كيف تتعامل مع زميل فظ بطبيعته؟

5 دقائق
التعامل مع زميل فظ
غيتي إميدجيز/ديفيد ماديسون

ملخص: من الطبيعي أن يستخدم الأشخاص أساليب تواصل مختلفة، ولكن العمل مع شخص يفتقر إلى اللطف أو يميل إلى التعامل بأسلوب فظ يمكن أن يؤجج مشاعر القلق. بدلاً من إهدار الوقت والطاقة في القلق بشأن ما يعنيه تواصل أحد زملائك معك بأسلوب فظ، جرب بعض الاستراتيجيات التي قد تُحسِّن تعاونكما معاً. أولاً، افهم ما الذي يجعلك تشعر بعدم الارتياح وتذكر ألا تأخذ الأمر على محمل شخصي. ثم حاول معرفة ما إذا كان مستعداً وقادراً على تعديل طريقة تواصله معك أم لا. وضع في اعتبارك أنك يجب أن تكون على استعداد لتقديم تنازلات أيضاً، وأنه ينبغي لك مقاومة الرغبة في ممارسة النميمة. فهذه الأساليب يمكن أن تمنعك من أن تنأى بنفسك عن زميل لديه نقاط قوة مهمة أخرى.

 

طلب مني أحد الزملاء مؤخراً الإسهام في مشروعه، وفي حين أنني كنت مسروراً لتلقي الدعوة، إلا أن أسلوبه في التواصل بدا فظاً وجعلني أشعر بشعور سيئ. فقد كان يصدر أوامر على غرار “تأكد من أنك تفعل هذا، وهذا، وهذا” و”تأكد من أنك لا تفعل هذا، وهذا، وهذا”.

أجج ذلك شعوري بالقلق. إذ لم تكن هناك أي تعبيرات لطيفة أو مُطَمئنة لتشعرني بالراحة. فالتعليمات، على الرغم من وضوحها، كانت تحمل معنى “لا تفسد هذا الأمر”، وكنت قلقاً من أن أخيب أمله أو أثير غضبه. أتيحت لي لاحقاً الفرصة لملاحظته وهو يتفاعل مع متعاون آخر ووجدت أنه يستخدم أسلوب التواصل نفسه. لم يكن أسلوبه غير مهني، لكنه كان يفتقر إلى اللطف.

كيفية التعامل مع الزميل الفظ

يمكن أن يتسبب التعاون مع هذا النوع من الأشخاص الفظين في ضياع وقتك وطاقتك النفسية ما يجعلك تفكر كثيراً فيما إذا كنت قد فعلت شيئاً خاطئاً⁧⁩ أو تعتقد أنك حساس للغاية. وقد يؤدي ذلك أيضاً إلى ابتعادك عن زميل بارع في وظيفته ولديه نقاط قوة أخرى يمكن أن يستفيد الفريق منها. قبل قضاء ساعات في القلق إزاء تعاملك الحالي (أو المستقبلي) معه، ضع في اعتبارك هذه الاستراتيجيات الخمس للعمل معه على نحو أكثر فعالية.

1- لا تأخذ الأمور على محمل شخصي

ضع في اعتبارك دائماً أنك لن تعرف أبداً ما يحدث وراء الكواليس عندما يعطي شخص ما انطباعاً بأنه فظ أو متطلب. إذ يمكن أن يكون ذلك هو وسيلته للدفاع ضد ما يشعر به من قلق، حول مشروع يسير في الاتجاه الخاطئ على سبيل المثال. وربما يعاني من مشكلات شخصية تجعله عصبياً، أو ربما يميل إلى التواصل بطرق حادة، كما هو الحال مع بعض الأشخاص المصابين بطيف التوحد. وهناك آخرون يفتقرون ببساطة إلى مهارات التواصل.

اعرف ما الذي يثير قلقك؛ فربما عدم تحدث الآخرين بلطف وود يجعلك تشك في كفاءتك، أو ربما تتسبب معاييرهم العالية في إثارة خوفك من فهم الأمور بشكل خاطئ. عندما تثير طريقة تواصل أحد الزملاء قلقك، لاحظ ما إذا كانت تندرج ضمن إحدى فئات السلوك التي تعرف أنها عادة ما تزعجك أو تربكك. وكلما فهمت على نحو أفضل أساليب التواصل التي تجدها مزعجة ومثيرة للقلق، كان من الأسهل أن تقيم الموقف بدقة وأن تذكِّر نفسك بعدم أخذ الأمر على محمل شخصي.

2- فكر سريعاً ما إذا كنت قد اقترفت أي “خطأ”

في حين أن افتراض أنك “لست السبب، بل هم” سيكون هو الافتراض الصحيح في معظم الحالات، إلا أنه إذا كان شخص ما يبدو منزعجاً منك أو يزدريك، ⁧فهناك⁧⁩ احتمال ضئيل أن تكون فعلت شيئاً أدى إلى ذلك. بدلًا من قضاء الكثير من الوقت في التفكير في الأمر، استعرض سريعاً بعض الاحتمالات إما لاستبعاد هذه الخواطر وإما لتحفيز نفسك لتغيير سلوكك. على سبيل المثال، ربما اقترحت طريقة جديدة لفعل شيء ما، ويرى زميلك الذي يميل إلى “الالتزام بالنص” أن هذا الأمر سيكون مرهقاً، أو ربما لديك عادة سيئة تتمثل في إرسال رسائل بريد إلكتروني بعد ساعات العمل، ما يجعل زميلك يشعر أنه ملزم بالرد خلال وقت فراغه. فهذا النوع من التحليل المنطقي السريع يمكن أن يساعدك في الوصول إلى التوازن الأمثل بين اجترار الأفكار والتغافل.

إذا كنت تشك في وجود تعارض بين الأساليب، فهناك طريقتان مختلفتان يمكنك تجربتهما. أولاً، يمكنك تكييف سلوكك دون ذكر الأمر على الإطلاق. ثانياً، يمكنك التحقق بشكل استباقي من افتراضاتك، بأن تقول شيئاً بسيطاً من قبيل “أحب عملنا معاً. فإذا كان هناك أي شيء أفعله ويزيد من صعوبة إنجاز المهام، يرجى إبلاغي به. وسأرحب دوماً بملاحظاتك”. يمكنك إضافة تعليق أكثر تحديداً ويتلاءم مع ما تعتقد أنه قد يكون سبباً في حدوث الصدام بينكما، مثل “أعلم أن فريقك يتبع طرقاً ثابتة في التواصل وإنجاز المهام”، أو “أعلم أنني أحياناً أعقد الأمور أكثر من اللازم لأنني كثيراً ما أكون انتقائياً”.

3- اعرف ما إذا كان بإمكانهم أن يكونوا مرنين

يمتلك بعض الأشخاص الفظين المهارات اللازمة لتلطيف أسلوبهم عندما يُطلب منهم ذلك. إذا كنت بحاجة إلى أن يكون أسلوب التواصل أكثر لطفاً وتشجيعاً، فحاول أن تطلب ذلك. يمكنك القيام بذلك بشكل غير مباشر من خلال إظهار ضعفك، ما يمكن أن يكون فعالاً بغض النظر عما إذا كان لديك قدر أكبر أم أقل من السلطة في العلاقة. على سبيل المثال، يمكن أن تقول “أعطيتني عدة تعليمات، وأرغب حقاً في إنجاز هذه المهمة بصورة جيدة. ولكني أخشى الإخفاق فيها. فهل يمكنك مساعدتي في التأكد من أنني أفهم الأمر بشكل صحيح من خلال إخباري عندما أكون على المسار الصحيح وأي من أفكاري تبدو واعدة حقاً؟”. يمكنك أيضاً أن تخاطب الأنا بداخلهم، ما يمكن أن يساعد في إظهار لطفهم وودهم، مثل أن تقول: “أنت رائع حقاً في التعبير عما تريد قوله بشكل سريع. هل يمكنك إخباري ما إذا كنت أعبر عن وجهة نظري ودوافعي بالوضوح الكافي؟”. هل يمكنك إخباري ما إذا كنت أعبر عن وجهة نظري ودوافعي بالوضوح الكافي؟”. إذ إن إرسال “بالون اختبار” كالموضح في هذه الأمثلة سيعطيك فكرة عما إذا كان زميلك لديه القدرة على تعديل أسلوبه.

4- استعداد لتقديم تنازلات

أي علاقة، بما في ذلك علاقة العمل، تتطلب تقديم بعض التنازلات. على سبيل المثال، في العلاقات العاطفية، أن يكون أحد الطرفين جيداً في تهدئة الخلافات قبل أن تصبح مزعجة يمكن أن يكون كافياً للحفاظ على العلاقة. وبالمثل، في علاقات العمل، أحياناً ما يكون المسار الأكثر سلاسة للمضي قدماً هو قبول فكرة أنك ستحتاج إلى بذل مجهود نفسي للتكيف مع أسلوب شخص آخر. وهو ليس وضعاً مثالياً، ولكن لا مفر منه في بعض الأحيان.

بالطبع هناك فرق بين التواصل وثيق الصلة بالموضوع والتصرفات الدنيئة أو الإساءة الصريحة. إذ إن تحمُّل ذلك لن يساعد أحداً. اسأل نفسك هذه الأسئلة لمعرفة الفرق: هل يجيب الشخص عن أسئلتك؟ هل ينسب أفكارك إلى نفسه؟ هل يقبل أفكارك واقتراحاتك على الأقل لبعض الوقت؟ هل يتسبب في معاناتك من نوبات غضب؟

من المثير للاهتمام، أن بعض الأفراد قد يكونون فظين ظاهرياً، ولكن بعد إمعان النظر في الأمر قد تجد أنهم زملاء جيدون؛ فهم موثوقون ومنفتحون على الأفكار ومنصفون ويقومون بعمل جيد، وما إلى ذلك. فمن الممكن جداً أن يكون أسلوب تواصل شخص ما صعباً ولكنه يتمتع بهذه السمات (تماماً كما يمكن أن يتسم شخص ما بأنه لطيف ويتمتع بمهارات تواصل جيدة ولكنه لا يمتلك هذه السمات).

5- قاوم الرغبة في ممارسة النميمة.

عندما يتواصل شخص ما في الفريق بأسلوب يزعج الآخرين، فإنه يمكن أن يصبح موضوعاً للنميمة والسخرية. وهذا الميل طبيعي؛ إذ إن هذا الأمر يمكن أن يُنظر إليه على أنه دعم عاطفي ومصدر للتحقق من أنك لست أنت السبب، بل هم. ومع ذلك، فإن أسطورة سلوك الزميل وشخصيته يمكن أن تتخطى الواقع بسرعة وتؤدي إلى وصفه بشكل غير منصف بأنه صعب المراس ويُحتمل أن يتعرض للاستبعاد والنبذ. فهذه ليست ديناميكية مفيدة أو ناضجة في أي فريق.

إذا أتى إليك أحدهم بشائعات حول زميلك الفظ، فيمكنك الاعتراف بصحة شكاواه دون التمادي في المبالغة أو تشجيع تلك الشائعات، بل ويمكنك حتى إعادة توجيه المحادثة من خلال الإشارة إلى نقاط قوة هذا الشخص.

في حين أنه من الشائع تفضيل العمل مع الأشخاص الذين يتواصلون بطريقة لطيفة وإيجابية، إلا أن الجميع لا يتواصلون بهذه الطريقة. إذا كان بإمكانك أن تتعلم ألا تأخذ الأمور على محمل شخصي وأن تقيم التعاملات بشكل منطقي وأن تقدم تنازلات عند الضرورة، فأنت بذلك ستحافظ على وقتك وطاقتك النفسية وستكون قادراً على تقدير قيمة السمات والمهارات الإيجابية التي يتمتع بها زميلك الفظ على نحو أفضل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .