ما هي التأثيرات الصحية لبطالة الشباب؟

3 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

نحن نعرف الكثير عن الآثار الصحية السيئة للبطالة. لكن تحليلاً جديداً أظهر كم سيئاً تأثيرها على الشباب العاطلين عن العمل في البلدان ذات الدخل المرتفع.

وجد مؤشر غالوب هيلثويز العالمي للرفاهية في بحث شمل 47 بلداً من البلدان المرتفعة الدخل (بحسب تصنيف البنك الدولي) أنّ الصحة الجسدية للشباب البالغين العاطلين عن العمل الذين أعمارهم ما بين 15 وحتى 29 عاماً متقاربة كثيراً إحصائياً مع الصحة الجسدية للعاملين الذين أعمارهم 50 عاماً فما فوق – 26% مقابل 24% على الترتيب يتمتعون بصحة مزدهرة. ووجدنا في الولايات المتحدة الأميركية، حيث تمكنّا من تحليل عينة كبيرة كفاية، أنّ لدى الشباب العاطلين عن العمل صحة جسدية أسوأ مقارنة بنظرائهم العاملين -23% مقابل 31% يتمتعون بصحة مزدهرة. (تُعرّف جالوب هيلثوايز الصحة الجسدية المزدهرة بأنها التمتع على الدوام بصحة جيدة وطاقة كافية لإنجاز الأعمال اليومية).

لم تلاحظ نفس هذه الظاهرة في العديد من الاقتصاديات المصنفة ما بين الضعيفة الدخل إلى المتوسطة الميسورة الدخل، حيث يتمتع العاطلون عن العمل وسطياً بصحة جسدية أفضل مقارنة بالبالغين العاملين الأكبر سناً. هذا يعني أنّ هذه النتائج خاصة بالشباب العاطلين عن العمل في الكثير من الاقتصاديات العالية التطور.

ما السبب؟ ربما نتسرع في الإجابة فنقول أنّ الكثير من هؤلاء الشباب البالغين كانوا في حالة صحية سيئة أصلاً ما منعهم من العمل. هذا ممكن. لكن تحليلنا القائم على مقابلات أُجريت بين أعوام 2013 و2015 مع أكثر من 450,000 شخص أعمارهم 15 عاماً فما فوق من 155 بلداً يقدم شرحاً مختلفاً. هل من المعقول أن تكون البطالة وصمة عار تسبب الإحباط لدى الشباب في البلدان ذات الاقتصاديات المتطورة لدرجة تزيد عمرهم الجسدي 30 عاماً؟

تبيّن أنّ الشباب أصحاب التحصيل العلمي الأعلى والعاطلين عن العمل في الاقتصاديات المرتفعة الدخل لديهم أسوأ صحة جسدية مقارنة بنظرائهم الأقل تعليماً. وكانت أسوأ صحة جسدية لدى الشباب العاطلين عن العمل الحائزين على شهادة جامعية (14% تمتعوا بصحة مزدهرة) تبعهم الحاصلون على تعليم ثانوي (27% تمتعوا بصحة مزدهرة)، ثم التعليم الأساسي (28% تمتعوا بصحة مزدهرة). هذا يعني أنّ هناك شيئاً غريباً ليس فقط في بطالة الشباب في الاقتصاديات المرتفعة الدخل لكن أيضاً في التحصيل التعليمي العالي. إذاً، ما الذي يفسر هذه النتائج المزعجة والمخالفة للتوقع؟

توجهنا إلى مبادرة مكينزي الاجتماعية “جيل”، وهي برنامج لتوظيف الشباب ينشط في خمسة بلدان ذات مستويات دخل متباينة: الولايات المتحدة وإسبانيا والمكسيك والهند وكينيا. دعم هذا البرنامج أكثر من 8,000 شاب في مختلف هذه المناطق الجغرافية خلال العشرين شهراً الماضية ونتج عن بياناته وتجاربه فرضيتان تساعدان في تفسير هذه النتائج السائدة في الولايات المتحدة على وجه التحديد.

أولاً، مشاركة العبء مع مجموعة من الأقران يقلل من التأثيرات الصحية للبطالة. في إسبانيا، بلغت معدلات البطالة لدى الشباب أكثر من 50% قبل سنتين واستمرت مرتفعة في حدود 40%. على الرغم من هذه النسبة المخيفة ظلت الصحة الجسدية للشباب الإسبان العاطلين عن العمل أفضل من نظرائهم الشباب العاطلين عن العمل في الولايات المتحدة حيث معدلات البطالة ما بين 11% إلى 12% في يوليو/تموز عام 2016. نحن نرى أنّ الشبان العاطل عن العمل في الولايات المتحدة يعانون من صحة جسدية أسوأ من نظرائهم لأنهم في اقتصاد شاذ من ناحية معدل التوظيف العالي، ما يجعل التكلفة الشخصية التي يتحملها العاطل جرّاء بطالته أكبر.

ثانياً، من الصعب تحمّل أعباء البطالة في غياب دعم العائلة. لنقارن بين كل من الهند والمكسيك والولايات المتحدة. يعيش الأغلبية الساحقة من الطلاب المنتسبين لبرنامج “جيل” في الهند مع العديد من الأفراد في منازلهم. في الواقع، 1% منهم فقط يعيشون وحدهم، و45% منهم يعيشون مع 6 أفراد أو أكثر في المسكن. أما الشباب الأميركي فعادة يعيشون وحدهم، حيث 26% منهم يعيشون وحدهم ويكونون الفرد البالغ الوحيد في المنزل. بينما تقع المكسيك في المنتصف مع 11% من الأفراد يقطنون وحدهم. وللمعلومة، عند النظر إلى المكسيك والهند على اعتبارهما جزءاً من الاقتصاديات المتوسطة الميسورة الحال والاقتصاديات المتوسطة الضعيفة يمكن القول أنّ لدى شبابهما العاطلين عن العمل نسباً أعلى من الصحة المزدهرة.

بالإضافة لهذا، لاحظ برنامج “جيل” أنّ خدمات الدعم الاجتماعي تشكل ثلث تكاليف البرنامج الأميركي مقارنة بهامش فقط من هذه التكلفة في البلدان المنخفضة الدخل، يعود السبب في هذا تحديداً إلى اعتماد الطلاب على الأصدقاء والعائلة لدعمهم عندما يمرون في الفترة التدريبية في برنامج “جيل”.

هناك الكثير من المطالبات للتحرك لدعم الشباب العاطلين بتصميم برامج تخصصية وآليات للدعم. ومع أنّ الكثير من الانتباه قد وُجّه إلى مشكلة بطالة الشباب في البلدان النامية (وهو أمر يستحق ذلك) لكن من الواضح أنها مشكلة في البلدان المتطورة أيضاً. وفي هذه البلدان المرتفعة الدخل، حيث بطالة الشباب وصمة عار والدعم العائلي غائب. تُثير دراستنا أسئلة عن أفضل الطرق لخدمة الشباب ومساعدتهم في العثور على عمل يحقق لهم غاياتهم.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .