لماذا لا ينبغي أن يتخوف الأطباء من إدراج مراجعات المرضى على الإنترنت؟

6 دقائق
إدراج مراجعات المرضى على الإنترنت
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ما هي الرعاية الصحية الممتازة؟ لقد عملنا لفترة طويلة في المجال الطبي وفق شعار “الطبيب يعرف أكثر”، حيث لا ينام الأطباء قريري الأعين إلا بعد إجرائهم للعمليات الجراحية بكفاءة أو عندما يتمكنون من اتخاذ القرارات التشخيصية والعلاجية المُنقذة للأرواح استناداً لمعلوماتهم الطبية. فهل يجب إدراج مراجعات المرضى على الإنترنت؟

يمكنك تخيل رد فعل الأطباء عندما بدأت جامعة “يوتا للرعاية الصحية” (UUHC) بإجراء استبانة للمرضى وذلك لسؤالهم عن تعريفهم للتميز. وبذلك علمنا أن المرضى لا يحبذون الانتظار. فهم يريدون طبيباً مستعداً للاستماع لهم والتواصل معهم والتحدث بوضوح إليهم. كما يرغبون بأن يكون لهم الرأي في القرارات المتخذة بشأن صحتهم، وهذا هو بالضبط ما قدمته منظمتنا لهم في عام 2012 عندما أصبحنا أول مركز طبي أكاديمي في البلاد يُدرج مراجعات المرضى على الإنترنت إضافة للتعليقات غير المنقحة، مع إتاحة الوصول لإمكانية اختيار تصنيف من 5 نجوم للخدمات المقدمة.

موقف الأطباء من إدراج مراجعات المرضى على الإنترنت

يمكننا تفهم موقف الأطباء شديد الحساسية حول هذا الموضوع، حيث تتلخص حماية سمعة المرء في تجنب الإحراج العلني على الإنترنت. يسأل البعض عن جدوى قيام أي مؤسسة بعرض عيوبها على الإنترنت. ألن تشتت هذه المراجعات مقدمي الرعاية عن أهمية العمل الدؤوب في إنقاذ الأرواح؟ ألن يتعرض مقدمو الرعاية للضغوط لرفع درجات التقييم عن طريق الخضوع لمطالب المريض غير المنطقية، وألن يؤدي ذلك إلى تقويض جودة الرعاية وإلى رفع التكاليف؟

لقد أفادت تقارير عديدة بعدم صحة هذه المخاوف. فمنذ إطلاق برنامج الرعاية “من فئة الخمس نجوم”، أعلنت جامعة “يوتا للرعاية الصحية” عن تحقيق تقدم ثابت في مقاييس الجودة وتخفيض التكاليف. كما كشفت دراسة نُشرت مؤخراً في مجلة “الطب الأكاديمي” (Academic Medicine) أن المستشفيات التي كان بها مرضى أكثر سعادة، كان لديها مرضى أكثر صحة. وتبين لنا أن هذه المستشفيات هي الأكثر تحقيقاً للأرباح أيضاً.

ولكن غالباً ما تتم الإشارة إلى العقوبات والمكافآت الخاصة بالرعاية الطبية على أنها السبب الذي يدفع مدراء المستشفيات للاهتمام برضا المرضى. فعندما يخرج المرضى من المستشفى، تطلب الحكومة الفيدرالية منهم تقييم إقامتهم عن طريق الإجابة عن سلسلة من الأسئلة. وبالتالي تحدد نتائج هذا التقييم ما إذا كان بإمكان المستشفى أن يكسب أو يخسر ما يصل إلى 1.5% من مستحقات برنامج ميديكير. وبحلول عام 2017 ستكون 2% من قيمة مستحقات برنامج ميديكير في خطر. ولكن ذلك يُعَد مجرد حافز واحد للتطوير، وبالكاد ما يعتبر الحافز الأكثر إقناعاً.

السياسة المتبعة في جامعة “يوتا للرعاية الصحية” لكسب رضا المرضى

إن كسب رضا المرضى لا يعني الانحناء لجميع رغباتهم فالأمر لا يتطلب أكثر من تجاوز العقبات التنظيمية. فكسب رضا المرضى يتعلق بالالتزام الدائم والحقيقي بتوفير الرعاية الماهرة والرحيمة. فهو يعني أن الوصول للأداء الجيد يتم من خلال القيام بالعمل الجيد، وهذا هو النهج المُتَبع في جامعة “يوتا للرعاية الصحية” وغيرها. وفيما يلي سنعرض السياسة المتبعة في جامعة “يوتا للرعاية الصحية”.

أفضل رعاية

يعد الوصول لتقديم “الرعاية الأفضل” عبئاً لا يمكن لأي طبيب أن يتحمله بمفرده. فهو محصلة لكل تفاعل تم بين المريض ونظام الرعاية الصحية. فلماذا نحمّل علناً الأفراد من مقدمي الرعاية، ولاسيما الأطباء، مسؤولية تقديم تجربة مريض استثنائية؟ لأن ذلك يشير إلى أهمية هذا الأمر لكل شخص داخل المؤسسة، كما يساعدنا على تمكين الأشخاص المعنيين من دفع عجلة التغيير.

ففي السنة المالية 2015، دعمت جامعة “يوتا للرعاية الصحية” 10 مبادرات طبية لتحسين خدمة العملاء والعناية بهم، حيث أرادت ستيفاني كلاين، طبيبة الأمراض الجلدية والأستاذة السريرية المساعدة، إراحة المرضى الذين يضطرون للانتظار لمدة أسبوع أو أكثر لرؤية طبيب الأمراض الجلدية. فعملت على تطوير أداة فرز لتحديد المرضى الذين هم في أشد الحاجة للحصول على الرعاية الصحية الفورية، وبالفعل تمكنت هذه الأداة من تخفيض عدد الزيارات غير الضرورية إلى قسم الطوارئ. ولتحفيز تحسين التواصل مع المرضى حول مواضيع الاحتضار الحساسة، طوّر طبيب المستشفيات نيت وانر أداة لتحري الرعاية التلطيفية، تعمل على دمج هذه المحادثات ضمن مسارات الرعاية المعتمدة. لم يكن هدفنا توفير المال على الإطلاق عندما دعمنا هذه المبادرات، ولكن هذه المبادرات وغيرها ساهمت بمجموعها بتقليل التكاليف لأكثر من 5 ملايين دولار.

المعلومات المُجدِية

عندما يتعلق الأمر بتمكين المرضى، فالحل لا يتمثل في جمع المزيد من البيانات. ولكن السر يكمن في تزويد المرضى بالمعلومات التي يمكنهم استخدامها عند الحاجة إليها. تشكل البيانات الجيدة، والتي تتألف غالباً من مقاييس لعمليات الرعاية وليس من النتائج، خليطاً متبايناً حيث يمكن لنظام صحي واحد أن يحتل المرتبة الأولى في بطاقة تقييم الأداء والمرتبة الأخيرة في بطاقة تقييم أخرى. في الواقع قد تكون الاتهامات المسجلة محيرة لأنه نادراً ما يكون هناك أي تقارب بينها وبين المبالغ المدفوعة من قبل المستهلكين فعلياً. كما قد يتم عرضها خارج السياق ودون أي وسيلة لتحديد ما إذا كانت الأسعار المفروضة مكافئة لجودة الرعاية المقدمة.

وحتى الآن، لا يزال المرضى يعملون وفقاً للتوصيات الشفهية عند اختيار الأطباء والمستشفيات، وهنا سيكون تأثير مراجعات المستهلكين عبر الإنترنت مضاعفاً لتأثير تلك التوصيات الشفهية. وكما في مختلف المجالات، يسعى المستهلكون للحصول على الدعم لقراراتهم حول الرعاية الصحية من خلال الإنترنت أيضاً، حيث أفاد 59% من المستهلكين أن مواقع تصنيف الأطباء مهمة “إلى حد ما” أو حتى “في غاية الأهمية”، بينما قال 37% من مستخدمي المراجعة عبر الإنترنت أنهم قد تجنبوا فعلاً زيارة أحد الأطباء صاحب تصنيف سيئ، وذلك وفق تقارير لدراسة نُشرت في عام 2014 في “مجلة الجمعية الطبية الأميركية” (American Medical Association). ومع ذلك، لطالما كان هناك إشكالية حول صحة المراجعات عبر الإنترنت، حيث قد لا يمثل المستجيبون بالضرورة المرضى الحقيقيين: فقد أفاد 43% ممن لا يستخدمون هذه المراجعات بأنهم لا يثقون بتلك المعلومات الموجودة على هذه المواقع. ولكن النظام المعتمد في جامعة “يوتا للرعاية الصحية” يستدعي فقط البيانات من المرضى الذين ثبت إجرائهم لزيارات لمستشفى أو عيادة.

بناء الثقة

منذ عدة سنوات والمستشفيات تقوم باستبانة المرضى. لهذا نجد لدى نظام جامعة “يوتا للرعاية الصحية” مجموعة من البيانات والتعليقات التي يمكن التحقق منها عبر أرقام دقيقة إحصائياً للمرضى الحقيقيين. وعندما نشارك بياناتنا، فإننا ندرج جميع المراجعات، وبذلك نسمح للمتلقي بتكوين استنتاجاته الخاصة.

لذلك يحب المرضى الاطلاع على مراجعاتنا ويعملون بها: فقد وجد 48% من مرضانا أن تقييمات الأطباء والتعليقات المقدمة من مرضى آخرين قد أثرت في اختيارهم للطبيب، بينما قال 29% من المرضى أنهم تأثروا إلى حد ما بتلك المراجعات، وذلك وفقاً لنتائج استطلاع كنا قد أجريناه على الإنترنت. وعند سؤالهم عن أهم ما يجب معرفته عن الطبيب، صنّف المرضى مراجعات العملاء في المرتبة الثانية بعد خيار تخصص الطبيب فقط متبوعة بشهادات التعليم ولوحة الترخيص وموقع المزاولة ومعلومات السيرة الذاتية. وهنا تجدر الإشارة أنه تم استعراض ملفات تعريف بعض مقدمي الرعاية لدينا لأكثر من 800 مرة في الشهر الواحد.

امتلاك السمعة

عندما تكافح التعليقات المزيفة والحاقدة على الإنترنت من خلال الكشف عن آراء المرضى الحقيقيين دون تلميع، وتكون النتيجة بأن معظم هؤلاء المرضى سعيد للغاية. عندما تحقق ذلك فقط، ستتمكن من جذب المزيد من الأشخاص إلى الموقع الإلكتروني الخاص بك باعتباره المصدر الموثوق للمعلومات الحقيقة حول مؤسستك. ففي الأشهر الـ 13 الأولى بعد التعايش المباشر مع مراجعات المرضى، تضاعفت حركة المرور على موقع جامعة “يوتا للرعاية الصحية” الإلكتروني واستمرت في الارتفاع.

رعاية أكثر أماناً

قد تشكل المراجعات عبر الإنترنت أحد العوامل التي تدفع المرضى لاختيار أحد الأطباء، ولكن التجربة الجيدة وحدها الكفيلة بجعلهم يكررون هذه الزيارة مع الأصدقاء والعائلة. ينعكس التركيز الجماعي لمؤسستنا في توفير تجربة استثنائية على رفع درجات رضا المرضى.

وبالمصادفة، نجد أن أرقام الجودة والسلامة قد تحسنت أيضاً. فوفقاً لجامعة “هيلث سيستم كونسورتيوم” (University HealthSystem Consortium) صُنّف جامعة “يوتا للرعاية الصحية” من بين أفضل 10 مراكز طبية أكاديمية من حيث الجودة والسلامة وذلك لـ 6 سنوات على التوالي. وفي عام 2015، تم تقييمنا على أننا المستشفى الجامعي الأكثر أماناً في البلاد،

حيث يتمثل لقب الأكثر أماناً فعلياً في انخفاض التكلفة، وذلك لانخفاض عدد المضاعفات الطبية لدينا. فعلى أساس كل دولار من الإيرادات المُحصلة، انخفضت رسوم الممارسات الخاطئة لدينا. فمن عام 2012 إلى عام 2015، ازدادت رسوم الممارسات الخاطئة بنسبة أبطأ 52% من نسبة زيادة الإيرادات المُحصلة من قبل صفوف أطباء العيادات الخارجية المتنامية لدينا.

تحسين الهوامش الربحية

يمكن أن نعتبر ذلك مجرد صدفة، لكن عدد مواعيد عياداتنا الخارجية الجديدة ازداد بنسبة 8.9% في السنة المالية 2015، كما تواصلت الزيادة لتسجل 16% حتى الربع الأول من السنة المالية 2016. كما ارتفعت نسبة المبالغ المدفوعة للأطباء بمقدار 42% وذلك من عام 2011 إلى عام 2015. قد لا يكون لتنمية الأعمال التجارية صلة بالخدمات المُحسَّنة، ولكن ارتفاع درجات التقييم قد انعكس على ارتفاع الإيرادات في العديد من الخطوط السريرية لدينا، من الأمراض الجلدية إلى أمراض الأعصاب.

فعلى مستوى المنظومة ككل، سُجلت أكبر قفزة لمؤسستنا في مجال “احتمال التوصية” في استبانة قام بها “برنامج ميديكير” للمرضى النزلاء، حيث كانت النسبة 67% في عام 2011، بينما بلغت 74% في عام 2012، وكان ذلك تزامناً مع تحقيق قفزتنا الأكبر في عدد المرضى الجدد المسجلين، حيث حققنا نسبة (70%). في الواقع، لم تزدد أعداد المرضى النزلاء لدينا إلى أن بلغت درجات رضا المرضى في جامعة “يوتا للرعاية الصحية” نسبة 70%.

الحث على مواظبة التنمية

منذ أن نشرنا بيانات رضا المرضى على الإنترنت في ديسمبر/كانون الأول عام 2012، وأطباؤنا يواصلون العمل على التنمية. ولثلاث سنوات على التوالي، سُجِل ما يقارب النصف من العدد الكلي لمقدمي الرعاية في جامعة “يوتا للرعاية الصحية” الذين لديهم ما لا يقل عن 30 مراجعة مريض، من ضمن أعلى 10% ممن نجحوا في كسب رضا المرضى مقارنة بنظرائهم على المستوى الوطني. ولعل أكثر ما يلفت الانتباه، تصنيف الربع ضمن 1% من الحائزين على رضا المرضى على المستوى الوطني. ولقد استمر هذا الأداء الاستثنائي على الرغم من زيادة عدد مقدمي الخدمات بنسبة 20% تقريباً خلال السنوات الثلاث الماضية.

ومع ازدياد الخصومات ورسوم التأمين يرى المرضى أنفسهم مجبورين على تحمل المزيد من أعباء تكلفة الرعاية الصحية، لذلك أصبح المرضى أكثر دقة عند تحديد المكان الأنسب لإنفاق هذه الأموال. ولكن عدد الزيارات والتوصيات سترجح المؤسسات التي اكتسبت ثقتهم، تلك التي تقدم لهم المعلومات التي يحتاجون إليها لاتخاذ قراراتهم الحكيمة حول الرعاية الصحية والتي تقدم أفضل رعاية وخدمة بأقل تكلفة ممكنة. فلماذا نستمر بخداع أنفسنا في المجال الطبي وذلك بالتشبث بفكرة أن رضا العميل لا يهم؟ المريض هو من يحدد القيمة، وكلما أسرعنا في التعامل مع هذا الواقع، كان ذلك أفضل من أجل معرفة كيفية إدراج مراجعات المرضى على الإنترنت.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .