6 طرق لوضع حدود للبريد الإلكتروني

4 دقائق
تنظيم البريد الإلكتروني
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يحفل الإنترنت بالنصائح المرتبطة بتنظيم البريد الإلكتروني بنجاح، ولئن سعيتَ إلى البحث عنها، لقضيتَ بضع سنوات من عمرك في تنظيم البريد الوارد وفرزه وتصنيفه. لكن، وعلى الرغم من كل هذه الأنظمة والأدوات، ما زلنا نعاني من متاعب البريد الإلكتروني، فهو يستهلك وقتاً ثميناً على حساب المهمات الأخرى التي نود أداءها والحياة التي نريد عيشها بالأسلوب الذي نحبه. هذه مشكلة متفشية: إذ تتزايد أعداد من يشعرون بالإرهاق من العمل وسيل البريد الإلكتروني، في حين لم تظهر أي مؤشرات تدل على تباطؤ وتيرتيهما.

لم يعد البريد الإلكتروني مجرد بريد إلكتروني: حيث يتم إرسال الرسائل عبر عشرات المنصات، ويقوم الجميع الآن بإرسال رسائل نصية، ورسائل مباشرة عبر الإنستغرام، وتنبيهات سلاك، ورسائل فوكسر، ورسائل البريد الوارد على الفيسبوك وغيرها من الوسائط. إنه عالم مليء بالعروض التي تستقطب انتباهنا، حتى صرنا ندور في حلقة لا تنتهي من الرد على الرسائل، وضيعنا ساعات طوالاً في محاولة “اللحاق بالركب”. ولكن إذا انصرفنا إلى الرد على كل رسالة تردنا بالبريد الإلكتروني، فلن نفرغ من تلقي رسائل البريد الإلكتروني طوال الوقت، ولن نخرج من تلك الحلقة المفرغة.

بالإضافة إلى طوفان الرسائل، فكثيراً ما تردنا رسائل البريد الإلكتروني تحت عنوان عاجل ومهم. ترجع المشكلة جزئياً إلى عدم وجود قدر كاف من الاحتكاك، حتى بتنا نستهتر بأهمية الوقت والتركيز فقط لأن البريد الإلكتروني مجاني وسريع، كما أن إرسال الرسائل بسرعة يجعلنا نعتقد أننا مهمون بدلاً من التمهل قليلاً لاستيعاب الأفكار جيداً، علاوة على أنه يضيف مهمات إلى جداول أعمال الآخرين بدلاً من مطالبتنا بوضع تصورات للمهمات بأنفسنا. في النهاية، لا يتعلق الأمر بالرد بشكل أسرع أو وجود نظام استجابة أفضل أو الأدوات المناسبة. كل هذا إشارة إلى أن هناك شيئاً أعمق.

المشكلة الحقيقية: لا نعرف أين نوجه انتباهنا

إن التحدي الأكثر إلحاحاً اليوم هو تحديد ما يجب التركيز عليه أولاً. إذ نسيء رسم الحدود وترتيب الأولويات لأسباب ثقافية، وهو ما ينعكس جزئياً في عاداتنا الاستهلاكية، والشهرة الواسعة التي تكتنف حياة ماري كوندو الشغوفة بالترتيب: نحن نغرق في الفوضى المادية والرقمية على حد سواء. وبالتالي فالبريد الإلكتروني ليس هو المشكلة، وإنما المشكلة في القدرة على وضع الحدود. وبدلاً من تطوير قدراتك على تنظيم البريد الإلكتروني، نحتاج إلى تنمية مهارتنا في ترتيب الأولويات.

لا تشيع مهارة ترتيب الأولويات في مجتمعاتنا بالقدر الكافي. في الماضي، لم يكن لدينا سوى أولوية واحدة، كما يوضح غريغ ماكيون في كتابه “الأصولية” (Essentialism)، لأن جمع كلمة أولوية (priority) “أولويات” (priorities) لم يكن موجوداً في اللغة من قبل، حتى منتصف القرن حينما ظهر الجمع “أولويات” وبدأنا في استخدام الكلمة كفعل. وها نحن اليوم نتصرف كما لو كانت لدينا عشرات الأولويات، بدلاً من اختيار شيء واحد نوجه إليه تركيزنا.

بحكم مراكزنا كقادة ومدراء نحن منوطون بتوفير الوضوح حول الوجهة التي يجب علينا اتخاذها وتحديد أولويات ما يجب أن نوليه تركيزنا. فمن دون مسارات حاسمة سنُغرِق موظفينا في أكوام من رسائل البريد الإلكتروني والمشاريع المضنية. وإن أردنا تطوير مهارتنا في التعامل مع البريد الإلكتروني، يجب أن نطور قدرتنا على إبداء الرفض.

طرق تنظيم البريد الإلكتروني

حتى لو اتفقنا على ترتيب الأولويات المركزة – وهو مطلب مهم – لا نزال نواجه مشكلة: أدوات البريد الإلكتروني لا تعبر عن الحدود بشكل فاعل. فتحديد توقعات سلوكية خاصة بسياق معين أمر صعب في الفضاء الرقمي، وشيء لمسناه جميعاً. ولذلك نتحمل نحن كأفراد جزءاً من مسؤولية وضع الحدود، ويقع جزء منه على عاتق التكنولوجيا.
فيما يلي ست طرق لوضع حدود للبريد الإلكتروني وكيفية التعبير عنها بوضوح:

1- أعلن عن إخلاء المسؤولية في التوقيع الإلكتروني على الرسائل

اكتب شرحاً أسفل توقيعك الإلكتروني على الرسائل يوضح للمرسل إليهم الحد الأقصى لمدة تلقي الرد ومواعيد انتهاء دوامك في العمل، على سبيل زيادة مستوى الشفافية في أسلوب عملك.

2- أكثر من استخدام خاصية الرد الآلي

لجأ كثير من الكُتاب الذين أعرفهم إلى استخدام خاصية الرد الآلي لتوفير الكثير من الوقت (أسابيع!) للتركيز على مشاريع أهم. تعبر هذه الخاصية عن غيابك وتحدد موعد إرسال الرد.

3- أضف تعليمات على موقعك الإلكتروني أو على وسائل التواصل الاجتماعي

أبلغ المتعاملين معك بأوقات الرد المعتادة بحيث يكيفون خططهم وفقاً لذلك. في الصفحة المخصصة للاتصال بموقعي الإلكتروني، أوضح أن تلقي الرد يستغرق أسبوعين في الغالب. سواء كنت تحتاج إلى شهرين لإرسال الرد لأنك تعمل ضمن فريق جديد تماماً أو تحاول إرسال الرد في غضون 48 ساعة من تلقي الرسالة، فالأمر بيدك أنت، المهم أن تبلغ المرسل بالآلية المنتظرة منك.

اقرأ أيضا: كيفية حماية البريد الإلكتروني من الاختراق.

4- أبلغ المتعاملين معك بالطلبات التي سيتم تجاهلها

استخدم سيرتك الذاتية على تويتر، أو الصفحة المخصصة للاتصال بموقعك الإلكتروني، أو دليل عمليات الموظفين لإطلاع المتعاملين على كيفية استخدام قنوات الاتصال الخاصة بك. أبلغ المتعاملين بما سيتم حذفه أو تجاهله. لا تقبل طلبات غير مرغوب فيها، واحذف رسائلها إذا وردتك.

5- ضع مبادئ توجيهية لعمليات التواصل مع أفراد فريقك

عند إضافة أعضاء جدد إلى فريقك، أو التعامل مع عملاء جدد، أو حتى عند بدء مشروع جديد، حدد كيف ومتى تريد التواصل معهم، واطلب من زملائك وعملائك تحديد ما يناسبهم أيضاً. احصل على معلومات محددة عن الأساليب والمواعيد وقنوات التواصل المناسبة لهم. (على سبيل المثال، عندما أقوم بإعداد غرف برنامج “سلاك” في التدريس، أبلغ طلابي بدوام عملي في أيام الجمعة وأعرّفهم على مواعيدي المعتادة للرد على استفساراتهم).

6- مارس القيادة بالقدوة

إذا كنت ترد على رسائل البريد الإلكتروني في وقت متأخر من المساء وطوال اليوم في عطلة نهاية الأسبوع، فأبلغ أفراد فريقك أنك تتوقع الشيء نفسه منهم. استخدم خدمة مثل تطبيق بومرانغ (Boomerang) لجدولة رسائل البريد الإلكتروني المراد إرسالها لاحقاً أو خاصية الإيقاف المؤقت للرسائل الواردة (Inbox Pause) للتحكم في ظهور رسائل البريد الإلكتروني في صندوق الوارد الخاص بك، وإن كنت أفضل الابتعاد كليةً عن بريدك الإلكتروني في عطلات نهاية الأسبوع والالتزام بمواعيد العمل المتفق عليها.

يمكن استخدام البريد الإلكتروني كأداة للاتصال بالآخرين ومساعدتهم والتواصل معهم، بل والتفكير. لكن طوفان البريد الإلكتروني الذي ظهر مؤخراً جاء على حساب وقت الفراغ والإتقان، ومن شأن الإكثار منه أن يضعف قدرتنا على إخراج العمل بالجودة المطلوبة. ومن خلال ترتيب الأولويات نستطيع الحد من الفوضى الرقمية. وبذلك قد يغدو تنظيم البريد الإلكتروني أكثر بساطة.

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .