي تحتاج إليه أيضاً للمضي قُدماً؟”.
  5. ساعده على أن يكون واقعياً: “ما الذي تحتاج إلى التوقف عن فعله للمضي قدماً في هذا الأمر؟”.
  6. ساعده على أن يكون متعاوناً: “مَن الذي تحتاج إلى التحدث معه أو العمل معه أو التوافق معه؟”.
  7. ساعده على الانتباه إلى طريقة تفكيره: “كيف تفكر في هذا الأمر؟”.
  8. ساعده على تتبع تقدمه: “كيف ستقيس التقدم الذي أحرزته؟”.
  9. ساعده على ترتيب أولوياته: “ما الخطوة الأولى التي إذا اتخذتها ستسهّل عليك اتخاذ الخطوات الأخرى؟”.
  10. اسأله عما يمكنك المساعدة فيه: “هل هناك طرق أخرى يمكنني مساعدتك بها؟”.

قد لا يتمكن زميلك من الإجابة عن هذه الأسئلة بسرعة وسهولة، إذ قد يحتاج إلى بعض الوقت للتفكير في ردوده. وإذا شعرت أنه بحاجة إلى قدر أكبر من التوجيه، لا سيما إذا كان التيقن أكثر أهمية في الوقت الحالي من الالتزام أو الإبداع، فيمكنك المساعدة من خلال الإجابة عن هذه الأسئلة معه أو من أجله. على سبيل المثال، بدلاً من سؤال شخص يقوم بمهمة ما لأول مرة: “ما الذي تحتاج إليه أيضاً لإنجازها؟” (وهو شيء ربما لا يستطيع معرفته بعد)، يمكن أن تكون الاستراتيجية التي ستستخدمها للمساعدة هي: “هذا هو ما ستحتاج إليه أيضاً لإنجازها__”.

يقول مثل أيرلندي: “لن تحرث حقلاً أبداً إذا قلبته في عقلك فقط”. من خلال مساعدة الآخرين على التفكير في خطة عملهم، ثم دعمهم بينما يمضون قدماً في تنفيذ تلك الخطة، سيكون لديهم مسار أكثر وضوحاً وسيكونون أكثر التزاماً بتحقيق أهدافهم.