3 خطوات للخروج من فخ صياغة الاستراتيجية إلى اكتشافها

4 دقائق
فخ صياغة الاستراتيجية
ستيفن إريكو/غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يجب أن تكون صياغة الاستراتيجية ممارسة إبداعية، لكن غالباً ما ينتهي الأمر بصياغة خطط تشبه إلى حد كبير سابقتها. في هذه المقالة يوضح الخبير في الاستراتيجيات، غراهام كيني، عملية من 3 خطوات يمكنك اتباعها لتجنب الوقوع في هذا الفخ: 1) استقِ أفكاراً من أصحاب المصلحة الخارجيين. 2) ألقِ نظرة متعمقة وفاحصة على الجانب حيث يوجد قصور في أدائك. 3) ادرس الشركات في القطاعات الأخرى التي تمكنت من حل هذه المشكلات.

 

تتطلب صياغة الاستراتيجية أن نفكر بأقصى درجة من الإبداع، بينما نسعى إلى إيجاد طرق للاستجابة للظروف المتغيرة والاستفادة من أحدث مزايانا التنافسية. فلماذا إذاً غالباً ما تبدو خطتك الاستراتيجية الرائعة الجديدة مثل سابقتها؟

لخص لي الأمر بشكل ممتاز رجل اسمه فرانك. كان هذا قبل أكثر من 20 عاماً، لكنني أتذكره كما لو كان البارحة. كنت أقدم جلسة حول الاستراتيجية مع 14 مسؤولاً تنفيذياً. وكان لدينا لوح ورقي قلاب وسبورة بيضاء وشاشة، وكنا نسير وفقاً لجدول الأعمال المتفق عليه. كنت آخذ ملاحظات المجموعة، ثم قال فرانك فجأة: “لا أعرف لماذا نعقد هذه الورش المتعلقة بالاستراتيجية كل عام. فدائماً ما ينتهي الأمر بالقيام بالعمل بالطريقة المعتادة”.

كانت هذه هي المرة الأولى التي أسمع فيها مصطلح “العمل بالطريقة المعتادة” في هذا السياق. ولكن فرانك كان محقاً. ومنذ ذلك الحين شاهدت هذا السيناريو يحدث مع عملاء آخرين في مناسبات أخرى حيث يتحول التخطيط الاستراتيجي ليصبح كسابقه.

اعتبر أن صياغة الاستراتيجية بالطريقة المعتادة هي عدوك. سوف أريك في هذه المقالة كيفية تحويل تفكيرك من “صياغة الاستراتيجية” إلى “اكتشاف الاستراتيجية”، مع توضيح أمثلة لشركات خرجت من دوامة وضع الاستراتيجية بالطريقة المعتادة وأصبحت تبحث عن الأفكار خارج نطاق قطاعاتها.

تجنب صياغة الاستراتيجية بالطريقة المعتادة

الخطوة الأولى: غيِّر طريقة تفكيرك

المصطلح التقليدي حول الاستراتيجية، الذي يتم استخدامه في كل المراجع، هو أن الاستراتيجية يجب “صياغتها”. لكن هذا يجعل الفِرق التنفيذية توجه نظرها إلى الداخل. وبدلاً من البحث عن أفكار جديدة، يعودون إلى قواعد القطاع لصياغة استراتيجية مستخلَصة مما تم القيام به في الماضي.

لذا فإن الخطوة الأولى لإعادة تنظيم هذه العملية تتمثل في تغيير طريقة تفكيرك والمصطلح الذي تستخدمه من “صياغة” إلى “اكتشاف”. بدلاً من الاعتقاد أن الإجابات “موجودة هنا” (مع الفريق التنفيذي)، اعتقد أن الإجابات “موجودة بالخارج” (مع أصحاب المصلحة).

هذا التغيير البسيط له تأثير عميق على تفكير المدراء وسلوكهم؛ فهم بذلك لن يعتقدوا بعد الآن أنه يجب أن تتوفر لديهم جميع الإجابات، ولا أنهم سيخسرون مكانتهم إن لم تتوفر لديهم جميع الإجابات. وبدلاً من ذلك، ستستحوذ عليهم حالة ذهنية أساسها الاستفسار. الخلاصة: لا بأس في أن تقول أنك لا تعرف الإجابة. فيصبح التواضع، وليس العجرفة، سمة قيّمة.

الخطوة الثانية: اعترف بأوجه قصورك

في حين أن تغيير طريقة التفكير يُعد نقطة انطلاق مفيدة، فإنك تحتاج إلى المزيد لتجعل مؤسستك منفتحة على “اختراع” استراتيجية مبتكرة.

تأمَّل هذا المثال: فليكس هو أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في شركة تأمين صحي، وفي أعقاب الجائحة رأى فرصة لن تتكرر لخلق تجارب أفضل للعملاء وزيادة الكفاءة وتحسين النتائج الصحية. المشكلة هي أن هذا يستلزم من شركته أن تنظر إلى دورها بطريقة جديدة تماماً. وهناك حاجة أيضاً إلى نماذج جديدة، ما يسمى بنهج “الواجهة الرقمية في الرعاية الصحية” (digital front door) لإشراك الأعضاء. وهو نهج يجمع بين الرعاية الافتراضية ومتابعة حالة المرضى عن بُعد وتوجيههم والتدريب الإرشادي مع توخي الشفافية في الأسعار، ما يوفر تجربة متكاملة للمستهلك.

في حين أن الفوائد واضحة، المتمثلة في زيادة الكفاءة والحد من الهدر وزيادة رضا المستهلك، فإن التحول الاستراتيجي لن يكون سهلاً في شركة فليكس. وهذا يأخذنا إلى الخطوة التالية.

الخطوة الثالثة: تعلم من شركائك

رأى فليكس أنه يجب النظر إلى ما هو أبعد من التأمين الصحي؛ إلى الشركات التي مرت برحلة مماثلة، وهذا يعني استخدام التكنولوجيا لخلق قيمة حقيقية للعملاء وميزة تنافسية.

وصل إلى الرواد المهيمنين على السوق في القطاع المصرفي الأسترالي: كومنولث بنك (Commonwealth Bank) ووستباك (Westpac) والبنك الوطني الأسترالي (National Australia Bank) وأيه إن زد (ANZ). فقد مروا بثورة مماثلة ليصبحوا موفرين لتجربة قائمة على التكنولوجيات الرقمية في جميع نقاط الاتصال تقريباً. ومن خلال دراستهم، عَلِم فليكس ما نجح معهم، وما فشل معهم أيضاً لأنه على القدر نفسه من الأهمية.

وقد أظهرت تجاربهم لفليكس كيف يمكنه الاستفادة من قوة الأتمتة لتعزيز تجربة العملاء ودفع عجلة الابتكار من خلال إنشاء تطبيق للعملاء، على سبيل المثال. وتمكن أيضاً من تحديد المهارات التقنية التي ستحتاج إليها شركته لدفع خُطى هذه التغييرات.

وفي إحدى أكبر شركات مستحضرات التجميل في العالم، درس توني، وهو أحد كبار المسؤولين التنفيذيين، شركة ريد بول (Red Bull) النمساوية المصنعة لمشروب الطاقة الشهير. وقد انبهر بمدى الفعالية التي تتعامل بها ريد بول مع جمهورها عبر قنواتها الإعلامية. حتى إن شركته أقامت شراكة مع ريد بول في مجموعة منتجات للعناية الشخصية والعناية بالبشرة للرجال، ما أثمر عن استراتيجية للوصول إلى سوق مستهدفة مشتركة: جمهور الشباب من الذكور. و”أنعشوا” سلسلة متاجر أسترالية كبيرة، وول ورثز (Woolworths)، للترويج على نحو مشترك لشركته ومنتجات ريد بول.

ثم هناك إيما، التي تقود مؤسسة اجتماعية توفر فرص عمل للأشخاص المتضررين من النظام القضائي. تقوم الشركة بتعبئة مواد البقالة وتوصيلها إلى المكاتب والمصانع. يُعد عدم وجود استراتيجية عمل مناسبة أحد أوجه القصور في المؤسسات الاجتماعية، وتحتاج إيما إلى رفع مستوى أداء مؤسستها ليكون تجارياً حقاً.

وكان قطاع السيارات هو مصدر إلهامها. فمن خلال دراسة شركة تويوتا (Toyota)، اكتشفت إيما وفريقها طرقاً لتحسين خدمة العملاء من خلال زيادة دقة إنجاز الطلبات وسرعة تجهيزها وتسليمها، أي جميع العوامل المهمة لأي ميزة تنافسية.

تغلب على ترددك

لماذا لا تقوم شركات عديدة بذلك في أغلب الأحيان؟

يقترح توني أن إحدى العقبات التي تحول دون ذلك هي “ثقافة الشركة”. إذ يقول: “كيف يمكننا البدء بالنظر خارج حدود قطاعنا وما نقوم به؟”.

ويصف أيه جي لافلي كيف أنه أولى الكثير من الاهتمام للطلبات الداخلية عندما كان الرئيس التنفيذي لشركة بروكتر آند غامبل (Proctor & Gamble). فقد كان عليه أن يحارب باستمرار “قوة جاذبية” الداخل. وهذا وصف رائع لما يواجهه معظم المدراء. إذ ينبغي لكل منهم الاستجابة لأفعال الزملاء وردود أفعالهم.

ثمة عقبة أخرى تتمثل في أن المدراء يعتقدون أن مشكلاتهم فريدة من نوعها. ويصف فليكس هذا بـ “تحيز التفرد الزائف”. في حين أن هناك بالتأكيد اختلافات طفيفة بين القطاعات، فإنه من المرجح للغاية أن تتم مشاركة المسائل الاستراتيجية الأوسع نطاقاً في قطاعات أخرى.

وأشارت إيما إلى “وهم الصحة”؛ إذ يعتقد المدراء أنهم يعرفون شركاتهم أفضل من أي شخص آخر وأن الإسهامات الخارجية لا يمكن أن تكون مفيدة.

تجربتي مع فرانك التي ذكرتها في قصتي الافتتاحية كانت تنبيهاً حقيقياً لي. فقد أدركت أن التفكير الاستراتيجي وتصميم الاستراتيجية غالباً ما يصلان إلى طريق مسدود، لذلك تتوجه الفِرق التنفيذية ببساطة إلى صياغة الاستراتيجية بالطريقة المعتادة. انتبه إلى هذا الأمر وغادر، إذا كنت بحاجة إلى ذلك، لجمع رؤى استراتيجية من قطاعات أخرى.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .