توقف عن وضع الأهداف التي لا تهمك بالفعل

4 دقائق
كيفية وضع الأهداف
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

مع بداية العام الجديد، طرحت على نفسي السؤال التالي: “كيف لي أن أحرز تطوراً مهنياً بأقل عناء ممكن؟”، فوجدت أنّ الجواب سهل وبسيط: ويتمثل بالتركيز على تحقيق التوافق بين أهدافي واهتماماتي الحقيقية ووقتي.

ثمة الكثير ممن أخفقوا في بلوغ أهداف تطورهم المهني. ذلك لأنهم لا يعلمون كيفية وضع الأهداف المناسبة، حيث وضعوا نصب أعينهم أهدافاً كثيرة، إذ وضعوا أهدافاً شعروا حيالها بشيء من الواجب، غير أنها لم تكن فعلاً تحفزهم وتدفعهم للعمل على تحقيقها. فعلى سبيل المثال، قد يفكر البعض بأنّ عليهم أن يقرؤوا مجموعة كبيرة من الكتب لاكتساب المزيد من المعرفة، أو لمواكبة زملائهم، أو للاطلاع على كل جديد في مجال عملهم. لكن، إذا كان الجلوس لقراءة تلك الكتب يُشعرهم بأنهم يؤدون واجباً لا أكثر، فمن غير المرجح أن يُحرزوا أي تقدم. ومع الوقت، سوف ينتابهم شعور بالاستياء لإخفاقهم في بلوغ هدفهم. صحيح أنّ تحقيق ذلك الهدف كان سيناسب متطلبات وظائفهم ويطوّرهم مهنياً، غير أنه لم يكن ليتناغم مع اهتماماتهم وطموحاتهم الشخصية.  

فإذا أردت النجاح في بلوغ أهداف تطورك المهني، يتوجب عليك تعلم كيفية وضع الأهداف من خلال اختيار مجال أساسي واحد أو مجالين من المجالات التي تنسجم مع الأمور التي تهمك بالفعل.

لقد قررت مثلاً أن يكون إنجاز مشروع كتابي الجديد هدفي الأساسي لتطوري المهني في إحدى السنوات. وأدركت أنّ ذلك التوجه كان صائباً لأنني أحسست بتدفق مستمر للطاقة والحماسة حيال هذه الفكرة، التي طالما كانت تجول في خاطري، ولم أكن أحتمل الانتظار للبدء بالعمل على تحقيقها.  

لم أشعر حيال هدفي الأساسي هذا بأنه “واجب” عليّ تأديته، بل أحسست بأنه “حاجة” داخلية من الضروري تلبيتها، وكنت متحمسة لمتابعة الكتابة وعلى استعداد لتقليص مسؤولياتي ومهامي الأخرى لأفسح المجال للعمل على تحقيق هذا الهدف. إنّ لهذا التناغم بين رغباتي الداخلية وهدفي المرتبط بتطوري المهني دور كبير في جعل مسار تقدمي نحو بلوغ الهدف المنشود هيّناً إلى حد بعيد.

وهكذا عندما تفكّر في كيفية وضع الأهداف الخاصة بتطورك المهني، من الضروري أن تطرح على نفسك التساؤلات الآتية:

  • إذا لم أستطع تحقيق سوى هدف أساسي واحد لتطوّري المهني في العام القادم، فما هو ذلك الهدف؟
  • عندما أفكر في تحقيق ذلك الهدف، هل أكون متحمساً للعمل بقدر حماسي لحصد النتيجة؟
  • هل الدافع لتحقيق الهدف داخلي ونابع من الذات، لأنه يعنيني ويهمني شخصياً؛ أم خارجي، لإرضاء الآخرين فقط؟

من شأن هذه التساؤلات أن تساعدك في التعرف على دوافعك الداخلية الحقيقية. وأود هنا أن أنصحك أيضاً بتقليص عدد الأهداف التي تضعها نصب عينيك، وذلك لكي تتمكّن من إيلائها اهتمامك الكامل.

غير أنّ اختيار الأهداف التي ترغب في تحقيقها غالباً ما يكون أسهل من المضي قُدماً في تحقيقها، خاصة عندما تكون لديك التزامات أخرى في عملك. ولكي تضمن بلوغ هذه الأهداف عليك أن تحقق التوافق بين أهدافك ووقتك.

لقد كنت على الدوام من أنصار آلية حجز الوقت بوصفها طريقة فعالة لتخصيص الوقت اللازم لإنجاز الأمور المهمة. غير أنّ الوقت الذي كنت أحجزه سابقاً للعمل على تحقيق أهداف تطوري المهني كان يتسرب إلى الأوقات المخصصة لتأدية مهامي الأخرى في العمل، مثل تلقي المكالمات من العملاء الذين أشرف على تدريبهم في مجال إدارة الوقت. وحتى عندما كنت أعمل على كتابيّ الأوّلين، كنت أحجز في أحسن الأحوال نصف يوم دفعة واحدة لإنجاز ما كان علي كتابته وفق الخطة. لقد وفرت لي تلك الطريقة وقتاً كافياً لأركز اهتمامي على الكتابة، غير أنها أرغمتني أيضاً على أن أعمل لساعات أطول عندما كنت منهمكاً في إنجاز مشاريع إضافية خاصة.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن وضع أهداف قابلة للتحقيق للمدراء؟

لكنني قررت في هذا العام أن أنظم وقتي بما يتفق مع أولوياتي. ولذلك فقد حجزت يوماً كاملاً من كل أسبوع (اخترت يوم الأربعاء) لكي أتفرغ لمشروع هذا الكتاب ولغيره من بعده. ولم أكتف بوضع إشارة محجوز على يوم الأربعاء في مفكرتي، بل اتخذت خطوة إضافية تمثلت باختيار حالة “خارج المكتب” في برنامج بريدي الإلكتروني ليومي الثلاثاء والأربعاء من كل أسبوع، لإعلام الجميع بأنني منشغلة بالكتابة وبأنني سأجيب على الرسائل الإلكترونية التي تردني يومي الثلاثاء والأربعاء من كل أسبوع في يوم الخميس الذي يليهما.

في البدء كان الأمر مزعجاً، وانتابني شعور بالقلق والخوف من أنّ الأمور قد لا تسير على خير ما يرام. غير أنني بعد أن جعلت ذلك السلوك نمطاً جديداً لحياتي منذ بداية العام، اكتشفت أنّ ذلك لم يكن فقط ممكناً، بل ممتعاً ومذهلاً أيضاً! لقد نجحت في التخلص من اعتقادي السابق المقيد لمقدراتي والقائل بأنني عندما أعمل في مشاريع كبيرة فإنه يتوجب عليّ أن أعمل لساعات أطول.

وبعد أن تكون قد اخترت هدف أو أهداف تطورك المهني لأيامك القادمة، فإنني أنصحك بأن تتبع منهجاً مماثلاً للذي اتبعته كي تنظم وقتك بما يلائم أهدافك حتى تحصد النتائج المرجوة دون عناء كبير. وقد يتعذر على غالبية الناس حجز يوم كامل من وقتهم كل أسبوع، غير أنّ الجميع قادرون على البدء بتخصيص المزيد من وقتهم لتحقيق أهداف تطورهم المهني. قد يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يتكيف زملاؤك مع حقيقة ألا يكون بابك مفتوحاً على الدوام. لكن في المحصلة ستتمكن بكل تأكيد من استثمار ما يلزم من وقتك لتحقيق تطورك الذاتي والمهني.

اقرأ أيضاً: لماذا يجب عليك التوقف عن وضع الأهداف السهلة؟

وللقيام بذلك عليك أن تحدد الأيام والأوقات التي يمكنك تخصيصها للعمل على تحقيق أهدافك. فقد تسنح لك فرصة القيام بشيء مشابه لما قمت به، حيث يكون بمقدورك حجز يوم كامل (لتتبع دورة تدريبية على سبيل المثال)، وقد يتعذر ذلك فتضطر للقبول بفترات زمنية قصيرة ومتفرقة تخصصها لتحقيق تلك الأهداف. فعلى سبيل المثال قرر أحد عملائي المتدربين أن يحجز ساعتين أو ثلاث ساعات من صباح كل يوم أربعاء، أما الآخر فاقترح المجيء باكراً إلى العمل يومين في الأسبوع، في حين وجد ثالث أنّ باستطاعته حجز مساء أحد أيام الأسبوع أو صباح أحد أيام عطلة الأسبوع للعمل على تحقيق أهداف تطورهم المهني. جرب انتهاج إحدى الاستراتيجيات السابقة واختبر نجاحها؛ فإن كانت مناسبة لك ولزملائك، اعتمدها؛ وإلا فعدل في الأيام والأوقات التي اخترتها حتى تغدو مناسبة أكثر.

وإذا ما قررت أن تعمل على تحقيق أهداف تطورك المهني أثناء اليوم، فإنك قد تحتاج لمناقشة ذلك مع رئيسك في العمل قبل الإقدام على إعادة تنظيم يومك وفق ما ترغب. ومن الإجراءات التي أنصح بها أيضاً فيما يتعلق بأسلوب عملك لتحقيق أهدافك: إغلاق باب مكتبك، أو الجلوس في غرفة الاجتماعات، أو العمل في المنزل. إذ إنّ توفر الحواجز المادية سيساعدك كثيراً على تفادي إضاعة وقتك في لقاءات قد تحدث بالمصادفة.

وفي نهاية الحديث عن كيفية وضع الأهداف يجب أن تعلم أنّ مقدار الوقت الذي تستطيع تكريسه لخدمة أهدافك يختلف تبعاً لمسؤولياتك الأخرى. بيد أنه من المهم أن تلتزم بتخصيص الوقت اللازم والكافي لأهداف تطورك المهني. قد يكون ذلك صعباً ومزعجاً في البداية، لكنه سيغدو مألوفاً وطبيعياً أكثر مع مرور الوقت، إذ إنّ ذلك سيُحدث تناغماً بين ما تقول إنه مهم بالنسبة لك وما تستثمر فيه وقتك.

عندما تتماشى أهداف تطورك المهني مع اهتماماتك الحقيقية، وعندما تنظم وقتك بما يتناسب مع أهدافك، فإنك ستلاحظ أنك تحقق أهدافك وتجني نتائج عملك دون عناء كبير.

اقرأ أيضاً: متى يتعين عليك وضع أهداف صارمة ومتى ينبغي وضع أهداف مرنة؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .