لماذا “المحاولة” فقط لا تكفي؟

2 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

دعونا لا ننظر إلى قائد الشرطة في مدينة فيرغسون ضمن ولاية ميزوري الأميركية، بوصفه شرطياً بل بوصفه قائداً فاشلاً.

في البداية، لم يعد الضابط توماس جاكسون (Thomas Jackson)، قادراً على السيطرة على الوضع الأمني في مدينته، ما دعا حاكم ولاية ميزوري إلى أن يطلب من قائد شرطة الطرق السريعة الكابتن رونالد جونسون (Ronald Johnson)، تولي القيادة محل جاكسون، ويأتي هذا التطور بعد حالة الغضب الوطني تجاه رد فعل الشرطة ضد المحتجين الذين خرجوا في أعقاب إطلاق النار على الفتى مايكل براون (Michael Brown)، البالغ من العمر 18 عاماً.

الضابط فشل ومديره استبدله فحسب. الأمر غير مفاجئ، وبصراحة كان ذلك الإجراء بالنسبة للعديد من الناس مجرد خطوة صغيرة من خطوات عديدة يجب اتخاذها للمضي قدماً.

بوسعنا النظر إلى هذا الوضع من زوايا عديدة. سيذكّرنا المناضلون القدامى المحترمون في حركة الحقوق المدنية بأن كل هذا حصل بالفعل قبل 50 عاماً. وبالمثل سيذهب كثيرون، كما قالت مجلة الإيكونومست (The Economist newspaper)، الإنجليزية الرصينة، إلى القول: “إن الشرطة الأميركية باتت ذات نزعة عسكرية مفرطة”.

لكن الشيء الذي ظل عالقاً في ذهني هو الطريقة التي أجاب بها قائد الشرطة على النقد الموجه إلى إدارته بأن معظم القوات لديه كانوا من الأشخاص ذوي البشرة البيضاء وبنسبة تقارب 100%، حيث قال إن إدارته “حاولت دائماً تحسين التنوع بين صفوف العناصر والضباط”، بل إنه زعم أن “الإدارة كانت تواجه معاناة حقيقية في تعيين الموظفين والاحتفاظ بهم”.

وأكثر كلمة صدمتني كانت “حاولت“.

عندما يقول القادة إنهم “يحاولون” تحقيق هدفهم لكنهم غير قادرين على ذلك، فإنهم يعنون أن الأمر ليس من بين أولوياتهم، وهم لا يفعلون شيئاً سوى الحديث عنه. فالافتراض هو أن القضية مهمة، لكن عندما يتعلق الأمر باتخاذ إجراءات عملية وملموسة، تظل مهملة دائماً. وعندها فإن هؤلاء القادة المفترضين سيشيرون إلى العوامل المعنية، ملمحين إلى أن المشكلة تقع خارج نطاق سيطرتهم.

صحيح أنني أؤمن بأن قادتنا يقولون كلماتهم تلك بنية حسنة، ولكن ما يصدمني هو إلى أي مدى تظل الأهداف عبارة عن مفاهيم نظرية عوضاً عن أن تكون إجراءات عملية ملموسة ومنتجة.

والسبب هو أنه إذا كان هناك أمر مهم بالنسبة لك حقاً، فإنك ستفعل شيئاً بشأنه.

دعونا نتذكر أن القيادة وقبل أي شيء آخر تعني الالتزام. ففي نهاية المطاف، يقرر القادة ما يجب أن نفعله. وبوسع القادة اتخاذ إجراءات تخص التزاماتهم من خلال تحديدهم لسلم الأولويات وتوجيههم للمزيج المتوفر لديهم من الوقت والطاقة والتركيز، وفوق كل شيء، الموارد المتاحة.

هل التغيير ممكن؟

ربما تظن أن “الحصول على أفضل المواهب” يعني انتقاء الأشخاص بغض النظر عن عرقهم أو لون بشرتهم. ولكن من الناحية العملية، قولك إنك غير قادر على العثور على “أفضل الناس” وفي الوقت ذاته توظيف أشخاص مختلفين عنك دليل على تحيزك. ولنتذكر أننا جميعاً متحيزون بطريقة ما. وهذا أمر تثبته البحوث العديدة، وفقط عندما نعترف بالأمر سنتمكن من معالجته، فلا أحد منا يشق طريقه نحو السلوك الأفضل بعفوية، إنما نحقق نتائج جديدة من خلال سلوكنا المتعمد والمقصود.

إن فيرغسون هي مثال مأساوي يشير إلى مدى أهمية أن يكون القادة واعين تماماً عند بناء فريق يعتمد على التنوع والاختلاف وأن تكون عملية البناء هذه متعمدة وليست عفو الخاطر، فعندما لا نحترم الاختلافات ونضمن التنوع في فرقنا، سواء تعلق الأمر بالمرأة، أو الأشخاص ذوي البشرة الملونة، أو أبناء الطوائف والأعراق المختلفة، فإننا سندفع ثمناً غالياً جراء ذلك. لا أحد منا بوسعه الجزم بأن وجود قوة شرطة تمثل مدينة فيرغسون تمثيلاً حقيقياً كان سيجعلنا نتفادى ما حصل فيها هذا الأسبوع. لكن لو وُجدت تلك القوة، فبالتأكيد كانت ستغير مسار الأحداث التي تلت ذلك.

فاستعمال كلمة “حاولنا” أو “نحاول” لم يعد كافياً. بل استعمالها لم يكن كافياً من قبل. ونحن نحتاج إلى توقع المزيد من جميع قادتنا.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .