ما تعلمته من عام دون رحلات عمل

4 دقائق
رحلات العمل

ملخص: كانت المؤلفة تعتبر نفسها رحّالة قبل الجائحة، إذ كانت تسافر حوالي 80 يوماً في السنة، وتُشرف على تربية طفليها الصغيرين في المنزل. وكانت رحلات العمل غير قابلة للتفاوض بحسب اعتقادها. وبعد أن مُنعت من السفر في العام الماضي وأُجبرت على أخذ قسط من الراحة بسبب الجائحة، مثّلت تلك الواقعة مصدر إلهام لها لإعادة التفكير في حياتها الشخصية والمهنية. وتوصي المؤلفة بـ 3 دروس رئيسية للمضي قدماً: (1) التركيز على تعزيز الصحة وقت السفر. (2) إعادة تنظيم الطقوس العائلية. (3) السفر بشكل أقل وأكثر ذكاءً. ونظراً لاستعدادنا للسفر مرة أخرى، ستساعدنا هذه الدروس في تقييم مدى جودة وقتنا وتحقيق التوازن بين وقت العمل ووقت العائلة وتبيّن لنا قيمة حضور الأحداث شخصياً.

من الغريب أننا كنا نعيش في عالم لم نكن نتخيل فيه تعذّر قدرتنا على السفر بانتظام من أجل العمل. ومثل الكثيرين الذين يعملون بكدٍ ليل نهار في أثناء تربية أسرهم، شكّل السفر للعمل معضلة دائمة ومصدراً للضغط. في الواقع، تشاركت أنا وزوجي جدول مواعيد “جوجل” مرمزٍ بالألوان ومعقد، لكنه سيطر على حياتنا بشكل كبير. وتضمن الجدول مواعيد الرحلات ومعلومات الفنادق، كما أنه شهد على عمليات التفاوض والتنسيق الإبداعي المستمر والمطلوب لنضمن أن يكون أحدنا في المنزل عندما يحين موعد نوم الأطفال.

كنت أعتبر نفسي رحّالة قبل الجائحة، إذ تطلب عملي الاستشاري السفر لحضور مؤتمرات القيادة خارج الولاية وتلبية احتياجات قائمة العملاء المتناثرة جغرافياً؛ وكنت أقوم في ذروة إنتاجيتي بـ 30 رحلة عمل سنوياً، وهو ما يعني قضاء حوالي 80 يوماً في السنة على طريق السفر.

وعلى عكس بعض أصدقائي الذين يتمتعون بالعقلانية، لم “أرفض” على الإطلاق رحلات العمل المؤقتة خارج المدينة، على الرغم من أن زوجي سافر من أجل العمل أكثر مما سافرت ولدينا طفلان صغيران. ومثّلت قدرتنا على التوفيق بين العمل والحياة الشخصية تحدياً حقيقياً بالفعل. لكن السفر بغرض العمل بدا غير قابل للتفاوض بالنسبة لي، إذ شعرت أن رفض السفر سيعرّض فرص إلقاء الخطابات ودخلي للخطر. ولم أستطع تخيل مسيرتي المهنية دون سفر، أو دون أن أكون على تواصل شخصي مع جماهيري.

أهم الدروس حول رحلات العمل ما بعد التوقف بسبب الجائحة

ثم حدث أن توقف جدول مواعيد سفري، كالعديد من الأفراد الآخرين. ومنذ أن استأنفت رحلات سفري قبل مدة وأنا أحاول رسم معالم مستقبلي. وقد شعرت بالإلهام بالفعل بعد أخذ استراحة من السفر مكّنتني من إعادة التفكير في حياتي الشخصية والمهنية. وأورد فيما يلي الدروس الثلاثة التي تعلمتها، وممارسات سألتزم باتباعها في المستقبل.

1. التركيز على تعزيز الصحة وقت السفر

وجد الكثير منا طرقاً لزيادة عاداتنا الصحية في أثناء الجائحة، سواء كان ذلك من خلال ممارسة اليوغا عبر الإنترنت أو الالتزام بتناول طعام أنظف. حدد التغييرات الصحية التي التزمت بها خلال هذا الوقت وولّد أفكاراً يمكنك تطبيقها على طريق السفر. هل يمكنك الاستمرار في ممارسة اليوغا خلال سفرك إذا استخدمت المنشفة التي في حقيبتك بدلاً من سجادة اليوغا؟ هل يمكنك حزم وجبات خفيفة صحية أو عناصر إفطار سهلة التحضير لمساعدتك في مواصلة التقدم المحرز في أهدافك الغذائية؟

اعتدت عندما كنت أسافر للعمل في الماضي ملء مخطط رحلاتي باجتماعات متتالية. وكنت أشعر بحلول الوقت الذي أعود فيه للمنزل أنني مستنزفة جداً لدرجة أنني لا أستطيع الجلوس مع زوجي وأطفالي الصغار. وتمثّل أحد أنشطتي المفضلة للحفاظ على صحتي العقلية والبدنية في أثناء الجائحة في السير مسافات طويلة في جميع أنحاء مدينة نيويورك. وبما أنني بدأت التخطيط للسفر مرة أخرى، أعتزم حجز فنادق بالقرب من المتنزهات أو الأحياء الجميلة التي يمكنني المشي فيها. أي بدلاً من اختيار الفنادق القربية من مركز المؤتمرات أو المطار، سأختار مكان إقامتي بناءً على فرص العافية الشاملة التي سيوفرها لي الفندق.

2. إعادة تنظيم الطقوس العائلية

علّمتنا الجائحة أنه حتى معارضي التكنولوجيا يمكنهم استخدام منصة “زووم” للتواصل. ويمكننا في الواقع الاستمرار في استخدام التكنولوجيا للتواصل مع أسرنا بمجرد سفرنا مرة أخرى.

لم أعد أشعر بالحاجة إلى تعويض الوقت الضائع مع عائلتي عندما بدأ الحجر الصحي، وذلك لأننا أمضينا وقتاً ممتعاً معاً خلال العام الماضي أكثر من أي وقت آخر. ويفضّل أفراد عائلتي اليوم أن نتناول وجبات الطعام معاً، حيث اعتدنا أن نجلس حول الطاولة، باستثناء مولودنا الجديد المشاكس، لنتشارك ما فعلناه في ذلك اليوم مع بعضنا البعض. كما اعتدنا تخصيص وقت للعائلة خلال اليوم نمارس فيه عزف الموسيقى ومشاريع الفنون والحرف اليدوية والتنزه في الحديقة.

وعلى الرغم من أننا لن نتمكن من ممارسة جميع طقوسنا الجديدة عند استئنافي السفر، أخطط لاستخدام التكنولوجيا للبقاء على تواصل مع أسرتي. على سبيل المثال، سأحزم بعض قصص الأطفال معي حتى أتمكن من الاتصال عبر برنامج “فيس تايم” مع زوجي وقراءة قصة لأطفالي قبل النوم. أخطط أيضاً لإعداد رسائل فيديو سريعة وإرسالها لأطفالي حتى يعرفوا كم أفتقدهم وأنني أفكر فيهم كل يوم.

3. السفر بشكل أقل وأكثر ذكاءً

وجدنا جميعاً طرقاً لمواصلة استضافة الدورات التدريبية والمؤتمرات وتقديم الخطابات في أثناء الجائحة. ومع مضينا قدماً في الحياة، ستبقى الأحداث والمؤتمرات الافتراضية خياراً إضافياً.

فكّر في سبب اتخاذك قراراً “بحضور” حدث بشكل افتراضي بدلاً من السفر لإثبات وجودك فيه. قد يعني ذلك وضع حد أقصى لعدد رحلات العمل التي تقوم بها سنوياً أو شهرياً إذا كان قطاعك يشهد موسم ازدحام العمل. وقد أعددت وزوجي في أثناء الجائحة قائمة مراجعة “لقواعد السفر” لمساعدتنا في تقييم الفرص التي تستحق السفر من أجلها وتلك التي لا تستحق عناء السفر، وهي مفيدة اليوم خاصة مع إعادة فتح أبواب العالم، وقدرتنا على السفر بانتظام مرة أخرى. استخدم قائمتنا كما هي، أو عدّلها بما يتناسب مع وضع أسرتك.

8 قواعد لقائمة مراجعة السفر:

سأسافر في حال استوفت رحلة العمل واحداً أو أكثر من هذه الشروط:

  1. الإطار الزمني المقترح خالٍ من أعياد الميلاد أو الإجازات أو الأحداث المدرسية الكبرى.
  2. سيُحدث حضور الاجتماع شخصياً فرقاً كبيراً في حياتنا المهنية.
  3. ستستغرق رحلة العمل أقل من 3 أيام.
  4. رحلة العمل نهارية، مع اجتماع منتصف النهار، وتستغرق أقل من 3 ساعات.
  5. ألا تزيد مدة الرحلة عن 4 إلى 6 ساعات.
  6. أن أحظى بإشعار مدته أسبوعين على الأقل للتخطيط للرحلة مع العائلة، وأعدّل جدول مواعيدي وفقاً لذلك.
  7. أن يكون زوجي في المنزل وقت العشاء وعندما يحين موعد نوم الأطفال.
  8. أن يكون لدينا وقت للتخطيط لتحويل رحلة العمل إلى إجازة يمكننا فيها اصطحاب أطفالنا معنا.

ساعدتني تلك القواعد في الشعور بالارتياح. لكنني سأكون كاذبة إذا قلت أنني لم أفتقد السفر للعمل. ومع سعيي لنشر كتابي لغة الجسد الرقمية (Digital Body Language)، أتشوق لقراءة ردود جمهوري في الوقت الحقيقي خلال سفري (وهو تحدٍ سأحاول المواظبة عليه من خلال الشاشات). لكن من الآن فصاعداً، لن أسافر لأسابيع متتالية كما اعتدت أن أفعل في فترة ما قبل جائحة “كوفيد”، ولن أفوّت أداء أطفالي وحفلاتهم والمسابقات التي يشاركون فيها.

وعندما أبدأ السفر مرة أخرى في رحلات العمل، أرغب في الاستمتاع بالتجربة الشاملة وفي أن أستغل الفرصة لإعادة تنظيم طقوس أسرتي. وكلي شوق لتحقيق التوازن بين السفر والأحداث الافتراضية. والأهم من ذلك كله، هو أنني مستعدة لمواصلة تنمية عملي وقضاء وقت ممتع مع أسرتي بغض النظر عن مكان وجودي.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .