هل يمكن اكتشاف مراجعات الزبائن الزائفة في منصات التجارة الإلكترونية؟

5 دقائق
مراجعات الزبائن الزائفة في منصات التجارة الإلكترونية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: مع لجوء عدد متزايد من المستهلكين إلى التجارة الإلكترونية عوضاً عن التسوق التقليدي في المتاجر، من الضروري ضمان أن تقدم هذه المنصات الإلكترونية أنظمة موثوقة لتقييمات العملاء ومراجعاتهم من أجل الحفاظ على ثقة المستهلكين. للأسف، تبين الأبحاث الجديدة أن مراجعات الزبائن الزائفة منتشرة على نحو أكبر مما قد تعتقد، واكتشافها صعب جداً. وبما أن منصات الأسواق الإلكترونية، مثل “أمازون” تستخدم تقييمات المنتجات في خوارزميات تصنيف الصفحات في محركات البحث، فإن ذلك يحفز التجار بدرجة كبيرة للتلاعب في تقييمات منتجاتهم عن طريق طلب المراجعات الزائفة. في هذه المقالة، يسلط المؤلفون الضوء على طريقة حصول التجار على المراجعات الزائفة، وأثر هذه المراجعات على أداء المبيعات على المدى القصير والطويل، وما يمكن للمنصات فعله من أجل محاربة هذه المشكلة المنتشرة على نطاق واسع.

 

ما بين شهري أبريل/نيسان ويونيو/حزيران من عام 2020، سجل سوق التجارة الإلكترونية الأميركي رقماً قياسياً بنسبة نمو بلغت 44.4%، ويبدو أن هذا السوق سيستمر بالازدهار مع تحول الشركات الكبيرة والصغيرة إلى البيع عبر الإنترنت في أثناء الجائحة. ومن أجل نجاح التجارة الإلكترونية، يجب على منصات مثل “أمازون” استخدام نظام لتقييمات العملاء ومراجعاتهم من أجل مساعدة المستهلكين على اتخاذ قرارات الشراء عبر الإنترنت بثقة. لكن، بما أن هذه المراجعات تشكل عادة عاملاً مهماً في خوارزميات تصنيف الصفحات في محركات البحث، وبالتالي لها أثر كبير على ظهور المنتجات ومبيعاتها، فغالباً ما تعمل أنظمة التقييم والمراجعات أيضاً على خلق حوافز قوية تدفع التجار إلى التلاعب بتقييمات منتجاتهم عن طريق المراجعات الزائفة.

ولمواجهة هذه المشكلة، طورت منصات كثيرة أدوات للتعرف على المراجعات التي يبدو زيفها جلياً كما طورت طريقة لإزالتها. مثلاً، تستخدم منصة “يلب” (Yelp) خوارزميتها الخاصة التي تقوم بتصفية قرابة 16% من المراجعات الموجودة فيها. لكن تزداد صعوبة اكتشاف المنصات لهذه المراجعات الزائفة أكثر فأكثر مع تطور مهارات التجار في صياغتها. لذلك، ومن أجل التوصل إلى فهم أفضل لنطاق هذه المشكلة وما يمكن للشركات فعله من أجل معالجتها، أجرينا دراسة على مدى 10 أشهر لاستكشاف طريقة توليد المراجعات الزائفة وطريقة تأثيرها على التجار والمشترين والمنصات على حد سواء.

ومن خلال بحثنا، اكتشفنا سوقاً كبيراً للمراجعات الزائفة، وهو آخذ بالازدهار. واكتشفنا أن إحدى الآليات الأكثر شيوعاً لتوليد هذه المراجعات هي المجموعات الخاصة على منصة “فيسبوك”. إذ يستغل التجار هذه المجموعات من أجل تجنيد أشخاص لشراء منتجاتهم وكتابة مراجعات ممتازة (5 نجوم) تبدو حقيقية، ثم يرسلون لهم عبر منصة “باي بال” (PayPal) تعويضات مالية عن كلفة الشراء، تشمل ثمن المنتج وأي رسوم وضرائب أخرى، وفي بعض الأحيان يدفعون لهم عمولة تتراوح ما بين 5 و10 دولارات. كما اكتشفنا أيضاً أن هذه المجموعات تختفي من حين لآخر، وتحلّ مكانها مجموعات مماثلة جديدة.

مراجعات الزبائن الزائفة شائعة جداً

عملنا مع فريق من طلاب “جامعة كاليفورنيا” في لوس أنجلوس، من أجل الدخول إلى هذه الأسواق ومراقبتها وجمع البيانات حول المنتجات التي يسعى التجار للحصول على مراجعات عنها. وبالتوازي، جمعنا بيانات عن هذه المنتجات من منصة “أمازون” شملت المراجعات والتقييمات ورتبة المبيعات والأسعار واستراتيجيات الإعلانات. وبما أننا تمكنا من مراقبة أوقات بدء التجار بالتحريض على تقديم المراجعات الزائفة وتوقفهم عنه، ومقارنة هذا النشاط مع بيانات مبيعات منتجاتهم، فقد استطعنا قياس درجة فاعلية هذه المراجعات في زيادة نتائج المبيعات على المدى القصير والطويل.

كان الاكتشاف المهم الأول الذي توصلنا إليه هو أن هذه الظاهرة سائدة بدرجة كبيرة على الرغم من عدم شهرتها. بناء على مشاهداتنا، قدّرنا أن قرابة 4.5 مليون تاجر حصلوا على المراجعات الزائفة عن طريق هذه المجموعات على منصة “فيسبوك” في العام المنصرم.

ثانياً، يبدو أن المراجعات الزائفة هي الأكثر استخداماً في الترويج لأنواع معينة من المنتجات. إذ غالباً ما يكون تسعير هذه المنتجات مثل تسعير المنتجات المنافسة لها والتي تتراوح أسعارها عموماً ما بين 15 و40 دولاراً، وتكون عادة حاصلة بالفعل على تقييمات عالية تصل وسطياً إلى 4.4 نقاط، وحاصلة على عدد مراجعات وسطي يبلغ 183 مراجعة (ما يشير إلى احتمال أن يكون كثير من هذه المراجعات الموجودة سابقاً زائفاً). وأخيراً، هذه المنتجات ليست منتجات ذات اسم تجاري معروف، والغالبية العظمى من هؤلاء التجار منتشرون في مدينة شينغن الصينية أو حولها. لا يمكننا التأكد من سبب هذا التوجه، لكن التغييرات التي أجريت مؤخراً على سياسات منصة “أمازون” بهدف تشجيع مزيد من التجار حول العالم أدت إلى زيادة كبيرة في أعداد المصنّعين الصينيين الذين يبيعون منتجاتهم للمستهلكين مباشرة عبر منصة “أمازون” بدلاً من توريدها إلى الشركات الأميركية. يتمتع هؤلاء التجار الجدد عادة بهوامش ربح ضعيفة، وليس لديهم سمعة يسعون للحفاظ عليها، وهذا ما يؤدي إلى خلق مجموعة كبيرة من مشكلات مراقبة الجودة.

ما مدى فعالية المراجعات الزائفة؟

كل ذلك يشير إلى أن المراجعات الزائفة أكثر شيوعاً مما تظن، لكن هل هي فعالة بوصفها استراتيجية للمبيعات؟ البيانات واضحة فيما يخص الأثر قصير الأمد، وهي تقول إن المراجعات الزائفة تتمتع بفاعلية هائلة. فبعد بدء التجار بتجنيد العملاء الذين يكتبون مراجعات زائفة بأسبوعين، ازدادت تقييمات منتجاتهم بمعدل 0.16 نجمة وسطياً، وتضاعف عدد المراجعات التي تلقتها هذه المنتجات من 5 إلى 10 مراجعات وسطياً في الأسبوع. وعلى الرغم من أن بعض هذه المراجعات حقيقي، أي أنها تأتي من عملاء حقيقيين لم يتلقوا أي تعويض مالي لقاء كتابتها، فالحقيقة هي أن هذه القفزة في المراجعات هي نتيجة للمراجعات الزائفة، لأنها تحدث بعد بدء التاجر بشراء المراجعات الزائفة مباشرة. تترجم هذه الزيادة في المراجعات إلى زيادة كبيرة في المبيعات، إذ تشهد هذه المنتجات ارتفاعاً في رتبة المبيعات يصل إلى نسبة 12.5% وسطياً.

لكن هذا الارتفاع عمره قصير. افترضنا نظرياً أن هذه الشركات تستخدم المراجعات الزائفة من أجل معالجة مشكلة “الانطلاقة الفاترة” (أي صعوبة انتباه المستهلكين للمنتجات عالية الجودة التي لا تحصل على أي مراجعات). هذا يعني أنه ما أن تبدأ هذه الشركات ببناء سمعة جيدة عن طريق المراجعات الزائفة، يبدأ المستهلكون الحقيقيون بشراء هذه المنتجات وكتابة مراجعات حقيقية، فتنتج عملية بيع ذاتية الدعم. لكن رأينا أن الارتفاع في التقييمات وعدد المشاهدات والمبيعات يتلاشى في غضون شهر أو اثنين. فبعد 8 أسابيع فقط من بدء التجار بشراء المراجعات الزائفة، تراجع التقييم الوسطي لمنتجاتهم بنسبة 6.3%، وتراجعت رتبة مبيعاتهم بنسبة 21.5%، وبدؤوا بتلقي أعداد كبيرة من التقييمات الرديئة (نجمة واحدة) من الزبائن الساخطين. وهذا يعني أن جودة هذه المنتجات متدنية في الحقيقة، حيث شعر الزبائن بأنهم خُدعوا بالتقييمات والمراجعات المبالغ فيها.

المراجعات الزائفة مشكلة حقيقية

من الواضح أن هذه المراجعات الزائفة تسبب مشكلة حقيقة للمشترين، لكنهم ليسوا وحدهم من يعانون بسبب استخدام التجار لها، فهي تؤدي إلى تآكل ثقة المستهلك في نظام المراجعات، وتضر بالمنصات نفسها في الوقت ذاته. إذن، ما الذي تفعله منصات مثل “أمازون” للتغلب على هذه المشكلة؟

في عام 2019 وحده، أنفقت شركة “أمازون” أكثر من 500 مليون دولار وعينت أكثر من 8,000 موظف من أجل تقليل الاحتيال والاستغلال على منصتها. وفي دراستنا توصلنا إلى أن شركة “أمازون” كانت في الواقع تحذف نحو 40% من المراجعات الزائفة، لكن حذف المراجعة الزائفة استغرق أكثر من 100 يوم وسطياً بعد نشرها، وهذه المدة أكثر من كافية كي يحقق التجار زيادة قصيرة الأجل في المبيعات، وكي يتم تضليل ما يكفي من الزبائن لتوليد زيادة في المراجعات الغاضبة ذات تقييم النجمة الواحدة. هذا الأثر المحدود ليس مفاجئاً. ففي جميع الأحوال، على الرغم من أن شركة “أمازون” تبذل جهداً لمحاربة المراجعات الزائفة، فمن الواضح أن التجار لا يزالون يرون أنها فعالة بما يكفي لشرائها.

ومع تطور الطرق التي يتبعها التجار لتوليد مراجعات زائفة، تجد الأسواق الإلكترونية مثل “أمازون” نفسها في سباق تسلح دائم لتطوير طرق فعّالة للتعرف عليها وحذفها والحفاظ على ثقة عملائها. وعلى الرغم من عدم امتلاك جواب واضح، فإن بحثنا يشير بالفعل إلى حل محتمل واحد، وهو اتباع طريقتنا نفسها. يجب أن تفكر منصات التجارة الإلكترونية في التشارك مع منصات التواصل الاجتماعي، مثل “فيسبوك”، من أجل التوصل إلى فهم أفضل لطريقة تجنيد التجار للأشخاص الذين يكتبون مراجعات الزبائن الزائفة، واستخدام هذا الفهم في تسريع عملية التعرف عليها وحذفها. سيكون التوصل إلى طرق لتقويض هذا النشاط مربحاً لثلاثة أطراف، إذ إنه سيخفض النشاط غير المشروع على منصات التواصل الاجتماعي، وسيزيد الثقة في منصات التجارة الإلكترونية، وسيمكّن المستهلكين من الحصول على تجربة إيجابية وموثوقة أكثر.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .