كيف تغير رأي شخص ما تغييراً حقيقياً؟

4 دقائق
تغيير آراء الأشخاص

إذا كنت قائداً، فعلى الأرجح لن يكون جميع من يعملون معك متفقين مع قراراتك، ولا بأس في ذلك. فالقيادة تتضمن اتخاذ قرارات لا تحظى بدعم الجميع، والتعامل مع العلاقات المعقدة التي تربطك بزملائك وشركائك وعملائك في الوقت نفسه. لكنك ستحتاج في كثير من الأحيان إلى اكتساب تأييد هؤلاء الأشخاص، لذا من الضروري أن تتمكن من تغيير آرائهم. فكيف يمكنك تغيير آراء الأشخاص الآخرين؟

قد تواجه شيئاً من الصعوبة في إقناع من يعتبرون مؤيدين طبيعيين لك، لكن تغيير رأي من يخالفك عادة، أو خصمك هو أمر آخر مختلف تماماً. كيف ستتمكن من إقناع شخص لا يتفق معك لسبب أو لآخر، ويواجهك بالرفض الصريح؟

في البحث الذي أنهيناه مؤخراً من أجل كتاب لورا الذي يحمل العنوان: “الحافة: تحويل الشدائد إلى ميزة” (Edge: Turning Adversity into Advantage)، عملنا على مراقبة أكثر من 60 قائداً كانوا يحاولون إقناع الشركات الزميلة وغيرها من الأطراف بتغيير آرائهم حول مسار العمل الذي يعارضونه، ثم أجرينا مقابلات معهم.

وكان القادة الذين تمكنوا من التغلب على تشكيك الآخرين هم من تمكنوا من تشخيص السبب الرئيسي لخلاف خصومهم معهم قبل محاولة إقناعهم.

بدؤوا بطرح السؤال التالي على أنفسهم: “ما الذي يسبب مقاومة الشخص الذي يخالفني الرأي؟” تمكن هؤلاء القادة غالباً من تحديد جوانب حجتهم التي أثارت المقاومة وردود الفعل العاطفية الأشد. ثم، وبناء على الجواب، تعاملوا مع الوضع باتباع واحدة من الاستراتيجيات الموجهة الثلاث التالية:

استراتيجيات تغيير رأي شخص ما

1- الحوار المعرفي

الحوار يساعد في الاقناع

متى يجب علينا اتباع هذه الاستراتيجية؟

قد ترجع معارضة خصمك لحجتك إلى سبب موضوعي. إذا وصف بوضوح مجموعة منطقية من نقاط الاعتراض، ولم يبد أنه يكتم أي دوافع خفية، فبإمكانك اتباع استراتيجية الحوار المعرفي معه.

وهي مفيدة جداً خصوصاً عندما يكون من يعارضك معروف بعدم اتخاذ مواقف غير منطقية، وبقدرته على تحييد عواطفه بسهولة عندما يتخذ قراراته.

ما هي طريقة هذه الاستراتيجية؟

يحتاج الحوار المعرفي الناجح إلى أمرين: الحجة السليمة والعرض الجيد.

مثلاً، فلنقل إنك تدعو لتغيير المورد الذي تتعامل معه الشركة، وعثرت على مورد يقدم منتجات ومواد أفضل من المورد الحالي الذي تتسبب منتجاته بعديد من المشكلات في المراحل النهائية.

لكن زميلك يفضل البقاء مع المورد الحالي الذي تربطه به علاقة قديمة، فيعبر عن معارضته لعرضك مشيراً إلى أسعار المورد الجديد المرتفعة. يجب عليك تحضير حجة سليمة تدحض نقاط اعتراض زميلك.

في هذه الحالة، يمكك الإشارة إلى أن التعامل مع المورد الجديد سيكون أقل كلفة على المدى الطويل إذا ما أخذت في الحسبان جميع تكاليف الإنتاج الإضافية التي يتسبب بها التعامل مع المورد الحالي.

كما يجب عليك اتباع إطار عمل منطقي ورواية واضحة لإجبار زميلك على إعادة تقييم طريقة تفكيره.

اقرأ أيضاً: مواصفات المفاوض الناجح

مثلاً، يمكنك التشديد على أن القرار مبني على التكاليف والجودة والخدمة، علماً أن التكلفة والجودة هما الأهم.

احذر من إدخال العواطف إلى الحوار، فذلك سيوحي بأنكما لستما على أرضية مشتركة.

مثلاً، يجب ألا توحي بأنك لا ترى أهمية لعلاقة زميلك مع المورد السابق. فالهدف هو أن تبين لزميلك على أساس موضوعي وواقعي أن موقفه الأول من المسألة ليس منطقياً بنفس درجة حجتك.

وحذار، فهذا النوع من المعارضين لا يمكن تغيير آرائهم بسهولة عن طريق التعميم الشامل. لذا، كن مستعداً لمواجهته معنوياً وجهز الحقائق التي تدعم حجتك من جميع جوانبها.

احذر التالي: لا تفترض أن النجاح في الحصول على موافقة المعارض من هذا النوع يعني تحوله إلى مؤيد دائم. فلعلك نجحت في إقناعه في هذه المسألة تحديداً، لكن من الممكن أن يختلف معك مجدداً في المستقبل. وعندئذ، يجب أن تعلم أنك قد تضطر لإجراء حوار معرفي آخر حول المسألة الجديدة.

2- تحويل المعارض إلى مؤيد

تغيير رأي شخص ما

متى يجب علينا اتباع هذه الاستراتيجية؟

عندما لا يكون إقناع معارضك عن طريق الحوار المعرفي سهلاً، أو إذا كان هناك أمر يعكر صفو العلاقة بينكما، فلن يجدي الدخول في نقاش معه.

مثلاً، يجب عليك اتخاذ قرار إداري وتود منح ترقية لشخص مؤهل من مرؤوسيك المباشرين شهدت أداءه المذهل، في حين تقول نظيرة لك إن مرؤوسيك يحصلون على الترقيات دائماً دوناً عن مرؤوسيها.

وحتى إذا كان مرشحك أكثر جدارة منطقياً، قد يشعر الآخرون بالضغينة ويرفضون دعمك.

ما هي طريقة هذه الاستراتيجية؟

لا تدخل وتحاول إقناع الطرف الآخر برأيك، بل استثمر وقتك في التعرف عليه وبناء علاقتك معه.

فالأمر هنا لا يتعلق بالحجة أو طريقة عرض الفكرة، على الأقل في البداية، وإنما يتعلق بفهم وجهة نظر الآخر وسبب شعوره بأنك توجه إساءة شخصية له.

مثلاً، يمكنك طرح أسئلة عن فريق نظيرتك وأفراده الذين تشعر أنهم يملكون أفضل الإمكانات، ثم تعمل على تحويل هذه النظيرة المعارضة تدريجياً إلى مؤيدة أو داعمة لك، ربما عن طريق تسليط الضوء أكثر على الميزات التي تثمنها في أفراد فريقيكما على حد سواء، أو إظهار مدى تقديرك لأسلوبها في القيادة.

وبحلول الوقت المناسب لاتخاذ القرار، احرص على أن تكون متفقاً معها فيما يتعلق بالميزات التي تحظى بالأهمية في اتخاذ قرار الترقية وأن تكون قد وضحت بصورة تامة امتلاك مرشحك لهذه الميزات.

احذر التالي: مهما بلغت درجة تأييد خصمك بعد تغيير موقفه، لا تتوقع منه أن يتفق مع قرار غير منطقي أساساً. لا يمكنك الاعتماد على علاقتك معه فحسب، بل يجب أن يكون موقفك مدعوماً بمنطق واضح. أضف إلى ذلك أنه من السهل أن يشعر المعارض من هذا النوع بمحاولتك التلاعب بالموقف من أجل جذبه إلى صفك. فالأصالة هنا أمر أساسي، لذا يجب أن تسمح للشخص الآخر برؤيتك على حقيقتك كي يتمكن من فهم وجهة نظرك بصورة تامة.

3- استراتيجية الزميل الموثوق

كيف اغير رأي شخص ما

متى يجب علينا اتباع هذه الاستراتيجية؟

في بعض الأحيان، تدفع معتقدات الشخص الراسخة إلى معارضة عرضك بصورة شديدة.

مثلاً، قد يكون زميلك معارضاً لك بشدة فيما يتعلق بضرورة إجراء تجربة عملية مهمة للمنتج الجديد.

لعله يرى أن التجربة العملية قد تكون مضرة بطريقة ما أو تعارض قيمه، فيعارض الفكرة على الرغم من الأدلة التي توضح أن منافعها تتفوق على أضرارها.

من الصعب أحياناً تحديد منبع هذه المعتقدات. لكن أحياناً، يؤدي مزيج من نشأة الشخص وتاريخه الشخصي وتحيزه الخفي إلى اعتقاده باستحالة قبول اقتراحك مهما كانت الحجة المنطقية أو العاطفية التي تواجهه بها. في هذه الحالات، ليس لديك الكثير لتقوله أو تفعله كي تتمكن من تغيير رأيه.

ما هي طريقة هذه الاستراتيجية؟

بدلاً من محاولة الدخول في نقاش مع شخص يبدو مقاوماً، أحضر زميلاً موثوقاً.

قد يكون شخصاً مؤيداً لك يعمل في جزء آخر من المؤسسة، سواء كان نظيراً أو من مرتبة أعلى، ويتمتع بموقع أفضل لإقناع هذا الخصم. فهو سيجبره على فصل شخصك عن حجتك، وتقييم الفكرة بناء على جدارة أهدافها.

وإذا وصلت مع خصمك إلى طريق مسدود، قد يتمكن الزميل الموثوق من ترجيح الكفة لصالحك.

احذر التالي: تعتبر دعوة مؤيد خارجي سلاحاً ذا حدين. ففي حين يمكنها تحقيق النتيجة التي ترغب فيها، يمكنها زيادة معارضة خصمك وخصوصاً إذا شعر أن الزميل الموثوق يحاول إجباره على موافقتك. لذا، من الضروري العثور على الزميل المناسب القادر على مناصرة موقفك بمهارة مع الحفاظ على علاقة ودية مع الخصم.

ختاماً، معارضة شخص ما لك هي أمر صعب، ولكن محاولة تغيير آراء الأشخاص أصعب. يكمن السر في فهم مصدر مقاومتهم واستخدام استراتيجية موجهة تتوافق مع خصمك تحديداً. عندئذ، ستكون فرصك في الحصول على التأييد بشكل أكبر.

اقرأ أيضاً: 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .