هل تشعر أنك أقل إنجازاً من أقرانك؟ إليك الحل

5 دقائق
الشعور بالتخلف عن الآخرين

ملخص: إذا نظرنا إلى الأمر بدايةً من خبراتنا المبكرة في سن الطفولة إلى خبراتنا الحديثة كأشخاص بالغين في سن العمل، فلن نجد أسوأ من الشعور بالتخلف عن الآخرين، خاصةً إذا كانوا من الذين نعتبرهم مساوين لنا. وتحضرنا في هذا الموقف حكمة تقول: “توقف عن التنافس مع الآخرين، ولا تتنافس إلا مع نفسك فقط”. ولكن العمل بهذه الحكمة ليس سهلاً كما قد يبدو للوهلة الأولى. ومع ذلك، يمكنك الاستفادة من الفوائد الإيجابية للمنافسة دون معاناة الشعور بالنقص الذي قد يتولّد عنها، وذلك من خلال الاستراتيجيات الخمس التالية: ⁧⁩اعرف عوامل التحفيز لديك، ⁩تخلَّص من الاجترار التفاعلي للأفكار وأعد صياغتها بطريقة بنّاءة، ⁧⁩أظهر نقاط قوتك الشخصية لاستعادة الفاعلية والزخم، ⁧⁩أعد تعريف مجموعة أقرانك واعمل على إنشاء مجال جديد للنشاط، تخلَّص من التوقعات الذاتية.

 

ما أسوأ “الشعور بالتخلف عن الآخرين”، خاصةً إذا كانوا من الذين نعتبرهم مساوين لنا. وتحضرنا في هذا الموقف حكمة تقول: “توقف عن التنافس مع الآخرين، ولا تتنافس إلا مع نفسك فقط”. ولكن العمل بهذه الحكمة ليس سهلاً كما يبدو للوهلة الأولى. فقد أدى ظهور وسائل التواصل الاجتماعي إلى صعوبة تجاهل الشواهد الدالة على إنجازات زملائك، إلا إذا قررتَ الانفصال عن الواقع. وفي الحقيقة قد يكون لهذه الشواهد فوائد عديدة. فقد أثبتت دراسة حديثة أن هذه الشواهد قد تصبح مصدر إلهام للإنسان في كلٍّ من عمله وحياته الشخصية.

فكيف يمكنك، إذاً، الاستفادة من الفوائد الإيجابية للمنافسة دون معاناة الشعور بالنقص الذي قد يتولّد عنها؟ من خلال استخدام الاستراتيجيات الخمس التالية:

اعرف عوامل التحفيز لديك

يتسبب الشعور بأنك تتخلف عن ركب أقرانك في توليد حالة من التوتر، ويأخذ هذا التوتر عدة أشكال على مدار اليوم. قد يكون شيئاً عابراً، مثل سماع مديرك وهو يثني على زميل آخر، أو قد يكون شيئاً ملموساً، مثل مشاهدة زملائك يستقيلون من وظائفهم لتأسيس شركاتهم الخاصة.

فكر في المحفّزات التي تدفعك إلى مقارنة نفسك بالآخرين. هل يتسبب دعم مديرك للآخرين في شعورك بالنقص؟ هل تصيبك إنجازات بعض الأصدقاء بالإحباط؟ هل تجد نفسك تتصفح موقع “لينكد إن” أو “فيسبوك” أو “إنستغرام” بانتظام، ويساورك دوماً الشعور بالنقص والعزلة كلما تصفحته؟ إذا كان الأمر كذلك، فلست وحدك. فقد أثبتت الأبحاث أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يؤدي إلى تفاقم تحيزنا لرؤية السلبيات في حياتنا، حيث نُعلي من قيمة الخبرات السلبية على حساب الخبرات الإيجابية.

ومن الضروري أن تنتبه إلى الأشياء التي تثير فيك الرغبة في مقارنة نفسك بالآخرين، لأنك بمجرد أن تدرك هذه المحفّزات، يمكنك تحويلها إلى فرص لاستجابة أكثر إنتاجية.

تخلَّص من الاجترار التفاعلي للأفكار وأعد صياغتها بطريقة بنّاءة

بعد أن تتعرَّف إلى المواقف التي تثير فيك الشعور بالتخلف عن الركب، قد تقرر التوقف عن جميع الأنشطة التي تستثير فيك الشعور بالنقص. لكن هذا الحل غير منطقي وغير عملي، إلا في أحوال نادرة.

على سبيل المثال، قد لا تستطيع تجنُّب سماع ما يقوله مديرك عنك أو عن زملائك. وفي حين أنك تستطيع الانعزال عن أصدقائك أو التوقف عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، فإن شعورك بعدم الكفاءة قد يزداد مع العزلة. وثمة نهج أفضل يتمثّل في استغلال هذه المشاعر بطريقة بنّاءة تصب في مصلحتك.

على سبيل المثال، عند تصفح حساباتك على وسائل التواصل الاجتماعي في المرة المقبلة، اسأل نفسك لماذا تفعل ذلك في هذه اللحظة بالذات؟ هل لأنك تشعر بالملل؟ احرص عندئذٍ على مطالعة المنشورات الترفيهية، دون الانشغال بالحكم على نفسك. أو في المرة المقبلة التي تصادف فيها أخباراً عن النجاح المهني لأحد أقرانك وتجد نفسك تشعر بعدم الكفاءة، تراجع خطوة إلى الوراء وراقب مشاعرك دون إصدار أي أحكام. ثم اقطع على نفسك عهداً بالالتزام بالنظر إلى التقدم المهني لزملائك بموضوعية، كما لو كنت صحفياً يبحث في قصص نجاحهم وليسوا أشخاصاً في منافسة مباشرة معك.

وإذا أصبحت هذه الأنشطة مزعجة لك، فخذ استراحة منها بأي شكل من الأشكال. لكن تذكر أنه يمكنك دائماً التعامل معها بنيّة التعلم. وبدلاً من أن تقول لنفسك: “أتمنى لو فعلت ذلك [أو حصلت عليه]”، اسأل نفسك: “لماذا لا أستطيع أن أفعل ذلك [أو أحصل عليه]؟”، ثم تريّث قليلاً للاستماع إلى الأفكار التي تطرأ على ذهنك.

أظهر نقاط قوتك الشخصية لاستعادة الفعالية والزخم

خلال نوبات الشعور بالنقص الحادة، قد تساورك مشاعر حزينة تدفعك إلى إطالة التفكير في كيفية اللحاق بالآخرين. فاحرص عندئذٍ على استعادة إحساسك بالكفاءة الذاتية عن طريق اتخاذ إجراءات بسيطة لتحقيق مكاسب صغيرة. ضاعف جهدك لإظهار نقاط قوتك الأساسية، وعبّر عنها للعالم كله، واستخدم الفاعلية المتحققة للحصول على جرعة من القدرة على التحمل.

وقد انتابت مشاعر الحزن أحد المسؤولين التنفيذيين الذين كنت أتولى تدريبهم بسبب تأجيل ترقيته المُنتظَرة إلى منصب النائب الأول لرئيس الشركة هذا العام بسبب ظروف الجائحة. وخشي أن تفلت من بين يديه فرصة الحصول على هذا المنصب الذي يتمناه الكثيرون في شركته وتضيع عليه تماماً بمرور الوقت. وكان يحسد زملاءه في الشركات الأخرى الذين نجحوا فعلياً في تجاوز هذه العقبة قبل وقوع الأزمة.

ولكي يتخلَّص من مشاعره السلبية التي كانت تنغّص عليه حياته وقد تتسبب في تدهور مستوى أدائه هذا العام، قرر الاستفادة من نقطة القوة التي اعتمد عليها في الماضي، ألا وهي موهبته في الكتابة. فكتب مقالة رصينة ونشرها على مدونة الشركة حول القيادة خلال الظروف المصاحبة للأزمة الحالية، وسرعان ما أصبحت المنشور الأكثر مشاهدة من بين كل منشورات الشركة على الإطلاق. وأعرب عدد لا يُحصى من زملائه من صغار وكبار الموظفين عن امتنانهم لتوجيهاته الصادقة والمتفائلة. أدّت هذه التعليقات بدورها إلى ازدياد ثقته في قيمته وأسهمت أيضاً في تعزيز مصداقية قدراته القيادية التي تؤهله عن جدارة واستحقاق لنيل الترقية عندما يحين الوقت المناسب.

أعد تعريف مجموعة أقرانك واعمل على خلق مجال جديد للنشاط

عندما تقارن نفسك بمجموعة ثابتة من الأقران، فإنك تنخرط في لعبة صفرية تدفعك إما إلى احتلال مرتبة متقدمة أو متأخرة. ولكنك إذا وسَّعت زاوية رؤيتك بحيث تشمل مجموعات جديدة ومتنوعة من الأقران، فسوف تتخلَّص من التقييمات الثنائية لنجاحك وتنشئ مجالات جديدة تستطيع المناورة فيها بمزيد من الحرية.

ولك أن تنظر مثلاً إلى جاكي التي تشغل منصب مديرة إدارة في إحدى الشركات المدرجة على قائمة “فورتشن 100″، وتم تخطيها في الترقية لمنصب نائبة الرئيس لمدة 3 سنوات. وعندما داخلها الشعور باليأس وبأنها ستظل حبيسة منصبها الحالي إلى الأبد، حاولت توسيع زاوية رؤيتها للعمل من خلال استغلال تصميم الوظائف في إعادة صياغة محددات وظيفتها وتغيير تفاعلها مع زملائها لإيجاد معنى حقيقي لعملها. لكن يبدو أنها لم تجد ما يرضيها، إذ علمت بأن لقب نائبة الرئيس دائماً ما كان بعيداً عن متناولها.

وحينما أدركت أنها لطالما ضيَّقت منظورها وحصرته دائماً في مجموعة صغيرة من الأقران من نواب الرئيس الآخرين، بدأت التعارف مع أشخاص من خارج الشركة يشاركونها قيمها حول ريادة الأعمال. وبعد المشاركة في حلقة نقاشية شهرية للاستماع إلى العروض التقديمية من أصحاب الشركات الناشئة المحلية وتوجيههم، عثرت على ما يبث في روحها الأمل من جديد. وعلى الرغم من مساندتها لهؤلاء الأقران الجدد الذين يمتلكون شركات خاصة، فقد استمتعت بالتعلم منهم. ومن خلال اتخاذها لهذه الخطوة، لم تتخلَّص فحسب من ألم مقارنة نفسها بزملائها في شركتها، بل شعرت أيضاً بالحيوية والحافز لإعادة تقييم تطلعاتها المهنية.

تخلَّص من التوقعات الذاتية

تعتبر المنافسات الفعلية، مثل الحصول على ترقية في العمل، من الأمور التي تثير فيك الشعور بأنك تتخلف عن ركب أقرانك. ولكن هناك عقلية أكثر ضرراً تؤدي إلى الشعور بالنقص دائماً، وتتمثل في الاعتقاد بأنه يجب عليك ألا تكتفي بالتفوق على أقرانك فحسب، لكن أيضاً التفوق على كل ما يحاولون تحقيقه. وتؤدي هذه العقلية المستبدة التي تنم عن “حب الامتلاك” إلى خلق سباق لا ينتهي لا يمكنك الاستمتاع فيه بما حققته بالفعل. وتتغير توقعاتك الذاتية لتعريف النجاح اعتماداً على ما يرغب الآخرون في تحقيقه.

وأجد أن الكثير من عملائي الذين تقل مرتبتهم عن منصب الرئيس التنفيذي يقعون في هذا المزلق. فعلى الرغم من أنهم لا يريدون في أعماقهم ضغوط المناصب العليا، فإنهم يصرّون على الاعتقاد بضرورة حصولهم عليها، لا لسبب إلا لأن أقرانهم يطمحون إليها. وتؤدي هذه العقلية إلى خلق سيناريو لا يبشّر بالفوز. فإذا لم يواصلوا السعي لنيل منصب الرئيس التنفيذي أو ينجحوا في نيله، فسيشعرون بأنهم أقل شأناً من الآخرين. ولكن إذا وصلوا إلى هذا المنصب، فقد يشعرون بأنهم أوقعوا أنفسهم في مزلق خطِر ووضعوا أنفسهم في موقف لم يكونوا يريدونه حقاً.

ضع في حسبانك احتمال أن يكون كل ما اخترت القيام به حتى الآن هو المسار الصحيح دائماً، بغض النظر عن رأيك فيما يُفترَض أن تفعله. وكما تشير قاعدة اليقظة الذهنية: “لن تستطيع الهروب من واقعك مهما شرّقت أو غرّبت”. فلا تبالغ في تعقيد الشعور بالنقص من خلال النظر إلى الوراء. والتزم بتقييم القرارات المستقبلية استناداً إلى قيمك وما إذا كانت تقدم فرصاً لنموك. وإذا أقدمتَ على تغيير مسارك استناداً إلى ما يريده الآخرون أو ما يمتلكونه، فسوف تتخلّف دائماً عن ركب زملائك وستكون رهن تصرفهم.

وسيؤدي أي مسعى في حياتك المهنية حتماً إلى نوبات من مقارنة نفسك بالآخرين والشعور بالنقص. ولكن كلما شعرت بأنك تتخلف عن ركب الآخرين (سواء كان ذلك صحيحاً أو لا)، يمكنك استخدام هذه الاستراتيجيات لاستعادة ثقتك بنفسك والتفوق في المنافسات التي تهمك حقاً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .