سياسة الإكراميات الجديدة في “أوبر” خاطئة

4 دقائق
سياسة الإكراميات في أوبر
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio
قامت شركة “أوبر” (Uber) مؤخراً بتسوية دعوى قضائية جماعية أقامها عدد من سائقي الشركة في الولايات المتحدة يدَّعون فيها أن الأجور وممارسات العمل غير عادلة. حيث تضمنت التسوية توضيح موقف خدمة النقل التشاركي من تقديم الإكراميات إضافة إلى تسديدها مبلغ 100 مليون دولار، فماذا عن سياسة الإكراميات في “أوبر”؟

تقديم الإكراميات في لسائقي “أوبر”

لقد كانت شركة “أوبر” تعارض الإكراميات لفترة طويلة، زاعمةً أن الركاب لن يكونوا ممتنين لتلك الأعباء الإضافية المتمثلة بإضافة البقشيش للأجرة، فضلاً عن الاستشهاد بالتأثيرات السلبية لهذا الإجراء بما فيها التحيز العرقي المحتمل (على سبيل المثال، قد يقدم الزبائن مبالغ زهيدة كإكراميات للسائقين من أصحاب البشرة الملونة). رغم محافظة “أوبر” على سياستها القائلة “…الإكراميات غير مدرجة على منصات “أوبر” (باستثناء “أوبر تاكسي” UberTAXI)، وأن الإكراميات غير متوقعة أو إلزامية”، فقد تراجعت كجزء من التسوية عن تلك السياسة بإضافة “… الركاب أحرار في تقديم الإكراميات ويسمح للسائقين بقبولها”. وبذلك سُمح للسائقين الآن التماس الإكرامية عبر الطلب الصريح من الركاب أو بوضع الإشارات الدالة على ذلك في سياراتهم.

إضافة إلى التنبيه المهم الذي مفاده أنه إذا اختار الركاب تقديم الإكرامية، فلن تسمح لهم “أوبر” بدفعها عبر تطبيقها. بل سيتعين عليهم تسليم المبلغ نقداً للسائقين أو إجراء تحويل مالي منفصل عبر بطاقة الائتمان. ورغم أن هذا الإجراء غير ضار ظاهرياً، نجد أنه يضع خدمة “أوبر” في موقف تنافسي غير مواتٍ. عدا عن الإزعاج الناتج عن الخطوة الإضافية التي ستتطلب من المسافرين في مهام رسمية جمع الإيصالات المتعددة للتمكن من استرداد تلك النفقات من شركاتهم، إضافة إلى الضغوط التي سيشعر بها العديد من الركاب لتقديم إكراميات سخية.

ومن بين السمات الرئيسية لخدمة “أوبر”، نجد نظام التقييم المزدوج للركاب والسائقين، الذي يهدف إلى تقييد الطرفين بالالتزام بأفضل السلوكيات. فبعد كل رحلة، يقيّم كل من السائق والراكب بعضهما البعض دون الحاجة إلى الكشف عن هويتهما، وذلك على مقياس من 1 إلى 5 (حيث تعد درجة التقييم 5 الدرجة الأفضل). ويدخل السائقون تقييمهم للركاب بعد انتهاء الرحلة مباشرةً، ويعد إجراء التقييم من قبل السائقين ضرورياً ليتم إرسالهم إلى الرحلة التالية. وفي المقابل، لا يوجد حافز مالي كبير يدفع السائقين إلى السعي من أجل الحصول على أعلى التصنيفات، فما دام متوسط تقييم السائقين أعلى من 4.6، فسيكونون في وضع جيّد مع الشركة. أما بالنسبة للركاب ذوي التقييمات المنخفضة، فلن يتم توصيلهم مرةً أخرى.

وتتجلى المشكلة في سياسة الإكراميات المواربة في “أوبر” القائلة: “لا تقدم الإكرامية … ولكن في حال قمت بتقديم الإكرامية”، بأنها تُغيّر معنى الإكرامية. حيث تتمثل رؤية الزبائن للبقشيش في أنه مبلغ من المال يُدفع كمكافأة على الخدمة الجيدة. أما في حالة “أوبر”، فسيعرف السائقون حقيقة ما إذا كنت قد دفعت الإكرامية، إضافة إلى مقدار المبلغ المدفوع قبل تقييمهم لك. ونتيجة لذلك، أصبحت الإكراميات أشبه بتهديدات رجل المافيا توني سوبرانو المبطنة في المسلسل الشهير “آل سوبرانو”: “ادفع وإلا سأعطيك تقييماً رديئاً”.

موقف الزبائن

كما لن يروق للزبائن على الإطلاق إرغامهم على دفع الإكراميات. فعادةً ما يكون مبلغ الإكرامية تقديراً شخصياً يستند إلى عدة عوامل، منها كيفية تقدير الزبون للخدمة، والعرف السائد، إضافة إلى مستوى دخل الزبون. أما الآن وبفضل هذه السياسة تضع “أوبر” الزبائن في متاهة تخمين المبلغ الذي سيضمن لهم درجة التقييم العالية أهو (10%، أم 15%، أم 20%). ولكن العديد من الركاب بمن فيهم أنا، لم نقدم أي إكرامية لأن هذا ما طلبته منا “أوبر” منذ البداية. كما يعتبر إضافة مبلغ 20% كإكرامية “قسرية” على الأجرة، زيادة كبيرة في الأسعار تعمل على الحد من تحقيق الوفورات التسعيرية (بالمقارنة مع سيارات الأجرة التقليدية) ومن تجربة الاحتكاك المتمثلة بـ (عدم الحاجة إلى حمل النقود أو حتى بطاقة الائتمان)، التي كانت بمثابة حجر الزاوية في عملية التسويق لشركة “أوبر”.

في الواقع، يبلغ صاحب المطاعم الشهير داني ماير زبائنه ضمنياً بمبالغ الإكراميات المطلوب دفعها في مسعى للتخلص التدريجي من البقشيش لصالح المبالغ المدفوعة مقابل “خدمات الضيافة”. ونتيجة لتلك الإجراءات تم تصنيف المطاعم التي يملكها، والتي يبلغ عددها 13 منشأة من بين أفضل المطاعم في مدينة نيويورك. حيث يجذب هذا التمَيُّز الفائق داني ماير للتمادي في هذه الممارسة، خاصةً فيما يتعلق بضم الإكراميات إلى السعر. وبالمقابل، هناك بعض البدائل المتاحة أمام ركاب “أوبر”. ففي الواقع يعمل العديد من سائقي “أوبر” لصالح شركة “ليفت” (Lyft) أيضاً، وهي خدمة منافسة للنقل التشاركي التي تتيح للزبائن آلية أكثر سهولة فيما يتعلق بتقديم الإكراميات. حيث يمكن إضافة الإكراميات عبر تطبيق “ليفت”، كما يقيّم السائقون الركاب قبل معرفتهم ما إذا كانوا قد قدموا الإكراميات أم لا.

وهنا يبرز التساؤل عن حقيقة تقدير درجة اهتمام المستهلكين بالتقييمات. فلربما كان هناك بعض المبالغة، ولكن بالنظر إلى الهوس الذي ألم بمجتمعاتنا بالتقييمات وحصد الإعجابات على “فيسبوك”، نستنتج أن نقاط التقييم مهمة للمستهلكين. ولذلك لن يسمح الزبائن بتعرضهم للأحكام التعسفية، لا سيما أمام تقديم “ليفت” خدمة مماثلة ونظام تقييم أكثر إنصافاً.

إذاً، ما الإجراءات التي على “أوبر” اتخاذها؟

يمكن أن تعمد “أوبر” إلى منع الإكراميات منعاً باتاً إلى جانب تذكيرها للسائقين المستائين من إجراءات المنع بأن لهم الحرية في العمل حصرياً لدى شركة “ليفت”. ولكن الخيار الأكثر واقعية هو أن تدرك “أوبر” حقيقة الدور الذي يلعبه السائقون كسفراء لعلامتها التجارية. لذا ينبغي على الشركة تطبيق سياسة الحوافز لتشجيع السائقين على تقديم أفضل الخدمات. وهنا نرى أن أبسط الحلول تتلخص في تبني “أوبر” نموذجاً مماثلاً لنموذج شركة “ليفت”. ولكن إذا كانت “أوبر” عازمة على التمسك بسياسة عدم قبول الإكراميات، فيتعين عليها إيجاد طريقة أخرى لمكافأة السائقين ذوي التصنيف العالي.

في الواقع، إن موقف “أوبر” غير الحاسم من الإكراميات يسلط الضوء على درسين أساسيين لجميع الأعمال التجارية حول سياسة الإكراميات في “أوبر”. أولاً، عليك تقديم صورة واضحة عن الأسعار للعملاء. فالسعر سمة أساسية يمكن للعملاء تقييمها، بالنظر للإرباك الذي قد تسببه سياسة الإكراميات غير الصريحة. ثانياً، والأهم، إظهار نمط هيكلية الأسعار، بما في ذلك جميع تفاصيل عملية السداد. والآن يقدم نظام الإكراميات المخجل في “أوبر” ميزة فريدة لمنافستها “ليفت”.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .