كيف تتصرف عندما يكون مديرك سهل الانقياد؟

5 دقائق
التعامل مع المدير الخواف
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يمتلك القليل من “المدراء السيئين” القدرة على شل أداء فرقهم أكثر من المدير الخوّاف الذي يثني على الأداء الضعيف ويتجنب المشكلات الصعبة ويشتري ولاء من حوله بالموافقة على أي فكرة يطرحونها. أحد المسؤولين التنفيذيين الذي عملت معهم كانوا يلقبونه باعتزاز بـ “فطيرة الوافل” لأن أي شخص يدخل مكتبه كان من السهل للغاية أن يقنعه أو يؤثر عليه. في حين أن هذا اللقب المتعلق بالتعامل مع المدير الخواف كان قاسياً، إلا أنه ناتج عن معاناة يقاسيها من هم على الجانب الآخر. فعدم قدرته على اتخاذ موقف جعل فريقه في حالة مستمرة من الإحباط والتشوش بشأن القرارات التي ستُتخذ وسبب اتخاذها.

قد يبدو هذا الموقف فريداً من نوعه، إلا أنه ليس كذلك. في دراسة طولية استمرت 10 أعوام أجريتها على أكثر من 2,700 قائد، وجدتُ أن القادة تجنبوا استخدام سلطتهم أكثر من إساءة استخدامها لمصالحهم الشخصية. ومن القادة المشاركين في الدراسة، استصعب 60% حقيقة أن الأشخاص نسبوا إليهم قدراً من السلطة أكبر مما كانوا يعتقدون أنهم يملكونه، و57% رأوا أن القرارات التي كانوا ملزمين باتخاذها في مناصبهم أكثر تعقيداً وخطورة مما توقعوا، و61% وجدوا أن الأشخاص يرغبون في أن يعطونهم قدراً أكبر من وقتهم وشعروا بالذنب لأنهم كانوا يرفضون هذا لأنهم لم يرغبوا في أن يُبدو وكأنهم يَصعب الوصول إليهم.

حددنا ثلاثة مواطن ضعف توجد عادة لدى القادة الجبناء، وهي: الرغبة في إسعاد الآخرين وتجنُّب الفشل والتهرب من اتخاذ القرارات الصعبة. غالباً ما تبرر الكثير من المؤسسات هذه الفجوات في التنمية بأنها عادات غير ضارة، ولكنها في الواقع قد تضر المرؤوسين.

كيفية التعامل مع المدير الخوّاف

لذلك إذا كنت تعمل لدى مدير يعاني من تلك المشكلات، فتجاهله ليس الحل الأمثل، حيث إن فعل ذلك قد يكون له عواقب على المدى الطويل على مسيرتك المهنية وشجاعتك. ولأن الأشخاص يميلون بطبيعة الحال إلى التأقلم مع الثقافة المحيطة بهم، فأنت بذلك تخاطر دون قصد بتقليد سلوكيات مَن هم في السلطة. وإذا كانت تلك السلوكيات تعتمد بإفراط على التجنب والمجاملة، فمن المرجح أن تنتهجها بشكل ما وربما حتى دون أن تدرك ذلك.

اقرأ أيضاً: كيف تتصرف عندما يصبح زميلك مديرك

فيما يلي بعض الأشياء التي يمكنك فعلها لتجنب تداعيات العمل لدى مدير جبان.

افهم واستكشف ولا تتآمر

أن تسخر من مديرك الجبان أو تنشر الشائعات حوله أو تستغله، قد تكون أفعالاً مغرية لا يمكن مقاومتها. فإطلاق أسماء مستعارة تقلل من شأن مديرك دون علمه قد يتحول إلى مصدر تسلية إذا كان المدير الذي تعمل لديه يثير حفيظة فريقك أو يشعرهم بالحرج. ولكن تكمن الخطورة هنا في أن هناك دائماً مَن يراقبك. فمشاركتك في مثل هذا السلوك تقول عنك الكثير وليس عن مديرك فحسب، بغض النظر عن عدد الأشخاص الذين يفعلون ذلك. لذا بدلاً من التآمر، ادرس سلوك مديرك. ما الذي يجعله جباناً؟ وإذا كنت مكانه، ما الذي قد تفعله بطريقة مختلفة؟ كيف تتعامل مع القرارات الصعبة أو النزاعات اليوم، وما الذي يمكن أن تتعلمه منها لتتحسن وتتطور؟ إذا شككت أن فريقك لا يحترمك، ما الذي كنت لتغيره؟ إنّ تقديم ملاحظات ذكية حول سلوك مديرك واستخدامها عند التفكير في اختياراتك الحالية أو المستقبلية، يمكن أن يكون مصدراً قوياً للتنمية والتطور. وفي يوم ما، عندما تصبح مديراً، سيتبين أن تلك الرؤى الثاقبة لا تقدر بثمن.

حافظ على شجاعتك بأن تكون قدوة حسنة

يأخذ الجبن عدة أشكال مثل الخوف من الفشل والرفض والنزاع، على سبيل المثال لا الحصر. وقد جُبلت أدمغتنا على السعي إلى تحقيق الانسجام والترابط، وهو ما يمكن أن يفاقم هذه المخاوف. ولكن عندما تكون مديراً تصبح المقايضات القاسية والتقييمات السلبية وارتكاب الأخطاء الواضحة من حين لآخر جزءاً لا يتجزأ من وظيفتك. وتقبُّل ذلك يتطلب التحلي بالشجاعة. ويجب أن نثق أن علاقتنا بالآخرين لن تتأثر بالاضطرابات. لمجرد أن مديرك فقد قدرته على المجازفة أثناء تلك الاضطرابات، لا يعني أن تحذو حذوه. وإذا وجدت أنك تمتنع عن إبداء وجهة نظرك في الاجتماعات أو تتجنب اتخاذ القرارات الصعبة لأن هذا أصبح هو القاعدة في فريقك، فقد تكون هذه علامات على أن شجاعتك تتضاءل. لذا ضاعف جهودك لتتمكن من إبداء وجهة نظرك المعارضة باحترام. وتحدث بصراحة عن القرارات الصعبة لتكون واضحة لزملائك. بممارسة الشجاعة، ستنميها داخلك وستتميز عن غيرك مع الحفاظ على نزاهتك. قد تشعر بالإحراج أو عدم الإنصاف أثناء محاولتك أن تصبح “قدوة يُحتذى بها” ولكن لا تستهين بقوة القدوة الإيجابية، بغض النظر عن الطريقة التي توجهها بها.

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع مدير يسبب لك التوتر؟

اطلب ما تحتاج إليه

من المنطقي أن تطلب من مديرك أشياء من قبيل الحسم والاتساق والوضوح. وعندما لا تحصل عليها قد يكون ذلك مدعاة للإحباط، لأنه يمكن أن يؤدي إلى تضاؤل مساهماتك. وربما أفضل طريقة للحصول على تلك الأشياء هي أن تطلبها من مديرك، على الرغم من صعوبة ذلك. وسيتطلب منك ذلك التحلي بالشجاعة. ذات مرة رأيت موظفة في إحدى المؤسسات التي قدمت لها استشارات تفعل ذلك ببراعة، حيث قالت لمديرها: “أقدّر أنه من المهم بالنسبة إليك أن يشعر جميع أعضاء فريقك بالرضا والارتياح. وأجد أنني أصبح أكثر ثقة أثناء أداء وظيفتي عندما أشعر أن توقعاتنا ووجهتنا واضحة لي. لذا سيساعدني حقاً أن نوجز في نهاية اجتماعاتنا ما ناقشناه وما قررناه والمهام التي سيتولاها كل عضو. وسيسعدني أن أتولى مسؤولية إدراج هذا على جدول أعمالنا إذا كنت توافق عليه”. وقد أدت هذه الممارسة الجديدة إلى تقليل نسبة التشوش والتناقض التي كانت تتسبب في شعور الفريق بالإحباط.

اعترف بخوفك من التغيير

قد يكون من الصعب أن تطلب ما تحتاج إليه إذا كنت ممتعضاً من أنك مضطر إلى الطلب أساساً. وتقول لنفسك بحسرة: “طالما أن المدير لا يستطيع أداء وظيفته، فلا يجب أن يكون مديراً”. وبمرور الوقت، كلما أصبح جبن مديرك أمراً طبيعياً، أصبح من الأصعب عليك أن تطلب شيئاً مختلفاً. ولكن بمجرد أن تتوقف عن المحاولة، ستصبح جزءاً من المشكلة، ما يعني أنك تتحمل جزءاً من مسؤولية تلبية احتياجاتك غير الملباة. هذه المخاوف التي تشعر بها طبيعية، فهي ناتجة عن خوفك من أن مديرك لن يكون قادراً على التغيّر وأنه سيخيب ظنك. عندما أعمل مع الفِرق على هذا السيناريو، عادة ما أكتشف مخاوف أعمق وهي أن المدير سيتغير ونتيجة لذلك سيتعين على أعضاء الفريق أن يتغيروا أيضاً. فمثلاً إذا أصبح المدير واضحاً وحاسماً، سيتعين على أعضاء الفريق أن يكونوا أكثر خضوعاً للمساءلة. وإذا أصبح منفتحاً تجاه إبداء الآراء المخالفة، يجب على أعضاء الفريق أن يبدؤوا في إبداء المزيد منها. أحياناً، لنتجنب مواجهة حاجتنا إلى التغير، نقنع أنفسنا أن المدير لن يتغير أبداً. فبدلاً من أن تستمر في التبرير لنفسك أنك ضحية، كن صادقاً بشأن ما الذي سيتطلبه منك تغيُّر المدير وخض غمار التحدي. وعلى الرغم من صعوبة التغيير، فإنه يبدو تافهاً أمام العواقب على المدى الطويل المتمثلة في أن تصبح تماماً مثل مديرك الذي لا تحترمه.

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع مدير مهووس بالسيطرة

حدد مدى انتشار الجبن في المؤسسة

في بعض الأحيان يكون المدير الجبان استثناء وفي أحيان أخرى يكون ممثلاً لثقافة المؤسسة. ومعرفة مع أي نوع تتعامل يُعد أمراً هاماً في تحديد ما إذا كنت ترغب في البقاء في المؤسسة على المدى الطويل. إذا كان مديرك الجبان حالة شاذة، فمن المرجح أن رؤسائه يعلمون بالأمر، على الأقل بدرجة ما. وفي هذه الحالة، يمكنك أن تنتظر إلى أن تتخذ الشركة إجراء في هذا الصدد، أو يمكنك أن تبحث عن فرصة للالتحاق بفريق آخر يتحلى بالشجاعة والانفتاح. ولكن إذا كان الجبن هو القاعدة في شركتك، فكّر بعناية في المدة التي ترغب في قضائها داخلها، حيث إن استمرار الانغماس في تلك الثقافة قد يؤثر عليك بعمق لدرجة أنك قد لا تدرك ذلك إلا عندما تنضم إلى بيئة جديدة تقدر قيمة التحلي بالشجاعة والإقدام. كلما أسرعت في الخروج منها، قَل ما عليك القيام به لتطهير عقلك من الأفكار السامة.

اقرأ أيضاً: كيف تتصرف مع مديرك الذي تشتته كل فكرة جديدة؟

وفي نهاية الحديث عن التعامل مع المدير الخواف، لكل مدير عيوب يجب أن نتغاضى عنها. إلا أن الجبن أو الخوف الشديد يُعد عيباً كبيراً وله عواقب طويلة الأمد على سمعتنا ومستقبلنا المهني. لذلك لا تنظر إلى جبن مديرك على أنه نقطة ضعف غير خطيرة. فالقادة الذين يتخلون عن السلطة التي تترافق مع دورهم نظير الحصول على شعبية متصورة أو تحقيق الانسجام والتناغم، يمكن أن يضروا بمستقبل المؤسسة بأسرها ومستقبلك بالطبع.

اقرأ أيضاً: عندما يعتبر الموظفون مديرهم غير منصف تزداد احتمالات انفصالهم عن العمل ومغادرتهم الشركة

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .