كيف يساعد تعلم الآلة في تتبع أداء فرق العمل؟

6 دقائق
تعلم الآلة
إيفجيني شفيتس / ستوكسي
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: تم إجراء دراسة بحثية شملت 4 شركات مدرجة على قوائم “فورتشن 500″، سُئل فيها المدراء عن الأعمال التي تؤديها فرقهم، وأفادوا بأنهم إما لا يعرفون شيئاً عن 60% منها أو لا يتذكرونها بالنسبة ذاتها. تعد هذه مشكلة كبيرة لأنها قد تؤدي إلى وضع أهداف غير واقعية بخصوص التحول الرقمي وسوء تخصيص الموارد. ولكن تبيَّن من خلال الدراسة نفسها أن أدوات تعلم الآلة استطاعت سد الفجوة بين حدس المدير والواقع الفعلي. فقد أثبتت الدراسة أن استخدام خوارزميات تعلم الآلة أدى إلى تقليص متوسط فجوة استدعاء العمل من 60% إلى 24% تقريباً. ويجب على المدراء تعميم أدوات تعلم الآلة، لكن مع اتخاذ خطوات تضمن عدم شعور الموظفين بأنهم تحت المُراقَبة، ويمكنهم إخفاء الهوية وتجميع البيانات كوحدة واحدة والتواصل بشكل مفتوح مع الموظفين حول الجوانب التي تخضع للقياس وما يأملون تحقيقه.

 

ما مقدار ما يعرفه المدراء عن كيفية إنجاز فرقهم للأعمال المكلفين بها؟ أجرينا مؤخراً دراسة بحثية شملت 14 فريقاً تضم 283 موظفاً في 4 شركات مدرجة على قوائم “فورتشن 500”. وعندما سُئل المدراء عن الأعمال التي تؤديها فرقهم، أفادوا بأنهم إما لا يعرفون شيئاً عن 60% منها أو لا يتذكرونها بالنسبة ذاتها، بل إن بعض المدراء لم يستطع في بعض الحالات وصف سوى 4% فقط من أعمال فرقهم.

وقد تكون تكلفة جهل المدراء بوجود هذه الفجوة مرتفعة، حتى في الفرق الصغيرة المكوَّنة من 5 أعضاء فقط، وهو ما ينطبق أيضاً على أي شركة، كبيرة كانت أو صغيرة. حيث يكتفي المدراء وصنّاع القرار الرئيسيون على جميع المستويات بوضع أهداف التحول الرقمي، دون فهم كافٍ لكيفية إنجاز فرقهم للعمل أو مكمن المشكلات المستعصية. ويلجؤون بشكل عام إلى الاعتماد على التخمين لتحديد الاستثمارات التي ستساعد فرقهم على تحقيق هذه الأهداف. ويتسببون بالتالي في تراجع معدلات إنتاجية الموظفين أو سوء تخصيص الموارد والاستثمارات في التقنيات التكنولوجية، مثل الأتمتة. وقد تسببت جائحة “كوفيد-19” والانتقال إلى العمل الرقمي عن بُعد في ازدياد صعوبة فهم المدراء لكيفية عمل فرقهم.

لكن دراستنا أثبتت أيضاً أن هذه المشكلة قابلة للحل باستخدام خوارزميات تعلم الآلة للتعرّف على كيفية استخدام الفرق للتكنولوجيا لأداء عملهم، شريطة أن يتم وضع الضمانات اللازمة لحماية خصوصية الموظفين.

وكانت النتائج كالآتي:

طلبنا من المدراء المشاركين في الدراسة تلقين أحد أنظمة البرمجيات كافة العمليات التي يرون أنها تستغرق معظم وقت فرقهم. وباستخدام واجهة بينية تشبه تلك التي يستخدمها الأفراد عند وضع وسومات على صورهم في “فيسبوك”، نفّذ المدراء عينات من كل عملية على أجهزتهم بالطريقة التي كانوا يتوقعون أن أعضاء فرقهم ينفّذون أعمالهم بها. ثم وضعوا وسومات على هذه العمليات ضمن فئات، مثل “إدارة الطلبات” و”عمليات المحاسبة” و”عمليات سلسلة التوريد”. لم يكن هناك حد لعدد العمليات التي يمكن للمدراء تلقينها للنظام البرمجي. واعتمد المدراء على حدسهم واجتهادهم وخبرتهم في وضع قائمة مختصرة وتلقين هذه العمليات التي يعتقدون أنها تستهلك معظم جهود فرقهم. وتم جمع هذه البيانات في “رسم بياني للعمل”، وهي خريطة توضح كيفية إنجاز هذه الفرق لأعمالها.

وباستخدام العمليات التي يلقّنها المدراء، حاولت خوارزميات تعلم الآلة الخاصة بنا العثور على أنماط عمل مماثلة لتلك التي يؤديها أعضاء فِرَقهم. ثم عملنا على قياس جزء من اليوم يُظهر فيه أعضاء الفريق أنماطاً مشابهة للعمليات التي يتم تلقينها للنظام البرمجي. ويعتبر هذا، في جوهره، مقياساً لحساب مدى اعتماد المدراء على حدسهم لتقدير العمل اليومي لأعضاء فرقهم.

وقد راعت هذه الدراسات ضرورة الحفاظ على خصوصية المستخدم، فقد حرصنا على أن تراعي كافة الأدوات وأساليب جمع البيانات إخفاء هوية المستخدم، وعرض بيانات كل فريق بصورة مجمّعة، وأعطينا الفرق الأدوات اللازمة لتحديد بيانات التعريف الشخصية الحساسة وتنقيتها. وتم إجراء جميع التحليلات على مستوى الفريق بصورة مجمّعة فقط، دون تحديد فرد بعينه.

وافترضنا أن المدير سيكون قادراً في الوضع المثالي على حساب ما لا يقل عن 80% من العمل اليومي لفِرَقه، استناداً إلى هذا المستوى الاسمي الذي توصلنا إليه كحدٍّ أقصى من خلال استقصاء أجريناه بين المدراء، حيث طلبنا منهم تقييم مقدار ما كانوا يتوقعون أنهم يعرفونه عن العمل اليومي لفِرَقهم. ونعرّف فجوة استدعاء العمل بأنها ذلك الجزء من العمل اليومي للفريق الذي لا يستطيع المدير حسابه، بافتراض وجود حد أقصى قدره 80%. ويعتبر هذا أيضاً مقياساً لعجز المدير عن فهم كل العمل الذي يؤديه فريقه يومياً.

ولاحظنا وجود فجوة كبيرة في استدعاء العمل في كل الفرق البالغ عددها 14 فريقاً، وهو ما فاجأ مدراءهم، في وظائف تتراوح من عمليات سلسلة التوريد وإدارة المشاريع وتفاعلات العملاء وإدارة البيانات الرئيسية والماليات أو المحاسبة والموارد البشرية.

ويساعد أحد الأمثلة على توضيح المشكلات المحددة التي كشفت عنها دراستنا، فقد واجه فريق سلسلة التوريد باستمرار شكاوى من الموظفين في إحدى الشركات حول سوء تنفيذ تخطيط موارد المؤسسة. وعلى الرغم من صحة التنفيذ وكفايته من الناحية التقنية، فإنه يفتقر إلى العديد من الميزات لمعالجة البيانات. نتيجة لذلك، اضطر الموظفون إلى قضاء بعض الوقت في نسخ البيانات من نظام تخطيط موارد المؤسسات إلى مستندات “إكسل” وإنشاء جداول محورية للقيم المجمعة وتكرار البيانات، بالنسبة للمعاملات الشائعة. وعندما استطاعوا أخيراً التوصل إلى إجابات، عملوا على نسخ البيانات مرة أخرى إلى نظام تخطيط موارد المؤسسة.

وعندما تم حصر هذا الجهد الإضافي عبر العديد من المعاملات، وُجِد أنه يمثل جزءاً كبيراً من العمل الشهري للفريق. وكان جميع أعضاء الفريق يعرفون أن هذه مشكلة مستعصية إلى حدٍّ ما، فقد شعروا بوجود خلافات كل يوم، لكن لم يفهم أحد مدى سوء الموقف حتى ساعدناهم على قياس فجوة سوء تقدير مدرائهم لجهودهم.

ما الذي يستطيع القادة فعله؟

ما يبعث على التفاؤل أن دراستنا أثبتت إمكانية سد فجوة استدعاء العمل باستخدام تعلم الآلة. فقد استخدمنا في الدراسة فئة من خوارزميات تعلم الآلة التي لا تتطلب أي مدخلات إدارية لاكتشاف أنماط عمل الفرق. واستبعدنا الأنماط التي تتداخل مع الأنماط التي وصفها المدير، ثم قسنا الجزء المتزايد من يوم الفريق الذي يمكن حسابه باستخدام الأنماط التي تم اكتشافها بالكامل بواسطة خوارزميات تعلم الآلة وعدم وجود مدخلات بشرية. ويمكن القول باختصار إن خوارزميات تعلم الآلة تكتشف رشقات قصيرة من الأنشطة المتكررة في أنماط عمل الفريق، ثم تدمج الأنشطة المتكررة الأكثر شيوعاً لتشكيل سلسلة أطول من الأنشطة. وتواصل تكرار هذه العملية إلى أن تعجز عن الجمع بين الأنشطة أكثر من ذلك.

