كيف تبدو الآراء التقييمية الجيدة؟

3 دقائق
الآراء التقويمية الجيدة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

وفقاً لإحدى المقالات الأخيرة من “هارفارد بزنس ريفيو” التي تحدثت عن الآراء التقويمية الجيدة، نادراً ما يكون من المفيد تقديم آراء تقويمية إلى الزملاء. يقول كاتبا المقالة إنّ النقد البنَّاء لن يساعد الموظفين على التميز، وأنك عندما تقوم بإبراز مواطن ضعف شخص ما، فإنك في حقيقة الأمر تقوم بإعاقة عملية التعلم لديه. كما أنه يتعين على المدراء تشجيع الموظفين على ألا يقلقوا كثيراً إزاء مواطن ضعفهم، واستبدال ذلك بالتركيز على مواطن قوتهم.

ويقودنا بحثنا وخبرتنا في “مركز القيادة الخلّاقة” (Center for Creative Leadership) إلى استنتاج مختلف. وهو أنَّ الآراء التقييمية – الإيجابية والسلبية على حد سواء – تعتبر مهمة لمساعدة المدراء في تحسين أفضل صفاتهم ومعالجة أسوأها حتى يستطيعوا التفوق في القيادة.

سمات الآراء التقييمية الجيدة

ثمة العديد من الأفكار التي نتفق معها في تلك المقالة:

  • الآراء التقييمية القاسية لا تساعد الموظفين على التفوق والنمو

يجب تقديم الانتقاد الفعال باحترام واهتمام. التعليقات المتكررة أو السلبية يمكن أن تؤدي – على نحو خاص – إلى استجابات وقائية تشوش على المفاهيم وتثبط الدافعية.

اقرأ أيضاً: كيف تبتعد عن التحيّز الجندري في تقييم أداء العاملين؟

  • الآراء التقييمية الإيجابية بالغة الأهمية للتعلم

في أحوال كثيرة، يلاحظ الموظفون المشكلات بسرعة، ولكن الانتباه إلى ما يجري لدعم التطوير وإضافة مدخلات تساهم في تحقيقه هي أمور لا تقل أهمية عن ذلك.

  • وغالباً ما يكون إخبار شخص عن طريقة إصلاح مشكلة ما نهجاً خاطئاً

لذلك ستدعم المزيد من التعلم من خلال طرح الأسئلة التي تشجع على التفكير، وتدريب الموظفين على الاستكشاف والتجريب.

وعلى أي حال، فإننا لا نتفق مع نقاط أخرى:

  • الموظفون مقيّمون غير موثوقين للآخرين، وبالتالي قدِّم آراء تقويمية تشكِّل تحريفاً أكثر منها حقيقة.

الآراء التقييمية ليست موضوعية بحتة أبداً لأنّ الإنسان هو من يقدمها من منظور خاص به. وعلى أي حال، فإن معرفة كيفية نظر الآخرين إلى الآراء التقييمية وتعاملهم معها هو أمر في غاية الأهمية للغاية بالنسبة للقادة، حيث يتخذ هؤلاء الموظفون القرارات بناءً على وجهات نظرهم الخاصة، قرارات حول من يتم الاستماع إليه والتعاون معه والثقة به ودعمه وتعزيزه.

  • تشكّل الآراء التقييمية حول مواطن الضعف تهديداً يعيق التعلم

تبين الأبحاث أنّ من يتلقون آراءً تقويمية شاملة (360 درجة) ويحصلون على تقييمات سلبية يميلون إلى تحسين أدائهم أكثر من الآخرين. وقد وجدنا في عمل مركز القيادة الخلّاقة أنّ المسؤولين التنفيذيين الناجحين يصفون جميع أنواع الأحداث ذات الخطورة المحتملة (مثل الرؤساء المخيفين، وارتكاب خطأ في العمل التجاري، والترقية، وطرد الموظفين) كدوافع أساسية لتطويرهم.

اقرأ أيضاً: كيف بإمكانك التماس تقييم سلبي عندما لا يريد مديرك إعطاءه؟

  • يتعين على الموظفين التركيز على مواطن قوتهم

أظهر عملنا أنّ تجاهل مواطن الضعف لدى شخص ما يعتبر أحد أهم العوامل لإعاقة الفرد في المؤسسات. وعلى الرغم من مدى تناغم مواطن القوة لدى قائد ما، فإنّ “عيباً قاتلاً” واحداً يُترك دون علاج (مثل التكبُّر، أو عدم القدرة على بناء فريق، أو الصعوبة في التكيف مع بيئة جديدة) يمكن أن يؤدي إلى الفشل، وخصوصاً إذا لم يعترف الفرد بها.

  • يمكنك مساعدة مؤسستك بشكل أفضل من خلال التحسن في أشياء أنت بالفعل جيد فيها

يفترض ذلك أنّ الجميع جيدون في الأشياء الصحيحة، وأنهم يمتلكون المهارات والكفاءات المهمة التي تحتاجها المؤسسات للنجاح. ويبين بحث زميلتنا جين ليزلي أنّ هذا نادراً ما يكون عليه الحال. ففي الحقيقة، وجدت جين أنّ القادة هم الأضعف في مهارات القيادة المستقبلية الأكثر أهمية، وهي الالتزام الملهم، وقيادة الموظفين، والتخطيط الاستراتيجي، وإدارة التغيير.

عندما تقوم بالتركيز على مواطن القوة فحسب، فأنت تهدئ الموظفين لإقناعهم بعدم وجود جوانب أخرى يمكنهم التحسن فيها. وهذا ما يتيح الفرصة للمدراء لتشجيع التطوير الضروري، والذي يكون صعباً في بعض الأحيان في مرؤوسيهم وزملائهم، وهو ما يعرِّض الكفاءة التنظيمية في نهاية المطاف إلى الخطر.

اقرأ أيضاً: تحقيق أقصى استفادة ممكنة من التقييمات الشاملة

لذا بدلاً من تشجيع الموظفين على تجنب الآراء التقييمية السلبية، يتعين علينا التركيز على كيفية تقديم الآراء التقييمية السلبية بطرق تقلل من تدابير التصدي للخطر. ونحن نعلِّم في “مركز القيادة الخلّاقة” نهجاً لتقديم الآراء التقييمية يُدعى أثر الظرف والسلوك (Situation-Behavior-Impact) لمعالجة كل من مواطن الضعف والقوة بطريقة واضحة ودقيقة ومهنية ومراعية.

يقوم مقدمو الآراء التقييمية أولاً بملاحظة الوقت والمكان الذي حدث فيه السلوك. ثم يصفون السلوك (ما رأوه وشاهدوه). وتتمثل الخطوة الأخيرة في وصف أثر السلوك من ناحية أفكار مقدمي الآراء التقييمية أو مشاعرهم أو أفعالهم.

إليك مثال على ذلك: “في اجتماع الموظفين لدينا هذا الصباح عندما كنا نناقش استراتيجيات لتمويل المبادرة الجديدة، قمتَ بمقاطعة خولة أثناء حديثها، وقلت لها إنّ فكرتها لن تنجح أبداً، قبل أن يكون لديها فرصة لتكمل طرح فكرتها. تسبب لي ذلك بخيبة أمل تمثلت في عدم تمكني من سماع المزيد منها، وكنت متخوفاً من مشاركة أفكاري في المجموعة”.

هذا الرأي التقييمي ليس متسرعاً في إصدار الأحكام (كنت مخطئاً عندما قاطعت خولة)، وليس معمّماً (أنت دائماً تقاطع الأشخاص)، ولا يحلّل الأسباب التي أدت إلى تصرف الفرد بهذه الطريقة (ألا تحترم أفكار الآخرين؟). وبالتالي، يزيد احتمال الاستماع إليه وأخذه بعين الاعتبار بدلاً من رفضه بشكل دفاعي.

وفي نهاية الحديث عن الآراء التقويمية الجيدة، على كل الأحوال، فإننا نشجع المؤسسات والمدراء والموظفين على الاعتراف بمواطن القوة وتعزيزها. أما تجاهل مواطن الضعف فهو على مسؤوليتك الخاصة.

اقرأ أيضاً: الرد على تقييم لا تتفق معه

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .