$User->is_logged_in:  bool(false)
$User->user_info:  NULL
$User->check_post:  object(stdClass)#7065 (18) {
  ["is_valid"]=>
  int(1)
  ["global_remaining_posts_to_view"]=>
  int(0)
  ["remaining_posts_to_view"]=>
  int(0)
  ["number_all_post"]=>
  int(0)
  ["number_post_read"]=>
  int(0)
  ["is_from_gifts_balance"]=>
  int(0)
  ["gifts_articles_balance"]=>
  int(0)
  ["all_gifts_articles_balance"]=>
  int(0)
  ["gifts_read_articles"]=>
  int(0)
  ["exceeded_daily_limit"]=>
  int(0)
  ["is_watched_before"]=>
  int(0)
  ["sso_id"]=>
  int(10335)
  ["user_agent"]=>
  string(9) "claudebot"
  ["user_ip"]=>
  string(13) "34.201.37.128"
  ["user_header"]=>
  object(stdClass)#7072 (44) {
    ["SERVER_SOFTWARE"]=>
    string(22) "Apache/2.4.57 (Debian)"
    ["REQUEST_URI"]=>
    string(106) "/%D9%84%D8%BA%D8%B2-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D9%88%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9/"
    ["REDIRECT_HTTP_AUTHORIZATION"]=>
    NULL
    ["REDIRECT_STATUS"]=>
    string(3) "200"
    ["HTTP_AUTHORIZATION"]=>
    NULL
    ["HTTP_HOST"]=>
    string(13) "hbrarabic.com"
    ["HTTP_ACCEPT_ENCODING"]=>
    string(8) "gzip, br"
    ["HTTP_X_FORWARDED_FOR"]=>
    string(13) "34.201.37.128"
    ["HTTP_CF_RAY"]=>
    string(20) "86b61b070c780766-FRA"
    ["HTTP_X_FORWARDED_PROTO"]=>
    string(5) "https"
    ["HTTP_CF_VISITOR"]=>
    string(22) "{\"scheme\":\"https\"}"
    ["HTTP_ACCEPT"]=>
    string(3) "*/*"
    ["HTTP_USER_AGENT"]=>
    string(9) "claudebot"
    ["HTTP_CF_CONNECTING_IP"]=>
    string(13) "34.201.37.128"
    ["HTTP_CDN_LOOP"]=>
    string(10) "cloudflare"
    ["HTTP_CF_IPCOUNTRY"]=>
    string(2) "US"
    ["HTTP_X_FORWARDED_HOST"]=>
    string(13) "hbrarabic.com"
    ["HTTP_X_FORWARDED_SERVER"]=>
    string(13) "hbrarabic.com"
    ["HTTP_CONNECTION"]=>
    string(10) "Keep-Alive"
    ["PATH"]=>
    string(60) "/usr/local/sbin:/usr/local/bin:/usr/sbin:/usr/bin:/sbin:/bin"
    ["SERVER_SIGNATURE"]=>
    string(73) "
Apache/2.4.57 (Debian) Server at hbrarabic.com Port 80
" ["SERVER_NAME"]=> string(13) "hbrarabic.com" ["SERVER_ADDR"]=> string(10) "172.21.0.4" ["SERVER_PORT"]=> string(2) "80" ["REMOTE_ADDR"]=> string(14) "162.158.86.120" ["DOCUMENT_ROOT"]=> string(13) "/var/www/html" ["REQUEST_SCHEME"]=> string(4) "http" ["CONTEXT_PREFIX"]=> NULL ["CONTEXT_DOCUMENT_ROOT"]=> string(13) "/var/www/html" ["SERVER_ADMIN"]=> string(19) "webmaster@localhost" ["SCRIPT_FILENAME"]=> string(23) "/var/www/html/index.php" ["REMOTE_PORT"]=> string(5) "44702" ["REDIRECT_URL"]=> string(38) "/لغز-الأسواق-الجديدة/" ["GATEWAY_INTERFACE"]=> string(7) "CGI/1.1" ["SERVER_PROTOCOL"]=> string(8) "HTTP/1.1" ["REQUEST_METHOD"]=> string(3) "GET" ["QUERY_STRING"]=> NULL ["SCRIPT_NAME"]=> string(10) "/index.php" ["PHP_SELF"]=> string(10) "/index.php" ["REQUEST_TIME_FLOAT"]=> float(1711613026.482202) ["REQUEST_TIME"]=> int(1711613026) ["argv"]=> array(0) { } ["argc"]=> int(0) ["HTTPS"]=> string(2) "on" } ["content_user_category"]=> string(16) "paid_subscribers" ["content_cookies"]=> object(stdClass)#7073 (3) { ["status"]=> int(0) ["sso"]=> object(stdClass)#7074 (2) { ["content_id"]=> int(10335) ["client_id"]=> string(36) "e2b36148-fa88-11eb-8499-0242ac120007" } ["count_read"]=> NULL } ["is_agent_bot"]=> int(1) }
$User->gift_id:  NULL

لغز الأسواق الجديدة

15 دقيقة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio
شهد العالم على مدار العقدين الماضيين ولادة عدد غير مسبوق من الأسواق الجديدة.

حققت تقنيات مثل الخدمات السحابية وروبوتات المستودعات والهواتف الذكية نجاحاً ملحوظاً في إعادة تحديد ملامح قطاعات كاملة وتسببت في تقادم بعض فئات الأعمال العتيقة، ومن المتوقع استمرار عهد بزوغ أسواق جديدة في المستقبل القريب نتيجة استمرار ظهور ابتكارات مستحدثة، بدءاً من الطائرات المسيّرة المستخدمة في الأغراض التجارية والشاحنات ذاتية القيادة، وانتهاءً بالواقع الافتراضي والواقع المعزز والبدائل النباتية للحوم.

ومن وجهة نظر استراتيجية، فإن الأسواق الجديدة تشبه الثقوب الدودية التي تصورها لنا قصص الخيال العلمي، والتي لا تخضع لقواعد الزمان والمكان المعتادة. وفي الأسواق الجديدة، يصعب الإجابة عن الأسئلة التي تحدد الشكل النمطي لاستراتيجية الشركة، مثل طريقة خوضها للمنافسة وكيفية تحقيقها للنجاح، وربما تجد الشركات الكبرى التي تستثمر ملايين الدولارات أنها محاصرة وسط سيل من الشركات الناشئة، وربما نرى فائزي اليوم هم خاسروا الغد، ولا شك أن شركة “باي بال”، على سبيل المثال، هي الآن الشركة الرائدة في قطاع خدمات الدفع عبر الإنترنت، ولكن بالعودة للسنوات الأولى التي شهدت نشوء هذه السوق كان المنافس الأكبر لها شركة تسمى “بل بوينت” (Billpoint). أما في قطاع الهندسة الوراثية فإن شركة “23 آند مي” (23andMe) هي التي تحتل مركز الصدارة منذ مرحلة مبكرة، ولكن تظل معرفة من سيهيمن على هذا السوق في نهاية المطاف أمراً مجهولاً.

تُعد فكرة غزو رواد الأسواق الجديدة لميادين جديدة تماماً غير واضحة المعالم ودون استخدام أدوات ملاحية موثوقة أمراً مغرياً، ولكننا اكتشفنا أمراً غير متوقع خلال بحثنا عن أنماط النجاح والفشل في الأسواق الجديدة، وأجرينا على مدار السنوات القليلة الماضية أكثر من 200 لقاء مع رواد الأعمال ومبتكري الشركات في مجالات شتى من بينها علم الهندسة الوراثية والواقع المعزز وصولاً إلى الطائرات المسيرة والقطاع المالي القائم على التكنولوجيا الحديثة (“التكنولوجيا المالية”)، وتبين لنا أن الرواد الأكثر نجاحاً يتبعون القواعد الضمنية ذاتها ويتشاركون سلوكيات محددة، وغالباً ما تأتي هذه القواعد والأنماط على خلاف المبادئ التقليدية للاستراتيجيات وبُنَى الأعمال، ولاحظنا أنهم يطمحون للتوصل إلى إطار استراتيجي جديد يمكنه مساعدة المبتكرين الآخرين على رسم مسارهم في أسواق جديدة وتجنب المزالق التي تكتنفها.

سلوك رواد السوق الجدد الناجحين يحمل تشابهاً مذهلاً مع سلوك الأطفال الصغار.

[su_box title=”فكرة المقالة باختصار” style=”soft” box_color=”#3831c1″ title_color=”#000000″ radius=”6″]

التحدي

يجد المسؤولون التنفيذيون صعوبة في صياغة استراتيجيات ونماذج عمل للأسواق الناشئة حديثاً لأن قوى المنافسة هناك في حالة تغير مستمر، وفي مثل هذه البيئات لا تكفي المنهجيات الاستراتيجية التقليدية لتحقيق النجاح.

الاستنتاج

أثبتت الأبحاث أن أنجح الممارسات التي تنتهجها الشركات الناشئة في الأسواق الجديدة هي ما نسميه اللعب الموازي، فهم يستكشفون عالمهم ويختبرونه بالطريقة التي يمارسها الأطفال الصغار.

التطبيق العملي للمفهوم

دعك من التمايز مبدئياً، وركّز بدلاً من ذلك على مراقبة سلوكيات الآخرين في السوق واقتبس منهم، وقم بإجراء تجارب مكثفة، ومن ثم التزم بنموذج واحد لتقديم قيمة مضافة، لكن احذر المضي قدماً بأقصى سرعة في هذا الاتجاه، واترك نموذجك منقوصاً عن قصد وانتظر حتى يستقر السوق قبل إجراء أي تحسينات.

[/su_box]

بدائل الاستراتيجيات التقليدية

يكمن جوهر استراتيجية التفكير التجاري التقليدي في اختيار أداء الأنشطة بصورة مغايرة لأداء المنافسين، فالاستراتيجية الناجحة تدفع الشركة بصورة ما لتقديم قيمة أفضل من تلك التي يقدمها أي شخص آخر، مثل خدمة مجموعة معينة من العملاء بصورة أكثر فاعلية أو لتقديم منفعة أكبر بتكلفة أقل أياً كان مصدر الميزة المقصودة، وتتمثل مهمة الاستراتيجية في تحديد المنافسين، سواء الحاليين أو المحتملين، ومن ثم التفوق عليهم. وتعزز شركات رأس المال المغامر (أو ما تسمى بشركات رأس المال الجريء) هذه العقلية من خلال مطالبة مؤسسي الشركات الناشئة بوضع قائمة بأسماء منافسيهم وشرح كيف يخططون لتمييز أنفسهم عن البقية.

إلا أن هذا المنهج لا يجدي نفعاً في الأسواق الجديدة، فحينما ينشأ سوق (أو فئة أعمال)، تعجز الشركة في البداية عن تحديد أهم نقاط التميز في نظر العملاء، علاوة على أن المنافسة عادة ما تكون بين مجموعة من المشاريع الصغيرة لا تزال جميعها في البدايات، ولا ينطبق عليها الأطر الاستراتيجية التقليدية، ومن خلال تحليل القوى الخمس الشهيرة لمايكل بورتر التي تؤثر على البيئة التنافسية، وهي: المنافسين الحاليين، وقوة التفاوض مع الموردين والعملاء، والبدائل المتوفرة، والمنافسين الجدد، فمن المقبول تحقيق إنتاجية أقل عندما تكون تلك القوى في حالة تقلب مستمر وعرضة للظهور أو الاختفاء الفجائي. (وقد صرح بورتر بذلك في معرض حديثه عن القطاعات الحديثة قائلاً: “يشعر المدراء بالحيرة الشديدة بشأن احتياجات العملاء، والمنتجات والخدمات التي ستثبت الأيام كثرة الطلب عليها، وأفضل أسلوب لتقديم الأنشطة والتقنيات”).

يمكننا تعريف الشركات الراسخة بأنها تلك الشركات التي تمتلك نماذج عمل قائمة، تلك الشركات التي تعلم كيفية تقديم قيمة في مجال معين، ويظل السؤال الاستراتيجي الأساسي الذي يراودها هو كيفية القيام بذلك بطريقة تجعلها تتفوق على غيرها من المنافسين، وعلى النقيض من ذلك، تجهل الشركات في الأسواق الجديدة مكونات نموذج العمل الناجح، وتعجز معظمها عن الإجابة عن الأسئلة التقليدية: “من هو العميل؟” “ما القيمة التي ينتظرها العميل؟” و”كيف سنقدم هذه القيمة بتكلفة مناسبة؟” ربما يمتلكون الفرضيات، لكنهم يجهلون إمكانية نجاح تلك الفرضيات من عدمه.

انظر على سبيل المثال إلى الأيام الأولى لظهور فكرة النقل التشاركي في مستهل عام 2012 حين قدمت شركة “أوبر” سيارات سوداء يقودها سائقون برخص تجارية وبأسعار مرتفعة، كانت هناك شركة أخرى تُدعى “زيمرايد” (Zimride) تقدم خدمة التواصل بين الراغبين في مشاركة السيارات للجامعات والشركات، كما كانت هناك شركة تدعى “سايد كار” (Sidecar) تسعى لأن تصبح خدمة نقل متعددة الركاب والمحطات وتتميز بسائقين لديهم تراخيص عادية، ولكن لم يظل أي من نماذج العمل الناشئة تلك دون أن يمسها أي تغيير.

وتستلزم الحيرة التي تفرضها الأسواق الجديدة إطاراً مختلفاً للتفكير الاستراتيجي، أو ما يُسمى باللعب الموازي، وهو عبارة عن إلهام يأتي من وضع غير محتمل: مرحلة الطفولة المبكرة.

توصّل أخصائيو علم نفس الأطفال منذ فترة طويلة أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث وأربع سنوات يغلب عليهم التصرف بطريقة مميزة في الأوساط الاجتماعية، فهم يلعبون بالقرب من بعضهم البعض ولكنهم لا يتشاركون اللعب معاً، ويستمرون في مراقبة أفعال أقرانهم (ويقلدونها أحياناً) ولكنهم يعودون من جديد إلى مشاريعهم الخاصة، مثل استكمال بناء بالمكعبات أو صناعة زي تنكري من الملابس القديمة، ويستولي أحدهم من حين لآخر على لعبة طفل آخر، وربما يتوقف الأكثر نضجاً من بينهم من حين لآخر لتقييم أفعالهم، ثم يتابعون ما يفعلونه ولكن من خلال مسار مختلف قليلاً، وعلى الرغم من إدراكهم لجهود الأطفال الآخرين، إلا أنهم يركزون في المقام الأول على أنشطتهم الخاصة ومعرفة “المناسب” في أثناء سعيهم لإنجاز أي من أهدافهم.

وطلبنا خلال بحثنا من المسؤولين التنفيذيين العاملين في الأسواق الجديدة وصف الخطوات الاستراتيجية التي اتخذوها مع تطور شركاتهم وقطاعاتهم، وحددنا الأنماط السلوكية في تلك الأوصاف ثم أجرينا مقارنة الأنماط بتقدم الشركات، واكتشفنا حينها أن سلوك رواد السوق الجدد الناجحين يحمل تشابهاً مذهلاً مع سلوك الأطفال الصغار، فهم يتعرفون على أسواقهم وعملائهم وعلى الأمور المحتمل نجاحها بالطريقة ذاتها التي يتعرف بها الأطفال الصغار على عالمهم.

كيف يسهم اللعب الموازي في تمايز الشركات

يُعتبر اللعب الموازي بمثابة طريقة طبيعية للتصرف حينما يستعصي عليك توافر معلومات كافية، وتتميز شركات السوق الجديدة ذات الأداء المتميز عن منافسيها الأقل نجاحاً بثلاثة أنواع من سلوكيات اللعب الموازي.

1- دعك من التمايز مبدئياً، وركز على اقتباس الأفكار: يتعلم الأطفال الصغار بشكل فردي، ولكن نظراً لأنهم يراقبون بعضهم البعض، فإن أي مجموعة منهم تجري نوعاً من التجارب الجماعية، تساعد الآخرين على تعلم المزيد مقارنة بما يمكن للفرد أن يتعلمه وهو بمفرده، ولا شك أن الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة كثيراً ما يميلون إلى تقليد بعضهم البعض، ونادرا ما يهتمون بمحاولة التفوق على بعضهم البعض، كما أن الاقتباس يرتبط عادة بمبتكري الأسواق الجديدة الناجحين، ومرة أخرى تقدم مؤسسات النقل التشاركي الناشئة مثالاً جيداً، حيث اختارت شركة “سايد كار” الحد من التعقيد المتأصل في طرازها متعدد الركاب والمحطات وركزت بدلاً من ذلك على ركوب راكب واحد ومحطة وقوف واحدة، وسيكون السائقون هذه المرة من غير المحترفين الذين يستخدمون سياراتهم الخاصة، وسيتضمن النظام ميزات مدمجة بالتطبيق مثل المدفوعات الإلكترونية والنظام العالمي لتحديد المواقع (GPS) ونظام تقييم للسائقين. وفجأة أصبحت هذه الميزات التي تقدم قيمة مضافة أكثر منطقية للجميع، ثم بدأت شركة “زيمرايد” محاكاة “سايد كار” عن كثب، وفي النهاية غيرت الشركة اسمها إلى “ليفت” (Lyft)، ولم تتخلّف “أوبر” عن الركب، فقد ابتكرت ما أسمته بعد ذلك “أوبر إكس” (UberX) لتمييز الخدمة المقدمة للأقران عن خدمة السيارة السوداء المقدمة للشركات.

محاولة التمايز في وقت مبكر في سوق جديدة يمكن أن تقود الشركة إلى طريق مسدود. ثمة نهج أكثر فاعلية يتمثل في التعامل مع الشركات الأخرى في نفس الساحة بصفتها كنزاً من الأفكار.

وبمقدور الاقتباس الذكي صناعة الفارق بين النجاح والفشل في المنافسة، ففي عام 1999 أدرك لاري بيج وسيرجي برين مؤسسا “جوجل” أنهما نجحا في إنشاء أفضل محرك بحث والذي أظهر تفوقاً على أي محرك بحث آخر متوفر في ذلك الحين، ولكنهما كانا يجهلان كيفية كسب المال من خلاله، فقد أوقفا عرض الإعلانات في صفحات البحث، وكان برين يراها مزعجة وتحميلها يستغرق وقتاً طويلاً، ولكن في الوقت ذاته كانت الشركة تستنزف الكثير من الأموال، لذا نظر المؤسسان حولهما وقررا اقتباس فكرة (GoTo.com)، وهو محرك بحث منافس كان يحقق عائداً كبيراً من خلال السماح للمعلنين بالدفع مقابل المواضع البارزة في نتائج البحث، ولكنهم لا يتحملون أي رسوم إلا عندما ينقر المستخدمون على إعلاناتهم. وفي عام 2000 أطلقت “جوجل” منتجها الجديد، “آدوردز” (AdWords) الذي حافظ على سلامة محرك البحث ولكنه سمح للمعلنين بشراء الإعلانات النصية الصغيرة التي ستظهر أعلى النتائج، وشأنه شأن “GoTo” كان احتساب التكلفة عن طريق النقرات فقط، وليس مجرد مرات المشاهدة.

تتعارض ممارسة الاقتباس بصورة مباشرة مع الضرورة الاستراتيجية التقليدية للتمايز والتي يرى واضعو الاستراتيجيات التقليدية أنها ضرورية لتجنب الدوامة السلبية للتنافس على التكلفة فقط، ولكن محاولة التمايز في وقت مبكر في سوق جديدة يمكن أن تقود الشركة إلى طريق مسدود، وإننا نرى أن ثمة نهجاً أكثر فاعلية يتمثل في التعامل مع الشركات الأخرى في نفس الساحة كأقران وليس كمنافسين. عندما أجرينا مقابلات مع مسؤولين تنفيذيين يعملون بمجال التكنولوجيا المالية الناشئة، اكتشفنا شركة واحدة ركزت بشدة على إظهار تميزها لدرجة أنها أنفقت الملايين على تطوير واجهة مستخدم رائعة وخوارزميات احتكارية لاستخلاص البيانات مباشرة من حسابات أنشطة الوساطة المالية، وكادت تفلس في هذه العملية. وفي الوقت نفسه، اتبع منافس ناجح نهجاً مختلفاً، فقد أعاد إنتاج واجهة مستخدم تخص أحد الأقران (بدلاً من إنفاق الموارد لتطوير واجهة خاصة بها) واستعان بمزود التحليلات المالية الذي استأجرته شركات التكنولوجيا المالية الأخرى للوصول إلى بيانات الوساطة المشتركة، وبالاقتباس استطاعت الشركة تطوير نموذج أولي ناجح لمنتجاتها بسرعة وبتكلفة زهيدة.

لا نتوقع بكل تأكيد أن يتولد عن الاقتباس نموذج عمل مثالي والذي يعتبر مهمة أساسية لأي مؤسسة جديدة، ولن ينجح ذلك النهج في التوصل إلى المنتج الذي يفضله جميع العملاء على المنتجات الحالية المشابهة أو التوصل إلى أفضل آلية لتنفيذه وتحقيق الربح من بيعه، ولكنه عادة ما يقلل من مقدار المال والوقت اللازمين لتصميم عرض جيد بما يكفي في الوقت الحالي من خلال التعامل مع الأقران بصفتهم كنز من الأفكار والموارد التي يمكن للشركة الاستفادة منها، ويمكن للشركات بعد ذلك إنفاق المزيد من المال على جوانب أخرى من نموذج العمل وعلى اختبار الفرضيات. ويساعد الاقتباس أيضاً رواد الأعمال على مقاومة إغراء السعي للوصول إلى حل مثالي على الفور، وهو هدف غير واقعي وغير ضروري في سوق جديدة تماماً، ففي هذه المرحلة المبكرة للغاية دائماً ما يعتبر النفع العائد من تجميع نموذج أولي سريع بغرض التعلم المباشر أفضل من السعي للوصول إلى حل مثالي.

وبالطبع، هناك احتمال دائم بتعرض رواد الأعمال لاقتباس أفكار خاطئة، ولكن نظراً لتركيزهم على كيفية تقديم قيمة مربحة للعملاء، فعادة ما يظهرون حكمة أكبر في معرفة ما إذا كانت الأفكار المقتبسة جيدة أم سيئة.

بيد أن هذا لا يعني أن رواد الأعمال في السوق الجديدة لا يتمايزون أو لا يجب أن يتمايزوا، ولكننا نقصد مبدئياً ضرورة أن ينصب تركيزهم التنافسي الأساسي دائماً على البديل الحالي، أي ما يستخدمه العميل حالياً، وليس على منافسيهم في السوق الجديدة، فقد نجح القائمون على شركات النقل التشاركي في البداية حينما اعتبروا أنفسهم منافسين لقطاع السيارات الأجرة وفي نهاية المطاف منافسين لمالكي السيارات الخاصة، وكان هدف “جوجل” توفير بديل ليحل محل الدعاية التقليدية، وكانت شركات التكنولوجيا المالية الناجحة التي درسناها تنظر إلى منافسيها الفعليين بصفتهم شركات استثمار وإدارة ثروات راسخة، وقدموا أنفسهم عبر رسائلهم للعملاء والمستثمرين المحتملين على أنهم متفوقون على المصادر التقليدية للتوجيه المالي. يمكن القول إنهم قد تجاهلوا أقرانهم في مجال التكنولوجيا المالية (وهذا ما عبر عنه أحد مؤسسي الشركة بقوله: “لقد فضلنا التركيز على اللعب، وليس اللاعبين”).

يسهم التركيز على البدائل القائمة في مساعدة رواد الأعمال على إنشاء بدائل واقعية للقيمة المقدمة، وعلى الرغم من امتلاك الأقران عدداً قليلاً من المستخدمين في هذه المرحلة، فإن البدائل القائمة توفر بالفعل قيمة للعملاء. وكما أوضح أحد مؤسسي شركات التكنولوجيا المالية، فإن النظر إلى البدائل الراسخة على أنها المنافس الحقيقي حال دون “تحسُّب فريقه للأشياء الخاطئة”. قد يصعب الوصول إلى هذه الدرجة من التركيز على أرض الواقع بكل تأكيد، حيث تطلب العديد من شركات رأس المال المغامر مقاييس معيارية مقارنة بغيرها من الشركات الناشئة، إلا أن المستثمرين المتمرسين والمؤسسين يجدون طرقاً أخرى لقياس التقدم. تقول آن مورا كو الشريك بشركة “فلود غيت” (Floodgate) المتخصصة في تمويل الشركات الناشئة برأس المال المغامر في مراحلها الأولية والتي دعمت “تويتر” و”ليفت” و”كروز أوتوميشن” (Cruise Automation): “لا نبحث في البداية عن شركات تحظى بشعبية، ولا الشركات التي تتفوق على منافسيها، فنحن لا نرمي إلى اقتحام الساحة التنافسية للآخرين أو مزاحمة سوق مشبعة”.

2- إجراء اختبارات مكثفة، لكن مع الالتزام الصارم بالنتائج: يستكشف الأطفال الصغار مجموعة متنوعة من المشاريع عند اللعب، ولكنهم يلتزمون بعد ذلك بالمشروع الذي يستهويهم أكثر من غيره. وقد صارت فكرة الابتكار من خلال التجريب مقبولة الآن على نطاق واسع، رغم أن العديد من الشركات تواصل ارتكاب خطأ إطلاق منتجاتها دون إجراء الكثير من الاختبارات، ولكننا اكتشفنا أن المشاريع ذات الأداء المتميز لم تكتف بالاختبار والتعلم في الأسواق الجديدة، وإنما استخدمت هذا التعلم لاختيار نموذج واحد لتقديم القيمة وجني ثمارها (أي لتحقيق الدخل) وإنفاق الموارد النادرة عليه فقط.

وهذا يتعارض مع نمط التعليم الاستراتيجي التقليدي الذي ينص على أنه لا يمكن تبرير عنصريّ التكلفة وفقدان مرونة الالتزام في الأسواق المشوبة بالغموض. غير أن بحثنا أثبت أن هذا هو مفتاح النجاح، بشرط اختبار الشركات لنماذج الأعمال البديلة أولاً، فالشركات الأقل نجاحاً إما أنها التزمت دون اختبار (غالباً ما تضيع فرصاً أكثر إدراراً للربح) أو ضلت طريقها وسط العديد من النماذج ووضعت رهانها دون دراسة الخيارات المتاحة.

وحين نتأمل تطبيق (Burbn) الذي مكّن المستخدمين الموجودين بالقرب من بعضهم البعض من التواصل ووضع الخطط ونشر صور لقاءاتهم، فإننا نرى أن التعقيد الشديد في هذا التطبيق حال دون تفاعل الكثيرين مع معظم ميزاته، عندئذ بدأ كيفن سيستروم مؤسس التطبيق في إجراء اختبارات لاكتشاف النموذج الذي يلبي متطلبات المستخدمين على النحو الأمثل، وكانت النتيجة نموذج عمل يركز على تبادل الصور، وبعدها ضاعف سيستروم الرهان لإتاحة نشر صورة جيدة بثلاث نقرات والتخلص من كل الخطوات الأخرى، ثم أعاد تسمية التطبيق وأطلق عليه اسم “إنستغرام”، واقتبس سيستروم لاحقاً خاصية “القصص” التي يقدمها تطبيق “سناب شات” وأدرجها دون خجل في تطبيق “إنستغرام”. (وهو ما أعرب عنه لأحد الصحفيين قائلاً: “وإليهم يرجع الفضل كله”).

ويقدم تطبيق (Evernote) مثالاً تحذيرياً عكسياً، فقد بدأ كتطبيق أنيق لتدوين الملاحظات لكنه سعى للتحول إلى علامة تجارية مميزة لنمط الحياة بعد أن أبدى المستثمرون اهتماماً شديداً به، واتجهت الشركة إلى تطوير تطبيق للدردشة، وتطبيق خاص بوصفات الطعام، وتطبيق لإدارة جهات الاتصال، وتطبيق لبطاقات الاستذكار، ووزعت جهودها على مسارين مختلفين تماماً لنموذج الأعمال: التطبيقات المجانية (المنتج الأساسي المقدم مجاناً، ويحث المستخدمين على دفع اشتراك للحصول على إصدار أعلى) وتطبيق لبيع السلع عبر الإنترنت، ثم لم يلبث أن أثبت التطبيق فشله في الارتقاء إلى مستوى التوقعات على الرغم من استمراره. لقد بدأ بفكرة قوية ومفيدة، ولكن عدم التزام الشركة بنموذج واحد لتقديم القيمة وجني ثمارها أدى إلى عرقلة جهودها.

تمتلئ مقبرة السوق الجديدة بالعديد من الشركات التي وقعت في شرك نماذج عملها الأصيلة.

يُعد اختيار نموذج العمل أمراً حاسماً في تحديد اتجاه المسار بالنسبة لمؤسسات الأسواق الجديدة، ويمكننا تأمل تجارب “باي بال” ومنافسيها السابقين في قطاع المدفوعات الرقمية الناشئ، حيث نجحت شركتا “إي موني ميل” (eMoneyMail) و”بل بوينت” (Billpoint) في تكوين علاقات وثيقة مع البنوك القائمة بهدف مكافحة الاحتيال، وحرص كلاهما على وضع حدود لأسواقهما، وبعد أقل من عام من التشغيل، اقتصرت “إي موني ميل” على تقديم خدماتها لعملاء “بنك وان” (Bank One) فقط. وبالمثل، فإن موقع “إيباي” (eBay) لم يشجع على استخدام “بيل بوينت” خارج موقع المزادات الخاص به. ورأي المسؤولون التنفيذيون في كلتا الشركتين أن وجود علاقة مصرفية وثيقة وقاعدة عملاء محدودة هما الوسيلتان الوحيدتان لاكتساب ثقة المستهلكين وإبقاء نفقات الاحتيال تحت السيطرة، وفي الوقت ذاته، سلكت “باي بال” طريقاً مختلفاً، فقد التزمت بنموذج مفتوح قائم بذاته ومتاح للجميع وتعلمت من الاختبار أن سهولة الاستخدام كانت أكثر أهمية للمستخدمين من الضوابط الصارمة لمكافحة الاحتيال. وهكذا، كما أوردت مجلة “وايرد” (Wired)، أصبحت الشركة تنظر إلى الاحتيال على أنه “شيء يشبه حساب البحث والتطوير”، وتولت”باي بال” تعويض العملاء عن خسائرهم، وتعلمت الطرق التي يعمل بها المحتالون وأجرت إصلاحات هندسية مبتكرة” مثل “أدخل هذه” الرموز، التي صارت مألوفة الآن وتظهر في صيغة ملف GIF. وشجعها الالتزام بنموذج عمل مختلف على الابتكار بطرق لم يفكر بها منافسوها ممن سلكوا طريقاً آخر.

3- توقف، وراقب، وانتظر: غالباً ما ينطوي اللعب الموازي للأطفال الصغار على صنع بعض الأمور، مثل قلعة رملية أو زي للدمى، وكما أشرنا سابقاً، فإن بعض الأطفال يتوقفون بصفة دورية للتفكير في مشاريعهم قبل المتابعة، وقد لاحظنا سلوكاً مشابهاً يظهره المبتكرون ذوو الأداء المتميز في الأسواق الجديدة، فبعد التزامهم باتباع نهج عام لتقديم القيمة وجني ثمارها، توقفوا مؤقتاً ونظروا حولهم قبل تحديد تفاصيل نموذج العمل. ربما كان هذا هو التحدي الأبرز للنظريات التقليدية لوضع الاستراتيجيات والتي تكاد تتفق جميعها على فرضية أن الالتزام و “السرعة الكاملة للمضي للأمام” وجهان لعملة واحدة، ويحاول رواد الأعمال والمبتكرون التعرف على العملاء المحتملين في الشركات الناشئة الرشيقة الكلاسيكية، وتحديد اهتماماتهم وتحسين عملياتهم بقوة لتقديمها بصورة تضمن لهم تحقيق الربح، حيث تنص النظرية على إمكانية إقدام المشروع على تغيير مساره سريعاً نحو نموذج عمل جديد إذا اتخذت الأمور اتجاهاً خاطئاً (بتطبيق فكرة “الفشل السريع خير من تأجيل الفشل المحتم”)، ولكن المحاولة المبكرة لإيجاد نموذج عمل مثالي، حتى النموذج الذي يبدو ناجحاً، ربما يكون أمراً صعباً في الأسواق المتطورة، وربما يكون التحول مكلفاً وصعباً ويستغرق وقتاً طويلاً، لأنه عادة ما يتضمن فك بعض جوانب نموذج عمل الشركة وإعادة بنائه.

ومن هنا فقد أدركنا أنه من الأفضل ترك نموذج العمل منقوصاً عن قصد، ففي البداية تلجأ الشركات الأكثر نجاحاً إلى تحديد العناصر الأساسية لنموذج عملها (مثل منتج يجده بعض العملاء متفوقاً على المنتجات القائمة والموارد اللازمة لتقديمه) لكنهم يتركون العناصر الأخرى غير محددة، أي أنهم يلتزمون بنموذج واحد لتقديم القيمة وجني ثمارها ولكنهم يؤجلون إجراء أي تحسينات.

وقدمت لنا شركة “دروب بوكس” (Dropbox) في بداياتها رؤية ثاقبة حول فوائد الانتظار اليقظ، فقد نجحت الشركة الناشئة في تقديم قيمة هائلة من خلال منح العملاء حق الوصول الفوري إلى ملفاتهم من أي كمبيوتر عبر واجهة بينية تتيح إمكانية السحب والإفلات بطريقة بسيطة، والتزمت بمنتج سهل الاستخدام ونموذج مجاني للاستفادة من بعض مزايا هذه القيمة، ومع ذلك فقد توقف المشروع فجأة عن تخصيص منتجاته للمستهلكين (على الرغم من أنهم كانوا المستخدمين الأساسيين له في ذلك الحين) أو بناء عمليات تتمحور حول استخداماته الأساسية والأهم (النسخ الاحتياطية للملفات)، واستطاعت شركة “دروبوكس” من خلال نموذجها القوي والمنقوص استيعاب حالات استخدام إضافية، مثل مشاركة الملفات والتعاون، وجذب مؤسسات كعملاء جدد يدرون الربح، وفي الوقت الذي طُرحت فيه أسهم الشركة للاكتتاب العام عام 2018، ضمت خطة أعمال فريق “دروب بوكس” حوالي 11 مليون مستخدم يدفع 30% منهم رسوم اشتراك بالموقع.

ربما تنطوي أي سوق جديدة على مفاجآت، مثل العملاء غير المتوقعين والاستخدامات التي لم يكن من الممكن أن يكشف عنها أي قدر من الاختبارات. ويزيد نموذج العمل غير المكتمل والمفصل جزئياً من احتمالية حصول المبتكرين على معلومات لم يكن من السهل توقعها، وهذا ما عبر عنه أحد مستثمري التكنولوجيا المالية بقوله: “كلما قل عدد القيود التي نفرضها، كان ذلك أفضل لأنه يفسح مساحة أكبر للسلوك الناشئ ويتيح مساحة أكبر للاكتشاف”. ويسمح نموذج العمل المنقوص عن قصد بتطور أنشطة رواد الأعمال بالتوافق مع تقلبات السوق، كما تتغير تفضيلات المستخدمين بصورة متكررة في الأسواق الناشئة مع استجابة الأشخاص للابتكارات بطرق غير متوقعة، مثل شركة “سونوسايت” (SonoSite) الرائدة في مجال أجهزة الموجات فوق الصوتية المحمولة والتي أطلقت موقعاً على الإنترنت (SonoSite Moments) يتيح لمقدمي الرعاية الصحية مشاركة كيفية استخدام السماعة بالموجات فوق الصوتية، وهو ما ساعد “سونوسايت” في التعرف على الاستخدامات غير المقصودة والعملاء الجدد، مثل الممرضين الذين يحاولون العثور على عروق المرضى قبل غرس الإبرة والأخصائيين الطبيين الذين يشخصون عيوب القلب الخلقية لدى الأطفال، فقد مكنت هذه الاكتشافات شركة “سونوسايت” من تكييف نموذج عملها وفقاً لها.

تمتلئ مقبرة السوق الجديدة بالعديد من الشركات التي وقعت في شرك نماذج عملها الأصيلة. انظر، على سبيل المثال، شركة “شيب” (Shyp) التي تهدف إلى حمل الطرود وشحنها للمستهلكين مقابل أقل من 5 دولارات (بالإضافة إلى رسوم البريد)، وقد نجحت الشركة في تحقيق نمو سريع لبعض الوقت حتى بلغت قيمتها 250 مليون دولار، ثم تباطأت معدلات النمو ولحقت بها الخسائر، وبدلاً من التوقف مؤقتاً لاستكشاف مصادر أخرى محتملة للقيمة، مثل الشحن للشركات، واصلت الشركة المضي قدماً، وانتهى بها المطاف بإيقاف أعمالها في مستهل عام 2018. وعلى النقيض من ذلك، تتعلم الشركات التي تأخذ استراحة قبل تحسين نماذجها من خلال الانتظار والمراقبة، وهو ما يُرجح التوصل إلى رؤى غير متوقعة مقارنةً بأنواع التعلم الأخرى، ونظراً لأن التوقف المؤقت غير مكلف، فإنه منخفض المخاطر نسبياً، ويستطيع رواد الأعمال استئناف تحسين نموذج العمل بسهولة عندما لا يبقى الكثير أمام الفريق ليتعلموه أو حين يبدو أن الأقران يتقدمون بسرعة.

وتأمل تجربة شركة “رينت ذا رن واي” (Rent the Runway) التي تعمل في السوق الجديدة تماماً لتأجير الملابس الأنيقة، ففي البداية تصورت جين هيمان وجيني فليس، مؤسستا الشركة، وجود “خزانة في سحابة إلكترونية” يمكن للنساء من خلالها استئجار ملابس فاخرة مصممة لمناسبات مثل حفلات الزفاف، فقد اختبرتا الفكرة بدعوة 140 امرأة إلى فعاليتين ترويجيتين، وساعدتهما هذه الاختبارات على تحديد العملاء المحتملين وقدمت لهما رؤى ثاقبة للأسئلة الفرعية، مثل ما إذا كان استئجار الملابس نشاطاً ستقوم به المرأة بمفردها أو بمشاركة غيرها.

وعلى الرغم من الشعبية التي اكتسبتها الأعمال الأولى للشركة، فقد سعتا إلى توسيع نطاق عروضها، وقد قوبل عرض الكماليات (الاكسسوارات) وحقائب اليد على أساس الاشتراك، بنجاح فاتر، لذا لجأت المؤسِّستان إلى الانتظار اليقظ: لقد نظرا عن كثب إلى عملائهما وآمالهما حول استخدام “رينت ذا رن واي”، وأدركت الشركة أن معظم العملاء يقضون 5 أيام في الأسبوع داخل مكاتبهم، وأنهم لا يريدون ملابس لحضور المناسبات الخاصة فحسب، بل أرادوا ملابس أنيقة للعمل أيضاً، وعندما توسعت الشركة في هذا الاتجاه، كان تحقيقها للنمو أمراً مؤكداً. لطالما استخدمت الشركات في الأسواق الناضجة العملاء والرؤى التي يقدمونها لتحفيز الابتكار، ويمكن لشركات الأسواق الجديدة أيضاً فعل الأمر ذاته.

من المنطقي التساؤل عن سبب فعالية الالتزام بنموذج عمل في الأسواق الجديدة ولكن تنفيذه بالكامل على الفور ليس بالأمر المنطقي، فالاستثمار في نموذجين مميزين أو أكثر هو ببساطة أمر مربك ومكلف للغاية، ولكن بمجرد وقوع الاختيار على أحدهم، يمكن لرواد الأعمال تخفيف سرعة تنقيحهم لعناصر النموذج وجمع الرؤى المكتشفة من خلال التعلم السلبي.

ولا تعني مبادئ استراتيجية السوق الجديدة ضرورة التخلي عن القواعد التقليدية للاستراتيجية.

لن يُكتب النجاح في الأسواق الجديدة إلا لبضع شركات بعد بضع سنوات، وإن كان الفاصل الزمني يختلف اختلافاً كبيراً اعتماداً على القطاع الذي تعمل به الشركة، وسيُقدَّر لها على الأرجح جني الفوائد المعتادة التي حددها واضعو الاستراتيجيات منذ فترة طويلة، متمثلةً في تأثير الشبكة ووفورات الحجم والقوة السوقية وما إلى ذلك. وتعمل شركة “رينت ذا رانواي” اليوم في سوق مكتظة بالمنافسين، تزاحمها فيه الشركات الناشئة وتجار التجزئة المتمرسين في الاشتراك في خدمات استئجار الملابس، وقد يضطرون إلى التخلي عن نهج اللعب الموازي، وفي مرحلة ما تنمو الشركات الناشئة، وتتحول الأسواق التي احتلت فيها مكانة رائدة إلى قطاعات راسخة، ويتعين عليها البدء في مراقبة القوانين التقليدية للاستراتيجية والتركيز على المنافسة. إذ يتعين على كل شركة تأمل في النجاح على المدى الطويل إلى مصدر واحد في النهاية أو أكثر من مصادر التمايز.

يمكن تشبيه رواد الأعمال في الأسواق الجديدة بالأطفال من حيث جهلهم بالكثير من الأمور، فهم يعملون في بيئات غريبة تماماً ولكنها رائعة، حيث تشيع الاكتشافات والمفاجآت، من المنطقي تماماً إذاً أن يتصرف أكثرهم نجاحاً مثل الأطفال الصغار، ويلجؤون للانخراط في اللعب الموازي والاقتباس، والاختبار، والمراقبة لمعرفة ما يحدث.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

Content is protected !!