وقد لاحظنا أن استخدام خوارزميات تعلم الآلة أدى إلى تقليص متوسط فجوة استدعاء العمل في دراستنا من 60% إلى 24% تقريباً. وبالنسبة للفريق الذي لم يستطع مديره وصف سوى 4% فقط من أعماله اليومية، فقد تمكنت خوارزميات تعلم الآلة من احتساب 48% إضافية من العمل اليومي للفريق في الأنشطة الإنتاجية (وهكذا تقلصت فجوة استدعاء العمل من 76% إلى 28%).*

وكان أداء الخوارزميات بشكل عام أفضل من أداء المدراء في دراستنا لسببين. أولاً: كان لدى المدراء نظرة عفاها الزمن أو غير مكتملة لأنماط عمل فرقهم. وعلى النقيض من ذلك، يمكن لخوارزميات تعلم الآلة العثور على الأنماط دون الاعتماد على الحدس الموجود مسبقاً حول العمل الذي يتم أداؤه. ثانياً: يمكن لخوارزميات تعلم الآلة أن تحسب على نطاق واسع العديد من الطرق التي يتم بها إنجاز العمل نفسه. وقد رأينا حالات أقدم فيها المدير على ذكر بعض الأمثلة حول كيفية إنجاز العمل بالصورة المثالية من وجهة نظره، لكن الفريق نفّذ العمل نفسه بطرق مختلفة عما توقعه المدير. على سبيل المثال: عند إجراء تسوية تجارية، وجد العديد من أعضاء الفريق المتمرسين مسارات أقصر لتحقيق التسوية، وبالتالي تخلوا عن إجراءات التشغيل القياسية المحددة.

ستزداد فجوات المدراء على الأرجح في استدعاء الأعمال الأساسية لفِرَقهم في المستقبل، ما لم يتم استخدام أدوات تعلم الآلة لتلافي أوجه القصور، نظراً للاتجاه المتزايد إلى العمل عن بُعد. وفي حال عدم التدخل، فمن المرجح أن يظل المدراء عاجزين عن معرفة ما يجهلونه، ولطالما صُدم المدراء في دراستنا عندما كشفنا لهم عن نتائجنا.

ويعتمد مستقبل أي بيئة عمل، وليس بيئات العمل عن بُعد فقط، على تزويد المدراء بأدوات وتقنيات جديدة لفهم فرقهم وإدارتها بفاعلية أكثر. ويتطلب استخدام هذه الأدوات معايير متسقة ومفتوحة لحماية الخصوصية، مثل إخفاء هوية المستخدمين وتجميع البيانات كوحدة واحدة واتساق التواصل بين القادة ومرؤوسيهم حتى يفهم الموظفون مقاصدهم. وقد ركزت دراستنا بأكملها على فرق العمل فقط، ولم تسمح بتحديد أي أفراد بأعينهم.

وننصح بأن يغيّر القادة والمدراء أسلوبهم، وذلك من خلال التعامل مع تجربة فريقك في العمل من واقع البيانات. وستكشف مثل هذه البيانات على الأرجح عن الجوانب التي تعانيها فِرَقك وعن الإجراءات الممكن اتخاذها من الناحية العملية فيما يخص الاستثمارات في التحول الرقمي وغيرها من المبادرات الجديدة. وعندئذٍ ستكون كل التغييرات قابلة للقياس مع المدراء ذوي النوايا الحسنة. وعلى النقيض من ذلك، ففي حال عدم وجود مثل هذه البيانات، سيتم تحديد الأهداف من القمة إلى القاعدة دون معرفة الحقائق، ولن يكون أمام الفرق خيار سوى الاشتراك في الخطط دون فهم مآلاتها، ما يؤدي إلى ضغوط هائلة على فرق العمل. ونأمل أن يؤدي فهم المدراء لتفاصيل عمل فرقهم على نحو أفضل إلى إقدامهم على وضع أهداف أكثر واقعية ومساعدة فرقهم على أن تصبح أكثر إنتاجية.

* ملاحظة المحرر: لقد حرصنا على تحديث النص لتصحيح الأرقام التي تشير إلى مقدار تقليص فجوة استدعاء العمل باستخدام خوارزميات تعلم الآلة. وتم تقليص الفجوة من 76% إلى 28%.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .