ماذا تفعل إذا كان محاوِرك في مقابلة العمل متحيزاً ضدك؟

5 دقائق
تحيّز المحاوِر
غيتي إميدجيز/بانداغوليك

ملخص: على الرغم من أن الهدف الرئيس لمقابلات التوظيف هو التعرّف إلى المرشحين وقدرتهم الشخصية على الإسهام في تطوير مؤسسة ما، فهي لا تقتصر دائماً على هذه الأهداف وحدها للأسف، إذ تُطرح خلالها أسئلة مسيئة وغير مشروعة أحياناً يمكن أن تفضي إلى التمييز ضد المرشحين. وتكشف هذه الأسئلة في حالات معينة تحيّز المحاوِر ضد المرشح، بينما قد لا يدرك في حالات أخرى أنه تصرّف بطريقة غير لائقة. إليك إذاً طريقة الردّ المناسبة إذا وجدت نفسك في مقابلة عمل لا تسير على ما يرام، ويتحيّز فيها المحاور ضدك بصورة واضحة.

  • حافظ على هدوئك: استخدم أساليب بسيطة وفورية كأخذ استراحة ونفَس عميق من أجل تهدئة أعصابك قبل الإجابة عن السؤال. وعزّز لغة الجسد لتقوية حضورك من خلال الجلوس باستقامة والحفاظ على تواصل بصري مع محاورِك في أثناء حديثك، وتثبيت قدميك جيداً على الأرض.
  • اعرف حقوقك: لست ملزماً بالإجابة عن الأسئلة غير المشروعة. لذا حضّر إجابات عامة مسبّقاً كي توظّفها من أجل توجيه الحوار بلطف نحو نطاق خبرتك ومهاراتك، كأن تقول مثلاً: “أنا على يقين أنني أستطيع الإجابة عن هذا السؤال لكنني لست متأكداً من علاقته بالوظيفة”.
  • حوّل مسار الأسئلة: إذا طُرحت عليك أسئلة غير لائقة أو توحي بإساءة بسيطة إليك، ولم تكن قادراً على الاحتجاج على ذلك صراحة، فلديك خيار بديل هو توجيه مسار الحوار نحو الحديث عن المحاوِر وخبرته.
  • ضع في اعتبارك تأثير تجربة المقابلة على اهتمامك بالوظيفة: قد يكون هذا التعامل إنذاراً لك بطبيعة ثقافة الشركة التي ستعمل فيها موظفاً بدوام كامل. فهل تريد فعلاً العمل في هذا المكان؟

 

قبل سنوات جلست إلى مكتبي أتصفّح بريدي الإلكتروني للمرة المليون بعد أن قدمت طلب وظيفة جديدة آملا أن تصلني أخبار سارّة. وبعد البحث بين رسائل صندوق البريد الوارد وصندوق الرسائل غير المرغوب فيها وجدت دعوة إلى مقابلة توظيف بإحدى الشركات التي كنت أحلم بالعمل فيها.

وفي يوم المقابلة كرّرت في ذهني إجابات عن بعض الأسئلة الشائعة ثم اتجهت نحو القاعة التي كان ينتظرني فيها مدير التوظيف. أخذت نفَساً عميقاً لتهدئة أعصابي ثم دخلت إلى القاعة، وأدركت على الفور أن الأمور لن تسير كما خطّطت لها؛ فقد بدأ المدير يطرح أسئلته تِباعاً، بينما كنت أجيب في الجهة المقابلة من الطاولة، وقد ارتسمت على وجهي ابتسامة، وتخيّلت نفسي كأنني أحمل درعاً صغيراً أحركه يمنة ويسرة لصدّ ضرباته. بدا حضور المحاوِر طاغياً في القاعة لكن درعي كان قوياً أيضاً، وبدلاً من أن أحاول إبهاره بخبرتي وجدتني أقيد نفسي، فركزت على الظهور مرحّباً وودوداً، محاولاً خلق قدر من التفاهم بيني وبينه.

وبدا واضحاً من خلال أسئلته أنه متردد في الحكم عليّ بوصفي مرشحاً للوظيفة، ولم أنتظر وقتاً طويلاً لأتأكد من ذلك، بعد أن أنهى حديثه قائلاً: “لست متأكداً أن هذا العمل مناسب لك”.

وعلى الرغم من أنني كنت أريد الاعتراض على كلامه فقد وجدته محقّاً؛ لماذا سأرغب في الانضمام إلى مؤسسة حكمت عليّ بمجرد دخولي بدلاً من الترحيب بي؟

لم تكن هذه أول صعوبة أواجهها في مقابلات العمل، فطوال مساري المهني تلقّيت من مدراء التوظيف أسئلة مختلفة عن عمري وديانتي وحالتي العائلية، وإن كان لديّ أطفال أو لا (وعن الطريقة التي سأنجز بها العمل المطلوب منّي إذا أنجبت). كما يروي عملائي قصصاً مشابهة عن بعض المحاوِرين الذين علّقوا على أصولهم العرقية والإثنية، أو على وضعية الحمل بالنسبة إلى بعض المرشحات، زيادة على مواضيع أخرى غير لائقة.

وتهدف عملية مقابلة العمل في الظروف المثالية إلى تحقيق هدف واحد: التعرّف على المرشحين وقدرتهم الشخصية على الإسهام في تطوير المؤسسة، إلا أنها لا تقتصر على هذه الأهداف دائماً للأسف. وعلى الرغم من أننا في القرن الحادي والعشرين، لا تزال الأسئلة المسيئة وغير المشروعة تُطرح على المرشحين على نحو يفضي إلى التمييز ضدهم. وتعكس هذه الأسئلة في أسوأ الحالات تحيّز المحاوِرين ضد المرشح، بينما قد لا يدرك هؤلاء في حالات أخرى أنهم يطلبون أموراً غير لائقة. ومهما كان المقصود من هذه الأسئلة فإن عليك أن تنتبه لها جيداً لأنها قد تعكس مشكلة أكبر تتعلق بثقافة المؤسسة التي تعتزم الانضمام إليها.

إليك إذاً طريقة الردّ المناسبة إذا وجدت نفسك في مقابلة عمل لا تسير على ما يرام، ويتحيّز فيها المحاور ضدك بصورة واضحة.

حافظ على هدوئك

وفقاً لخبرتي فليس من النادر أن يحاول بعض المحاوِرين استفزازك. ومع أنه لا يجدر بهؤلاء إزعاج المرشحين أو طرح أسئلة متحيزة عليهم، فمن مصلحتك أن تظلّ هادئاً، لأن بعض المشرفين على عمليات التوظيف يختبرون المرشحين لمعرفة مدى قدرتهم على تحمّل المواقف الصعبة. وإذا شعرت بذلك في أثناء مقابلتك على الرغم من صعوبتها، فاحرص على الحفاظ على هدوئك من أجل تجاوز هذا الموقف.

واستخدم أساليب بسيطة فورية كأخذ استراحة ونفس عميق من أجل تهدئة أعصابك قبل الإجابة. وعزّز لغة الجسد لتقوية حضورك من خلال الجلوس باستقامة والحفاظ على تواصل بصري مع محاورِك في أثناء حديثك، وتثبيت قدميك جيداً على الأرض. وتذكّر القيمة التي ستضيفها للمؤسسة وأنك شخص مهم، حتى ولو حاول أحدهم التقليل من شأنك، وقل في نفسك: “أنا جدير بهذه المقابلة”.

ومع ذلك، إذا صدر عن محاوِرك قول أو سؤال متحيّز بوضوح، أو سلوك يُشعرك بعدم الأمان أو عدم الارتياح بأي شكل من الأشكال، فمن حقك أن تعتذر عن الإجابة بقولك: “شكراً لك على الوقت الذي خصّصته لي، لا أعتقد أن هذه الوظيفة مناسبة لي وقررت أن أنهي هذه المقابلة”.

اعرف حقوقك

لست ملزماً بالإجابة عن الأسئلة غير المشروعة، مثل سؤالك إن كنت متزوجاً أو تخطط لإنجاب أطفال، أو عن عمرك أو أصولك العرقية. فربما يحاول المحاوِر التحدث معك عن قضايا شخصية، وهو لا يدري أنه ليس من حقه أن يسألك عنها، مع أن جهله لن يكون أبداً مبرراً لطرح هذه المواضيع. كما أن إجابتك عن هذا النوع من الأسئلة قد يؤدي إلى تحيّز غير مقصود ضدك بصفتك مرشحاً.

لذا حضّر إجابات عامة مسبقاً كي توظفها في توجيه الحوار بلطف نحو نطاق خبرتك ومهاراتك، مثل: “أنا متحمّس لهذه الوظيفة وتقديم خبرتي لشركتك، وسأرحّب بالتعرف أكثر عليك وعلى فريقك”، لربّما يفهم المحاوِر رسالتك ويعود إلى طرح الأسئلة التي لها علاقة بالوظيفة. وإذا لم يفعل ذلك فيمكنك أن تكون صريحاً أكثر وتقول له: “أنا على يقين أنني أستطيع الإجابة عن السؤال، لكنني لست متأكداً من علاقته بالوظيفة”.

حوّل مسار الأسئلة

إذا طُرحت عليك أسئلة غير لائقة توحي بإساءة بسيطة إليك، ولم تكن قادراً على مواجهة المحاوِر بها صراحة، فأمامك خيار بديل هو توجيه الحوار نحو الحديث عن المحاوِر نفسه وخبرته. سيمنحك ذلك فرصة تحويل مسار الحوار والتفكير ملياً في الموقف لاحقاً (بدلاً من الإجابة الفورية).

فإذا سألك محاوِرك على سبيل المثال قائلاً: “من أي بلد أنت؟” يمكنك أن تجيب: “لقد استمتعتُ فعلاً بالعيش في مدينتك في السنوات القليلة الماضية. ما الذي جاء بك إلى هذه المنطقة؟”

وإذا كنت قادراً على دفع المحاوِر إلى التركيز على أسئلتك، بناءً على ما هو مطلوب منك، فسيؤدي ذلك إلى صرف انتباهه غير المريح عنك. وغالباً ما ينجح هذا الأسلوب لأن الأبحاث تُظهر أن الناس يعجبهم الحديث عن أنفسهم. كما تُبين الدراسات أيضاً أن المحاوِر يتقبّل تحويل اتجاه الحوار، حتّى إن ساده التوتّر، بإيجابية أكبر مقارنة برفض الإجابة، بل يمكن أن يسهم هذا التحويل في بناء الثقة بينه وبين المرشح.

يمكنك إذاً أن تسأل محاورك عن تاريخ بداية عمله في الشركة، وعمّا يعجبه فيها، أو أن تسأله عن النصيحة التي يمكن أن يقدمها للمرشحين، فعندما جرّبت هذا الأسلوب خلال المقابلة التي تحدثت عنها في بداية هذا المقال صرّح محاوري أنه يفضل أن يكون صارماً في العمل. فاغتنمت هذه الفرصة من أجل التعمّق أكثر في الموضوع،

وسألته: “وما شعورك حيال لعب دور الشخص الشرير في مكان عمل تحبه كثيراً؟”، وبمجرد أن طرحتُ هذا السؤال لاحظت تغيّر فحوى الحوار.

ضع في اعتبارك تأثير تجربة المقابلة على اهتمامك بالوظيفة

عندما تفكّر في هذا اللقاء ضع في اعتبارك تأثير التجربة السلبية على اهتمامك بالوظيفة. فقد يكون التحيّز صادراً عن شخص واحد فقط، وسيكون من مصلحتك أن تكون حذراً لأنك قد تواجه تحدّي العمل معه في المستقبل. وإذا واجهت صعوبات في هذه المقابلة فقد يكون ذلك إنذاراً لك بطبيعة ثقافة الشركة التي ستعمل فيها موظفاً بدوام كامل.

ففي المرات القليلة التي لم أثق فيها بحدسي خلال مقابلة العمل وقبلت الوظيفة، واجهت المشاكل لاحقاً. لذا تذكّر دائماً أنك تقيّم الشركة في هذه المقابلة مثلما تخضع أنت للتقييم تماماً.

يمكن أن تؤثر هذه المواقف فيك وإن كنت لا أتمنى لك ذلك، فكن جاهزاً لمواجهة تحيّز المحاوِر ومستعداً لمحاوِر صعب المراس، ومستعداً أيضاً لرفض هذه الوظيفة المحتملة إذا قابلته.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .