كيف غيّرت شركة “شاومي” تعريف منصة الأعمال؟

9 دقائق
شركة "شاومي" ومفهوم منصة الأعمال
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: تنقسم شركات منصات الأعمال التقليدية عموماً إلى فئتين: بيئات العمل مثل متجر تطبيقات شركة “آبل”، “آب ستور” (App Store)، الذي يوفر موارد محدودة لمجموعة واسعة من الشركات المستقلة، وشركات رأس المال الاستثماري المغامر (الجريء) مثل “إنتل كابيتال” (Intel Capital) التي تستثمر بكثافة في عدد صغير من المشاريع التي تعد بتحقيق عوائد مالية أو استراتيجية. لكن يشير بحث أجري على شركة “شاومي” ومفهوم منصة الأعمال” إلى أن شركة الإلكترونيات العملاقة التي يقع مقرها في مدينة بكين الصينية قد طورت نهجاً هجيناً يمزج عناصر بيئة العمل التقليدية وشركات رأس المال الاستثماري المغامر من أجل إنشاء بيئة عمل شاملة تضم مشاريع شريكة مدعومة بقوة. استناداً إلى سلسلة من المقابلات الشخصية المعمقة مع مسؤولين تنفيذيين في شركة “شاومي” والشركات الشريكة، تمكن المؤلفون من تحديد 3 عوامل ساهمت في تمكين نموذج العمل الجديد هذا؛ تعمل شركة “شاومي” على هيكلة استثماراتها بهدف تحفيز الابتكار وبناء الثقة مع الاستمرار في ضمان التوافق مع المشاريع التي تستثمر فيها، وتعزز بصورة استباقية عقلية بيئة العمل في جميع أنحاء مؤسستها، وتتبع نهجاً مدروساً خاضعاً للقياس بهدف توسيع نطاق بيئة العمل لديها مع مرور الوقت. 

 

ازدادت هيمنة بيئات العمل القائمة على المنصات على مدى العقد الماضي بدءاً من شركة “آبل” و”أمازون” و”جوجل” وصولاً إلى “وي تشات”، لكن في حين قد يبدو أن هذه الشركات تتبع نماذج متماثلة فثمة اختلافات كبيرة بين أنواع شركات منصات الأعمال المختلفة.

وتحديداً، من خلال البحث الذي أجريناه مؤخراً على شركة الإلكترونيات العملاقة “شاومي” التي يقع مقرها في مدينة بكين الصينية، إلى جانب الأبحاث الثانوية على شركات رائدة أخرى، تمكنّا من تحديد 3 استراتيجيات متميزة هي كالتالي: رأس المال الاستثماري المغامر (CVC)، وبيئة العمل، ونهج جديد هجين يجمع عناصر بيئة العمل وعناصر شركة رأس المال الاستثماري المغامر.

نهج رأس المال الاستثماري المغامر

لربما كان رأس المال الاستثماري المغامر هو النهج التقليدي للتوسع، حيث تستثمر الشركة القائمة أموالها بصورة مباشرة في الشركات الناشئة التي تأمل أن تحقق نتائج استراتيجية أو مالية. مثلاً، تستثمر شركة “إنتل كابيتال”، وهي ذراع شركة “إنتل” ضمن الشركات الناشئة التي تقدم منتجات وخدمات مكملة للأعمال الرئيسية لشركة “إنتل”، وبالتالي تزيد الطلب على الرقاقات الإلكترونية التي تنتجها. بالنسبة لهذه الأنواع من الاستثمارات ذات الدوافع الاستراتيجية، تكون الشركة المستثمرة غالباً على استعداد للتخلي عن العوائد المباشرة على المشاريع نفسها من أجل جني المزيد من المكاسب الكبيرة في أعمالها الرئيسية.

في حين أن الشركات التي تتبع نموذج رأس المال الاستثماري المغامر بدوافع مالية تكون أقل اهتماماً بالمواءمة الاستراتيجية وتركز أكثر على القيام باستثمارات تولد عائدات نقدية. توصلت الأبحاث إلى أن شركة “أوراكل” مثلاً تعطي الأولوية للاستثمارات التي تعتقد الشركة أنها قادرة على إضافة قيمة أكبر إلى الشركة الناشئة مقارنة بالقيمة التي يقدمها رأس المال المغامر المستقل، وبالتالي تتوقع تحقيق عوائد أكبر.

نهج بيئة العمل

بصورة معاكسة، تختلف استراتيجية بيئة العمل عن استراتيجية رأس المال الاستثماري المغامر في أن الشركة الأكبر لا تحصل في كثير من الأحيان على حقوق ملكية فعلية في الشركات الناشئة الشريكة. بدلاً من ذلك، تستفيد الشركة القائدة في بيئة العمل من تكنولوجياتها ومواردها الخاصة لإنشاء شبكة من شركات تكميلية أصغر تعمل على إنشاء عروض منتجاتها وتقديمها إضافة إلى البنية الأساسية للشركة قائدة بيئة العمل أو منصتها أو حزمة مواردها الحيوية.

يمكن توضيح ذلك أكثر بالنظر إلى متجر تطبيقات شركة “آبل”، “آب ستور”؛ توفر شركة “آبل” قائدة بيئة العمل أدوات لمساعدة مطوري التطبيقات في بناء التطبيقات وبيعها في متجر التطبيقات الخاص بها “آب ستور”، ولكنها لا تملك هذه الشركات التي تحتفظ باستقلالية كاملة في العمل. في نموذج بيئة العمل، تبقى الشركات التكميلية مستقلة إلى حد كبير وتشارك في خلق القيمة لنفسها وللمنصة على حد سواء استجابة لحوافز السوق وليس للالتزامات القائمة على حقوق الملكية.

نموذج العمل الهجين الذي تتبعه شركة “شاومي”

تنقسم معظم الشركات القائمة على المنصات اليوم بين هاتين الفئتين، لكن نجاح الشركات الجديدة مثل شركة “شاومي” يوضح أن النهج الهجين ممكن أيضاً. تأسست الشركة منذ 11 عاماً فقط كشركة مصنعة للهواتف الذكية، واليوم تدعم منصتها للأجهزة المحمولة أكثر من 300 مليون جهاز متصل بإنترنت الأشياء في جميع أنحاء العالم، وذلك يشمل أكثر من 2,000 جهاز استهلاكي من 400 شركة شريكة. أجرينا سلسلة من المقابلات مع مسؤولين تنفيذيين في شركة “شاومي” وعدد من الشركات الشريكة من أجل التوصل إلى فهم أفضل لنمو المنصة بسرعة كبيرة، واكتشفنا أن نموذج أعمال شركة “شاومي” يمزج في الواقع عناصر استراتيجيتي رأس المال الاستثماري المغامر وبيئة العمل.

من جهة أخرى في موضوع شركة “شاومي” ومفهوم منصة الأعمال تحديداً، توضح شركة “شاومي” من خلال عملها وموقعها أنها شركة بيئة عمل، فهي تتشارك مع المئات من المشاريع الاستثمارية للأجهزة والبرمجيات التي تتصل بمنصة “شاومي” وتعزز أعمالها الأساسية في الهواتف الذكية بالسلع والخدمات التكميلية. وفي نفس الوقت لا يمكن إنكار أن شركة “شاومي” تعمل بوصفها شركة رأسمال استثماري مغامر؛ فهي تستثمر في تلك الشركات الشريكة لتتيح لها الوصول إلى موارد واسعة مثل رأس المال وخبراء التصميم والتسويق وعلاقات سلاسل التوريد وغيرها، مقابل حصة أقلية في حقوق الملكية والحق في المشاركة في تطوير منتجاتها ومنحها علامة تجارية وبيعها.

ليست بيئة عمل نموذجية

يعني هذا النهج الهجين المتعلق بموضوع شركة “شاومي” ومفهوم منصة الأعمال أنه في حين تطبق شركة “شاومي” عناصر من استراتيجيتي رأس المال الاستثماري المغامر وبيئة العمل في آن معاً، فإن استراتيجيتها تختلف عن هذين النموذجين بعدة طرق واضحة. أولاً، على عكس نماذج بيئة العمل النموذجية، تتبع شركة “شاومي” نهجاً استباقياً عملياً لدعم مشاريع الشركات الشريكة. في حين تتيح شركات مثل “آبل” أو “جوجل” أنظمة التشغيل الخاصة بها وتشارك مجموعة من الأدوات العامة نسبياً لمساعدة مطوري التطبيقات على إنشاء المنتجات وإصدارها بمفردهم، تفرض شركة “شاومي” فعلياً معايير متسقة لترويج العلامة التجارية والجودة على مجموعة منتجاتها بأكملها. يقول أحد المسؤولين التنفيذيين في شركة “شاومي” موضحاً:

جميع المنتجات التي تقدمها الشركات الناشئة في بيئة عملنا متسقة في أسلوب تصميمها، سواء تم تقديمها عبر المتاجر الإلكترونية أو منافذ البيع بالتجزئة غير المتصلة بالإنترنت. في شركة “شاومي”، قمنا بتجميع فريق من المصممين الصناعيين العالميين خصيصاً للعمل مع الشركات الناشئة التي استثمرنا فيها ومساعدتها على إنشاء منتجات تتوافق مع صورة شركة “شاومي” وترقى إلى معاييرها.

يعمل هذا النهج المعني بموضوع شركة “شاومي” ومفهوم منصة الأعمال على زيادة التكامل بين المنتجات إلى حده الأقصى، وهو ما يحقق الفائدة لبيئة العمل بأكملها ولكنه يحمل أيضاً مخاطر أكبر على العلامة التجارية الأساسية لشركة “شاومي”. ولأن الشركات التكميلية متشابكة بصورة عميقة وعلنية مع شركة “شاومي”، فأي مشكلة تواجهها هذه الشركات الشريكة (مثل جودة المنتج الرديئة والفضائح العامة وما إلى ذلك) تلحق الضرر بشركة “شاومي” وبيئة العمل بأكملها. وبالنتيجة، في حين تتيح بيئات العمل النموذجية انضمام عدة شركاء، يجب أن تتبع شركة “شاومي” نهجاً مدروساً بدقة أكبر لفحص الشركات الناشئة قبل السماح لها بالانضمام إلى منصتها وضمان أن تكون حوافز هذه الشركات الناشئة متوافقة مع حوافزها، وهنا يحين دور نهج رأس المال الاستثماري المغامر.

ولا رأسمال استثماري مغامر تقليدي

على غرار شركات رأس المال الاستثماري المغامر، تأخذ شركة “شاومي” حصة الأقلية في حقوق ملكية المشاريع في إشارة إلى التزامها بدعم الشركات الجديدة والاستمرار في تحفيزها على الابتكار وخلق قيمة لنفسها ولبيئة العمل عموماً. ومع ذلك، في حين تركز شركات رأس المال الاستثماري المغامر التقليدية عموماً إما على الأهداف الاستراتيجية وإما على العوائد المالية، فإن نموذج شركة “شاومي” الهجين يتيح لها التركيز فعلياً على كلا الهدفين، وذلك ممكن لأن نموذج شركة “شاومي” على اعتبارها شركة بيئة عمل يقدم تكاملاً حقيقياً ثنائي الاتجاه؛ فشراكاتها تحقق الفائدة للشركة المستثمرة والشركة المستثمر فيها، ما يعني أن شركة “شاومي” ليست مضطرة للاختيار بين الاستثمار في الشركات التي ستعزز أعمالها الرئيسية أو التي ستحقق نجاحاً مالياً خاصاً بها.

نرى هذه الاختلافات تتضح فعلياً بعدة طرق: في حين أن صناديق رأس المال الاستثماري المغامر ذات الدوافع المالية تشارك ضمن إطار محدود في المشاريع التي تستثمر فيها، بعيداً عن توفير رأس المال، فشركة “شاومي” تشارك بنشاط في كل شيء بدءاً من تطوير التكنولوجيا وتصميم المنتجات وسلسلة التوريد والتصنيع وصولاً إلى التسويق والمبيعات لجميع مشاريعها التكميلية.

من الجهة الأخرى، في حين أن صندوق رأس المال الاستثماري المغامر ذا الدوافع الاستراتيجية يركّز استثماراته عادة في بضعة مشاريع ذات صلة وثيقة بأعمال الشركة الأساسية وقادرة على زيادة الطلب على منتجاتها الأساسية، تستثمر شركة “شاومي” في عدة مئات من المشاريع الشريكة في عشرات الفئات المختلفة من المنتجات الأقل ارتباطاً بأعمال شركة “شاومي” الأساسية في صناعة أجهزة الهواتف الذكية.

ما يلزم لتطبيق نموذج عمل هجين

إذن، ما الذي يتطلبه تنفيذ هذا النهج الهجين؟ ستواجه كل شركة تحدياتها الفريدة (وبالتأكيد لن ينجح نموذج شركة “شاومي” مع الجميع)، لكن بحثنا يشير إلى أن 3 مكونات رئيسية ساعدت في نجاح نموذج العمل الجديد الذي تتبعه شركة “شاومي”:

1. البنية التنظيمية: تنظيم الاستثمارات بهدف تحفيز الابتكار وبناء الثقة

لتجنب سحق الابتكار، تمتنع شركات بيئة العمل مثل “آبل” أو “جوجل” عادة عن أخذ حصص من حقوق ملكية الشركات الشريكة في منصاتها. بما أن مشاركة شركة “شاومي” في المشاريع الشريكة أكبر، فإن حصة حقوق الملكية ضرورية لضمان المواءمة، ولكن الشركة اتبعت العديد من أفضل الممارسات المعيارية في نموذج رأس المال الاستثماري المغامر للحفاظ على ثقة المشاريع الشريكة وحوافز الابتكار فيها وتوافقها مع أعمال شركة “شاومي” الأساسية.

أولاً، على غرار نهج رأس المال الاستثماري المغامر النموذجي، تأخذ شركة “شاومي” عادة حصة تتراوح بين 20 و30% فقط، وهي حصة كافية لضمان توافقها مع شركائها من دون إضعاف حوافزهم لتحقيق النجاح، كما أنها تشغَل عادة مقعداً في مجلس الإدارة لدعم مشاركة الموارد والتواصل، ولكنها كذلك تتجنب اتباع بنية تنظيمية تنقل السيطرة الكاملة إليها.

إضافة إلى ذلك، تسعى شركة “شاومي” إلى بناء الثقة وإظهار الدعم لشركائها عن طريق تقديم الدعم المدروس لمشروع واحد فقط في كل فئة من فئات المنتجات. وما أن يتم اختيار المشاريع التي ستحصل على الدعم، يصبح بإمكان هذه المشاريع الوصول بصورة حصرية إلى مجموعة دعم شركة “شاومي” الكاملة التي تشمل معارفها الخاصة وموارد الشبكة والقدرات التكنولوجية والتنظيمية، ولن تضطر للقلق من احتمال أن تضعها شركة “شاومي” في مواجهة شركة منافسة، كما قد يكون الحال في نهج بيئة العمل النموذجي. كما يعمل المسؤولون التنفيذيون في شركة “شاومي” بجد لتطوير علاقات شخصية مع فرق إدارة المشاريع، ما يؤدي إلى الحدّ من المخاوف المحتملة من أن تصادر شركة “شاومي” ابتكارات هذه المشاريع (كما زُعم في حالات المستثمرين المشاركين للمنصات الأخرى مثل صندوق “أليكسا” التابع لشركة “أمازون”).

2. العمليات: تعزيز عقلية بيئة العمل في جميع أنحاء المؤسسة

في حين قد تضم شركات بيئة العمل أو رأس المال الاستثماري المغامر التقليدية قسماً منعزلاً يركز على دعم الشركات الشريكة أو الاستثمارات، فإن عقلية بيئة العمل التي تتبناها شركة “شاومي” متأصلة بعمق في أعمالها الأساسية وكافة المشاريع. مدير بيئة العمل في الشركة، ليو دي، هو مؤسس مشارك يعمل يداً بيد مع الرئيس التنفيذي، وفريقه مسؤول عن صناعة القرارات الحاسمة التي تتراوح بين اختيار فئات المنتجات التي ستدخل فيها الشركة واختيار المشاريع التي ستستثمر فيها وأنواع الدعم الفردي الذي ستقدمه لها. هذا الفريق متعدد التخصصات، إذ يضم أكثر من 200 خبير تتنوع اختصاصاتهم وخبراتهم بين تطوير المنتج وتصميم واجهة المستخدم وإدارة سلسلة التوريد والتصنيع وضمان الجودة والتسويق والمبيعات وغيرها، وتم تكليفه بتحديد التوجهات والشركات المتوافقة استراتيجياً مع شركة “شاومي”، ثم دعم تلك الشركات بمجرد انضمامها إلى شركة “شاومي”. يتذكر أحد المسؤولين التنفيذيين قائلاً:

عندما كنا نقوم ببناء بيئة العمل، أنشأنا فريقاً من مدراء المنتجات ذوي الخبرة ومعظمهم من المهندسين من أجل اختيار الاستثمارات. وعند تقييم إمكانات المشروع يركز هذا الفريق على المنتجات والتوجهات التكنولوجية بدلاً من التركيز على الأرقام المالية.

بالطبع، هذا لا يعني تجاهل عوائد الاستثمار، ولكن بدلاً من النظر إلى إمكانات السوق في فراغ، تم تصميم فريق بيئة العمل لتحديد المشاريع التي ستتماشى مع نهج شركة “شاومي” لاختيار السوق والتغلغل فيه؛ أي اختيار المنتجات التي تكمل بيئة العمل الحالية وتستهدف السوق العام ويمكن أن تتوسع لتصل إلى قيادة السوق في غضون عامين إلى 3 أعوام.

3. النطاق: وضع خطة لتوسيع نطاق بيئة العمل بصورة مدروسة

تأمل كل شركة منصة أعمال في التوسع لتشمل عدداً أكبر من الشركات الشريكة، لكن نجاح شركة “شاومي” اعتمد على قدرتها على اتخاذ قرارات حكيمة حول موعد توسيع نطاق بيئة العمل فيها وطريقته. لا تملك أي شركة موارد لا محدودة، ومن الضروري تقديم دعم إداري فعلي هائل من أجل ضمان فعالية النهج الهجين الذي يجمع بين بيئة العمل ورأس المال الاستثماري المغامر. ولذلك كان من الضروري أن تتبع شركة “شاومي” نهجاً تدريجياً خاضعاً للقياس لتوسيع مجموعة فئات منتجاتها. يقول أحد كبار المسؤولين التنفيذيين موضحاً:

التزمنا بنظام دقيق في إدارة نطاق بيئة عملنا ورسم مسار توسعنا، وكي نتمكن من النمو نحتاج إلى الدخول إلى فئات منتجات جديدة والاستثمار فيها. ومع ذلك، فإن الاستثمار في الكثير من الفئات سيستنزف مواردنا وهذا يعني في كثير من الأحيان رفض كثير من الفرص التي تبدو جذابة لكنها لا تتناسب مع نموذج عملنا.

شركة “شاومي” ومفهوم منصة الأعمال

دخلت شركة “شاومي” لأول مرة الأسواق المجاورة المرتبطة مباشرة بأعمالها الأساسية في صناعة الهواتف الذكية، ومنها الشواحن المتنقلة والسماعات والساعات الذكية وأجهزة تتبع اللياقة البدنية وما إلى ذلك. وما أن أنشأت الشركة هذا المستوى الأول من المنتجات التكميلية بدأت بدمج الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية الأخرى المتصلة بإنترنت الأشياء والأجهزة المنزلية مثل دراجات السكوتر وأجهزة طبخ الأرز وأجهزة تنقية الهواء والمكانس الكهربائية الروبوتية. وفي الأعوام القليلة الماضية بدأت شركة “شاومي” بالتوسع أكثر والدخول إلى مجموعة من منتجات نمط الحياة الأقل ارتباطاً بعروضها الأولية، مثل حقائب الظهر والسلع المنزلية والأحذية. على الرغم من أن هذه المنتجات تبدو بعيدة عن أعمال شركة “شاومي” الأساسية، فهي في الواقع تتماشى مع استراتيجيتها لبناء تكامل ثنائي الاتجاه بين الشركات الأساسية والشركات الشريكة، ما يحفز حركة الزبائن في قنوات البيع عبر الإنترنت ومتاجر التجزئة غير المتصلة بالإنترنت وزيادة الطلب على منتجات بيئة العمل بأكملها.

***

بالطبع، شركة “شاومي” ليست منصة الأعمال الوحيدة التي تجرب هذا النوع من نماذج العمل الهجينة؛ فشركة “أمازون” تتبع استراتيجية مماثلة في صندوق “أليكسا” الذي يستثمر في الشركات الناشئة الابتكارية لأدوات التمثيل الصوتي والذكاء الاصطناعي المبنية حول منصة “أليكسا”، كما تبنت شركات صينية أخرى مثل “هواوي” و”أوبو” و”فيفو” استراتيجيات مصممة على غرار النهج الهجين الذي تتبعه شركة “شاومي” التي ستضطر حتماً للاستمرار بالتطور استجابة لمشهد تنافسي يتطور باستمرار.

قال مدير بيئة العمل ليو موضحاً في حديثه عن شركة “شاومي” ومفهوم منصة الأعمال تحديداً: “نرى أن العالم يتغير باستمرار في أثناء عملية بناء بيئة عملنا، ويمكن أن تتلاشى الفرص التي كانت تعتبر يوماً واعدة جداً بسرعة كبيرة مع تطور أذواق المستهلكين، لذلك يجب علينا تكييف استراتيجيتنا في أوقات التغيير السريع هذه”. وبالفعل، بدأت شركة “شاومي” بتعديل استراتيجيتها وتجربة استهداف بعض الأسواق المتخصصة الأضيق والتشارك مع شركات أكبر، ما قد يعني أن عليها إعادة النظر في بعض عناصر فلسفة الاستثمار الشبيهة بفلسفة رأس المال الاستثماري المغامر وعقلية بيئة العمل الشاملة. على الرغم من أن نموذج بيئة العمل ورأس المال الاستثماري المغامر الهجين قد حقق نجاحاً جيداً لشركة “شاومي” حتى الآن، فالوقت وحده قادر على كشف كيف ستتمكن هي وغيرها من شركات منصات الأعمال الرائدة من الاستمرار بالتكيف مع مستقبل غير مؤكد.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .