3 مهارات ضرورية تساعدك على إدارة وقتك بفعالية

7 دقائق
كيف يمكن إدارة الوقت
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

هناك مشكلات نعاني منها دوماً في الحياة والعمل على حد سواء، كمشروع بطيء التقدم وتأخر عن المواعيد النهائية وقائمة الأعمال التي تزداد طولاً يوماً بعد يوم وكل هذه المشكلات بسبب عدم معرفة كيف يمكن إدارة الوقت.

ومع حلول موسم اتخاذ قرارات العام الجديد، يحاول الموظفون بشجاعة تحقيق أهداف “إدارةالوقت على نحو أفضل” و”زيادة الإنتاجية” و”التركيز على الأهم”. وبالفعل، تتمتع أهداف التطوير هذه بأهمية في تحقيق النجاح المهني. لا تنظر بعيداً، فالاستبانات واسعة النطاق تتوصل دائماً إلى أن مهارات إدارة الوقت هي إحدى أكثر المهارات المرغوبة لدى الموظفين، ولكنها في نفس الوقت واحدة من أندرها.

إذن، كيف يمكننا تحسين قدرتنا على إدارة الوقت؟ لا شك أن هناك كثيراً من النصائح الواردة في الكتب والمدونات، والكثير من الطرق والبرامج الذكية التي وضعت بهدف تعزيز إدارة الوقت باستخدام مجموعة أدوات معدة للتطبيق الفوري. ومع ذلك، يبقى الواقع الذي يسبب استياء من يحاولون تحسين أساليبهم في إدارة الوقت هو أن هذه الأدوات غير فعالة مهما بلغت كفاءة تصميمها. فهي ببساطة، تفترض أن مستخدمها يمتلك بالفعل مجموعة مهارات أساسية، ولكن المهارات التي تشمل إدارة الوقت تتقدم بأهميتها على فعالية أي أداة أو برنامج ذكي. فهل يتوقع أحد حقاً أنه سيتحول مثلاً إلى طباخ ماهر ما أن يشتري مجموعة من السكاكين الحادة وتجهيزات المطبخ القائمة على أحدث التقنيات وبعض المكونات الطازجة؟ بالطبع لا. وبالمثل، فإن استخدام برنامج ذكي لترتيب جدول الأعمال من دون امتلاك مهارات إدارة الوقت اللازمة لن يؤدي إلى نتائج إيجابية في إدارة الوقت.

اقرأ أيضاً: طرق مقترحة لشراء الوقت السعيد بالمال

لحسن الحظ، هناك بحر من الأبحاث التي تتعمق في المهارات التي تقوم عليها إدارة الوقت، وهي تعرّف إدارة الوقت بأنها عملية صنع القرار التي تنظم الوقت وتحميه وتكيفه مع تغير شروط البيئة المحيطة. وهناك ثلاث مهارات محددة تفصل بين نجاح إدارة الوقت وفشلها، ألا وهي:

  • الوعي: التفكير على نحو واقعي بوقتك عن طريق فهم موارده المحدودة.
  • التنظيم: تصميم الأهداف والخطط والجداول والمهمات وتنظيمها بطريقة تمكنك من الاستفادة من الوقت بفعالية.
  • التكيف: مراقبة استهلاكك للوقت أثناء أداء نشاطاتك، بما فيها التكيف مع المقاطعات أو تغير الأولويات.

لربما كانت مهارة التنظيم هي الأكثر شهرة، نظراً لعمل معظم الطرق والبرامج المطروحة على تنظيم الجداول والتخطيط على وجه الخصوص. ولكن لا تتمتع كل من مهارة الوعي ومهارة التكيف بشهرة مماثلة، وهذا ما يثير أسئلة هامة حول فعالية هذه المهارات من منظور التطوير: هل تتمتع جميعها بأهمية متساوية؟ هل يصعب إتقان بعضها أكثر من البعض الآخر؟ هل يندر بعضها أكثر من البعض الآخر؟

قياس مهارات إدارة الوقت

من أجل الإجابة عن هذه الأسئلة، تفحصت نتائج أكثر من 1,200 موظف شارك في تجربة محاكاة مصغرة استمرت 30 دقيقة وصممت لتقييم مهارات إدارة الوقت بموضوعية. منح المشاركون دور مصمم مستقل، وكان عليهم إدارة المهمات والعلاقات مع الزبائن والزملاء ضمن منصة تواصل كاملة تضم الرسائل الإلكترونية والرسائل النصية وملفات السحابة الإلكترونية وما إلى ذلك. وكانت المشاكل التي يجب عليهم مواجهتها تتضمن التعامل مع الخلافات على جدول الأعمال وتحديد أولويات مطالب الزبائن وتحديد طريقة استخدام الوقت أو عدمه.

فكشفت الأدلة عن عدة نتائج مقنعة.

أولاً، كانت أهمية المهارات الثلاث متساوية بالأهمية نسبة للأداء الكلي في إدارة الوقت، ولذلك، فإن تطوير مهارة وضع الجدول والتخطيط وحدها (مهارات التنظيم) يتجاهل ثلثي الكفاءة اللازمة لإدارة الوقت بفعالية. وهذا من شأنه أن يفسر سبب خيبة أمل المرء عندما يستخدم برنامجاً جديداً ويشعر أنه لم يحرك ساكناً في محاولته لإتقان إدارة الوقت.

ثانياً، عانى الموظفون من صعوبة كبيرة في مهارات الوعي والتكيف، إذ كانت درجات تقييمها أقل منها لمهارات التنظيم بنسبة 24% وسطياً. وتشير هذه الأدلة إلى ندرة مهارات الوعي والتكيف، بالإضافة إلى الصعوبة الأكبر في تطويرها بصورة طبيعية من دون تدخلات مباشرة. بالإضافة إلى ذلك، كانت مهارات الوعي المحرك الأساسي لمدى براعة الموظف في تفادي المماطلة ومهارات التكيف كانت المحرك الأساسي لمدى براعته في ترتيب أولويات الأعمال.

اقرأ أيضاً: هل تشعر بالانشغال طوال الوقت؟ إليك ما سيقلب ذلك الشعور

ثالثاً، كانت النتائج متعارضة مع النصائح الشائعة حول فوائد تعدد المهام أو مضارها. سألنا في إحدى الاستبانات عن شعور المشاركين حول تعدد المهام، وكشفت الأدلة أن تفضيلاتهم لتعدد المهام غير متعلقة في الحقيقة بمهارات إدارة الوقت، بعبارة أخرى، لا علاقة لدرجة قدرة الشخص على إدارة وقته بتفضيلاته حول تعدد المهام. ولذلك يبدو أن الاهتمام الشديد بتعدد المهام من قبل من يقدمون نصائح حول إدارة الوقت لا يجدي نفعاً.

رابعاً، كان الدليل واضحاً على عدم دقة التقييم الذاتي للكفاءة في إدارة الوقت لدى جميع المشاركين. مثلاً، كانت نسبة أقل من 1% من تقييمات الموظفين لأنفسهم متداخلة مع درجاتهم في المهارة المستهدفة. فضلاً عن ذلك، لم يفسر التقييم الذاتي أكثر من 2% من الاختلافات في مهارات إدارة الوقت الفعلية. تكرر هذه النتائج ما توصلت إليه أبحاث سابقة حول افتقاد الوعي الذاتي الدقيق فيما يخص كفاءة المرء، وما يسببه من عرقلة للتغيير وتطوير القدرات القيادية.

طريقة تطوير مهارات إدارة الوقت

كيف يمكننا إعداد أنفسنا لنصبح أفضل في إدارة الوقت؟ أول ما نحتاج إليه هو معرفة النقطة التي يجب التركيز عليها، والطريقة الواقعية الوحيدة للإجابة عن هذا السؤال هي فحص مستوى المهارات الحالي بتعمق. يمكننا اتباع ثلاث خطوات بهدف الإعداد لجهود التحسينات:

1. احرص على بناء وعي ذاتي دقيق لمهاراتك في إدارة الوقت

يمكن القيام بهذه الخطوة عن طريق التقييم الموضوعي، مثل أسلوب المحاكاة المصغرة، سعياً للحصول على تقييمات الآخرين كالنظراء أو المدير، أو تأسيس نقطة لبداية السلوكيات التي ستقوم بقياس التحسينات على أساسها.

2. يجب أن تدرك أن الأفضليات هي التي تتمتع بالأهمية، وليس ما تعتقده

يمكن للوعي الذاتي بشأن أفضلياتك أو شخصيتك المرتبطة بإدارة الوقت، كتعدد المهام مثلاً أو الاستباقية، أن يعمق فهمك لمواضع الصعوبات التي قد تواجهها جهودك لتغيير عاداتك. ولكن، لا تنس أن المهارات وليس الشخصية ذاتها هي أكثر السمات الشخصية ليونة، وهي ما ينتج أكبر عائد على الاستثمار على جهود تحسين الذات.

3. حدد المهارة التي يجب عليك تحسينها وامنحها الأولوية

على الرغم من أن ذلك يبدو بديهياً، إلا أن النقطة الأساسية هنا هي أن تتجنب تحسين الذات “السطحي واسع النطاق”، حيث تشكل الجهود طبقة رقيقة جداً ممتدة على احتياجات كثيرة جداً. ولذلك، من الأفضل أن تمنح الأولوية لتطوير مهاراتك بالتركيز أولاً على المهارة التي تحتاج إليها حاجة ملحة، ثم الانتقال إلى التالية.

أساليب تحسين مهارات إدارة الوقت

هناك عدة أساليب مبنية على الأدلة لتحسين مهارات إدارة الوقت، وفيما يلي بعض الأمثلة: مجدداً، من الضروري أن نفهم أن هذه الأساليب تهدف إلى تطوير المهارات الأساسية التي ستحسن في نهاية المطاف قدرتك على إدارة الوقت، ولكن تطبيق هذه الأساليب وحده ليس هو الهدف النهائي.

تطوير مهارات الوعي

الفعالية والكفاءة أمران مختلفان، فالفعالية هي القيام بالعمل على نحو جيد، والكفاءة هي القيام بالعمل بسرعة. كلاهما أساسي، ولكن السعي لتحقيق الكفاءة وحدها سيؤدي إلى نتائج عكسية.

  • حدد الوقت الذي تكون فيه إنتاجيتك في ذروتها. قسم يومك العادي إلى ثلاث أو أربع فترات، وقم بترتيبها تنازلياً على مدى أسبوع من الزمن، (الفترة الأكثر إنتاجية هي فترة ذروة الأداء).
  • تعامل مع الوقت على أنه نقود. أنشئ ميزانية للوقت توضح بالتفصيل طريقة إنفاق الساعات خلال الأسبوع العادي، وصنف الوقت إلى فترات “الأعمال الضرورية” وأوقات فراغ تقديرية “الأعمال التي ترغب بتنفيذها”.
  • حاول أن تقيس الوقت. سجل المدة الزمنية التي يستغرقها إنجاز المهمات ذات المواعيد النهائية الواضحة، بدلاً من الوقت المتبقي لك.
  • حدد مدى تقييمك للوقت بواقعية. بعد الانتهاء من أحد المشاريع، قارن المدة التي ظننت أنك ستستغرقها في تنفيذ المشروع مع المدة التي استغرقتها فعلاً.
  • حاول أن تنظر إلى الوقت من “وجهة نظر مستقبلية”. فكر بما سينتج عن المهمات التي تنجزها الآن من فائدة أو ضرر لك مستقبلاً (مثلاً، كيف تؤثر مهمات اليوم على مهمات الأسبوع القادم؟).
  • تجنب “مغالطة التكلفة الغارقة”. عندما ترى أنك ستمضي وقتاً طويلاً جداً في مهمة ما، خذ خطوة إلى الوراء وقيّم أهمية هذه المهمة (مثلاً، قدّر قيمة نتيجتها، ومن سيتأثر بإنجازها أو عدمه، إلخ).

تطوير مهارات التنظيم

غالباً ما تحظى المهمات الضرورية غير المألوفة بمنحنى تعلم أكثر انحداراً ومتطلبات زمنية غير متوقعة. ولا يتعلق تطوير مهارات التنظيم بتنظيم عملك من أجل السيطرة على حياتك على نحو أفضل، بل بالسيطرة على حياتك ومن ثم تنظيم عملك بناء عليها.

  • تحديد أولويات المهمات والالتزامات. ولن يكفي أن تضع قوائم لمهامك والأعمال التي يجب عليك إنجازها واجتماعاتك ببساطة.
  • تجنب “أثر الاستعجال المحض”. الاستعجال والأهمية هما مفهومان مرتبطان، ولكنهما مختلفان. فالأعمال المستعجلة تتطلب العمل الفوري، في حين تترتب على الأعمال الهامة عواقب طويلة الأمد وذات أهمية أكبر. ويجب عليك البدء بإنجاز الأعمال المستعجلة والهامة معاً.
  • استخدم برنامجاً لتنظيم جدول المواعيد. سجل مواعيد التسليم النهائية ومواعيد اللقاءات عند تحديدها فوراً، واستخدم ملصقات التبويب أو الألوان لتمييز عناوينها (عمل، جامعة، حياة، إلخ).
  • أدرج الأوقات المحمية في جدولك. حدد على جدولك “مواعيد مع نفسك” كي تضمن ألا يقاطعها شيء، وخصصها لأهم مشاريعك.
  • قلل أخطاء قلة التقدير. عندما تضع الخطط، اطلب من طرف حيادي تزويدك بتقييم لتوقعاتك بشأن المتطلبات الزمنية.
  • جرب أن تحدد لنفسك أهدافاً أصغر. عندما تواجه صعوبة في تحقيق هدف يبدو لك شديد الصعوبة، حدد لنفسك نسخة أقل صعوبة منه.

تطوير مهارات التكيف

يتم اختبار هذه المهارات وتطويرها في مواقف تتضمن بطبيعتها مستوى عال من الضغط والأزمات، إذ تكمن الصعوبة في التعامل مع هذه المواقف من دون الإصابة بالاستياء والتوتر أو تشتت التركيز.

  • جرب “تكديس العادات”. اربط سلوكيات إدارة الوقت بعادات موجودة لديك فعلاً (كمتابعة التقدم اليومي كل مساء عندما تجلس لتناول وجبة العشاء).
  • استخدم دفعات قصيرة من الجهد. عندما تبدو لك المهام منهكة، حدد مسبقاً فترات متقطعة تمتد كل منها ما بين 15 إلى 30 دقيقة، تبذل فيها أقصى درجة من الجهد لمساعدتك على تفادي المماطلة.
  • اختبر برامج مراقبة الوقت أو قوائم المراجعة. تذكر أنه يجب أن تتجاوز فوائد استخدام هذه البرامج تكاليفها. أي، يجب أن تتعدى فائدتها الوقت الذي تبذله في استخدامها.
  • لا “تبخل بالشرح على وسائل التذكير”. يجب ألا تقتصر وسائل التذكير على كلمة أو اثنتين فقط، بل يجب أن تحمل توضيحات أو توصيفات لمدى أهمية المهمة والجودة المتوقعة لها وما إلى ذلك.
  • هيئ خططاً للطوارئ. تخيل أفضل الحالات وأسوأها عندما تخطط النتائج المحتملة لخططك.
  • اسع للحد من الأمور التي تهدر الوقت. حدد فترات زمنية يُمنع الإزعاج فيها، وأوقف وسائل التواصل الاجتماعي أثناء أوقات العمل على المهمات بالغة الأهمية.

اقرأ أيضاً: كيف تجد الوقت لإنجاز الأعمال المهمة؟

لماذا تكون الحاجة إلى تحسين القدرة على إدارة الوقت هدفاً ملحاً دائماً بالنسبة لكثير منا في موسم تأمل النفس هذا؟ تكمن المفارقة في حاجتنا إلى معرفة كيف يمكن إدارة الوقت على نحو أفضل فيما يتعلق بجهودنا التي نبذلها بهدف تحسين قدرتنا على إدارة الوقت، أي حاجتنا إلى تحديد أولويات جهودنا التطويرية. ويبدأ هذا المسار بالابتعاد عن الحلول السريعة المغرية، والاستعانة عوضاً عنها بتقييم مهارات إدارة الوقت الأساسية لدينا وبنائها قبل أن تفقد قرارات العام الجديد صلاحيتها مجدداً.

اقرأ أيضاً: كيف تعالج مشكلة إهدار الوقت في مؤسستك؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .