إذا أردت حل مشكلة مزمنة فجرّب الارتجال

3 دقيقة
كيف تحل مشكلة مزمنة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

كيف تحل مشكلة مزمنة بنجاح؟ تتخذ مشكلات العمل أشكالاً عديدة، إلا أنها تتشابه في شيء واحد، حيث تميل جميعها إلى التكرار.

فلا أحد يشتكي أن رب العمل غضب لمرة واحدة أو أن أحد الزملاء لم يمد يد المساعدة لمرة واحدة. وتقريباً جميع حالات التعدي التي تلفت نظر إدارة الموارد البشرية هي حالات متكررة. والاجتماعات المملة تميل لأن تكون كذلك بالطريقة نفسها أسبوعاً بعد آخر.

كيف تحل مشكلة مزمنة

يقول قادة الأعمال وهم يستشيطون غضباً والشرر يقدح من أعينهم وهم يصفون الشعور بمشكلات العمل التي باتت مألوفة جداً: “يا للهول، ها قد حدث ذلك!” أو “ها نحن مرة أخرى!” وربما جربوا أنواع الردود المناسبة جميعها. ويعترفون عموماً أن الاستجابة بالطريقة نفسها مراراً وتكراراً في معالجة المشكلة المستعصية ذاتها تؤدي إلى نتائج ضعيفة كما هو متوقع.

وثبت أنه من المفيد في حالات كثيرة التمهل قليلاً عندما تلاحظ مشكلة متكررة وتعتبرها إشارة، أو أداة للتنبيه. إنها إشارة تدعوك إلى الارتجال. وحالما تلاحظ أنك في بيئة عمل مألوفة ومؤذية، حيث من المرجح أن يتصرف الطرف الآخر بالشيء المعتاد نفسه وأنك سوف تؤدي دورك المعتاد، حينها يكون الوقت حان لفعل شيء مختلف. والأمر الجدير بالملاحظة أن محتوى البديل الذي نفعله غير مهم تقريباً.

على سبيل المثال، أخبرني رائد، وهو الرئيس التنفيذي لشركة متوسطة، أن أمل، المديرة المالية للشركة، تأتي إلى الاجتماعات متأخرة دائماً. وقام بسؤالها ثم إقناعها ثم توبيخها ثم تهديدها. ولم يتغير شيء من سلوكها غير المتعاون وتصرفها الذي من الواضح أنه غير مهذب، والذي لم تنكره لكنها أيضاً لم تحسّنه. فعرضت عليه اقتراحات، وجربها، لكنها لم تكن مفيدة تماماً كما كانت أفكاره. وأخيراً، عرضت عليه فكرة طرأت على بالي كاقتراح أخير.

قلت له: “في المرة القادمة التي تأتي فيها متأخرة، ارتجل شيئاً لم تجربه من قبل”.

فسألني: “مثل ماذا؟”.

أجبته: “إذا أخبرتك ما عليك أن تفعله فلن يكون ارتجالاً. لا بأس في أي شيء عدا الغضب، ما دام يختلف عن ردة فعلك المعتادة”.

“كأن أقف على رأسي مثلاً؟”.

“نعم، قف على رأسك رجاء، فذلك سيكون أفضل من التوبيخ الذي تفعله في كل مرة”.

يهدف الارتجال إلى شيئين رئيسيين، الأول هو أنك تستعيد قيادة دفة حياتك من جديد، وتُصبح أشبه بسيارة دفع رباعي في الفضاء المفتوح، من ذلك القطار الذي يسلك المسار الرتيب. كما أن فيه دعابة أيضاً، فغالباً يكون ما ترتجله أمراً مرحاً. فهو يعيد إليك الشعور الإنساني والحرية إضافة إلى روح الدعابة.

الهدف الثاني للارتجال هو أن بقدرته تحرير الطرف الآخر. فعندما تتوقف عن أداء دور كالمعهود، فإنك تدعوه ضمناً للتوقف عما يفعله عادة. حيث إنك لا تستطيع التحكم بالشخص الآخر تحكماً مباشراً، لكن في وسعك أن تغير البيئة المحيطة به، وهي في هذه الحالة ردة فعلك. ما يزيد احتمال أن يستجيب الطرف الآخر بدوره بطريقة مختلفة.

و”الارتجال” لا يعني أن “كل شيء مباح”. فتعلم أن بعض ردود الفعل من المحتمل أن تكون مؤذية. وأن التعبير عن غضبك المعتاد بطرق مختلفة قليلاً لا يُعد ارتجالاً. بل إدراك أن الحكاية نفسها تتكرر والنظر إليها بهذه الطريقة يمنحك الفرصة لابتكار شيء جديد كلياً.

وبينت الدراسات أن التفكير البطيء بمشكلات العمل يساعد في حلها. رغم أن هذا قد يكون مثالياً، فإنه غالباً ما ينبغي علينا التصرف واتخاذ القرار، ما يعني اختزال وقت التفكير إلى بضعة ثوانٍ. وربما يكون ذلك مكسباً، لأن الإلحاح في تلك اللحظة يساعدنا على ابتكار طريقة جديدة لمعالجة المشكلة، ويتبين أن ذلك مثير لجميع الأشخاص المعنيين.

وبهذه الطريقة نجح الأمر في حالة رائد وأمل.

هدّأ رائد نفسه قبل الاجتماع التالي، مدركاً أن أمل ستتأخر. ولم تكن لديه أدنى فكرة عما سيفعله، لكنه أراد أن يظل هادئاً ويفعل شيئاً غير مخطط له عندما يحين الوقت. وبالتأكيد كانت متأخرة. نظر إليها وشعر بالغضب بدأ يتصاعدد، وقرر في البداية أن يكون فضولياً تجاهها. وبدل أن يسأل “لماذا تفعلين ذلك؟” بصوت عالٍ ونبرة حاسمة، سأل نفسه بصراحة “لماذا تفعل ذلك؟” فأدرك أنه ليس لديه أدنى فكرة. فهو لم يصدق فعلاً أنها تقصد أن تكون وقحة. وتذكر أيضاً أنه محتاج لوجودها، فهو يريد خبرتها. وعندما فكر ملياً في هذه الأمور مع بدء الاجتماع، خطرت له فكرة مفاجئة.

فقال أمام جميع فريق الإدارة: “أمل، أريد فقط أن أعرب عن تقديري العميق لكل ما تفعلينه من أجل هذه الشركة. لقد مضيتِ خلال أوقات عصيبة وأنا ممتنٌ للغاية”.

وقال لي رائد لاحقاً: “كان بوسعك أن تسمع رنين الإبرة. بدت أمل مدهوشة جداً، وكذلك الجميع.. لقد قلت ذلك وكنت أعنيه. ولم تتأخر عن أي اجتماع منذ ذلك الحين، لكنني أعتقد أنني لم أكن لأكترث حتى لو تأخرت”.

بعد حين، يمكن أن يصبح هذا النوع من الارتجال متوقعاً أو حتى مراوغاً. لكنه في هذه اللحظة يميل إلى أن يكون حيوياً وفريداً. وتضمّن تصرف رائد سمة متكررة للارتجال في سياق العمل، وهي أنه لعدة لحظات لم يفعل شيئاً. فقد امتنع عن الانتقاد المسموع لأمل، وهذا بحد ذاته يكون بنفس أهمية الشكر الذي عبّر عنه لاحقاً. فتبين لرائد وأمل وفريق الإدارة كله أنه على وشك أن يفاجئهم.

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .