نهضة صناعة القرار المستندة إلى البيانات حقيقية ولكن متفاوتة

4 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أدت الفرص المتزايدة لجمع المعلومات الرقمية والاستفادة منها إلى تغيير العديد من المدراء لطريقة صناعة القرارات، اعتماداً بشكل أقل على الحدس وبشكل أكبر على البيانات أي أصبحت عملية صناعة القرار مستندة إلى البيانات. وكما قال جيم باركسديل، الرئيس التنفيذي الأسبق لشركة “نتسكيب كويبد” (Netscape quipped) “إذا كان لدينا بيانات، فلنركز عليها. لكن، إذا كان كل ما لدينا هو آراء فقط، دعونا نأخذ برأيي”. وأفاد الرواد اللاحقون، مثل غاري لوفمان، الرئيس التنفيذي لشركة “سيزار” (Caesar)، الذي ينسب نجاح شركته إلى استخدام قواعد البيانات والأدوات التحليلية المتطورة، أن المدراء يستخدمون البيانات والنتائج التحليلية على العديد من المستويات الآن بطرق غير مسبوقة.

وهذا لا ينبغي أن يكون مفاجئاً، يمكن اعتبار كافة المؤسسات، في المستويات الأساسية لها، على أنها “معالجات للمعلومات” تعتمد على تكنولوجيا التسلسل الهرمي والتخصص والإدراك البشري لجمع المعلومات ونشرها والعمل على الرؤى، لذلك، فمن الطبيعي أن تخلق التقنيات التي تقدم معلومات أسرع وأرخص وأكثر دقة فرصاً لإعادة اختراع الآلات الإدارية.

وفي ذات الوقت، لا تكون الشركات الكبرى سريعة الحركة دائماً. ما مدى سرعة المدراء الذين يقومون بالاستثمار بالفعل ومعالجة التغييرات المطلوبة لاحتواء ممارسات صناعة القرار المتأصلة في البيانات الموضوعية؟ وهل يجب على كافة الشركات القفز على تلك المحاكاة الإدارية الحديثة؟

ولقد عملنا مؤخراً مع أحد الفرق في مكتب تعداد الولايات المتحدة (U.S. Census Bureau) ومع زملائنا نك بلوم من ستانفورد وجون فان رينين من كلية لندن للاقتصاد من أجل تصميم وإجراء استقصاء واسع النطاق لمتابعة تلك الأسئلة في قطاع التصنيع بالولايات المتحدة الأميركية. استهدف الاستقصاء مجموعة تمثيل مكونة من 50,000 منشأة تصنيع أميركية تقريباً.

يستقصي خط الاستفسار الأولي في الاستقصاء مدى انتشار عملية صناعة القرار المستندة إلى البيانات المعروفة اختصاراً باسم “DDD”. ونجد أن استخدام “صناعة القرار المستندة إلى البيانات” في عملية التصنيع بالولايات المتحدة الأميركية قد زاد ثلاثة أضعاف تقريباً بين عامي 2005 و2010، في 11% إلى 30% من المصانع. ولكن كان تبني ذلك بدرجات متفاوتة، حيث تتركز عملية صناعة القرار المستندة إلى البيانات في المقام الأول في المصانع على 4 مزايا رئيسية كالتالي: 1) مستويات عليا من تكنولوجيا المعلومات، و2) العمال المتعلمون، 3) الحجم الأكبر، و4) الوعي الأفضل.

عملية صناعة القرار المعتمدة على البيانات

العوامل التي تؤثر على عملية صناعة القرار المستندة إلى البيانات

وهناك 4 عوامل تدفع عملية صناعة القرار المستندة إلى البيانات كالتالي:

تقنية المعلومات:

تعد عملية صناعة القرار المستندة إلى البيانات أكثر شيوعاً في الشركات التي حققت بالفعل استثمارات كبيرة في مجال تقنية المعلومات، وبشكل بديهي للغاية تستفيد الشركات بشكل أفضل من عملية صناعة القرار المستندة إلى البيانات عندما تكون تقنية المعلومات لديها أكثر تطوراً لتتبع البيانات ومعالجتها وإبلاغها. وبالمثل، فإنهم يتمتعون بعائدات أعلى من تقنية المعلومات عندما توجه عملية صناعة القرار والإجراءات في الشركة.

الدرجات الجامعية:

ومن المتوقع الاستفادة من عملية صناعة القرار المستندة إلى البيانات في وجود نسبة أكبر من العمال (بما في ذلك المدراء وغير المدراء) من الحاصلين على درجة البكالوريوس. وقد يعكس ذلك أهمية الأساليب المتبعة في التعليم الرسمي لجعل الناس أكثر تكيفاً مع استخدام الطرق الكمية التي تركز على البيانات لفهم العالم.

الحجم:

يزيد اعتماد كل من الشركات ذات المصنع الواحد، وتلك التي لديها مصانع متعددة على عملية صناعة القرار المستندة إلى البيانات بنفس المعدل تقريباً. ومع ذلك، لا يزال تبني المنشآت ذات المصنع الواحد أقل من نصف مستوى المنشآت الأكبر المماثلة لها (انظر الشكل 1)، وهذا ليس مفاجئاً، فالمصانع التابعة للشركات الأكبر ذات الوحدات المتعددة تتمتع بمزية القدرة على التعلم من بعضها البعض وتبادل البنية التحتية.

الوعي:

وأخيراً وليس آخراً، قد تتخلف الشركات المستعدة لعمليات صناعة القرار المستندة إلى البيانات عن الركب نظراً لنقص الوعي بمزاياها. فمن أجل تبني عمليات صناعة القرار المستندة إلى البيانات، يجب على الشركات أولاً التعرف على الممارسات الناشئة وكيف يمكنها أن تنجح (أو تخفق) في مؤسستهم الخاصة. هناك احتمال متزايد بأن تكون المصانع التي تُبلغ عن عدد أكبر من فرص التعلم عن ممارسات الإدارة الجديدة – مثلاً بالسماع عنها من وحدات أخرى في نفس الشركة، أو السماع عنها من مستشارين خارجيين أو موظفين جدد، أو من مؤسسات تجارية أو شركاء سلاسل التوريد- على مقربة من تبني صناعة القرار المستند إلى البيانات. وإذا عرضت هذه المقالة على زملائك في العمل، قد تلاحظ أن استخدام شركتك لعملية صناعة القرار المستندة إلى البيانات قد شهدت طفرة بعض الشيء،

وقد لا تكون صناعة القرارات المستندة إلى البيانات هي طريق النجاح لكل شركة على الرغم من مزاياها، وحتى هؤلاء المدراء الذين على وشك تبني صناعة القرار المستندة إلى البيانات قد يراقبون البيئات التي لا تسمح بجمع البيانات الموثوق به. وبالنسبة للعديد من أنواع القرارات، لاسيما تلك التي لا تتوافر عنها بيانات كمية تُذكر، لا تزال المعرفة والخبرة الأوسع للقادة تتفوق على النهج القائم على البيانات البحتة. كما أن تكاليف الانتقال إلى تبني صناعة القرارات المستندة إلى البيانات باهظة، وقد تفوق المزايا وبخاصة إذا كان حجم العمليات صغير جداً.

ومع ذلك، فإن المعدلات الزائدة بثلاث أضعاف لتبني عملية صناعة القرار المستند إلى البيانات في 5 سنوات فقط توحي بأن الشركات تتغلب على حواجز التنفيذ بشكل أسرع. ويركز تحليلنا على ما يجعل عملية صناعة القرار المستندة إلى البيانات مناسبة لنطاق واسع من الشركات. ولكن حتى المصانع التي تعتبر من الناحية النظرية من المتبنيين المحتملين لعملية صناعة القرار المستندة إلى البيانات، فقد تبنى عدد قليل منها من شركات عينة الدراسة التي انتهبت في عام 2010 هذه العملية. ونتوقع أن يستمر تبني هذه العملية في تصاعد، حيث تقل تكاليف التكنولوجيا وتتطور ممارسات الإدارة وينتشر الوعي.

وتركز أبحاثنا اللاحقة على تحديد عدد الشركات المتوقع لها أن تستفيد من عملية صناعة القرار المستندة إلى البيانات واكتشاف مكونات النجاح في بيئات مختلفة. ومما لا شك فيه أن الضجيج المحيط بالبيانات الضخمة والتحليلات المحوسبة كبير. ومع ذلك، تقدم نتائجنا دليلاً تجريبياً وموضوعياً أن ثمة شيء وراء هذا الضجيج؛ حيث تتبني الشركات عملية صناعة القرار المستندة إلى البيانات بسرعة وتغير بشكل أساسي نهج الإدارة في عصرنا الرقمي.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .