لماذا يجب ألا تكون المدير الذي يتحدث كثيراً؟

3 دقائق
www.shutterstock.com/eveleen
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

بصفتي مديراً لإحدى الشركات الناشئة، فإنني أرغب دائماً بالتأكد من فهم جميع أعضاء فريقي للرؤية التي نحاول تحقيقها. كما أريد التأكد من استماعنا لأفكار الجميع ودراستها ودمجها، والعمل بسرعة لحل المشكلات على طول الطريق. لذا فإننا نجري الكثير من المحادثات الجماعية. الكثير منها.

نناقش رسالتنا وأهدافنا والخطوات المطلوبة لإنجازها. وفي كل مرة، أبحث عن طرق جديدة لأقول الأشياء، على أمل أن تصبح الرؤية واضحة تماماً، وأن أجد حتى أبسط الفروقات بين طبيعة فهم مختلف أعضاء الفريق لأهدافنا.

وباختصار، فإنني أُكثر الحديث.

لا أفعل ذلك الآن فحسب مع كادر وظيفي صغير نسبياً. لقد فعلت الشيء ذاته طوال مسيرتي المهنية، بما في ذلك عندما أمضيت عدة أعوام بمنصب نائب الرئيس في إحدى الشركات الكبيرة في مدينة نيوتن بولاية “ماساتشوستس” الأميركية.

كان لا بدّ أن أسأل نفسي: في أي مرحلة أُكثر الحديث؟ متى يتعين عليّ التوقف؟

الإجابة ليست بسيطة. فمن ناحية، تحدثتْ هارفارد بزنس ريفيو عن شكاوى من موظفين إزاء نوعية المدير الذي “يُكثر الحديث مع الجميع حول مشروع ما”، مما يسبب “مضيعة كبيرة للوقت”. ومن ناحية أخرى، وجد بحث من كلية هارفارد للأعمال أنّ “الحديث المستمر والمُبالغ فيه” من المديرين يساعد في إنجاز المشاريع بسرعة.

ولتطبيق ذلك، وضعت قوانين لنفسي كي أتبعها، وهي تهدف إلى التخفيف من الجوانب السلبية (مثل الوقت الضائع وانخفاض الإنتاجية) مع الاستمرار في استخدام الحديث المتكرر لإزالة العقبات من طريقنا.

اجعل الحديث ذا اتجاهين

عندما تحاول الحديث حول رؤيتك وتنظيم عملك المستقبلي، فمن السهل البدء بإلقاء الخطب. فلديك الكثير لتقوله، وتتزاحم الأفكار في عقلك، لدرجة أنك قد تسرح بخيالك بعيداً. ولأنك “المدير”، فقد يشعر أعضاء الفريق الآخرين بأنّ من واجبهم الاستماع والإيماء بالموافقة. ويمكن أن تفقد الإحساس بالوقت.

يتعين على القادة التأكد من الاستماع بنفس قدر حديثهم، إن لم يكن أكثر من ذلك. حيث قال تقرير صادر عن جامعة نورث وسترن: “القادة المؤثرون لا يتحدثون فحسب، إنما يستمعون”. كما وصفت إحدى مقالات هارفارد بزنس ريفيو الاستماع بأنه “أداة مهملة من أدوات القيادة”.
فعندما تعقد الاجتماعات، استمر في مراقبة المدة التي تقضيها في الحديث، وتلك التي تقضيها في الاستماع. وعندما تتلقى سؤالاً، قم بدعوة أحد أعضاء الفريق الآخرين أحياناً ليطرح وجهة نظره في إطار الإجابة. سيكون الجميع مشمولين بتلك الطريقة، ويشعرون بأنّ مدخلاتهم لاقت تقديراً.

لا تقم بتفسير “المساحة” أبداً

عندما ينشغل الموظفون في تصميم حل ما أو تأدية مهامهم، فذلك ليس الوقت المناسب لبدء محادثة معهم. إنْ لم يكن الأمر طارئاً، يتعين عليك عدم سحبهم من “المساحة” التي يركزون فيها على إنجاز مهام بالغة الأهمية. كما يجب عليك التأكد من وجود فترات عمل كافية غير متقطعة بما يسمح للموظفين بإيجاد ذلك التركيز. يمثل تقطيع يوم العمل إلى شرائح متعددة عبر جدولة الاجتماعات، طريقة مضمونة للقضاء على الإنتاجية في أي بيئة عمل إبداعية.

وبناءً على ذلك، واعتبره قاعدة، فإن الوقت المثالي لإجراء المحادثات هو بداية جلسة العمل أو عند اقتراب نهاية يوم العمل،ولكن ليس في الوقت الذي يفترض أن يغادر فيه الموظفون. ويكون عقد هذه الجلسات أمراً يستحق في حال كان جميع من يحتاجونها متاحين في الوقت نفسه.

جلسات شخصية شهرية

يتعين على أعضاء الفريق كافة أن يقوموا بعقد جلسة شخصية مع قائدهم مرة كل شهر للتأكد من وضوح الأفكار والمخاوف وطرحها. ويمكن لأفراد الفريق في هذه الاجتماعات الحديث عن كل شيء.

اطلب من الموظفين ذكر مسألة “سيئة” واحدة على الأقل في هذه الاجتماعات للتأكد من عدم تراجعهم عن التعبير عن أفكارهم. يمكن أن تكون هذه المسألة تخوفاً تجاه منتج نقوم بصناعته أو الطريقة التي يُدار بها عملنا. ويمكن أن تتضمن فكرة للتطوير.

وبالطبع، نرحب بذكر الموظفين لمسائل إيجابية، وأشياء يشعرون بالحماس إزاءها ويرغبون بأن نعمل الكثير منها. ولكن التعامل مع المشكلات يُعطى الأولوية.

تجاوز سياسة الباب المفتوح

أتوقع من كل القادة والمديرين أن يرحبوا بأي عضو في الفريق لمناقشة مسائل صغيرة كانت أم كبيرة. ولكن كما كتب الكثير من الخبراء، فإنّ مجرد الإعلان بأنّ لديك سياسة باب مفتوح ليس كافياً. إذ من المهم تمكين الموظفين من التعبير عن أفكارهم، من خلال إظهار أنك تعمل وفقاً لما يقدمونه إليك.

وتتمثل إحدى الطرق لإنجاز ذلك في “حلقة الآراء التقويمية”. بعد التعبير عن مخاوف معينة، سواءً في لقاء جماعي أم شخصي، قم بمتابعة تلك المخاوف. راقب التقدم، وتعرف على العراقيل، واستمر في دفع الجهود المبذولة إلى الأمام. وكلما قمت بذلك بشكل أكبر، سيلاحظ الموظفون القيمة العملية للحديث عن مسألة ما، وسيرون ما يمكن أن يتحقق من كل الحديث الذي تشارك فيه.

وعموماً، يعتبر تجنب الكثير من الاجتماعات المجدولة، والدخول بدلاً منها في محادثات مخصصة، أمراً أفضل. فعندما تكون الاجتماعات ضرورية، أحضِر طعاماً جيداً، حيث تعتبر الاجتماعات مع التوتر وانخفاض نسبة السكر في الدم فكرة سيئة بشكل خاص.

كمدير، فأنت تريد ضمان فهم جميع أعضاء فريقك للرؤية التي تحاول تحقيقها. ولكن في أي مرحلة تتحدث كثيراً؟ ومتى يتعين عليك التوقف؟ ثمة قواعد يمكنك اتباعها لتخفيف الجوانب السلبية للمبالغة في الحديث (مثل الوقت الضائع وانخفاض الإنتاجية). أولاً، استمع بنفس قدر حديثك، إن لم يكن أكثر من ذلك. ولا تقم بتفسير “المساحة” أبداً. عندما ينشغل الموظفون في تصميم حل ما أو تأدية مهامهم، فذلك ليس الوقت المناسب لبدء محادثة معهم. وشجِّع الموظفين على عقد جلسة شخصية مع أحد القادة مرة كل شهر، واطلب منهم ذكر مسألة “سيئة” واحدة على الأقل في هذه الاجتماعات. وأخيراً، قم بتمكين الموظفين من التعبير عن أفكارهم، من خلال إظهار أنك تعمل وفقاً لما يقدمونه إليك. ومع بذل كل هذه الجهود، ووجود أجواء من الأمان النفسي، يزيد احتمال قيامك بإجراء محادثات متكررة بشكل جيد دون إزعاج فريقك.

ففي نهاية المطاف، سيشعرون في تلك البيئة براحة أكبر تمكنهم من قول: “أتعرف ماذا يا مدير؟ نعتقد أننا فهمنا الأمر”.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .