كيف تتأقلم مع شعورك أنك “متصل دائماً”؟

4 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

منحتنا وسائل التواصل الفوري القدرة على العمل من أي مكان. ومع توفر إمكانية التواصل مع الموظفين عبر الرسائل الإلكترونية والمراسلات الفورية على منصة “سلاك”، أصبحت الشركات حاضرة بقوة في حياة موظفيها. والآن، مع اضطرار الكثير من الموظفين للعمل من منازلهم أثناء جائحة “كوفيد-19″، أصبح مدراؤك وزملاؤك الذين كانت مكاتبهم في آخر الرواق حاضرين في غرفة معيشتك أو مطبخك أو غرفة نومك، أو في أي مكان هادئ تستطيع العمل فيه على جهاز (اللاب توب).

وهذا ما فتح باباً قد يصعب إغلاقه على الحياة الشخصية لكل منا. بيد أن الآثار السلبية لنمط الحياة “المتصل دائماً” بدأت تتكشف من قبل الجائحة، إذ تبين الأبحاث تزايد استياء الأزواج والصراع ما بين العمل والحياة الخاصة مع تزايد تفقد الموظفين أجهزتهم الذكية في الأوقات المخصصة للعائلة.

والآن، وقد أصبح الاتصال الدائم هو القاعدة الجديدة في حياتنا، ازدادت أهمية تعلم وضع حدود واضحة لأنفسنا من أجل الحفاظ على إنتاجيتنا ورفاهة أسرنا.

إذن، ما الذي يجب علينا فعله؟ نعاني جميعنا من توتر أكبر فيما يتعلق بالعمل والعائلة على حد سواء في هذه الحياة الجديدة، وتوصل بحثنا الأخير إلى ثلاث خطوات يمكن للموظفين اتباعها من أجل حماية رفاهتهم.

1. عزز قوة الإرادة

يمكن للموظف الذي يتمتع بقدرة كبيرة على التنظيم الذاتي تخفيف التوتر الذي تتسبب به حالة الاتصال الدائم. إذ يمثل تنظيم الذات، الذي يسمى أيضاً “قوة الإرادة”، قدرتنا على مقاومة الرغبات الملحة. وكل من ينتظر رسالة ما على منصة “سلاك” أثناء تناول وجبة العشاء مع أسرته يعرف أن الحاجة لتفقد وصول تلك الرسالة هي رغبة ملحة حقيقية.

الخبر الجيد هو أن تنظيم الذات يعتبر عضلة تزداد قوة كلما استخدمناها أكثر. بعبارة أخرى، لا أحد محكوم عليه بالعيش من دون قوة الإرادة، بل يمكن تطويرها. والأفضل هو أن تنظيم الذات أمر شامل، فقوة الإرادة التي تستعين بها لمقاومة تناول القطعة الثانية من الحلوى هي ذاتها قوة الإرادة التي تمنعك من تفقد هاتفك للمرة الرابعة عشرة في غضون ساعة من الزمن.

ومن أجل تحسين قوة الإرادة، ننصح البدء بالأساسيات. بما أن منزلك أصبح هو بيئة العمل الجديدة، فمن السهل التهاون بالمهمات اليومية والأعمال الروتينية الأساسية. لم تعد ترتب سريرك كما كنت تفعل سابقاً؟ إذن، رتبه. بدلاً من الجلوس بترهل على كرسي المكتب، اجلس بوضعية مستقيمة. هل تخليت عن نظامك الغذائي الصحي بعد الأسبوع الثالث من الحجر الصحي؟ إذن، عد إليه. تعتبر جميع هذه الأنظمة الصغيرة الثانوية تمرينات تعزز قوة إرادتك بالكامل وستساعدك في نهاية المطاف على الفصل بين عملك وحياتك الخاصة في المنزل.

2. ضع الحدود والتزم بها

بالطبع، هناك أوقات تنفد خلالها قوة إرادتك. تشير الأبحاث الحالية إلى أن قوة الإرادة تنفد أثناء النهار مع استمرارنا في مقاومة الرغبات الملحة، ولا يمكن استعادتها إلا عندما نخلد إلى النوم. بعبارة أخرى، فإن قدرتنا على تنظيم الذات باستمرار تتناقص أثناء اليوم وتتركنا في أضعف حالاتنا عند نهايته، فنصبح شبه عاجزين عن مقاومة الرغبات الملحة لتناول قطعة أخرى من الحلوى أو الإجابة عن بضع رسائل إلكترونية أخرى بحلول المساء، ببساطة لأننا لا نملك قوة الإرادة اللازمة للمقاومة. في نظامنا الجديد، وخصوصاً بالنسبة للآباء والأمهات الذين يحاولون العمل بعد خلود الأولاد للنوم، تكون هذه موجة الضعف المثالية التي تجعل جلسة العمل الليلية غير منتجة على الإطلاق.

لذا، فإن توصياتنا الخاصة بمقاومة هذا النقص في قوة الإرادة تتألف من شقين. أولاً، يجب عدم ترك المجال لتراجع قوة الإرادة. حدد أوقاتاً محددة تمتنع فيها عن تفقد الرسائل الواردة من العمل، وكن صارماً في ذلك ونفذه فعلياً من خلال إغلاق برنامج “سلاك” أو تسجيل الخروج من برنامج “تيمز” (Teams) أو حتى إطفاء هاتفك تماماً. أو على الأقل، أطفئ جميع التنبيهات كي لا تسمع أو ترى تنبيهات الرسائل الواردة. وتذكر أنك لن تأكل الحلوى إلا إذا توفرت في ثلاجتك. وكذلك الأمر بالنسبة للرسائل، إذا لم تر أن ثمة رسائل جديدة قد وصلت، فلن تتشكل لديك رغبة في تفقدها. لاحظ أن هذا يشير إلى ضرورة الاتفاق مع مديرك كي يضع توقعات منطقية لمدى سرعتك في الإجابة في أوقات محددة.

وثانياً، مع استمرار الجائحة بالانتشار، قد يشعر بعض الموظفين أنهم يعانون من ضعف قوة الإرادة وغياب الدافعية. وهذه حلقة مفرغة، لأن قوة الإرادة تحتاج إلى الدافعية. وهذا أمر بديهي، فلا سبب يستدعي أن تنظم سلوكك إذا لم يكن لديك دافع. وإذا لم تشعر بوجود الدافع الآن، فسيكون تنظيم نفسك أمراً صعباً. لن يحاسبك أحد على عدم قدرتك على الحفاظ على حماستك أثناء هذه الجائحة، وخصوصاً أن الغالبية العظمى منا وجدوا أنفسهم موظفين “غير أساسيين”. لكن هذا الوقت مناسب للتفكير قليلاً بما يجعل وظيفتك “أساسية” بالنسبة لك ولعملائك وللمجتمع الأكبر. حاول ألا تنسى أن معظمنا يساهم في شيء أكبر من أنفسنا. 

3. تواصل على نحو مباشر ومدروس

في زمن التباعد الاجتماعي، عندما يعيش كل منا في غرفة الصدى الخاصة به، لن يكون مستغرباً أن يتوق بعضنا لإمكانية معرفة آراء الآخرين حول أفكارنا. إذ لم تعد لدينا فرصة مصادفة الآخرين في الرواق أو غرفة الاستراحة، وبدلاً من الذهاب إلى مكتب أحد الزملاء، نرسل رسالة فورية على برنامج “سلاك” ونأمل أن يكون متاحاً (ألا يكون مشغولاً بملاحقة طفله الصغير في أرجاء المنزل).

وتتمثل نتيجة هذه المراسلات غير المتزامنة في أنه كلما نظرنا إلى شاشة الهاتف أو الكمبيوتر، نجد عدداً من الرسائل غير المقروءة في انتظارنا، وقد يكون كثير منها عاجلاً. والآن، تحولت الوقفة السريعة في مكتب أحد الزملاء إلى سلسلة رسائل متبادلة تضم 10 رسائل أو أكثر على مدار يوم أو اثنين، وقد تبدو جميعها مستعجلة بالنسبة للطرفين. والأسوأ، ماذا إذا كان زميلك الذي تطلب رأيه غارقاً في العمل؟ في السابق، كان بإمكانك الذهاب إلى زميلك في مكتبه، وإذا وجدته منكباً على عمله فتتركه وشأنه من دون أن تزيد أعباءه بمشكلتك.

لذا، مع عملنا في بيئة من غير مكاتب، أصبح ضرورياً أكثر من أي وقت مضى أن نحاول التواصل على نحو مدروس وليس عشوائياً. أرسل الرسائل الضرورية فقط وحاول أن تقللها قدر الإمكان.

يجب على القادة بصورة خاصة أن يكونوا قدوة وأن يتصرفوا على نحو مدروس. وإرسال الرسائل النصية والإلكترونية في أي ساعة من النهار والليل سيجعل الموظفين يشعرون أن عليهم فعل المثل. وبدلاً من قضاء الوقت مع أسرهم في المساء، تبقى عيونهم على الهواتف بانتظار الرسالة التالية التي ستصل بالتأكيد. والطريقة الأكثر فعالية هي أن تختار ما ستطلبه من موظفيك وتعمل معهم لتحديد جدول زمني معقول لتنفيذه. وهذا سيساعد على تحديد العمل الذي يجب إنجازه إلى جانب تأسيس معايير لطريقة إنجاز العمل. كما يعتبر تحديد هذه التوقعات بمثابة إقرار بالتوتر الذي يعيشه الموظفون وسيؤدي على الأرجح إلى تخفيض هذا التوتر ورفع جودة أداء العمل.

في الختام، إذا فكرنا باستجابتنا لجائحة “كوفيد-19” حتى اليوم، فسنلاحظ مستوى غير مسبوق من الاتصال الرقمي لدى الموظفين والقادة على حد سواء. ومع استمرار التباعد الاجتماعي وتكيفنا مع مطالب العمل الجديدة هذه، من الضروري أن يحظى الموظفون بشيء من إمكانية التحكم بعملهم. وإذا عمل الموظفون على تطوير قوة الإرادة ووضع الحدود الملائمة ما بين العمل والحياة الشخصية، وإذا وضح القادة المعايير والتوقعات بفاعلية، فيمكن أن يصبح العمل من المنزل في أثناء هذه الجائحة ظاهرة إيجابية شاملة بالنسبة لجميع من لم يُحرموا من نعمة العمل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .