4 دروس في خوض المحادثات الصعبة من مسلسل Succession

5 دقائق
المحادثات الصعبة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: تحفل الحلقة الأخيرة من مسلسل (Succession) (الخلافة)، بعنوان “بروفة” (Rehearsal)، بالكثير من المواقف التي يجد فيها شخصيات المسلسل أنفسهم أمام خيار الانخراط في المحادثة الصعبة، ولكنهم يؤثرون تجنبها. وفي حين أن هذا قد يبدو حلاً سهلاً يتيح للمرء مخرجاً آمناً، فإنه قد يكون وصفة مثالية لكارثة محقَّقة على المدى البعيد. وإليك نظرة فاحصة على 4 أخطاء شائعة ارتكبها أفراد عائلة روي، مع بيان الأساليب التي كان بإمكانهم اتباعها للتصرف بطريقة مختلفة.

تشكّل المحادثات الصعبة جزءاً لا يتجزأ من الحياة، لكن الكثيرين لا يعرفون كيفية خوضها. وسواء كان الأمر يتعلق بمعالجة موضوع حسّاس مع صديق أو مواجهة زميل في المؤسسة بمشكلة تخص العمل، فقد تكون هذه المحادثات غير مريحة، بل مخيفة في بعض الأحيان أيضاً.

يحفل الكثير من مشاهد الحلقة الأخيرة بعنوان “بروفة” من مسلسل “الخلافة” الشهير الذي أنتجته شركة آتش بي أو (HBO) بمواقف تحاول فيها شخصيات المسلسل إجراء محادثة صعبة، ولكن يبدو الأمر كما لو أن الجو معبَّق بالتوتر والشك. وربما تعرّضتَ أنت شخصياً لمواقف مماثلة في الماضي جعلتك تتردد في التحدث بصراحة لأنك خشيت استخدام كلماتك كحجة عليك أو تحريفها إلى معانٍ لم تكن تقصدها بتاتاً. يبدو الأمر كما لو أنك تحسّس خطاك في حقل ألغام، متوجساً خيفة من انفجار لغم في أي وقت، ولكنك لا تدري أي لغم سينفجر تحت قدميك.

وتتيح لنا مشاهدة أفراد عائلة روي وهم يرتكبون سلسلة من الأخطاء الشائعة فرصة لا تقدَّر بثمن للتفكير في الطرائق الصحيحة لخوض المحادثات الصعبة في الحياة الواقعية.

لم ينطلقوا من أُسس تقوم على الثقة المتبادلة

تُعتبر الثقة المتبادلة حجر الأساس الذي تقوم عليه أي محادثة صعبة. ويبدو أن غياب الثقة المتبادلة سمة شائعة في العلاقات الأسرية والتجارية كلها تقريباً التي تتناولها أحداث المسلسل.

وعندما تغيب الثقة، يقل استعداد أطراف العلاقة للتواصل بصدق، وهنا يحدث سوء التفاهم. ويمكن تشبيه الأمر بحلقة مفرغة يصعب الفكاك منها؛ ففي غياب الثقة قد يقل استعداد أطراف العلاقة أيضاً لتحمُّل مسؤولية أفعالهم، ما يؤدي إلى نزاعات طويلة الأمد ويجعل العثور على حل أمراً أكثر صعوبة.

ويتطلب بناء الثقة إظهار جوانب الضعف والتحلي بالصدق والرغبة المشتركة في التفاهم وتعزيز الاحترام المتبادل. لن يكون الأمر سهلاً دائماً، ولكنه ضروري للتواصل الفعال وتكوين علاقات صحية.

حاولوا تحفيز بعضهم لبعض من خلال التخويف

شهدت هذه الحلقة من المسلسل زيارة كبير عائلة روي الصارم، لوغان روي، غرفة شبكة أيه تي إن (ATN) الإخبارية. راح يتجول مرتدياً نظارات شمسية داكنة، حتى وقف فوق رأس موظف يكتب بريداً إلكترونياً مصوباً نحو الجميع نظرة متوعدة قبل أن يطلق خطاباً نارياً على مسمع من موظفي الشبكة الإخبارية، كان خطابه مزيجاً كلاسيكياً من الإذلال والتشجيع الحماسي. وعبّرت كلماته عن رغبة شديدة في النيل من المنافسين، دون أن يتردد في توجيه انتقادات لاذعة لأولئك الذين رأى أنهم لا يؤدون الأدوار المطلوبة منهم على الوجه الأكمل.

يشكّل الخوف طاقة عاطفية قوية تحفز المرء على اتخاذ خطوات إيجابية. ولكن الكثير من الأبحاث أثبت أن استخدامه كحافز رئيسي قد تكون له آثار ضارة على كل من الأفراد والمؤسسات. وقد تخلق القيادة بالتخويف بيئة عمل سامة تقوّض الثقة وتقتل الإبداع والابتكار وتؤدي إلى ارتفاع معدلات دوران الموظفين. ويميل القادة المغرمون بالتخويف إلى فرض السيطرة وتوجيه سهام الانتقاد اللاذع لمرؤوسيهم، ما يترك مجالاً ضئيلاً أمام الموظفين لاستخدام حسّهم الإبداعي وتطوير قدرتهم على الابتكار. وقد يؤدي هذا إلى تراجع الرضا الوظيفي وزيادة التوتر والقلق، وحتى اعتلال الصحة العقلية للأفراد وإصابتهم بمتاعب نفسية خطِرة، مثل الاكتئاب واضطراب القلق.

تجنبوا الحديث عن الحقائق الصعبة

شهدت هذه الحلقة من المسلسل تقديم مُساعِدة لوغان (وصديقته المرتقبة)، كيري، عرضاً تجريبياً لإثبات قدرتها على العمل مذيعة في شبكة أيه تي إن. كان أداؤها الأخرق واضحاً لكل مَنْ شاهد العرض التجريبي، لكن لم يشأ أحد الاعتراف بهذه الحقيقة أو إخبارها بها. تم تكليف توم بإبلاغ كيري بهذه الأخبار، ولكنه لم يجرؤ على إبلاغها بالخبر وعهد بالمهمة إلى غريغ الذي أوصل لها الرسالة بشكل سيئ، ملقياً باللائمة على الانتقادات الواردة من لجنة تحكيمية لا وجود لها على أرض الواقع.

وما كان من غريغ إلا أن أعطى كيري “شطيرة آراء تقويمية” كلاسيكية، وهو أسلوب يتم فيه حشو الملاحظات البنّاءة بين تعليقين إيجابيين. وقد أثبتت الأبحاث أن هذا النهج عديم الفاعلية؛ لأنه يُفسِد تأثير الملاحظات البنّاءة ويخلق حالة من الارتباك لدى المتلقي الذي يركز غالباً على التعليقات الإيجابية ويهمل الملاحظات المهمة أو لا يأخذها على محمل الجد. بالإضافة إلى ذلك، فإن شطيرة الآراء التقويمية قد تبدو غير صادقة أو متلاعبة، خاصة إذا كانت التعليقات الإيجابية غير حقيقية أو منبتَّة الصلة بالآراء التقويمية.

قد تبدو شطيرة الآراء التقويمية طريقة لطيفة ورقيقة لتقديم الملاحظات، ولكنها ليست الطريقة الأكثر فاعلية أو كفاءة لمساعدة الآخرين على تحسين مستوى أدائهم أو سلوكهم أو أخذ ما تقوله على محمل الجد. وقد ينتهي الأمر بالمتلقي إلى الشك في كل ما تقوله، على غرار ما حدث مع كيري. وقد تخلق شطيرة الآراء التقويمية شعوراً بالقلق لدى الشخص الذي يقدم الملاحظات، كما هو واضح من شعور غريغ بعدم الارتياح حينما واجه صعوبة في العثور على تعليقات إيجابية لحشو الآراء التقويمية بينها، ما يؤدي إلى تأخير تقديم الملاحظات المهمة.

قدموا اعتذارات غير صادقة

في مشهد مفصلي من الحلقة، يجد كيندال وشيف ورومان أنفسهم في مقهى ليلي، وفجأة ظهر والدهم بشكل غير متوقع لمحاولة إقناعهم بدعمه في أحدث صفقة تجارية يعمل على إبرامها. والمثير للدهشة أن لوغان بدا كأنه يقدم غصن زيتون لأبنائه، محاولاً تكوين علاقة شخصية معهم، بل حتى الاعتذار عن سلوكه في الفترة الأخيرة قائلاً: “اسمعوني جيداً! أنا لا أعتذر؛ ولكن إذا كان هذا يعني لكم الكثير، فأنا آسف”.

لا شك في أن الاعتذار أداة فعّالة لإصلاح العلاقات المتضررة واستعادة الثقة وتعزيز التسامح. وتتميّز الاعتذارات الحقيقية بأنها تقرُّ بصحة الأذى الذي تسببنا فيه وتعترف به، ما يقلل من المشاعر السلبية، مثل الغضب والاستياء. وتفيد الاعتذارات كلاً من المعتذر والمتلقي من خلال زيادة مساحة المشاركة الوجدانية والتسامح والرضا عن العلاقة. وقد أثبتت الأبحاث في واقع الأمر أن الاعتذار يجعلنا نبدو صادقين في نظر الآخرين ويعزز نمونا الشخصي ويزيد من وعينا الذاتي.

وعلى الرغم من هذه الفوائد، فإننا نتجنب الاعتذار في أغلب الأحيان خشية أن يجعلنا نبدو ضعفاء أو لأننا نؤمن بأنه لن يعود علينا بفائدة تُذكَر. لكننا إذا أحسنّا الاعتذار، فقد يؤدي ذلك إلى تحسين علاقاتنا، ما يجعلها أفضل حالاً عمّا كانت عليه قبل ارتكاب الخطأ. وحتى إذ أسأنا إلى الطرف الآخر وارتكبنا في حقه تجاوزاً خطيراً، فإن الاعتذار الحقيقي سيؤدي إلى تعزيز مشاعر الثقة المتبادلة معه وزيادة القرب منه.

وعندما نعتذر، فمن الضروري أن نشير إلى بعض العناصر الأساسية، مثل التعبير عن الندم وتحمُّل مسؤولية أفعالنا وتقديم عرض للطرف الآخر بتصحيح الأمور. قد يكون من المفيد أيضاً شرح أسباب إقدامنا على أفعالنا والاعتراف بالخطأ والإقرار بالضرر الذي تسببنا فيه والتعهد بإجراء التغييرات اللازمة وطلب الصفح. وإذا أحسنَّا الاعتذار، فإن هذا سيكون له فضل كبير في استعادة العلاقات المتضررة وبناء روابط أقوى تقوم على الصدق وتحمّل المسؤولية.

وتحفل هذه الحلقة من المسلسل بالكثير من المواقف التي يجد فيها شخصيات المسلسل أنفسهم أمام خيار الانخراط في محادثة صعبة، ولكنهم يؤثرون تجنبها. وفي حين أن هذا التجنُّب قد يبدو حلاً سهلاً يتيح للمرء مخرجاً آمناً، فإنه قد يكون وصفة لكارثة محقَّقة على المدى البعيد؛ لأننا عندما نتجنب هذه المحادثات، فإننا نسمح للمشاكل بالتفاقم والتضخُّم، إلى أن تغدو في النهاية أكبر بكثير وتستعصي على الحل، بعكس ما كان سيحدث لو أننا تعاملنا معها في وقت مبكر.

بالإضافة إلى ذلك، فقد يؤدي تجنب المحادثات الصعبة إلى اهتزاز الثقة وتراجع المصداقية في علاقاتنا الشخصية والمهنية. وقد يؤدي إلى سوء التفاهم والاستياء، ما قد يؤدي في النهاية إلى انهيار العلاقة تماماً. ومن خلال التحلي بالشجاعة لبدء المحادثات الصعبة والانخراط فيها، يمكننا معالجة المشكلات بشكل مباشر، وبناء علاقات أقوى تقوم على الثقة والاحترام المتبادلين، وتحقيق نتائج أكثر إيجابية للأطراف المعنية كافة.

اقرأ أيضاً: 5 دروس في التفاوض من مسلسل Succession

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .