العمل في المستقبل سيقع ضمن هذه الفئات الأربعة

6 دقائق
فئات عمل المستقبل
من مكتبة "نيويورك" العامة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تتمتع المؤسسات اليوم بمرونة وانفتاح وشفافية أكثر من قبل، كما أنها لا تلتزم بوضع هيكلية محددة لها، وسنرى المزيد من هذه الإجراءات التي تحكم أعمالها في المستقبل، فماذا عن فئات عمل المستقبل؟

سيبقى العمل والعمال دوماً (نعم، العمال البشر) عناصر أساسية في المؤسسات، لكن المؤسسات نفسها ستكون أكثر تنوعاً، وسيجري العمل وينتظم وتوضع هيكليته وفقاً لأساليب جديدة ستقع خارج نطاق أسلوب العمل النظامي بدوام كامل على نحو متزايد. فكيف يمكن للقادة الانتقال إلى بيئة العمل الرقمية الجديدة هذه؟ وكيف يجب على مؤسستك التخطيط لهذه التغييرات مسبقاً؟

هناك عدد من الاقتراحات والحلول المهمة يكشف عنها اتحاد فريد من نوعه يضم مجموعة من المسؤولين التنفيذيين والقادة في قسم الموارد البشرية. وقد اجتمعوا في اتحاد أطلقوا عليه اسم “كرييت” (CHREATE)، وهو الاسم المختصر لـ (الاتحاد العالمي لإعادة تصور الموارد البشرية، وبدائل التوظيف، والمواهب، والمشاريع)، من أجل رسم خريطة لكيفية تطور المؤسسات لمواجهة التحديات المستقبلية، وتحديد المبادرات المحورية لتسريع هذا التطور، وتصميم الإجراءات اللازمة لجعل هذا المستقبل واقعاً ملموساً.

تغيير مسار الأعمال المستقبلية

وللمساعدة في تحديد المسار الذي سيسلكه عالم الأعمال، حدد القادة في اتحاد “كرييت” خمس قوى أساسية تقود عملية التغيير:

إعادة التشكيل الاجتماعي والتنظيمي

ستصبح المؤسسات أكثر شفافية تجاه أصحاب المصلحة، كما ستكون أكثر مرونة وستنتقل لتبنّي أنماطٍ للسُلطة أكثر توازناً، وستعمل على إقامة المزيد من العلاقات المبنية على أساس المشاريع. وستشارك المواهب في تحقيق الأهداف الموائمة، التي لا تنحصر في الناحية الاقتصادية. وبعد اعتماد أسلوب التسلسل الهرمي والعقود التقليدية، فإن الشبكات وأشكال التعاون الاجتماعي والخارجي ستجعل نمط القيادة أكثر أفقية، وسيعتمد على المزيد من التشاركية والجماعية.

سوق المواهب العالمي الشامل كلياً

ستشكل النساء الغالبية العظمى من المواهب، وستؤدي الزيادة في معدل العمر إلى زيادة وجود القوى العاملة متعددة الأجيال في الوقت ذاته. وستدعم السياسات الاجتماعية نمط العمل غير محدد الهيكلية أكثر من أنماط التوظيف التقليدي ذي الدوام الكامل. في حين أن وجود تقسيمات للعمل والعمال سيمكن السياسات المتمايزة والممارسات وتصاميم العمل المختلفة ومستويات الأجور والأرباح المتباينة وكذلك العمال من اختيار المؤسسات استناداً إلى آراء نظرائهم الذين يتواصلون معهم اجتماعياً، وبناءً على مشورة قادة الرأي.

عالم متصل حقاً

يتجه العمل بشكل متزايد نحو العمل الافتراضي، الذي يمكن أن يتم في أي مكان وزمان، عبر أجهزة الهاتف الجوال الشخصية وبوجود تواصل عالمي فوري. تعزز شراكات العمل غير محدد الهيكلية وشبكات العمل القدرات والإمكانات وتعيد تعريف الإنصاف وعوامل الجذب في مجال المهنة والتعليم ومكان العمل.

التغير التكنولوجي الهائل

تعمل الروبوتات والمركبات ذاتية القيادة وأجهزة الاستشعار السلعية والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء على إعادة تشكيل بيئة العمل بحيث تتكيف القوى العاملة المرنة والموزعة والمؤقتة مع التجديد السريع للأعمال. وأصبحت المؤسسات وكذلك العمال يوازنون ما بين الرهانات طويلة الأمد من جهة والمرونة من جهة أخرى، في ظل حالة من عدم اليقين، من خلال إشراك الأتمتة في العمل بهدف التكيف مع التغيرات المتكررة والتقادم السريع للمهارات.

التعاون بين البشر وعملية الأتمتة

تعمل التحليلات المحوسبة والخوارزميات والبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي بشكل متزايد على إلغاء الأعمال التي قام بها البشر مسبقاً، لكنها في الوقت نفسه تنشئ أعمالاً جديدة من خلال الترابط بين العنصر البشري والأتمتة. وتعمل المؤسسات والعاملون فيها على استيعاب هذا الترابط بدلاً من مقاومته، وتصميم عملهم وفق هذا المفهوم من أجل تحقيق أقصى استفادة ممكنة.

إلا أن هذه الاتجاهات لن تؤثر في كل المؤسسات بالسوية ذاتها، لذلك من المهم أن يدرك القادة الوضع الحالي لمؤسساتهم، وإلى أين ستتجه، وكيف يجب أن تتغير مناهجهم المتعلقة بالاستراتيجية والمؤسسة والمواهب، من أجل مواكبة الأوضاع المستجدة. طورت فرق اتحاد “كرييت” مخططاً توصيفياً استناداً إلى درجة إضفاء الطابع الديمقراطي على العمل (أي تأثير الاتجاهات الثلاث الأولى أعلاه في المؤسسة)، ودرجة التمكين التكنولوجي (تأثير الاتجاهات الثلاث الأخيرة)، كما يوضحه الشكل التالي.

أنماط العمل في المستقبل

يصف كل مربع في هذا الشكل نوعاً مختلفاً من المؤسسات، مع مقاربات مختلفة للاستراتيجية والموهبة والعمل.

الوضع الحالي. يشبه حال العمل اليوم، مع وجود اتصالات تقنية وترتيبات عملية مماثلة، الاعتماد إلى حد كبير على نمط التوظيف المنتظم بدوام كامل. قد يتضمن هذا المربع نمط العمل الذي يجتمع فيه الموظفون في موقع واحد، وبحيث يمكن الوصول مكانياً بسهولة إلى العمال ومواقع العمل. يمكن أن يكون نمط العمل الذي يتطلب وقتاً ومكاناً محددين (مثل رعاية المسنين)، أو أنه نمط العمل الذي قد يكون باهظ التكاليف أو يكون من غير القانوني فيه ربط العمال بالسحابة الإلكترونية، كما هو الحال في العمل التقني في المرافق الآمنة والغرف النظيفة ومنصات التنقيب عن النفط ومواقع البيع بالتجزئة.. إلخ. يمكن اعتماد هذا النمط من العمل إذا كانت الترتيبات المتعلقة به مطلوبة وفقاً للمعايير القانونية أو التنظيمية أو الاجتماعية. يعد هذا المربع النموذج الأمثل لطبيعة العمل المستقر، الذي يناسبه اعتماد الأنظمة التقليدية للمكافآت والأداء.

نمط العمل اليوم، لكن مع تعزيز الأداء تتطور التكنولوجيا بوتيرة سريعة، بينما التطور بطيء فيما يتعلق بتدابير الإدارة وترتيبات مكان العمل. إن علاقات العمل التقليدي مدعومة بتقنيات وأنظمة أسرع وأفضل وأوفر، مثل الأجهزة الشخصية ومعلومات الموارد البشرية المستندة إلى السحابة. قد يتضمن هذا المربع قطاعات مثل مراكز الاتصال التي يديرها موظفون تقليديون لكن في مواقع بعيدة أو يعملون من المنزل، كما في شركة الطيران “جيت بلو” (JetBlue). وهناك الذكاء الاصطناعي في نظام “واتسون” الذي طورته “شركة آي بي إم” (IBM)، ليقدم العون لأطباء الأورام في أبحاثهم. تتركز العديد من منتجات تكنولوجيا الموارد البشرية اليوم هنا في هذا المربع، من خلال أتمتة أنظمة التوظيف التقليدية وأتمتة علاقات العمل عبر الأجهزة والتعلم القائم على السحابة وتطبيقات الهواتف الذكية ومراقبة الأداء عن بعد.. إلخ.

إعادة تصور العمل. في هذا المربع، تتطور أنماط التوظيف الجديدة لتشمل المنصات والمشاريع والأعمال المؤقتة والعاملين المستقلين والتوظيف عبر المسابقات والعقود والعمل في الخارج لفترات محدودة والعمل بدوام جزئي، لكنها دعمت إلى حد كبير التكنولوجيا المتطورة بشكل أبطأ. نرى هذا السيناريو اليوم في منصات العمل المستقل مثل “أب وورك” (UpWork)، و”تونغال” (Tongal)، و”غيغ ووك” (Gigwalk). كما أنه يشمل الابتكارات ضمن أنظمة التوظيف، مثل ضم المستقلين والموظفين بعقود والعاملين بدوام جزئي في أنظمة تخطيط التوظيف في المؤسسات، وتعزيز أنظمة التوظيف التقليدية للتتبع المستمر والتواصل مع الباحثين السلبيين عن العمل باستخدام الأدوات الاجتماعية الحالية، أو تنظيم مسابقات الابتكار باستخدام منصات وسائل التواصل الاجتماعي الحالية.

“تمكين أوبر”. الدورة المتسارعة للتطور التكنولوجي وترتيبات العمل الأكثر ديمقراطية، هما مفهومان يغذي كل منهما الآخر. تشمل نماذج العمل والتكنولوجيا الجديدة الذكاء الاصطناعي عند الطلب، والتخصيص الفائق، والمراكز الآمنة لتخزين معلومات العمل والقائمة على السحابة. وستقع هذه المراكز خارج نطاق السلطة الفردية لأي صاحب عمل، وتؤمن موقعاً للبحث بحيث يمكن تحديد العمل والعمال وتوافقهم باستخدام معجم مشترك. وستتضمن قدرات ومؤهلات العمال ومتطلبات عمل المؤسسة وتاريخ العمل الذي يتم تحديثه باستمرار ومصادر المعرفة والتعلم ونظم المكافآت. يتيح برنامج سوق المواهب المفتوح (Open Talent Marketplace)، الذي طورته شركة “آي بي إم” للمدراء تفكيك العمل إلى أحداث دورية قصيرة، ثم تعميم هذه الأحداث على الجهات الفاعلة الداخلية والخارجية التي تستخدم المنصة لتقديم العطاءات وتشكيل مجتمعات لإتمام العمل، وتتبع مسار تاريخ عملهم وقدراتهم، وكل ذلك مدعوم بلغة عمل مشتركة تتطور باستمرار من خلال الشراكة بين الذكاء الاصطناعي على نمط برنامج “واتسون” وبين المحاكمة البشرية.

ستكون هذه المربعات كلها جزءاً من منظومة العمل للسنوات العشر القادمة على الأقل، حيث ستنتقل المؤسسات من نمط إلى آخر اعتماداً على مدى متانة عوامل القوة الخمسة وتوقيتها وتأثيرها في المؤسسة.

إحدى الطرق لاستخدام الخريطة هي تطبيقها على المؤسسة بالكامل، مع طرح أسئلة مثل: “هل هناك مربع أفضل لنكون فيه؟”، أو “هل علينا أن نطمح لأن نكون في المربع العلوي الأيسر؟”.

وبطبيعة الحال، لا بد أن مؤسستك على الأرجح تحتوي على خريطة وصفية تتضمن العديد من جيوب العمل المختلفة، كل منها يناسبه أحد المربعآت بشكل أمثل أكثر من غيرها. فالعمل الصناعي قد يناسبه نمط “الوضع الحالي” بشكل أمثل. في حين أن العمل في قسم التوزيع يلائمه على نحو أفضل “نمط العمل اليوم، مع تعزيز الأداء”. أما فريق العمل المحترف والعمل بتطوير البرمجيات، فيناسبه أكثر نمط “إعادة تصور العمل”. وأخيراً، أكثر ما يلائم العمل الإبداعي والابتكاري هو نمط “تمكين أوبر”. قد يكون تفكيك المؤسسة إلى أقسامها المختلفة أضمن الطرق للكشف عن الأنماط التي تناسبها.

أسئلة هامة حول كيفية التأقلم مع بيئة العمل المتطورة

كيف يمكنك استخدام هذه الخريطة للتنقل في بيئة العمل المتطورة؟ حدد موقعك الحالي على الخريطة، ثم حدد الموقع الذي تطمح بالوصول إليه خلال مدة عام إلى ثلاثة أعوام. ثم اسأل نفسك: “أين يمكننا خلق أعظم قيمة ممكنة (أو التقليل من أكبر المخاطر) من خلال التطوير بدءاً من اليوم ونحو المستقبل؟”

وباستعراض صفحة من كتاب “ما وراء الموارد البشرية” (Beyond HR)، يمكنك استخدام الخريطة لتعميم هذه الأسئلة على كافة المستويات في استراتيجيتك وعملك:

ما الذي سيحدد النجاح الاستراتيجي والقيمة لدى أصحاب المصلحة؟

ما المواقع الاستراتيجية التي يجب أن نحددها وننفذها ونحميها؟

ما العمليات والتحولات الحيوية التي يجب علينا تنفيذها؟

ما الموارد الحيوية التي يجب أن نحصل عليها ونعززها ونرعاها ونحميها؟

ما الهياكل التنظيمية المحورية والشبكات والعلاقات والوظائف ومجموعات المواهب التي سيُحدث التحسين أو التغيير فيها أكبر أثر؟

كيف يجب أن تتطور مناهجنا في العمل والثقافة والمشاركة وإدارة الموارد البشرية؟

إن وتيرة تطور العمل في تزايد، ويمكن أن تكون آثارها هائلة. ابدأ في بناء نظام الانتقال الخاص بك واشرع في طرح الأسئلة الصعبة الآن للتنقل في خريطة العمل المتغيرة من أجل التأقلم مع فئات عمل المستقبل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .