4 أشياء يجيد قادة التغيير الناجحون فعلها

5 دقائق
مزايا القائد الناجح
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

إليك هذا المقال الذي يتحدث عن مزايا القائد الناجح تحديداً. نحن نعلم أن ثلثيّ جهود التحوُّل واسعة النطاق تبوء بالفشل. لكن هذه ليست معلومة مفيدة بشكل كبير، إلا إذا كنا نبحث عن تأكيد على أن هذا الأمر صعب للغاية. الشيء المفيد هو إدراك ما يمكن أن يفعله المدراء لزيادة احتمالات ألا تكون شركاتهم من بين ثلثي الشركات التي تفشل. ومن خلال أبحاثي وعملي مع شركات تقود مبادرات التحول واسعة النطاق في جميع أنحاء العالم.

مزايا القائد الناجح

إليكم أربعة أشياء وجدت أن جميع قادة التغيير الناجحين تقريباً يجيدون فعلها:

التعرف على التوترات والمفارقات الضمنية

غالباً ما يبلي المهنيون الأذكياء والبارعون والأقوياء بلاءً حسناً في مناصبهم حتى يصلون في مؤسساتهم إلى مستوى يواجهون فيه سلسلة من التوترات والمفارقات الضمنية التي تجعل القيادة بكفاءة أكثر تعقيداً. وتُعد أكثر المفارقات شيوعاً التي يواجهها المدراء عند قيادة جهود التحوُّل هي:

1- التنشيط والتجديد في مقابل سير الأمور بالطريقة الطبيعية. في صميم كل مبادرة تغيير تكمن الرغبة في بث حياة جديدة داخل المؤسسة لإعادة تنشيط أساليب التفكير والتصرف والعمل. لكن غالباً ما تتحول مبادرة التغيير الواحدة إلى العديد منها وقبل أن يمر وقت طويل يصبح الموظفون “مرهقين من التغيير”. وبالتالي نجد أنفسنا في حالة النزاع التي نحتاج فيها إلى التنشيط والتجديد ولكننا نرغب في سير الأمور بالطريقة الطبيعية.

2- العولمة مقابل التبسيط. إن ممارسة الأعمال التجارية في الوقت الحالي تعني ممارستها على مستوى العالم، لكن التعقيدات التي تسببها العولمة غالباً ما تتعارض مع حاجة المؤسسات إلى تبسيط التعامل مع العملاء. يسعى القادة جاهدين لإنشاء استجابات تنظيمية تلبي الحاجة إلى إتقان العولمة مع تحقيق التبسيط الأمثل للزبائن والموظفين.

3- الابتكار مقابل التنظيم. أصبحت العديد من المؤسسات -وخاصة في أعقاب الأزمة المالية العالمية- مُثقلة بمحاولة ممارسة الأعمال التجارية، ناهيك عن الابتكار، في ظل بيئات خاضعة للتنظيم بشكل متزايد. هذا عبء ثقيل وخانق لقدرة الشركة على إيجاد أساليب مبتكرة لتلبية احتياجات الزبائن. وعلى هذا النحو، فإننا نعاني مع الصراع بين الرغبة في تعزيز الابتكار والحاجة إلى العمل في ظل تنظيم متزايد.

4- التحسين مقابل الترشيد. لا يتمتع الزبائن بالمزيد من القوة في الوقت الحالي فحسب، بل -في بعض الصناعات- يبدو أنهم يتمتعون بكل القوة. تسعى المؤسسات جاهدة لتوفير حلول أفضل وأسرع وأرخص ومخصصة بشكل متزايد. ويصبح القادة عالقين في معاناة لا نهاية لها لتسوية الصراع بين تحقيق الاستفادة القصوى للعملاء وترشيد تكاليف ممارستهم للأعمال التجارية.

5- الرقمنة مقابل الأنسنة. تقع التكنولوجيا المتقدمة في صميم نموذج كل شركة تقريباً في الوقت الحالي. إذ تجري رقمنة سلاسل القيمة بالكامل. ومع ذلك، تظهر الرقمنة واسعة الانتشار في الوقت نفسه الذي يتوق فيه الأفراد إلى الشعور بمغزى في مؤسساتهم. يعاني القادة في كيفية التوفيق بين الحاجة المتزايدة إلى رقمنة نماذج أعمالهم مع محاولة خلق مناخات تنظيمية يسودها إحساس أصيل بالأنسنة؛ ما يخلق إحساساً شاملاً بالهدف والطموح الجماعي.

يتقبل قادة التحوُّل الناجحون هذه التوترات على الرغم من أنها تجعل التحدي أكثر تعقيداً. لا توجد حلول سهلة، ومع ذلك فإن التزام القادة بالمساعدة في تسوية هذه التوترات أمر بالغ الأهمية. هذا يعني أنه قبل كل شيء يجب الالتزام بحملة تواصل واستماع مستمرة حتى يعرف الناس ما يجري وكيف يساهمون في جهود التحوُّل وأنهم مدعوون لفعل ذلك. تبدأ هذه العملية من جانب الرئيس التنفيذي وفريق الإدارة العليا من خلال رواية قصص قوية ومقنعة عن أين كانت الشركة وأين أصبحت الآن وإلى أين تحتاج الوصول ولماذا. لكنها لا تنتهي عند هذا الحد. يجب أن يكون كبار القادة مستعدين لفتح البوابات الواسعة حتى يمكن للمدراء والموظفين الأقرب من مواجهة العميل التعامل مع هذه التوترات ومناقشتها بصراحة. وفي حين أن هذا قد لا يحل التوترات والمفارقات، فإنه يمكِّن الأشخاص على الأقل من الاعتراف بوجودهم والاستماع إلى اهتماماتهم ومناقشة الأساليب الاستباقية للمضي قدماً معاً.

مساءلة الجميع من مزايا القائد الناجح

لا يمكن أن تنتهي قيادة جهود التغيير عند مستوى الإدارة العليا أو مستوى أعلى 100 مدير أو حتى أعلى 1,000 مدير. إذ يجب أن يكون ارتباطاً شاملاً للجميع. يجب أن يشير قائد التغيير إلى أن التحوّل على مستوى المؤسسة سيكون مجهوداً جماعياً مع توزيع المساءلة في جميع أرجاء المؤسسة.

لكنه أمر يسهل قوله أكثر من فعله؛ لذلك يجب أن يكون قادة التغيير مستعدين لدعم تصريحاتهم بمبادرات حقيقية من شأنها أن تعزز الاندماج. على سبيل المثال، عندما أطلقت “مؤسسة هس” (Hess Corporation) الأميركية للطاقة مبادرة التغيير الخاصة بها لعام 2020، تحدى الرئيس التنفيذي للمؤسسة جون هس فريق القيادة الخاص به بالكامل للتوصل إلى حلول تجعل الشركة أكثر مرونة ووعياً بالتكاليف وأسرع في اتخاذ القرارات. ولتقليل الضجر المصاحب للتغيير والناتج عن تكرار الجهود دون داع، أنشأ هس فريق أبطال مسؤول عن تنسيق مجموعة متنوعة من الجهود الجارية.

الاستثمار في القدرات التنظيمية الجديدة

يجب على قادة التغيير أن يتجاوزا حدود الجهود المبذولة في سرد القصص والتحفيز والتعبئة، فهم بحاجة إلى توفير الموارد حتى يصبح لدى المؤسسة ما تحتاج إليه للفوز في البيئة الجديدة. قد يشمل هذا إجراء تحسينات في رأس المال وإجراء تحسينات في العمليات وبناء قدرات مواهب جديدة.

على سبيل المثال، ولمدة ثلاثة عقود حتى عام 2010، اتبَّع بنك “آتش إس بي سي” بنجاح استراتيجية نمو وقدرة تنظيمية أُسِسَّت بناء على عمليات الاستحواذ. مع ذلك، ومع إجرائهم عمليات الاستحواذ واحدة تلو الأخرى، فشل القادة داخل بنك “آتش إس بي سي” في تطوير ثقافة الشركة الواحدة؛ ما جعل من الصعب دمج عروضه في قاعدة عملاء متزايدة الطلبات. على هذا النحو، وضع ستيفن غرين، رئيس مجلس إدارة البنك آنذاك، الشركة على مسار دعا إلى تباطؤ كبير في عمليات الاستحواذ، على الأقل حتى يجري دمج المحفظة الاستثمارية الحالية للشركات وتعزيز ثقافة أشار إليها غرين باسم “الإدارة الجماعية”. كان هذا يعني بناء قدرات تنظيمية جديدة قائمة على التعاون والتفكير في العميل أولاً، وهو ما لم يكن يعني تطوير أنظمة وعمليات جديدة فحسب، بل بناء عقلية جماعية من شأنها أن تحوِل الطموح لتطوير ثقافة الشركة الواحدة إلى حقيقة.

التأكيد على التعلم المستمر

الحديث عن التنشيط والتجديد أسهل بكثير من فعله في الواقع. فالشركات التي تنجح في ذلك يكون لديها قادة تحوُّل ملتزمون بالتعلُّم المستمر.

ولعل أفضل مثال أعرفه لقائد تحُّول ناجح بشكل ملحوظ هو آلان مولالي، الذي لم يقد جهود التحوُّل بنجاح في شركة “بوينغ” الأميركية للطائرات التجارية فحسب، بل قاد أيضاً التحوُّل المذهل في شركة “فورد” الأميركية للسيارات. سيكون مولالي أول من يصِّر على أن التحوُّل الناجح لشركة فورد لم يكن إنجازه وحده بل إنجازاً جماعياً للآلاف من أصحاب المصلحة، بمن فيهم الموظفون والموردون والتجار والنقابات والمؤسسات المالية وأعضاء مجلس الإدارة وغيرهم. كان مولالي يؤمن إيماناً عميقاً بفلسفته الخاصة “القيادة معاً” بفضل خبراته مع شركة بوينغ، لكن هذا الأمر أصبح أهم في شركة “فورد”؛ بسبب كثرة عدد أصحاب المصلحة ووجود ثقافة الاقتتال السياسي التي كانت قد أصبحت مؤذية للشركة. لم يسمح مولالي بأي من ذلك. إذ جمع كبار مدرائه معاً أسبوعياً لتقييم المشكلات وسير العمل، من خلال عملية التنفيذ الخاصة بها التي أطلق عليها “خريطة طريق إنتاج القيمة”. اتبَّع مولالي -الذي لقي مقاومة شديدة في البداية بسبب الخوف من الاعتراف بالمشكلات- هذا المسار ووثق أن هؤلاء الذين كانوا شجعان بما فيه الكفاية للاعتراف أنهم كانوا بحاجة إلى المساعدة، أثبتوا بالفعل أنهم من نوعية القادة التي كان يبحث مولالي عنها من أجل مستقبل “فورد”. في كل اجتماع، سُئِل المدراء: ما الذي تعلمناه من الإفصاح عن المخاوف وتصحيح المسار، ومن حل المشكلات معاً على وجه الخصوص؟ ومن خلال الجمع بين التركيز المتواصل على التنفيذ واتخاذ القرارات الصعبة مع التركيز بالقدر نفسه من الأهمية على التعلم المستمر، نجح مولالي في تحويل فورد من شركة محتضرة على وشك الإفلاس إلى واحدة من أنجح شركات السيارات في العالم الآن.

تؤدي الاستفادة من هذه الأنشطة الأربعة -بالتزامن مع وضع إطار لجهود التحوُّل كتحد جماعي يجب مواجهته معاً- إلى إحداث تغيير إيجابي على المدى الطويل، وهو أمر مهم لأن رحلة التحوُّل رحلة لا تنتهي أبداً بالنسبة لمعظم الشركات اليوم. في نهاية المطاف، تخلق هذه الممارسات ثقافة المرونة التي ستحقق أرباحاً في المستقبل وتعتبر من أهم مزايا القائد الناجح بالفعل، إذ يصبح التغيير واسع النطاق بمثابة قدرة تنظيمية وليس وصفة لفشل الإدارة.

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .