رواد الأعمال الذين ينامون أكثر هم الأفضل في اكتشاف الأفكار الجيدة

3 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

لقد حان وقت دحض الأسطورة القائلة بأن النوم غالباً ما يجافي مؤسسي الشركات، إذ يعتقد الكثير من رواد الأعمال أن عدم النوم هو الطريق البطولي لتحقيق النجاح وأنه وسام شرف. بيد أننا وجدنا في سلسلة من الدراسات الحديثة العديد من أوجه القصور بين رواد الأعمال المنهكين، والتي تثبت أنه لا يمكن لأفضل المؤسسين خدمة مشروعاتهم الناشئة إلا بعد أخذ قسط كافٍ من الراحة.

وتقصّينا في بحثنا الوظائف الأساسية المطلوبة من المؤسس في المراحل المبكرة من دورة حياة مشروع جديد، والتي تتمثل في توليد أفكار جديدة للمشروع وتشكيل فرضيات حول إمكانات هذا المشروع. وأظهرنا في سلسلة من 3 دراسات مترابطة أن رواد الأعمال الذين لا ينالون القسط الكافي من النوم يحلّلون الفرص التجارية بشكل مختلف عن نظرائهم الذين يولون النوم أهمية كبيرة، وحتى بشكل مختلف عن أنفسهم عندما يحصلون على قسط كافٍ من النوم.

وقارنا في الدراسة الأولى 784 مشاركاً من رواد الأعمال مع بعضهم البعض، وطلبنا منهم الإبلاغ عن مقدار نومهم في الليلة السابقة، ثم قرأ كل شخص منهم 3 ملخصات تنفيذية لمشروع جديد. وكانت لجنة من رواد الأعمال والمستثمرين الخبراء قد منحت كل ملخص من هذه الملخصات تقييماً مختلفاً من حيث الجودة، وصنّف فريق المؤلفين المشاركين لدينا التوافق بين التقنية الجديدة والسوق المقصودة في هذه الملخصات إلى توافق سطحي وواضح وتوافق هيكلي وغير واضح. وانطوى اثنان من هذه الملخصات التنفيذية على توافق سطحي وهيكلي، وهو ما يعني أن هذه الأفكار كانت واعدة أكثر للنجاح التجاري. في حين أظهرت إحدى أفكار المشروع الجديد توافقاً سطحياً بين التقنية والسوق، بيد أنها كانت تنطوي على مشاكل هيكلية حقيقية، وهو ما يعني أن هذه الفكرة لا تعد بالنجاح بالقدر نفسه مقارنة بالفكرتين الأخريين. وبالمقارنة مع رواد الأعمال الذين نالوا قسطاً وافراً من النوم، غالباً ما أولى رواد الأعمال الذين حظوا بنوم أقل في الليلة السابقة الفكرة غير السديدة تقييماً أعلى من إحدى الفكرتين السديدتين أو كلتيهما. وهو ما يشير إلى أن رواد الأعمال الذين يعانون من قلة النوم يعتمدون بدرجة أكبر على الإشارات السطحية عند تشكيل فرضيات مبدئية حول أفكار المشروع الجديد.

وتقصّت الدراسة الثانية 101 من رواد الأعمال الممارسين على مدار أسبوعين. وأجرينا دراسة على رواد الأعمال هؤلاء مرتين يومياً، حيث كانت المرة الأولى في الصباح بهدف سؤالهم عن مقدار نومهم في الليلة السابقة، في حين جرت الدراسة الثانية في فترة بعد الظهر لنطلب منهم تقييم فكرة مشروع جديد. وتبيّن لنا أنه عندما نام رواد الأعمال هؤلاء بمقدار أقل، ارتكبوا أخطاء في تقييم أفكار العمل غير الواضحة. وكما لاحظنا في الدراسة السابقة، عرقل الإرهاق قدرة رواد الأعمال على تقييم الخصائص الأقل وضوحاً المرتبطة بالفكرة. والأهم من ذلك، تتيح لنا هذه النتائج مقارنة رواد الأعمال مع أنفسهم في أيام مختلفة. وهذا يعني أنه عندما لا يحصل رائد الأعمال على قدر كافٍ من النوم مثل الآخرين، سيكون أسوأ في التقييم مقارنة بنفسه عندما ينام جيداً.

في النهاية، أجرينا تجربة الحرمان من النوم مع طلاب ريادة الأعمال للتأكيد أن النوم كان المتغير السببي في هذه الملاحظات. وفرزنا المشاركين عشوائياً إلى مجموعتين، نام المشاركون في إحدى المجموعتين 7 ساعات على الأقل، في حين بقي أعضاء المجموعة الأخرى مستيقظين لمدة 24 ساعة متتالية على الأقل. وأجرت المجموعتان مهمة تقييم المشروع الجديد التي طبّقت في الدراسة الأولى نفسها، وطلبنا منهم التفكير في الأفكار التجارية المحتملة لتقنية مبتكرة. وصنّفنا تلك الاستجابات المفتوحة إلى كل من تفكير سطحي وتفكير هيكلي. كانت المجموعة المحرومة من النوم أكثر احتمالاً لمنح الفكرة غير السديدة تقييماً أعلى من فكرة واحدة أو كلا الفكرتين الأخريين، وركزت استجاباتهم المفتوحة على الخصائص السطحية أكثر من التوافق الهيكلي. بعبارة أخرى، توسط التفكير الهيكلي في مهمة التفكير العلاقة بين النوم وتقييم أفكار المشروع الجديد. وتوضح هذه الدراسات أن قلة النوم تقف عائقاً أمام مهمات تنظيم المشاريع الريادية المهمة، إذ يواجه رواد الأعمال الذين ينالون قدراً أقل من النوم صعوبة في تقييم التوافق المعقد بين التقنية الجديدة والسوق التجارية، والذي يُعتبر أهم المحددات الرئيسة لنجاح الأعمال التجارية.

وعلى الرغم من أن الأفكار التجارية وفيرة، فقد يسفر اتباع الفكرة الخاطئة مبكراً عن عرقلة جهود رائد الأعمال لإطلاق مشروع ما. وتمثّل هذه الخطوة الخاطئة المبكرة الفرق بين أن تصبح رائد أعمال ناجحاً أو رائد أعمال فاشلاً. وبعيداً عن اعتبار النوم إحدى نقاط الضعف، يمكن أن يكون النوم أداة مساعدة في المراحل المبكرة لتقييم فرص الأعمال التي لا تعد ولا تحصى بفاعلية. ذلك أن النوم في الأوقات المناسبة سيحسن النتائج، مثل النوم في الليلة التي تسبق مهمات التفكير والتقييم.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .