رهان شركة “غولدمان ساكس” بقيمة 500 مليون دولار على الشركات الصغيرة

14 دقيقة
shutterstock.com/Piotr Swat
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أجرت هارفارد بزنس ريفيو مقابلة صوتية (بودكاست) مع لين شليزنغر، الأستاذ الجامعي في كلية هارفارد للأعمال.

استمع واشترك في هذا البودكاست عبر: تطبيق آبل بودكاست أو جوجل بودكاست أو آر إس إس

أطلقت شركة “غولدمان ساكس” برنامجها الذي يحمل عنوان “10 آلاف شركة صغيرة” في خضم الأزمة المالية في عام 2009، ويقدّم البرنامج تعليماً مجانياً في قطاع الأعمال إضافة إلى شبكة للدعم وإمكانية حصول الشركات الصغيرة على رأس المال في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وخصّصت الشركة مبلغ 500 مليون دولار لتمويل البرنامج، وبعد مرور تسع سنوات تخرّج 7,300 مشارك من البرنامج، أي أقل بقليل من هدفها. ويناقش شليزنجر نجاح البرنامج وتأثيره ومستقبله في دراسة الحالة التي ألّفها بعنوان “غولدمان ساكس: برنامج 10 آلاف شركة صغيرة “.

وإليكم مقتطفات من هذه المقابلة الصوتية:

النص:

بريان كيني: كان هربرت هوفر مهندساً ورجل أعمال اكتسب سمعة مشبوهة بعمله رئيساً للولايات المتحدة بداية الكساد الكبير في عام 1929. وكان هوفر هو من أشاع مصطلح “الفردية القوية”، وهي الفكرة القائلة أنّ على الأميركيين الاعتماد على أنفسهم ورفض أي مساعدات خارجية. ولم يستخدم المصطلح سوى مرة واحدة فقط في خطاب القبول الذي ألقاه في المؤتمر الجمهوري عام 1928، لكن المصطلح نال قبولاً وأصبح يجسّد الرؤية العاطفية المتمثلة في إطلاق العنان للأميركيين وحثهم على متابعة أحلامهم بإصرار على الرغم من الصعوبات. ولا تزال هذه الفكرة تستحوذ إعجاب الأفراد اليوم. ووفقاً لإدارة الشركات الصغيرة في الولايات المتحدة، تمثّل الشركات الصغيرة نسبة 99.9% من إجمالي قطاع الأعمال في الولايات المتحدة، أي ما قيمته 30.2 مليون شركة توظّف مجتمعة أكثر من نصف القوة العاملة، حيث تفتح أكثر من 627,000 شركة جديدة أبوابها كل عام. وتكمن المشكلة في أنّ أكثر من نصف هذه الشركات سيفشل في غضون خمس سنوات، ذلك أنه من الصعب على أي فرد ضمان نجاح شركة صغيرة بمفرده، بغض النظر عن مدى قوته. وسنستمع اليوم إلى البروفيسور لين شليزنغر الذي سيحدّثنا عن دراسة الحالة التي ألّفها بعنوان “غولدمان ساكس: برنامج 10 آلاف شركة صغيرة”. معكم بريان كيني، وأنتم تستمعون إلى برنامج “كولد كول” الذي سُجل على الهواء مباشرة في كلارمان هول ستوديو في كلية هارفارد للأعمال. لين شليزنغر هو خبير في مجالات الإستراتيجية وجودة الخدمات ورضا الزبائن وريادة الأعمال والتغيير التنظيمي. وهو عضو في هيئة التدريس بكلية هارفارد للأعمال وشغل أيضاً منصب رئيس كلية بابسون (Babson College) في ماساتشوستس، التي سنتطرق إليها أيضاً في حديث اليوم. شكراً جزيلاً لانضمامك إلينا اليوم يا لين.

لين شليزنغر: يسرني وجودي معكم يا بريان.

بريان كيني: هذا هو ثاني لقاء معك على برنامج “كولد كول”، لذلك يسعدنا استضافتك مرة أخرى.

لين شليزنغر: يُسعدني الانضمام إليكم مجدداً.

بريان كيني: نتحدّث اليوم عن موضوع مختلف تماماً، إلا أنني أعتقد أن الأفراد سيجدون هذا الموضوع مثيراً للاهتمام بالفعل. لقد ذكرت في المقدمة بعض الأرقام التي وردت في الحالة وفي البحوث التي أجريتها. ومن المدهش بالفعل مدى أهمية الشركات الصغيرة بالنسبة إلى الاقتصاد الكلّي للولايات المتحدة. لذلك إذا كان لدى الأفراد أي مفاهيم خاطئة حول هذه الشركات، يمكننا تصحيح اعتقاداتهم اليوم بالتأكيد. وسأطلب منك البدء بالطريقة التي نبدأ بها دائماً، هلّا قمت بتحديد أبعاد الحالة لنا؟ كيف تبدأ؟

لين شليزنغر: بالطبع، تبدأ الحالة في شهر فبراير/ شباط عام 2018 عندما تخرّج 2,000 مشارك من برنامج “10 آلاف شركة صغيرة” الذي مكّنهم من شق طريقهم نحو واشنطن ليمثّلوا مجموعة من أصحاب المصالح من قادة الشركات الصغيرة.

بريان كيني: هل كان إعدادك لهذه الحالة مرتبطاً بالوقت الذي قضيته في كلية بابسون؟ ما الذي دفعك إلى كتابتها؟

لين شليزنغر: يشيع في الحقيقة منطق سياسي مفاده أنّ الشركات الصغيرة تمثّل ركيزة اقتصادنا، وجميع السياسيون في العالم يتّفقون على ذلك. ونحن نعلم أن 68% من الشعب الأميركي يحلمون فعلاً بامتلاك شركة صغيرة، ونعلم أيضاً أن 93% من السكان الأميركيين يعتقدون أنه من المهم دعم الشركات الصغيرة، لكنهم لا يتّخذون أي إجراءات في هذا الصدد. وبالتالي فإن السؤال المثير للاهتمام بالنسبة إلينا هو التالي: من هم المسؤولون عن دعم هذه الأنشطة؟ وأين يوجهون استثماراتهم؟ مع الأخذ في الاعتبار معدّلات فشل الشركات الصغيرة وصعوبة توسيع نطاقها. ومن المحتمل أن تكون شركة “غولدمان” بصفتها مبادرة مؤسسية صاحبة الأداء الأفضل من بين الجهات المعنية التي تحاول معالجة هذه القضية.

بريان كيني: نعم بالضبط. كنت مهتماً بقراءة الحالة بالفعل، وتعتبر شركة “غولدمان” مؤسسة ضخمة، لكنها هي أيضاً بدأت كشركة صغيرة. هل يمكنك أن تصف لنا كيف كانت بدايات الشركة المتواضعة وما أصبحت عليه اليوم؟

لين شليزنغر: بالطبع، بدأت الشركة بتأسيس بنك “ماركوس غولدمان”، وكان بنكاً صغيراً ثم تطوّر إلى ما هو عليه اليوم، فهو يمتلك المليارات من العائدات ويعدّ أحد أكبر مؤسسات الخدمات المالية وأكثرها تعقيداً في العالم.

بريان كيني: تتطلّع الشركة إلى تأدية دور خيريّ في المجتمع وإلى ترك أثر يتجاوز نطاق أعمالها كالعديد من المؤسسات الكبيرة هذه الأيام. ما هي سياسة شركة “غولدمان ساكس” عندما تفكر في مساعيها الخيرية؟

لين شليزنغر: أعتقد أنه ليس لدى الشركة أي اهتمام في تبذير الأموال على الفنون أو على المجالات التي لا تتعلق بأنشطة البنك فيما يخص مبادراتها الخيرية. فالبنك مرتبط بالاقتصاد وبالتجارة العالمية، وبالتالي ينبغي حقيقةً أن تكون مبادراته قائمة على المجال نفسه.

بريان كيني: بما أنّك تدرس مجال الأعمال على نطاق واسع، ما هي أهمية أن يكون لدى الشركات توجهات خيرية هذه الأيام؟

لين شليزنغر: لا يوجد شك أن المؤسسات تتعرض إلى ضغوط لإظهار توجهات خيرية. كما لا يوجد شكّ أن معظم هذه المؤسسات ليست حريصة مثل حرص شركة “غولدمان” على وضع هذا التوجه في مبادرات تمكّنها من إحداث فرق، وعلى تقييم هذه المبادرات لتضمن إنفاق أموالها في الأماكن الصحيحة.

بريان كيني: هل يمكن أن تكون بعض هذه المبادرات مرتبطة بالمناخ السياسي الحالي؟ أنت تعلم أننا نعيش في بيئة سياسيّة صعبة هذه الأيام، ويوجد لدينا أيضاً جيل جديد يدخل سوق العمل وهم جيل الألفية الذين يولون الكثير من الأهمية لمهامهم وأهدافهم إلى جانب تقديم أداء جيد، أليس كذلك؟

لين شليزنغر: عندما درّست هذه الحالة لطلبة برنامج ماجستير إدارة الأعمال كان لديهم شكوك حول أهمية وجود شركة “غولدمان” في هذا القطاع، لكن مع نهاية الثمانين دقيقة من الحصة الدراسية، أعتقد أنهم فهموا أهمية هذه الشركة وغادروا في حالة من الإعجاب.

بريان كيني: لم تكن هذه المبادرة هي المبادرة الأولى لشركة “غولدمان”، أليس كذلك؟ أعني أنهم أطلقوا هذه المبادرة من قبل.

لين شليزنغر: كلا، هذه ليست المبادرة الأولى، وانطوت أول محاولة لهم في عالم الاقتصاد على إجراء دراسة بحثية بعنوان “اقتصادات النساء”، حيث شرعوا في فهم أثر تعزيز رائدات الأعمال في الاقتصادات الناشئة في جميع أنحاء العالم. وكان البحث مرتبط فعلياً بجودة الحياة ونوعية النتائج، وأسفر عن مبادرة بقيمة 100 مليون دولار حملت اسم “10 آلاف امرأة”، والتي ركزت على التعليم في جميع أنحاء العالم وعلى تعزيز دور النساء في أنشطة الشركات الناشئة ومبادرات النمو.

بريان كيني: وهل تمكّنت الشركة من ترك أثر في تلك المبادرة؟

لين شليزنغر: لا شك أنهم كانوا سعداء بالنتائج بالتأكيد. كما أن بقية العالم كان متحمساً لتلك المبادرة. وليس من المستغرب أنهم بعد أن حصلوا على مئات الملايين من الدولارات، كان يوجد أشخاص آخرون في العالم يطالبون بالحصول على التقنيات والدعم، وفي نهاية المطاف تولت مؤسسة التمويل الدولية والبنك الدولي مسؤولية هذه المبادرة القائمة على مبدأ التطوير وجمعوا عدة مئات من ملايين الدولارات لدعم هذه المبادرة بالفعل.

بريان كيني: أعتقد أن شركة “غولدمان” كانت بمثابة الحافز أو الشرارة التي ولدّت اهتمام الأفراد بهذه المبادرات، ومن ثم حاولت بناء بيئة عمل متكاملة لمعالجة مختلف القضايا.

لين شليزنغر: أعتقد أن إطلاق الشركة هذه المبادرات كان بمحض الصدفة. ولا أعتقد أن مؤسسي الشركة أدركوا عند تأسسيها أن الشركة ستكون ناجحة للغاية وأنهم سيواجهون قضايا حول كيفية التوسع وعن الدور الذي يتعين على شركة “غولدمان” تأديته في سبيل النمو. وهو أمر في منتهى الأهمية اليوم فيما يتعلق بمبادرة “عشرة آلاف شركة صغيرة”.

بريان كيني: حدثنا قليلاً عن هذه المبادرة؟

لين شليزنغر: تبدأ الحالة في تسليط الضوء على نتائج مبادرة 10 آلاف شركة صغيرة، من حيث خلق فرص العمل والنمو الاقتصادي، وهي متفوقة بما لا يقل عن 20 إلى 25 نقطة على أي مبادرة أخرى في الولايات المتحدة. ويوجد 10 آلاف شركة صغيرة يجب تسليط الضوء عليها. وتضم الحالة حوالي 7,300 شركة، وتنطوي الأسئلة بداية على كيفية تنمية هذه الشركات بعد طرح رهان مبلغ 500 مليون دولار وتخرج 10 آلاف شخص بالفعل.

بريان كيني: هل يوجد أمر سحري بشأن اختيار العدد 10 آلاف؟ إذ يظهر هذا الرقم في مبادرتين مختلفتين.

لين شليزنغر: للرقم وقع جميل.

بريان كيني: ولماذا يبدو هذا الرقم منطقياً؟ سأعود إلى مسألة سياسة الشركة فيما يخص العمل الخيري. يبدو أنّ هذا الرقم منطقي للغاية بالنسبة إلى بنك “غولدمان ساكس”.

لين شليزنغر: بل أكثر من ذلك. ما أعنيه هو أنّ مبادرة “10 آلاف امرأة” كانت قضية عالمية. وبدأ هذا البرنامج مع بداية انهيار الاقتصاد الأميركي، وبدت فكرة قيام شركة “غولدمان ساكس” باستثمار الجهد والمال في الشركات الأميركية مفاجئاً لمدى ارتباطه بما كان الاقتصاد الأميركي يحاول القيام به.

بريان كيني: حدّثنا عن ماهية هذه الشركات الصغيرة بمزيد من التفصيل؟ ماذا نعني بالصغيرة؟

لين شليزنغر: هذه هي المشكلة. نبدأ مع بيانات إدارة الشركات الصغيرة التي تميل إلى تعريف الشركات الصغيرة أنها الشركات التي تضم أقل من 500 موظف، وهو الأمر الذي يجعلها تستهلك في النهاية أكثر 99% من الاقتصاد. ولدى الغالبية العظمى من هذه الشركات الصغيرة أقل من 10 موظفين، كما أن 85% من هذه الشركات لا يوجد لديها موظفين.

بريان كيني: هذا مثير للاهتمام.

لين شليزنغر: إذاً فإن العدد الأكبر من السكان…

بريان كيني: لنعد إلى تلك الفكرة مجدداً. كيف لا يوجد لدى هذه الشركات موظفين؟ هل هي شركات مستقلة؟

لين شليزنغر: إنها شركات فردية.

بريان كيني: حسناً، عظيم.

لين شليزنغر: الحقيقة هي أن الغالبية العظمى من مبادرات الشركات الصغيرة هي في الأساس عبارة عن تخفيفات تنظيمية وتخفيضات ضريبية للمؤسسات الكبيرة ولا ترتبط هذه المبادرات بالشركات التي نتحدث عنها اليوم. فقد وضعت شركة “غولدمان” هدفاً بسيطاً للغاية، إذ يجب على هذه الشركات أن تكسب إيرادات لا تقل عن 150,000 دولار، وأن يكون قد مضى عامان على تأسيسها على الأقل وأن تضم أربعة موظفين كحد أدنى. والأهم من ذلك هو أن شركة “غولدمان” لم تقدّم دعمها للشركات الناشئة وإنما للشركات التي تُعتبر في طور النمو. لذلك كانت شركة “غولدمان” تستقطب المالكين المهتمين بتنمية مؤسساتهم.

بريان كيني: أعتقد أنّ هذا تمييز مهم حقاً. هل يمكنك أن تذكر لنا الفرق بين الشركات الناشئة في هذا السياق وبين الشركات الصغيرة من وجهة نظر شركة “غولدمان ساكس”؟

لين شليزنغر: تتلخص الفكرة في أن شركة “غولدمان” كانت ترغب في الاستثمار في مضاعف اقتصادي، وتوفير فرص عمل وتأجيج النمو. وتتمثّل طريقة تحقيق ذلك في الاستثمار في الشركات التي تؤمن بالفعل أنها ستحقق نتائج إيجابية من حيث توفير فرص العمل والنمو.

بريان كيني: هل توجد أوقات تكون فيها الشركة الصغيرة على الخط الفاصل بين النجاح والفشل؟

لين شليزنغر: يحصل هذا بشكل يومي على مدار العامين الأولين. لكن ما يثير الاهتمام بالنسبة إلى بعض هذه الشركات هو أنها تتجاوز مرحلة أول عامين وتنتقل إلى ما أسميه المرحلة الثانية. وهنا يبدأ التفكير فعلياً في النمو، وفي تلك المرحلة تؤدي شركة “غولدمان” دوراً محورياً.

بريان كيني: ما هي التحديات التي تواجهها الشركات الصغيرة عند انتقالها إلى المرحلة الثانية؟

لين شليزنغر: إن هذه المشاكل معروفة في الحقيقة وموثقة جيداً. أولاً، يوجد نقص عام في مدى توفر رأس المال. ويوجد نقص عام في مدى توفر الموظفين ذوي الكفاءة العالية. ويوجد إقرار صريح أن الغالبية العظمى من هؤلاء الأفراد يقضون الكثير من الوقت في إنجاز أعمالهم ولا يمتلكون الوقت الكافي للتفكير في مبادرات النمو. لقد صُممّت التكنولوجيا للمؤسسات الأكبر. وعلى الرغم من كل هذه الإثارة حول التكنولوجيا المالية، لا نجد الكثير من الجهد المبذول لتخصيص مبادرات قائمة على التكنولوجيا لدعم هذه المؤسسات. كما يوجد تطور كبير وديناميكيات تنافسية تهدد هذه المؤسسات بطرق لم نعهدها من قبل. على سبيل المثال، فكّر في تأثير أمازون على قطاع البيع بالتجزئة.

بريان كيني: وأظن أيضاً أن الكثير من مالكي الشركات الصغيرة هذه لم يحصلوا على أي تعليم نظامي في مجال الإدارة، بل يبدو أنهم يتعلّمون أساسيات هذا القطاع بشكل عملي، سواء نحو الأفضل أو الأسوأ. هل أنا على حق؟

لين شليزنغر: في الحقيقة لم تعتمد شركة “غولدمان” على التعليم بصفته مقياساً لاختيار هذه الشركات. لذلك يمكنك أن تجد شخصاً في البرنامج لم يكمل تعليمه المدرسي ويجلس بجوار شخص حاصل على درجة الدكتوراه في مجال تقني. بل انطوت الفكرة على وجود شركة فريدة يلتزمون بتنميتها وما إذ كان لدى هؤلاء الأفراد الرغبة والمال الكافي لتحقيق النمو.

بريان كيني: ما هو النهج الذي اتبعته الشركة؟ وكيف بدأت فكرة البرنامج هذه؟

لين شليزنغر: استفادت الشركة من تجربة مبادرة “10 آلاف امرأة” في أنها اعتمدت على المؤسسات الأكاديمية لتصميم منهجها الخاص القائم على أساس نظرتها للمشاكل التي تجتاح العالم. وبالتالي، كان لكل موقع في العالم يضم مبادرة “10 آلاف امرأة” منهجاً مختلفاً. لكن عندما أطلقت الشركة مبادرة “10 آلاف شركة صغيرة” كان هدفها تخصيص منهاج واحد في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وحصول الجميع على التجربة ذاتها. وتطلّب ذلك من شركة “غولدمان” أن تتعاون مع مؤسسات التعليم العالي بطريقة جديدة ومختلفة للغاية، وهو ما كان سبب دخولي هذه المعادلة، ذلك أنني كنت رئيس كلية بابسون. وتملك شركة “غولدمان ساكس” اليوم كامل المنهاج الدراسي الخاص بمبادرة “10 آلاف شركة صغيرة” وتمتلك حقوق ملكية هذا المنهاج.

بريان كيني: هذا رائع، ومن المثير للاهتمام حقاً أن الشركة تمكّنت من ضم طرف آخر إلى المعادلة يتمثل في مجتمع التعليم العالي، أقصد كليات المجتمع. هل يمكنك أن تحدثنا بمزيد من التفاصيل حول ذلك؟

لين شليزنغر: كانت مارغريت سبيلينغز وزيرة التعليم ومستشارة دينا باول، كبيرة مستشاري الأعمال الخيرية، ويعود الكثير من الفضل إليها لحديثها عن دور كليات المجتمع في بيئات عمل المجتمع الحضري، وفي محاولة معرفة كيفية نشر المبادرة في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وقد دعمت حقاً الفكرة القائلة بأن كليات المجتمع بحاجة ماسة إلى مبرر لوجودها وأن فكرة تعريض هذه الكليات لتعليم عالي الجودة ومواد ذات جودة عالية وإشراف وتقييم دقيق سيسفر عن رفع جودة أعضاء هيئة التدريس وعن جعل كليات المجتمع أفضل. وساد الاعتقاد أن كليات المجتمع هذه تعرف عن خصائص قادة الشركات المحلية الصغيرة أكثر مما قد تعرفه عن “وول ستريت”.

بريان كيني: هذا صحيح، لأنهم يعملون على أرض الواقع. ودار الكثير من النقاش حول هذا الموضوع على مر السنين، حتى كلية هارفارد للأعمال تحدثت عن مبادرة التنافسية في الولايات المتحدة والتي تدور حول أهمية دور كليات المجتمع في تطوير قدرات المتدربين. وبالتالي، يوجد بنية تحتية لكن لا يبدو أنها تُستغل بشكل جيد.

لين شليزنغر: نعم بالضبط. نعم. كلاهما غير مجهز للقيام بذلك. الفكرة هنا هي أنه عندما وضعت شركة “غولدمان” 200 مليون دولار في المبادرة، انطوت مهمة كلية بابسون على تصميم المناهج وأن تقوم هيئة التدريس في الكلية بتدريس كليات المجتمع ودعمها في تقديم البرنامج عبر الولايات المتحدة لبناء تلك القدرات على المستوى المحلي.

بريان كيني: وكيف يبدو ذلك من حيث الأرقام؟ إذ يبدو أن تصعيد هذه المبادرة بمثابة مشروع كبير جداً.

لين شليزنغر: بلغ العدد أثناء إعداد الحالة 7,300 مشروع، أي يبلغ عدد الأشخاص 7,300 متوزعين على 13 موقعاً بالإضافة إلى مجموعة وطنية. وبالتالي، إنها مبادرة كبيرة ومعقدة للغاية. لأنه بمجرد إنشاء الكليات في كل مجتمع من هذه المجتمعات، يتعين عليك أيضاً تنظيم بيئة العمل المحلية. وبالتالي، لم تنطوي القضية على مجرد الحصول على كليات المجتمع المحلي، وإنما على الحصول على موافقة العمدة، ودعم كل الجهات الفاعلة المهمة في هيكلية السلطة في المدينة، أي أنّه كان على الجميع العمل معاً من أجل إنجاح هذه المبادرة. وتستحق شركة “غولدمان” الكثير من التقدير في هذه المبادرة بالطبع، لكن الفضل الأساسي يعود إلى فهم الشركة دورها في تطوير بيئية العمل المحلية وفي إنجاح هذه المبادرة وفي الابتعاد عن المدن التي لا تمتلك كليات المجتمع. وذكرت في الحالة توجه الشركة في أحد الأيام إلى مدينة شيكاغو التي كان دالي يشغل منصب العمدة فيها، وشرح لهم آنذاك ما يحتاجون إلى فعله وأخبرهم أن كليات المجتمع في مدينة شيكاغو لم تكن جيدة بما يكفي للقيام بذلك.

بريان كيني: هذا رائع، هذا رائع، أعتقد أنه يوجد خطر من أن تتسم هذه المبادرة بطابع سياسي، ذلك أن السياسيين الانتهازيين قد يعتبرونها بمثابة فرصة ويجعلونها جزءاً من برامجهم السياسية.

لين شليزنغر: هذا هو سبب عدم وجود الشركة في بوسطن، حيث قابلت اثنين من عمداء مدينة بوسطن الذين تساءلوا عن سبب عدم دمج هذه المبادرة بالبرامج السياسية.

بريان كيني: لقد ذكرت أن شركة “غولدمان ساكس” كانت عبقرية فيما يتعلق بفهمها ماهية دورها. إذا كنت أعمل في شركة “غولدمان ساكس”، فهل يوجد طريقة تمكنني من أصبح طرفاً في هذه المعادلة؟

لين شليزنغر: هذا شيء رائع حقاً. إن فكرة إشراك القوة العاملة في هذه المبادرة الخيرية قد منحت لجحافل موظفي شركة “غولدمان ساكس” الفرصة للعمل كمنسقين للمشروع ومدربين ومستشارين فرديين. وكان يوجد الكثير من المناصب الشاغرة التي أتاحت لهم المشاركة، وكان يوجد مئات الموظفين لشغل هذه المناصب. وبالتالي، كانت الشركة تمتلك بالفعل الموظفين القادرين على إنجاز العمل، والذين تمكّنوا من مشاركة خبراتهم بطريقة مفيدة ومرضية، وولّدوا نتائج غير عادية مقارنة ببقية البلاد.

بريان كيني: ما هي المكونات الرئيسة للمنهاج؟ ماذا يعلّمون قادة الشركات هؤلاء؟

لين شليزنغر: يتكون المنهاج من تسع جلسات موزعة على حوالي 100 ساعة تعليمية. وينطوي موضوع المنهاج الرئيس على تحقيق النمو. وبمجرد حضور قادة الشركات الجلسات التسع، سيكونون قادرين على إعداد خطة نمو يمكنهم تقييمها وإدارتها بأنفسهم. وبالطبع يُعتبر قادة الشركات وشركاتهم أحد المكونات الأساسية للمنهاج. ويوجد وحدة مخصصة تدور حول النمو والفرص، ووحدة أخرى حول الشؤون المالية والمقاييس، ذلك أن الكثير من هؤلاء الأشخاص لم يضطروا إلى إجراء أي تحليل مالي متطور من قبل، وكان عليهم تعلم ذلك نظراً إلى قرارهم ورغبتهم الخاصة في تنمية شركاتهم. ثم يوجد قائد الشركة على اعتبار أن تحديات العنصر البشري هي أكبر التحديات التي تواجهها الشركات، ويتنقل الحديث بعد ذلك من القادة إلى صفات الأفراد وكيفية إدارة الآخرين، ومن ثم إلى مناهج كليات الإدارة القياسية، والتسويق والبيع، والعمليات، ومن ثم إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للنمو وخطة النمو التي يقوم هؤلاء القادة بإعدادها وتسليمها بالفعل.

بريان كيني: ويجري تغطية كل هذه الوحدات في 100 ساعة، ويكون الحضور إلزامياً، أليس كذلك؟

لين شليزنغر: نعم يضم البرنامج 100 ساعة إلزامية في كليات المجتمع المحلي في السوق باستثناء برنامج المجموعات الوطنية، الذي يُعقد مرتين في السنة في كلية بابسون.

بريان كيني: هل يوجد منافسين في القاعة الدراسية؟ لنفترض أنني أمتلك شركة لتنظيف النوافذ، هل يمكن أن توجد شركة أخرى متخصصة في تنظيف النوافذ في القاعة؟

لين شليزنغر: نعم هذا ممكن، ولكن ليس من الضروري أن توجد في القاعة نفسها. وأحد النتائج المذهلة وغير المتوقعة في هذه المبادرة هو أننا تمكنّا من إنشاء فرق مجتمعية، فالقضية التي لم نفكر فيها ولم نعرها أي اهتمام كانت مدى اهتمام الشركات بدعم بعضها البعض. وفي نهاية الدورة، أصبحت نسبة 87.6% من الشركات تتعامل مع بعضها البعض.

بريان كيني: هذا رائع جداً. وأعتقد أنها نتيجة غير متوقعة، أليس كذلك؟

لين شليزنغر: نعم بالضبط. لقد كان أمراً مبهجاً.

بريان كيني: وكيف كانت التجربة بالنسبة إلى بعض قادة الأعمال؟ لقد أوردت في الحالة مثالين عن ذلك، لكني أحب أن أسمع منك.

لين شليزنغر: تتناقل الأحاديث في كلية هارفارد للأعمال عن أن هذه التجربة كانت تجربة تحويلية واضحة المعالم، ذلك أنه من السهل معرفة مستوى شركات هؤلاء القادة في الماضي ومستوى هذه الشركات في الوقت الحالي. وتجدهم يتحدثون عن فترة ستة أشهر من النمو الذي شهدوه وعن عدد الموظفين الجدد الذين وظّفوهم والمشكلات الجديدة التي يتعاملون معها بغية المضي قدماً. كما أنهم يدركون أنه لولا عقد هذا البرنامج، لما وجدوا الوقت الوقت الكافي لتنمية شركاتهم. ومن بين الأمور الأخرى التي ركزت عليها شركة “غولدمان” بالفعل هي التأكد من التزام الأفراد بالوقت المكرّس لإتمام هذا البرنامج.

بريان كيني: لقد وضعت الشركة بعض المقاييس الرئيسة إذاً، وذكرتَ النمو بشكل خاص، لكن هل يركز البرنامج أيضاً على شؤون المبيعات أو الاستدامة؟

لين شليزنغر: يوجد مقياسين فقط.

بريان كيني: ما هما؟

لين شليزنغر: تحقيق النمو في الإيرادات، وتحقيق النمو في معدل الوظائف، هذا كل ما في الأمر. وبالتالي لا يجب عليك التفكير في مجموعة كاملة من المقاييس التي قد لا تكون مفيدة بشكل عام. ويجري تقييم كل صف من الصفوف، وكل عضو من أعضاء هيئة التدريس لضمان جودة البرنامج، وترسيخ التميّز في البرنامج بطرق لم يختبرها الأفراد من قبل. ولكن من حيث النتائج، كانت شركة “غولدمان” واضحة تماماً حول سبب طرح هذا البرنامج، ألا وهو تحقيق النمو في الإيرادات، وتحقيق النمو في معدل الوظائف.

بريان كيني: ماذا يحدث عندما يصل العدد إلى 10 آلاف شركة صغيرة، هل يجب إيقاف البرنامج؟

لين شليزنغر: هذه هي أهم نقطة تناقشها الحالة. إن غموض الحالة في النهاية يكمن في التوتر الذي يؤدي إلى إثارة النقاش من جديد. وما يحدث في نهاية الفصل الدراسي هو رغبة الطلاب في فهم حقيقة البرنامج وسبب نجاحه. وما يثير النقاش في هذه الحالة هو وجود شكوك حول هذه الشركة الاستثمارية التي يبدو أنها تؤدي دوراً فاعلاً أكثر من أي مؤسسة أخرى. وبمجرّد فهمهم ماهية هذه الشركة، يدور النقاش حول كيفية توسيع نطاق هذه التجربة وتكرارها؟ ولا يوجد أجوبة سهلة عن هذه الأسئلة. لذلك أعتقد أنه بعد حصة دراسية مدتها 80 دقيقة، يخرج الطلاب بانطباع جيد. ويؤمنون بضرورة توسيع نطاق هذا البرنامج لكنهم لا يعرفون كيف قد يجري ذلك بالضبط.

بريان كيني: يبدو أنك درّست هذه الحالة دون إفشاء أي أسرار، هل وجدت أي مفاجآت أو رؤى ثاقبة؟

لين شليزنغر: أعتقد أن المفاجأة الكبرى هي تشكيك الطلاب بوجود شركة تبذل جهداً كهذا الجهد بداية، لكن الحصة الدراسية تنتهي بشعورهم بالإعجاب بها.

بريان كيني: هذه الحالة رائعة جداً يا لين. شكراً جزيلاً لانضمامك إلينا اليوم.

لين شليزنغر: شكراً لاستضافتكم لي، كانت حلقة رائعة بالفعل.

بريان كيني: إذا كنت تستمتع بالاستماع إلى برنامج “كولد كول” فقد ترغب في الاستماع إلى مدونات صوتية رائعة أخرى على شبكة “إتش بي آر بريزتس”، وهي مجانية بالكامل على تطبيق “آبل بودكاستس”. أنا مقدّم البرنامج، بريان كيني، وكنتم تستمعون إلى برنامج “كولد كول”، وهو برنامج صوتي رسمي صادر عن كلية هارفارد للأعمال، وهو جزء من شبكة إتش بي آر برزنتس (HBR Presents).

إتش بي آر برزنتس (HBR Presents) هي شبكة من البرامج الصوتية (بودكاست) ينظمها محررو هارفارد بزنس ريفيو، ويقدمون لك من خلالها أفضل أفكار العباقرة في مجال الإدارة. تعود الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال إلى الكاتب، ولا تعبر بالضرورة عن السياسة الرسمية لهارفارد بزنس ريفيو أو شركائها أو موقفهم تجاه أي من الأفكار المطروحة.

اقرأ أيضاً: أسرار تجارة التجزئة

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .