كيف يُقاس الشمول في مكان العمل؟

6 دقائق
قياس الشمول في مكان العمل
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يزداد اهتمام الشركات اليوم بمعايير التنوع والمساواة والشمول، لكن يبقى قياس الشمول في مكان العمل هو الأصعب. وبناء على بحث جديد، قامت شركة “غارتنر” بتطوير “مؤشر غارتنر للشمول” (Gartner Inclusion Index) بهدف قياس الشمول الحقيقي في أي مؤسسة. يوضح المؤلفون طريقة استخدام مؤشر غارتنر للشمول في قياس نظرة الموظفين تجاه الشمول والإجراءات الفعالة التي يمكن للقادة اتخاذها والمزالق الشائعة التي يجب تفاديها.

بكل تأكيد ستستمر الشركات في عام 2021 وما بعده بتخصيص مزيد من الاهتمام والموارد لإحراز تقدم في مجال التنوع والمساواة والشمول، لكن للأسف لا تزال شركات كثيرة تعاني من صعوبة في قياس تأثير استراتيجياتها وتوضيحه لعدد متزايد من المعنيين.

وقّع أكثر من 1,600 رئيس تنفيذي على تعهد الرئيس التنفيذي للعمل من أجل التنوع والشمول، وناقشت نسبة 40% من الشركات قضايا التنوع والشمول في مكالمات الأرباح للربع الثاني من عام 2020 بمقابل 4% فقط في نفس الفترة من عام 2019. وفقاً لبحث شركة “غارتنر” فإن عدد قادة الموارد البشرية الذين يعتبرون جهود التنوع والمساواة والشمول أولوية قصوى كان في عام 2020 أكبر بمقدار 1.8 مرة من عام 2019، ويكشف تحليل شركة “غارتنر” عن زيادة تعادل 800% تقريباً في الوظائف الشاغرة لدى وكالات التوظيف الملتزمة بالتنوع.

في حين تكشف دراسة استقصائية حديثة أجرتها شركة “غارتنر” أن قادة جهود التنوع والمساواة والشمول نوهوا إلى أن “تحديد الأهداف وتتبع التقدم في التنوع والمساواة والشمول بواسطة المقاييس” كان أحد أمرين يتمتعان بالأولوية القصوى في عام 2021، وأن قياس تمثيل القوة العاملة يمثل تحدياً في حدّ ذاته لاسيما بالنسبة للشركات العالمية التي يجب عليها إدارة تحديد هويتها الذاتية وتحديد فئات المواهب غير الممثلة تمثيلاً كاملاً في مختلف المناطق الجغرافية. فحتى إذا توفرت المعلومات المتعلقة بالتركيبة السكانية فمن الصعب معرفة درجة التمثيل التي يجب الوصول إليها، ماذا يعني “التمثيل الجيد”؟

لكن الأصعب هو قياس الشمول وبيئة العمل التي يشعر جميع الموظفين فيها بأنهم يحظون بالاحترام والقبول والدعم وتتيح لهم المشاركة بصورة كاملة في عمليات صناعة القرار وفرص التطوير ضمن المؤسسة. يدرك معظم القادة أن الشمول هو ما يطلق العنان لإمكانات القوة العاملة المتنوعة، لكن على الرغم من أن المؤسسات قد توصلت إلى طرق ناجحة لقياس التنوع وتتبعه فهذا لم ينطبق على الشمول، وأدى هذا القصور إلى إعاقة الجهود المبذولة لتطوير مقياس موحد ومتماسك يتتبع التقدم الكلي في جهود التنوع والمساواة والشمول مع مرور الوقت. من أجل قياس الشمول في مكان العمل بفعالية يجب على المؤسسات قياس مشاعر الموظفين بواسطة تعريف مدروس للشمول من أجل ضمان أن تتمكن المؤسسة من التصرف بناء على النتائج. يوضح بحث شركة “غارتنر” الجديد طريقة إضافة الأرقام إلى المفهوم، والعمل المفيد الذي يمكن أن يقوم به القادة والمزالق المحتملة التي يجب تفاديها في أثناء العملية.

فهم نظرة الموظفين تجاه الشمول

في بيئة العمل الغامضة وسريعة التغير الحالية تتمتع آراء الموظفين بأهمية كبيرة في أي قرار يتعلق بإدارة المواهب. ومع استجابة الموظفين للاضطرابات في العمل والمنزل والعالم من حولهم يمكن أن تتغير المشاعر والآراء بسرعة أكبر مما يمكن لاستقصاءات الاندماج السنوية تتبعه، إذ تستمرّ مؤسسات كثيرة في محاولة التعامل مع بيئة العمل الهجينة الجديدة نسبياً.

كما أن آراء الموظفين هي أكثر مصدر موثوق للبيانات من أجل قياس الشمول في مكان العمل لاسيما عندما يتمكن القادة من استخدام “استقصاء نبض الشركة” للاطمئنان على الموظفين من دون زيادة العوامل التي تشتت انتباههم. لكن التحدي يكمن في تأسيس المقاييس المناسبة ثم طرح الأسئلة المناسبة.

بدأت شركة “غارتنر” بمعالجة هذه المشكلة عن طريق بناء نموذج شمول قائم على مقابلات نوعية مع أكثر من 30 مسؤولاً تنفيذياً في جهود التنوع والمساواة والشمول ومراجعة مكثفة للمؤلفات العلمية والفهارس المتوفرة. استطعنا من خلال هذا البحث تحديد 7 أبعاد أساسية للشمول، وهي التعامل المنصف ودمج الاختلافات وصناعة القرار والأمان النفسي والثقة والانتماء والتنوع.

ثم أجرينا دراسة استقصائية شملت نحو 10,000 موظف حول العالم طلبنا منهم فيها تقييم مستوى اتفاقهم مع 45 عبارة متعلقة بهذه العناصر السبعة، ولخصنا الأجوبة من أجل تحديد عبارة واحدة لكل عنصر من عناصر الشمول تمثله بأفضل صورة ممكنة. يتيح هذا التحليل للمؤسسات طرح 7 أسئلة فقط بثقة من أجل اكتساب نظرة كلية عن الشمول من قواها العاملة. فيما يلي العبارات التي تشكل أساس مؤشر غارتنر للشمول:

  1. التعامل المنصف: تقابل مؤسستي الموظفين الذين يساعدونها في تحقيق أهدافها الاستراتيجية بالمكافأة والتقدير على نحو منصف.
  2. دمج الاختلافات: يحترم كل موظف في مؤسستي آراء الآخرين ويثمنها عالياً.
  3. صناعة القرار: ينظر أفراد فريقي في الأفكار والاقتراحات التي يقدمها أي منهم على نحو منصف.
  4. الأمان النفسي: أشعر أن تعبيري عن مشاعري الحقيقية مرحب به في العمل.
  5. الثقة: تتحدث إلينا قيادة المؤسسة بصدق وانفتاح.
  6. الانتماء: أحظى باهتمام الموظفين في مؤسستي.
  7. التنوع: المدراء وجميع الموظفين في مؤسستي متنوعون بنفس القدر.

ببساطة، كلما كانت درجة اتفاق الموظفين مع هذه العبارات أكبر ازدادت درجة الشمول في المؤسسة.

يستخدم “مؤشر غارتنر للشمول” تعريفاً واسعاً متعدد الأوجه للشمول ويتناول مفهوم التنوع المرتبط به عن طريق تخصيص إحدى الفئات لتصورات الموظفين تجاه تمثيل العاملين. على الرغم من أن التنوع والشمول هما مفهومان منفصلان ويمكن لكل منهما أن يتمتع بالقوة بمفرده، لن تتمكن المؤسسات من تحقيق النتائج المرجوة إلا عند دمجهما معاً. وبإدراج التنوع ضمن المؤشر يمكن للمؤسسات التصرف من خلال استيعاب فهم الموظفين له إلى جانب أوجه الشمول الأخرى.

مع نتائج الدراسة الاستقصائية هذه يمكن للقادة إنشاء مقياس أساسي لتصورات الموظفين والبحث عن مواطن التعارض سواء في التفاوت ضمن الفرق أو بين الأقسام في المؤسسة ككل، كما يمكنهم التمعن في أوجه الشبه بين التركيبات السكانية ضمن قوتهم العاملة. في حين أنه من الجيد دوماً امتلاك تصورات إيجابية أكثر، إلا أن قياس الاتساق هو أيضاً عامل حاسم في تحديد ما إذا كانت المؤسسة تتسم بالشمول أو إذا كانت تعاني من حالات سمية وإقصاء مخفية في بعض الأماكن.

اتخاذ الإجراءات

يشكل استقصاء نبض الشركة مقياساً شاملاً لتقديم التقارير للمعنيين وتحديد نقطة البداية، كما أنه يساعد المؤسسات في اتخاذ الإجراءات بناء على نتائجه بهدف تعزيز الشمول بدءاً من تجربة الموظفين اليومية، أو ما يسمى الشمول “في السياق”. وفي حين أنه من الممكن الاستفادة من ذلك على مستوى عمليات الموظفين أو المؤسسة ككل، فالإجراءات المفيدة على مستوى القادة ووحدات العمل ستبدو كما يلي:

الاستماع: بناء على هذه البيانات يمكن أن يعقد القادة جلسات استماع أو ينشئوا مجموعات مناقشة بمشاركة مجموعات فرعية من الموظفين بهدف فهم الاختلافات في العمليات المتعلقة بإدارة المواهب والقيادة والثقافة في أقسام المؤسسة التي سجلت أعلى الدرجات وأدناها. ثم يمكنهم صياغة خطة مدروسة للتغيير واستخدام مؤشر غارتنر للشمول مجدداً لقياس نجاحها.

التأمل الذاتي: يجب أن يفكر القادة بالأساليب والنهج التي يتبعونها في الإدارة بحثاً عن طرق لاتباع السلوكيات التي تعرف بقدرتها على زيادة الشمول، كدعم نمو الفرق وإدارة شبكات معارفها واحتضان قدرة الفريق على تحمّل المسؤولية وحل نزاعات الفرق بفعالية وإظهار النزاهة الشخصية.

المراقبة: يملك قادة وحدات العمل فرصة لتغيير تجربة الموظف على نطاق واسع يتعدى فريقه. مثلاً، يمكن أن يطبق القادة آليات للإبلاغ عن السلوكيات الإقصائية بصورة فورية. كما أن القادة يتمتعون بموقع يتيح لهم تحديد الإساءات الدقيقة (ضمن الفريق أو في المؤسسة بأكملها) أو الانتهاكات الثقافية، بل يحمّلهم مسؤولية القيام بذلك.

تغيير العمليات: وأيضاً، يمكن أن يؤثر القادة في الموارد البشرية من أجل ضمان أن تخضع عمليات محددة كالتوظيف والأداء والتعاقب الوظيفي للتدقيق الدائم فيما يتعلق بالمساواة.

المزالق المحتملة

في حين أن مشاعر الموظفين تتمتع بأهمية كبيرة في إحراز تقدم في جهود الشمول، إلا أن عملية جمع المعلومات عنها والعمل بناء عليها تنطوي على تحدياتها الخاصة، وقد لاحظنا أن المؤسسات تعاني من المزالق الشائعة التالية:

استغراق وقت أكبر من اللازم للتوصل إلى خطة عمل. إذا تلقى القادة النتائج بعد عدة أسابيع أو أشهر من إجراء الدراسة الاستقصائية ثم أعدوا خطط العمل وسلموها بعد ذلك بأشهر أيضاً فسيصبح الجدول الزمني طويلاً لدرجة تفقده فائدته. لذا تنصح شركة “غارتنر” باستخدام نهج أقصر لاستقصاء نبض الشركة في الوقت المناسب. يمكن أن ينشئ قادة الموارد البشرية تقريراً نموذجياً بصورة مسبقة ويستخدموه لتدريب شركائهم في مختلف المناطق ووحدات العمل على تفسير النتائج وتقديمها.

افتراض أن النتائج ستتمكن من توجيه خطة العمل بالكامل. يمكن لاستخدام إطار عمل مثل مؤشر غارتنر للشمول توفير بعض الأفكار ذات الفائدة الكبيرة، ويمكن اعتباره بمثابة مقياس معياري عبر الزمن. لكن ثمة عناصر أخرى تدخل في العملية. أولاً، يجب أن يقضي القادة وقتاً في إجراء مقابلات في الأماكن التي سجلت درجات جيدة نسبياً من المؤسسة، وليس في الأماكن التي سجلت درجات متدنية فقط. فمن الممكن أن يحصلوا من هذه الأماكن على اقتراحات تفيد في إجراء مزيد من التحسينات أيضاً.  وقبل إجراء الدراسة الاستقصائية يمكن أن تكون الفرق القيادية قد تمكنت بالفعل من تحديد التحديات التي تواجهها مثل حلّ نزاع مستمر، لذا لا بد من أن تكون الجهود لمواجهة هذه التحديات جزءاً من خطة العمل الخاصة بالشمول أيضاً.

إهمال الإعلان عن الإجراءات المتبعة بناء على نتائج الاستقصاءات التي تجرى على الموظفين. يرغب الموظفون في معرفة أن آراءهم أدت إلى تغيير حقيقي في مؤسستهم، وكي يتحقق ذلك يجب أن ينشئ القادة خطة للتحدث عن مجموع نتائج الاستقصاء والإجراءات التالية التي ينوون اتخاذها بناء عليها. عندما يرى الموظفون بصورة مباشرة الأثر الذي نجم عن الاستقصاء ستزداد رغبتهم في مشاركة آرائهم الصادقة في المستقبل.

يبين بحث شركة “غارتنر” أن المؤسسات التي تقيس جهود التنوع والمساواة والشمول بثقة وتنشئ نظام مساءلة وتدمج الشمول في القرارات والعمليات المتعلقة بإدارة المواهب تسجل شمولاً مؤسسياً أعلى بنسبة 20% مقارنة بالمؤسسات المماثلة التي لم تتبع هذه الأساليب.

تشهد نسبة كبيرة جداً من القرارات المتعلقة بطرق إدارة الفرق وعمليات إدارة المواهب تغيرات مستمرة الآن لتلائم القوة العاملة الهجينة أو خطط العمل الجديدة التي تظهر في بيئة ما بعد الجائحة. وفي أثناء معالجة القادة لهذه التحديات يجب عليهم ضمان أن يبقى قياس الشمول في مكان العمل وإدارته في مؤسساتهم ضمن أولوياتهم أيضاً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .