ما معنى حوكمة الشركات؟ وما هي مبادئها؟

5 دقائق
معنى حوكمة الشركات
shutterstock.com/optimarc
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ما معنى حوكمة الشركات؟ تعرّف حوكمة الشركات بأنها “النظام المتبع لإدارة المؤسسات ومراقبتها”، أو باختصار هي “إدارة أساليب إدارة المؤسسة”.

تنطوي حوكمة الشركات في أساسها على مسؤوليات أعضاء مجلس الإدارة وجزء كبير من العمل المتعلق بالإشراف على الاستراتيجية والأداء والثقافة.

كما أنها موضوع دراسة مثير للاهتمام ومحور لكثير من المؤلفات التي نُشرت في الأعوام الأخيرة، والتي تحدث الكثير منها عن الحوكمة الفاسدة.

بغضّ النظر عن نوع الشركة أو حجمها أو غايتها، يحمل جميع أعضاء مجلس الإدارة مسؤولية ضمان أن تتلاءم ممارسات الحوكمة مع غاية المؤسسة.

وصف بسيط لحوكمة الشركات

حوكمة الشركات هي المسائل التي يتناولها مجلس الإدارة ويعدّ التقارير حولها.

يمكن أن تشكّل فعالية مجلس الإدارة الناجح ميزة تنافسية مهمة للمؤسسة، ولذلك تتمتع عملية اختيار أعضاء المجلس بأهمية بالغة.

لفعالية مجلس الإدارة مجالات كثيرة يتمثل أحدها في التركيز الاستراتيجي.

يجب أن يتوقع المجلس احتياجات المؤسسة ودرجة استدامتها في المستقبل وتطوير مهمة ورؤية شاملتَين.

ويجب أيضاً أن يلتمس الكثير من الإسهامات المتنوعة من مختلف أعضاء الفريق ويستمع إليهم بإمعان.

وأخيراً يجب أن يمنح أعضاء مجلس الإدارة الأولوية لمصالح المؤسسة قبل أي احتياجات فردية.

ويجب أن يفهم جميع أعضائه أدوارهم ومسؤولياتهم بوضوح.

ما هي حوكمة الشركات الرشيدة؟

تعني الحوكمة الرشيدة أيضاً أن يتمعن أعضاء مجلس الإدارة في السوق والبيئات التنظيمية والاجتماعية المحيطة، من أجل بناء الممارسات والإجراءات التي تلبي الاحتياجات المستدامة لدى أصحاب المصالح كافة.

يتعين على أعضاء المجلس الإجابة عن 3 أسئلة مهمة تشكل جزءاً من عملهم في الحوكمة:

  1. من يمسك بزمام الأمور في الشركة، ومن يتخذ القرارات؟
  2. هل القرارات التي تُتخذ في الشركة سديدة؟
  3. كيف يتقاضى الموظفون ومدراء الإدارة أجورهم، وما هي الضوابط المعتمدة لضمان تلبية مصالح جميع المعنيين؟

سندرك الأهمية الحاسمة للحوكمة الرشيدة إذا ما نظرنا إلى آثار الحوكمة الفاسدة التي تبث الشك في عمليات الشركة وقدرتها على توليد الأرباح.

تسعى الحوكمة الرشيدة إلى الموازنة بين الأهداف الفردية والاجتماعية والاقتصادية من أجل ضمان تحقيق النتائج الإيجابية والمستدامة لجميع الأطراف.

أمثلة عن الحوكمة الفاسدة في الشركات

امتلأت عناوين الأخبار على مدى العقد الماضي بفضائح الشركات الناتجة عن الحوكمة الفاسدة.

فشهدنا حوادث التحرش وسحب المنتجات والإهمال المؤسسي وعمليات الاحتيال الخطيرة التي تكشف المشكلات المتغلغلة في المؤسسات، وهي ليست حالات فردية.

في ظل التفاوت المتزايد في الدخل الذي نشأ بعد الركود الاقتصادي الكبير في عام 2008، تصرف كثير من الرؤساء التنفيذيين وقادة الشركات بطرائق مخزية ومدمرة لمؤسساتهم.

فيما يلي 5 أمثلة على تأثير الحوكمة الفاسدة في الشركات:

1. ​حالات الانتحار في شركة فوكس كون في عام 2010

أبلغ معمل شركة فوكس كون (Foxconn) في الصين، الذي يصنع أجزاءً من أجهزة آيفون وبلاي ستيشن 4 وإكس بوكس وان عن انتحار 14 موظفاً في عام 2010، أثرت الفضيحة في الشركات التي تتعامل مع الشركة ودمرت سمعتها، ومنها شركتا آبل وهيوليت-باكارد (Hewlett-Packard).

2. فضيحة الفساد في الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) عام 2015

في 27 من شهر مايو/أيار عام 2015، أدانت وزارة العدل الأميركية 14 مسؤولاً ومديراً تنفيذياً في الاتحاد الدولي لكرة القدم بالابتزاز والاحتيال الإلكتروني والتآمر لغسيل الأموال. وفقاً للائحة الاتهام التي أصدرتها وزارة العدل الأميركية وتتألف من 164 صفحة، تقاضى مسؤولو الاتحاد الدولي عام 1991 رُشا تزيد على 150 مليون دولار من المعلنين لمنحهم حقوق التسويق على مدى فترة محددة، وبلغ صافي خسائر الاتحاد 122.4 مليون دولار في 2015، و368.8 مليون دولار في 2016، و191.5 مليون دولار في 2017.

3. فضيحة الانبعاثات السامة في شركة فولكس فاغن عام 2015

ثبت أن نماذج سيارات شركة فولكس فاغن تصدر مركّبات غاز أوكسيد النيتروجين السامة بمستويات تتعدى المستوى القانوني بدرجة كبيرة، وتبين أن هذه السيارات مزودة ببرنامج إلكتروني غير قانوني يعدل أداءها في الاختبارات لضمان نجاحها، ويُقدر عدد السيارات التي كانت مجهزة بهذا البرنامج بنحو 11 مليون سيارة. فرضت الولايات المتحدة غرامة بقيمة 25 مليار دولار على الشركة التي بلغت خسائرها التشغيلية 1.77 مليار دولار في عام 2015.

4. حسابات الاحتيال في شركة ويلز فارغو

يقول مكتب حماية المستهلك المالية إن موظفي شركة ويلز فارغو (Wells Fargo) فتحوا حسابات ائتمان وودائع غير مرخصة يصل عددها إلى قرابة المليونين في الفترة بين شهري يوليو/تموز من عام 2015 وسبتمبر/أيلول من عام 2016. فتحت الشركة عشرات الآلاف من الحسابات من دون موافقة العملاء من أجل تلبية أهداف المبيعات وغيرها من التدابير التحفيزية، وإلى جانب نقل الأموال من الحسابات المرخصة إلى الحسابات غير المرخصة حمّلت العملاء رسوماً وتكاليف أخرى من دون علمهم.

نتيجة لفضيحة الحسابات الزائفة فُرضت غرامة على الشركة تزيد على ملياري دولار وتم طرد أكثر من 5 آلاف موظف وتنحى الرئيس التنفيذي، جون ستومف.

5. فضيحة شركتي فيسبوك وكامبريدج أناليتيكا

أفاد مقالان نشرا بصورة متزامنة في صحيفتَي الغارديان ونيويورك تايمز في 17 من شهر مارس/آذار عام 2018 بأن شركة كامبريدج أناليتيكا (Cambridge Analytica) جمعت بيانات أكثر من 50 مليون حساب على فيسبوك لمساعدة ترامب في حملته الانتخابية، وكانت شركة فيسبوك قد تورطت في عدة فضائح أخرى منذ عام 2015 ما أدى إلى زعزعة ثقة الأميركيين الذين يرى 44% منهم اليوم أنها تقسّم البلاد.

مبادئ حوكمة الشركات

حوكمة الشركات هي نظام يضمّ القوانين والممارسات التي تساعد على توجيه المؤسسة ومراقبتها.

يسعى مبدأ الحوكمة الرشيدة لتحقيق التوازن بين مصالح جميع المعنيين مثل العملاء والموردين والموظفين، وحوكمة الشركات هي المسؤولية الأساسية لمجلس الإدارة.

يخضع مدراء الإدارة اليوم إلى تدقيق عام متزايد، ويجب أن يدركوا المخاطر التي ينطوي عليها الوسط المحيط بهم، كما يجب أن يعملوا بطرق مسؤولة تتسم بالشفافية والعدل، ويتمثل أهم واجباتهم في ضمان أن يعمل الرئيس التنفيذي والفريق الإداري بما يتوافق مع القانون ومصالح الأطراف المعنية في آن معاً.

تعني ممارسة الحوكمة الرشيدة وضع قوانين وممارسات سليمة، وذلك في غاية الأهمية فيما يتعلق بالعلاقات مع المستثمرين لأنه يثبت لهم نزاهة الشركة ويساعدها على اكتساب ثقتهم.

كما أن الحوكمة الرشيدة التي تتسم بالشفافية تحقق الاستدامة المالية للمؤسسة على المدى الطويل، ومن الضروري توضيح ممارسات الحوكمة الرشيدة لأصحاب المصالح الخارجيين.

قدرة المؤسسة على توليد الأرباح ليست المجال الوحيد الذي يهتم المستثمرون به لضمان صحة المؤسسة وقوتها، إذ يجب أن تثبت الشركة أنها تتمتع بمستوى عالٍ من المواطنة من خلال ممارساتها المستدامة والأخلاقية في المجتمع، وهذا ما يُعرف بالحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات.

من المسؤول عن حوكمة الشركات؟

مجلس الإدارة هو الكيان المركزي المسؤول عن حوكمة الشركات، ولكن يمكن أن تكون اللجان التي يعينها المجلس مسؤولة عن جزء من العمل أيضاً.

يجب أن يضم المجلس مجموعة متنوعة من الأفراد القادرين على تبني رؤى جديدة في إدارة القضايا المختلفة التي تواجه الشركة، ومن المفترض أن يضم مزيجاً من المسؤولين التنفيذيين (مثل الرئيس التنفيذي) ورئيس مجلس الإدارة (من خارج الشركة يؤدي دور الصديق الناقد للرئيس التنفيذي) وأعضاء غير تنفيذيين (خبراء مستقلين يتم اختيارهم للاستفادة من مهاراتهم ونصائحهم).

يتمثل دور مجلس الإدارة في إدارة العلاقات بين مالكي المؤسسة ومدرائها وموظفيها لتفادي النزاعات ووضع معايير رفيعة للأداء وضمان اتباع الممارسات العادلة.

لماذا ينبغي للشركات الاستثمار في تحسين ممارسات حوكمتها؟

من دون الحوكمة الرشيدة يمكن أن تنحرف الشركة عن المسار بسرعة وتقع في كارثة، لذلك يفضل المستثمرون أن تستثمر الشركات في الحوكمة الرشيدة، ويعدّ عدم تعاون الشركة مع المدققين علامة تحذيرية خطيرة بالنسبة للمستثمرين والجهات الرقابية.

الآثار الإيجابية للحوكمة الرشيدة:

  • تنطوي حوكمة الشركات على الممارسات المطبقة والخاضعة لرقابة مجلس الإدارة الذي يعمل على ضمان اتباع الإدارة السليمة للمخاطر والشفافية والممارسات الأخلاقية.
  • تنطوي حوكمة الشركات على القوانين والممارسات التي تتحكم بالشركة.
  • تؤدي الحوكمة الرشيدة إلى تحقيق الشركة نمواً اقتصادياً ونجاحاً كبيرين، ورفع مستوى ثقة المستثمرين بالشركة وبالتالي زيادة قدرتها على جمع رأس المال، وتخفيض المخاطر وتحسين سعر السهم.

كيف تنضمّ إلى مجلس الإدارة؟

تخضع أدوار مجالس الإدارة وأعضائها ومسؤولياتهم إلى التدقيق العام المتنامي مع تزايد فضائح مجالس إدارة الشركات والمؤسسات الخيرية.

لذلك ينبغي لمن يود العمل في مجلس الإدارة فهم طريقة عمله ومسؤولياته في هذا الدور، ربما عن طريق الحصول على دبلوم في حوكمة الشركات.

بصورة أساسية، يحمل مجلس الإدارة مسؤولية الحوكمة والإدارة والتوجه الاستراتيجي والمساءلة في المؤسسة ككل.

يزداد الطلب على أعضاء مجلس الإدارة الذين يتمتعون بالفعالية والقدرة على تحمل المسؤولية في أسواق العالم كافة، وفي الأعوام الأخيرة ازداد الضغط الذي يمارسه المستثمرون على مجالس إدارة الشركات لتحسين أدائها، ونتوقع أن يستمر هذا التوجه فترة طويلة.

كما يتم تقييم مدراء الإدارة بصورة متزايدة من حيث معرفتهم بالقطاع وفهمهم للقضايا الصعبة مثل الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، وخبراتهم في تحويل الشركات.

سيزداد الضغط على المؤسسات لتفصح عن أولويات الكفاءة وخطط التعاقب الوظيفي في مجالس إدارتها ودرجة التنوع في مجموعة المرشحين للانضمام إليها.

المغزى واضح؛ يريد المستثمرون وأصحاب المصالح الآخرون مجالس إدارة فعالة تضم أشخاصاً يتمتعون بالمواهب المتخصصة والمهارات اللازمة.

نُشر هذا المقال بالتعاون مع معهد حوكمة الشركات (Corporate Governance Institute).

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .