كيف تغلب العادة الابتكار

2 دقائق
متى يفشل الابتكار
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يبذل المسوِّقون الوقت والمال في محاولة لإبراز المنتجات كي يختارها الناس. ولكن ماذا لو كان للابتكار تأثير عكسي؟ متى يفشل الابتكار؟

نظراً لأن الناس مخلوقات رهينة العادة، فهم يتجاهلون الابتكار.

عملية الابتكار في العقل البشري

تستخدم أدمغتنا الاستدلال والتجارب السابقة لتحدِّد ماهية الأشياء، متخطيةً في كثير من الأحيان السمات غير المتوقعة أو غير المألوفة في المشهد. يفترض عالِم الأعصاب موشيه بار أن المخ “دائم الانشغال بتوليد تنبؤات تحاكي المستقبل الملائم لنا”. ويقول بار: “نظن عندما ننظر إلى شيء ما أن المخ يسأل ما هذا؟ لكنه في الحقيقة يسأل ماذا يشبه هذا الشيء؟”، أي أننا نطابق المدخلات من العالم الخارجي بالأشياء التي صادفناها من قبل.

إن عملية التنبؤ السريع هذه هي المعادل النفساني لبرنامج المسابقات القديم “سَمِّ هذا اللحن” (Name That Tune). فكلما سمعتَ الأغنية أكثر، قلّت إشارات الذاكرة اللازمة للتعرف عليها. وكلما قلت الطاقة اللازمة للتعرف على الشيء، كان ذلك أفضل. إن غاية مسؤول التسويق هي جلب المستهلكين لشراء تلك العلامة التجارية من أول وهلة. وإن تغيير اللحن والكلمات باستمرار لن يُجدي.

ويكمن الجانب الآخر من تجاهلنا للابتكار في أنه كلما كان الشيء ثابتاً، تقلص حجم العمل الذي يحتاجه المخ لتحديده (واختياره). منذ عام 1910، أطلق الباحثون على هذه الظاهرة اسم “بريق الألفة الدافئ”. والآن، هناك أدلة من علم الأعصاب على وجودها. إن “تايد” مثال كلاسيكي للمنتج الذي نتعرف عليه دون حاجة إلى الكثير من التفكير. فقد أثبتت الأبحاث أننا نستجيب لطريقة وضع المنتجات على أرفف المتجر، ولونها وشكلها والتوجيه المكاني لها (بهذا الترتيب). حيث يعتمد المخ على تلك القرائن في عملية تسمى “تهيئة الإدراك الحسي”. وبمرور الوقت يقل حجم المعلومات التي يحتاجها المخ، وتكون الطاقة التي يستخدمها للتعرف على الشيء المألوف أقل من تلك المستخدمة في التعرف على الأشياء الجديدة.

هذا الأمر يبدو وكأنه سر مخبّأ، لأن المسوِّقين يبذلون الوقت والمال لخلق الابتكارات. في حين قد لا يكون لمسألة تصميم أغلفة جديدة لمنتج راسخ في الأذهان الأثر المرجو منه. إن التغيير الذي يرمي إلى إنعاش خط إنتاج أو تنشيطه قد يفضي في الواقع إلى تجاهل المستهلكين للتصميم الجديد وهم يبحثون عن المنتجات بأنفسهم معتمدين على عاداتهم البصرية. وفي اختبار لهذا النوع من التغيير الذي يفضي إلى التجاهل، طُلب من مدراء المنتجات إيجاد منتجهم بتصميمه الجديد على أحد الأرفف، ولم يستطيعوا العثور عليه.

قوة الذاكرة الضمنية

ما إن ترسخ الصور في الذاكرة، حتى تصير درجة التصاقها بأذهاننا قوية بشكل غير عادي. في دراسة واحدة أطلع ديفيد ميتشل من جامعة “كينيساو” بولاية جورجيا، المشاركين على صور تشبه الصورة “أ” أدناه، عدة مرات ليحفز ذاكرتهم الضمنية. وفي وقت لاحق، أراهم أجزاء مقطعة (مماثلة لصورة “ب”) من الصور التي شاهدوها في الأصل، ومعها “أجزاء جديدة مقطعة” من صور لم تُعرض عليهم. كان تعرف المشاركين على الصور التي شاهدوها سابقاً مرجَّحاً جداً أكثر من تعرفهم على الصور الجديدة بكثير. وهنا تأتي الملاحظة الجوهرية: قام ميتشل بعرض الصور المقطّعة بعد 17 عاماً من عرض الصور للمرة الأولى، لدرجة أن بعض المشاركين لم يتذكروا أنهم شاركوا في الدراسة. وحتى بعد مرور سنوات، فإن الناس يستطيعون التعرف على الأشياء التي صادفوها من قبل بسهولة أكثر من الأشياء التي لم يصادفوها – وهو أمر ينبغي أن يكون تحذيراً للتجار الذين يفضِّلون الابتكار على العادة لمعرفة متى يفشل الابتكار.

قوة الذاكرة الضمنية

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .