لماذا يجب عليك التخلص من عادة تحمّل مسؤولية الآخرين في العمل؟

5 دقائق
المسؤولية المفرطة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: هل تولي اهتماماً لحاجات الآخرين وتهمل احتياجاتك في أغلب الأحيان؟ هل تذكّر الآخرين باستمرار بما يجب فعله ويُزعجك أنهم غير مسؤولين؟ أم هل تقول “نعم” لكل ما يُطلب منك فعله ثم تشعر بالندم لاحقاً؟ إذا ساء أمر ما، فهل تحمّل نفسك عبء هذه النتيجة؟ إذا كان الأمر كذلك، فقد تكون هذه علامات على أنك تمتلك حساً مفرطاً بالمسؤولية. وقد تكون المسؤولية المفرطة عادة يصعب التخلص منها. فمساعدة الآخرين تمنحنا شعوراً جيداً، حيث تجعلنا نشعر بالرضا وتخفف من توترنا وتجنبنا النزاعات. كما أن الأشخاص المحيطين بك الذين يتعلمون الاعتماد عليك يعززون هذه العادة. لكن، يجب ألا تنتظر حتى تشعر بالندم والاستنفاد. في هذا المقال، يقدم المؤلف استراتيجيات عملية لإيجاد توازن أفضل للمسؤولية.

 

إن تحمّل المسؤولية عنصر أساسي للقيادة الفعالة، فكما يتم تذكيرنا غالباً، إن “القيادة هي تحمل المسؤولية بينما يختلق الآخرون الأعذار”.

ومع ذلك، يمكن للقادة أيضاً أن يصبحوا مسؤولين بشكل مفرط عن غير قصد، وأن يتحملوا مسؤولية مهام الآخرين وعواطفهم وأخطائهم ومشاكلهم. كقصة جوى على سبيل المثال، وهي من كبار قادة التكنولوجيا وقد قضت كل عطلة نهاية أسبوع تقريباً في العمل كي لا تزيد من أعباء فريقها. أو تالة، التي شعرت بالمسؤولية والانزعاج تجاه المشاكل الشخصية لأحد أعضاء فريقها. أو علاء، وهو شريك في مكتب للمحاماة، حيث مرض لأنه أضنى نفسه في العمل لإصلاح موقف إشكاليّ تسبب فيه أحد العملاء.

إن الشعور الزائد بالمسؤولية ليس أكبر العيوب من غير شك. لكن عندما يبلغ الأمر حدّ المسؤولية المفرطة نجد أن كلاً من القائد وفريقه يعانيان. يمكن أن يشعر القادة المسؤولون بشكل مفرط بأنهم مثقلون بالعمل أو مرهقون، ما يودي بهم إلى الاحتراق الوظيفي. وإن القادة ذوي الإحساس المفرط بالمسؤولية قد يتسببون في إضعاف الآخرين، ما يقلل ثقتهم بقدراتهم. كما أنك إذا كنت تشعر بالاستياء سراً، فإن فريقك قادر على الإحساس بذلك والتقاط مشاعرك السيئة.

ضع في اعتبارك ما يلي: هل تولي اهتماماً لحاجات الآخرين وتهمل احتياجاتك في أغلب الأحيان؟ هل تذكّر الآخرين باستمرار بما يجب فعله ويُزعجك أنهم غير مسؤولين؟ أم هل تقول “نعم” لكل ما يُطلب منك فعله ثم تشعر بالندم لاحقاً؟ إذا ساء أمر ما، فهل تحمّل نفسك عبء هذه النتيجة؟ إذا كان الأمر كذلك، فقد تكون هذه علامات على أنك تمتلك حساً مفرطاً بالمسؤولية.

وقد تكون المسؤولية المفرطة عادة يصعب التخلص منها. فمساعدة الآخرين تمنحنا شعوراً جيداً، حيث تجعلنا نشعر بالرضا وتخفف من توترنا وتجنبنا النزاعات. كما أن الأشخاص المحيطين بك الذين يتعلمون الاعتماد عليك يعززون هذه العادة. لكن، يجب ألا تنتظر حتى تشعر بالندم والاستنفاد. بدلاً من ذلك، استخدم الاستراتيجيات الآتية لإيجاد توازن أفضل للمسؤولية:

أعِد النظر بشأن افتراضاتك الخاصة

أعِد النظر بالمعتقدات المتعلقة بمسؤوليتك المفرطة. فعلى سبيل المثال، كانت جوى تؤمن أن عليها تحمل عبء العمل الفائض لمصلحة الفريق. وظن علاء أن مسؤولية إصلاح موقف العميل تقع على عاتقه.

يمكن أن تبدأ المسؤولية المفرطة منذ الطفولة وأن تتشابك مع إحساسك بذاتك. فمثلاُ، قد تشعر بالفخر بنفسك لأنك تمتلك مسؤولية عالية. وعندما تكون مسؤوليتك المفرطة قد أتت بنفعها في السابق، فمن السهل أن تصبح هويتك وتقديرك لذاتك متعلقين بها.

بصرف النظر عن الطريقة التي بدأت بها المسؤولية المفرطة، قد تتسبب معتقداتنا ومفاهيمنا عن ذواتنا بإبقائنا عالقين تحت سطوة سلوك غير مُنتج. وللبدء بالتخلص من عادة المسؤولية المفرطة عليك إعادة النظر في المعتقدات والمخاوف التي تغذيها. هل هي حقيقية بالفعل؟

أعد صياغة التخلي عن المسؤولية واعتبر أنك بهذا تقوم بتمكين الآخرين؛ حيث تتيح لهم مواجهة صعوبات مهمة معينة، وحل مشاكلهم بأنفسهم، وتحمّل عواقب أخطائهم، ما يساعدهم على تطوير كفاءاتهم وثقتهم بأنفسهم.

أعِد منح المسؤولية

سواء إذا كنت تُمنح مسؤولية ما أو تفترضها بإرادتك، فقد حان الوقت لإعادة هذه المسؤولية إلى صاحبها الحقيقي.

ابدأ شيئاً فشيئاً؛ حدّد مسؤولية واحدة كل مرة لإعادتها إلى شخص محدد. قد تختار مهمة بسيطة تظن أن شخصاً آخر عليه القيام بها. أو تحميل شخص آخر من أعضاء الفريق مسؤولية تذكر المواعيد النهائية لمشروع معين. أو ربما كما هو الحال مع تالة، يكون الأمر أكثر أهمية، مثل إعادة المسؤولية لأحد أعضاء فريقها عن سعادته الخاصة.

احرص على التواصل بشأن ما تفعله ولماذا، وتعاون على وضع خطة نقل. على سبيل المثال، يمكنك أن تقول: “لقد قمت مؤخراً بجرد كل مسؤولياتي. وقد كنت أكتب الرسائل الإلكترونية للإبلاغ عن التطورات في هذه المبادرة، وينبغي أن تتحمل أنت هذه المسؤولية. أودّ منك أن تتولى هذه المهمة منذ بداية الأسبوع المقبل. ما الذي يمكنني فعله لجعل هذا الانتقال أكثر سهولة؟”.

توقع التعثر قليلاً في البداية، ولكن عليك مقاومة إغراء العودة إلى ما اعتدت عليه وإلا سينتهي بك الأمر مجدداً عند نقطة البداية.

حدّد مسؤولياتك الحقيقية

عندما تشعر أنك ترزح تحت ثقل العالم بأكمله، جرب تمرين مخطط الدائرة المجزأة التالي. ابدأ بإحضار ورقة وكتابة قائمة تضم كافة الأشخاص الذين يتعلق بهم موقف معين. ففي حالة علاء على سبيل المثال، كان الموقف يتضمن الرئيس التنفيذي، وفريقه من المسؤولين التنفيذيين، ومجلس الإدارة، وفريقاً من مستشاري الاستراتيجية، ومستشاراً قانونياً آخر.

الآن، ارسم دائرة على ورقتك وخصّص نسبة من المسؤولية تجاه الموقف لكل شخص أو مجموعة في قائمتك. اجمع هذه النسب وحدد النسبة المتبقية. هذه النسبة المتبقية هي تقريب منطقي لحصتك الفعلية من المسؤولية تجاه الموقف. فعلى سبيل المثال، على الرغم من أنه متحفظ في تقديراته، فإن حصة علاء من الدائرة المجزأة بلغت 5%.

يمكن لهذا التمرين البسيط أن يساعدك على وضع تقييم أكثر دقة حول كمّ المسؤولية الذي تتحمله، ما قد يحقق لك شيئاً من الارتياح.

تقبّل المساعدة

إذا كنت مسؤولاً بشكل مفرط، فأنت على الأرجح تقول “نعم” عندما يطلب الآخرون منك المساعدة، ولكنك لا تطلب أياً منها بنفسك. حان الوقت لتعيد التوازن للنسبة بين ما تمنحه وما تأخذه.

تدرّب على قبول عروض تقديم المساعدة من الآخرين. إذا سأل شخص ما عما إذا كان بإمكانه مساعدتك أو عرض القيام بشيء ما من أجلك، فقل “نعم”. وإذا كنت قلقاً بشأن إثقال كاهلهم، فافهم أن قبولك لعرضهم يسمح لهم بالاستمتاع بنفس المشاعر الإيجابية التي تستمتع بها عندما تساعد الآخرين.

ومتى ما أصبحت تقبل مساعدة الآخرين بارتياح، ابدأ بتقديم طلبات محددة لتلقّي الدعم. قدم طلبات واضحة ومحددة جيداً بدلاً من التصريح بشكل غامض بأنك “قد تنفعك بعض المساعدة في هذا المشروع”. فالقادة الذين يطلبون المساعدة يرفعون من مشاعر الإيجابية والإلهام والتواصل في فريقهم.

تعاطف من دون أن تصاب بالعدوى من انزعاج الآخرين

إن القوى العاملة اليوم أكثر استعداداً لأن تكون عاطفية وتشارك تحدياتها الشخصية، وهو أمر بالغ الأهمية لخلق مكان عمل مستدام وصحي نفسياً. ومع ذلك، بالنسبة للقادة المسؤولين الذين يميلون إلى تحمل الأعباء العاطفية للآخرين، يمكن أن يزيد ذلك من عبئهم العاطفي الشخصي.

لحماية نفسك من العدوى العاطفية السلبية والجوانب السلبية المحتملة للكثير من التعاطف، تعلم موازنة التعاطف العاطفي مع التعاطف المعرفي، الذي يتضمن تبني منظور شخص آخر لفهم ما يفكر فيه ويشعر به. وعلى العكس من ذلك، فالتعاطف العاطفي يعني الشعور بما يشعر به الآخرون، وإذا تم تركه دون معالجة، فقد يسبب ضرراً لصحتك.

للتدرب على التعاطف المعرفي، ركز على طلب معلومات إضافية. اطرح أسئلة لفهم طريقة تفكير الشخص ومشاعره حول الموقف بشكل أفضل، عوضاً عن وضع نفسك في مكانه عاطفياً.

من خلال الاستجابة كباحث عن المعلومات بدلأ من إسفنجة عاطفية، يمكنك إظهار التعاطف مع حماية نفسك من الأضرار الجانبية الناجمة عن الكثير من التعاطف العاطفي.

تعاطف مع ذاتك

من المعروف أن تغيير عاداتنا وسلوكياتنا أمر صعب. وغالباً ما يتطلب وقتاً أطول مما نرغب فيه ويشعرنا بالارتباك. كما أنك قد تواجه بعض الممانعة لدى أولئك الذين اعتادوا الاعتماد والاتكال عليك.

كن صبوراً ومتعاطفاً مع ذاتك بينما تتحول إلى نمط سلوكي جديد بمسؤولية متوازنة مع من حولك. وإن الانتكاسات جزء طبيعي من عملية التغيير. لذا بدلاً من لوم نفسك عند حدوث الانتكاسات المحتمة، انظر إليها كفرصة للتعلم. واسأل نفسك: ما الذي يمكنني أن أتعلمه منها؟ وما الذي يمكنني فعله للعودة إلى المسار الصحيح؟

إن تصحيح حجم مسؤوليتك لا يتعلق بتقليص ما لديك من مهام بل بإيجاد توازن أكثر ملاءمة. وعن طريق تحمل 100% من مسؤولياتك، دون أي شيء أكثر، ستتجنب التوتر الزائد وتساعد الآخرين وتمكّنهم من النمو.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .