متى كانت آخر مرة غادرت فيها اجتماع عمل وأنت تشعر بالإلهام أو التحفيز أو النشاط؟ إذا كنت مثل معظم الناس، فالإجابة هي نادراً.

في الواقع، تعاني اجتماعات الفِرق على وجه الخصوص من سمعة مروّعة، على اعتبار أنها غير منتجة وغير ضرورية ومرهقة وغير منظّمة ومثيرة للتوتر، والأسوأ من ذلك أنها تستهلك وقتاً ثميناً، وتعيقنا عن إحراز تقدّم في مشاريعنا المهمة، وتجعلنا نتساءل عن السبب الذي يمنعنا عن إنجاز أي شيء خلال ساعات العمل العادية.

جميعنا نكره الاجتماعات، لكن ماذا لو لم نكن نكرهها؟ وهل يمكن للمدراء تسريع وتيرة التقدّم الذي يعيقونه اليوم؟

ليست كل الاجتماعات في العالم منفّرة، فبعضها مرغوب فيه للغاية، كما هو الحال في عالم الشركات الناشئة التي تشيع فيها “اجتماعات العقل الموجّه”، حيث يوقّع رواد الأعمال على شيكات بعشرات الآلاف من الدولارات بشكل روتيني لقاء الانضمام إلى مؤسسين آخرين والإجابة عن سؤال واحد أمام جمهور من أقرانهم.

والسؤال هو: ما الذي يعيق تقدّمك؟

قد لا يكون الاعتراف بأكبر عقبة تقف في طريقك في غرفة مليئة بالغرباء اقتراحاً مغرياً، لكن للمؤسسين وجهة نظر مختلفة، فهم يعتبرون هذه “الأسئلة المحرجة” المزعومة فرصة لإضفاء الوضوح على العوائق الرئيسية والتوصّل إلى الحلول التي لم يفكروا فيها قط عند العمل بمفردهم.

وهو سؤال يجدر بالقادة الأذكياء دمجه في اجتماعات فِرقهم لأنه يخلق منتدى تعاونياً لحل المشكلات بشكل إبداعي، ويولّد فيضاً من الامتيازات الجذابة:

التقليل من التسويف

عندما يعرف أعضاء الفريق أن ذلك السؤال سيُطرح عليهم في أثناء الاجتماع، سيزداد دافعهم لممارسة التفكّر الذاتي قبله، فهو يمثّل دعوة للتفكير بعمق فيما يسعون إلى تحقيقه، بالإضافة إلى العوائق التي تعترض طريقهم.

وهذا المستوى من الوضوح نادر جداً، لا سيّما عندما يتعلق الأمر بالعقبات، إذ يتمثّل أحد الأسباب الرئيسية وراء التسويف في العمل في عدم وضوح فكرة كيفية تطوير مشروع ما، ما يجعلنا نشعر بالانزعاج، وهذا الانزعاج هو شعور نسعى لتجنبه غالباً عن طريق خلق مصادر إلهاء. ويمكن للقادة التخلص من التسويف قبل استفحاله من خلال دعوة أعضاء الفريق لتحديد عقبة ما تعترض طريقهم ومشاركتها علناً.

تعزيز القدرة على التحمّل

إن طرح سؤال “العوائق” يشير إلى أن مواجهة التحديات ليست تجربة يجب إخفاؤها أو الخوف منها، بل هي تجربة متوقعة.

وتعزيز وجهة النظر تلك مهم لأنه يزيد قدرتنا على التحمل، ما يسهّل علينا التغلب على الشدائد عند الخضوع للاختبار. وعلى النقيض من ذلك، عندما نواجه صعوبات بشكل غير متوقع ستتزعزع ثقتنا بأنفسنا ونبدأ التشكيك في قدراتنا.

زيادة الثقة

بعد أن يجيب كل عضو في الفريق عن سؤال “العوائق”، سيقدّم لهم زملاؤهم آراءهم، ما يتيح لهم توجيه بعضهم لبعض، وتحديد نقاط قوتهم، واكتشاف الخبرات غير المستغلة، وتلك ممارسة تعزز التعاون بشكل طبيعي.

كما أن التحلّي بالصدق والصراحة بشأن تحدياتنا يشجّع أيضاً الحوار المفتوح بين الزملاء، ما يعزز الشعور بالأمان النفسي. بعبارة أخرى، لا تقتصر فائدة طرح ذلك السؤال على تحقيق مزيد من التقدم في المشاريع الرئيسية فحسب، بل يسهم أيضاً في إعداد فرقٍ أكثر تماسكاً.

كشف حالات التراخي

ماذا يحدث عندما يقول أحد أعضاء الفريق إنه لا يواجه أي عقبات؟ قد يكون عدم الإبلاغ عن أي عقبة مؤشراً على وجود خطب ما أحياناً، فإما ألا يكون لدى الموظف أي أهداف ممتدة، وإما أن يكون غير راغب في المشاركة، ومن المفيد في كلتا الحالتين إجراء محادثة ثنائية للتعمق في الموضوع أكثر، فالاندماج في العمل يتولّد عند وجود أهداف ممتدة، وليس عندما يُبدي الموظف كسله وتراخيه. ويتيح طرح سؤال “العوائق” للقادة تحفيز نمو كل فرد في فرقهم.

تحفيز النمو

شاركت مؤسِّسة شركة سبانكس (Spanx)، سارة بليكلي، سؤالاً شهيراً اعتاد والدها طرحه على مائدة العشاء عندما كانت في مرحلة النمو: “ما الذي فشلتم في تحقيقه اليوم؟” وعندما لم يكن لدى بلاكلي أو إخوتها أي شيء للإبلاغ عنه، كان والدها يشعر بالإحباط، فقد كان يتوق ليعلّمهم تقدير لحظات الفشل التي على الرغم من أنها مؤلمة على المدى القصير، فهي أمر مهم لتحقيق النجاح على المدى الطويل.

وعلى الرغم من أن لسؤال والدها قيمة كبيرة، تحمل كلمة “الفشل” بين طياتها وصمة عار تجعل القادة يُحجمون عن استخدامها في مكان العمل. في المقابل، تشير كلمة “العوائق” إلى تجارب مماثلة دون أن توحي بأي شعور بالخزي، فهي توفر للقادة أداة توضّح للموظفين أن تحدي أنفسهم ووضع الحدود هو أمر مرغوب فيه، دون أن يبدوا كأشخاص واعظين أو منشغلين.

ينبغي ألا تسبب اجتماعات الفرق الإجهاد، أو أن تسلب من الموظفين أوقاتهم وطاقاتهم وتركيزهم، بل ينبغي لها أن تسرّع تقدمهم، وتقرب بعضهم من بعض، وتمكّنهم من تحقيق المزيد من الإنجازات. وكما هو الحال مع أي حل جيد، يكمن سر الاجتماعات الناجحة في طرح السؤال الصحيح أولاً.