كيف تروّج نفسك متجنباً الظهور كالأحمق ؟

3 دقائق

قد يكون الترويج الذاتي محرجاً للعديد من الأشخاص. وهذا بالتأكيد حال المهنيين الأجانب في الولايات المتحدة الأميركية، إذ يضطرون إلى التنقل بين أعراف ثقافية مختلفة في دولة تحتل المرتبة الأولى عالمياً من حيث الجرأة في صنع الهوية التجارية الشخصية. لكن بالنسبة للعديد من الأميركيين أنفسهم، يبدو هذا المفهوم شائكاً: فكيف لك أن تضمن الاعتراف بموهبتك دون سرقة الأضواء من زملائك والظهور كالوغد؟

تتمثل الخطوة الأولى في فهم القيمة الحقيقية للترويج الذاتي. يمكنك بالطبع أن تحظى بعروض عمل ومهمات أفضل، عندما تقدم نفسك على أنك النجم الاستعراضي. ولكن الأمر لا يتعلق بك فقط، وهذا تذكير مفيد للأشخاص الذين رُفضوا بسبب الصورة التي كونوها في هويتهم التجارية (ضمن شبكة علاقاتهم مثلاً) تحت مسمى التعاملات الجريئة. إذ تستطيع بدلاً من ذلك ترويج نفسك بالطريقة الصحيحة، ليصبح الموقف مكسباً للطرفين. قد لا يحظى زملاؤك ومدراؤك في العمل بالوقت الكافي لفهم هواياتك ومواهبك ومهاراتك. إذا استطعت توضيح المجالات التي يمكنك المساهمة فيها بأقصى فعاليتك، فإنك تسهل مسار حياتهم وتساعد الشركة ككل.

أما الخطوة التالية فهي التركيز على الحقائق، وليس على التأويلات. ليس بمقدور أحد أن يجادلك عندما تقول إنك تملك شغفاً تجاه وسائل التواصل الاجتماعي، أو إنك تستخدم المدونات لأكثر من عقد من الزمن، أو إن لديك عدداً ما من المتابعين على موقع “تويتر” (Twitter). لكن يمكن أن يجادلوك كثيراً إذا ادعيت أنك “خبير في وسائل التواصل الاجتماعي” أو إذا أطلقت على نفسك لقب “غورو” أي “المعلم الروحي”، أو “نينجا”). ولكن، بمقتضى الحال وأياً كان مجال عملك فلا ضير عندما يصنفك الناس بأنك الخبير. وحتى في سيرتي الذاتية أستشهد بعدد من المجلات التي منحتني لقباً، ولكنه من الجرأة المنفرة أن تطلق على نفسك الألقاب، فتخاطر بمواجهة قدر كبير من ردود الأفعال السلبية. (صرح المؤلف المعروف فينريتشوك (Vinrichuk) لمجلة “تك كرانش” (TechCrunch) الشهيرة، “أن ما يعادل 99.5% من خبراء وسائل التواصل الاجتماعي هم مهرجون”).

من الضروري جداً أن تبرهن خبرتك بالأحداث لا بالكلمات. فقول: “أنا ممتاز جداً في التعاقد مع المستثمرين” يحمل الكثير من الغرور. ولكن رواية قصة مقنعة حول قيامك بجمع التمويل الأولي يتيح للآخرين الاستدلال على مهاراتك دون الحاجة إلى التصريح بها. وكما أظهرت الأبحاث أيضاً، حين يتعرض المستمعون إلى القصص، تتأجج العديد من الأقسام في أدمغتهم، ويغرقون حرفياً في اللحظة معك، ما يعطي انطباعاً أعمق بكثير. قد يصغون إلى كلماتك عندما تقول إنك رائع، ولكن رواية قصة لهم ستتيح لهم الشعور بذلك بأنفسهم.

عليك التأكد أيضاً أن هذه الحكايات وثيقة الصلة بالموضوع، فإذا كنت في حفل كوكتيل وتحول الحديث إلى الشركات الناشئة، فمن الملائم جداً أن تذكر أنك أطلقت شركتك وتروي قصة تعاقدك الناجح. في المقابل، إذا كنت تبذل جهداً واضحاً لحرف مسار المحادثة باتجاهك (كأن تقول في خضم حديث عن كرة السلة، هل أخبرتكم عن مشروعي الجديد للحوسبة السحابية؟) سينطفئ حماسهم بفعل التأثير الأخرق لهذا الأسلوب. يعمل الترويج الذاتي بشكل أفضل عندما يكون طبيعياً دون إكراه، فهدفك هو المساهمة في المحادثة بشكل فطري، وليس سرقة الأضواء. (كما ناقشت في كتابي “كيف تعيد ابتكار ذاتك” (Reinventing You)، من الأفضل توظيف مساعد يتشابه في طريقة تفكيرك للتدخل في المحادثة نيابة عنك وذكر إنجازاتك ذات الصلة).

أخيراً، عندما تروج لنفسك، من الضروري إظهار التواضع، فذلك لا يعني بأي حال إخفاء قدراتك. ولكن الأمر يتطلب منك مراعاة لحقيقة أن بعض الإنجازات قد تجعل الآخرين يشعرون بالغيرة وبنقص مؤهلاتهم، ولن ترغب أن تبدو سطحياً ومحوراً للمديح، لأنها ستكون فرصة رائعة للاعتراف بفضل الآخرين عند استحقاقه. إذا كنت تعمل في الصين، فقد يتساءل شخص ما حول مهاراتك اللغوية. ويمكنك بالطبع القول: “أتحدث لغة الماندرين بطلاقة” وتترك الأمر عند ذلك الحد. لكن من الأفضل في هذه المواقف توفير السياق المناسب كالقول: “كنت محظوظاً حقاً عندما عرضت عليّ مدرستي الثانوية دروساً لتعلم لغة الماندرين، ولذلك فقد درستها لعدة سنوات وأصبحت قادراً على التحدث بطلاقة”. هنا لا يزال إنجازك مثيراً للإعجاب، ولكنك أبرزت مهاراتك دون جعل الشخص الآخر يشعر بالشفقة حيال نفسه. وتذكر دائماً أن التواضع يختلف تماماً عن انتقاص الذات. قد يكون التقليل من شأن مهاراتك استراتيجية جيدة للترويج الذاتي في العديد من البلدان، وتحديداً في آسيا. أما في الولايات المتحدة فإنها مخاطرة ستبدو فيها غير كفء (“إذا قال إنه لا يجيد تحدث الماندرين، فهو غالباً محق”) أو تبدو مخادعاً ومتعالياً. لذلك، كن متواضعاً ولكن حقيقاً غير مزيف.

يشعر الناس غالباً بالخجل من الترويج الذاتي حتى لا ينفر زملاؤهم منهم، ويوصفون بالتباهي. لكن من غير الضروري أن تسير الأمور بتلك الطريقة، فيمكن للعلامة التجارية الشخصية أن تكون مفيدة لك ولشركتك عندما تساعد الآخرين على إدراك مكامن تفوقك، والحرص على استخدام مواهبك بشكل صحيح وبأفضل طريقة ممكنة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .