3 خطوات يتّبعها القادة للتغلّب على مشكلة الاستقالة الصامتة

4 دقائق
سلوكيات الانتماء
إيفجيني شفيتس/ ستوكسي
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: في حين أن معظم أصحاب الشركات يدركون التحديات المرتبطة بالاستقالات، فإن الاتجاه الجديد، الاستقالات الصامتة، له تأثير أكثر تعقيداً على المؤسسات إلى حد ما. يستمر المستقيلون الصامتون بأداء أعمالهم المعتادة، لكنهم يرفضون بذل أي جهد إضافي يتجاوز المهام المنوطة بهم أو الانخراط بما يسميه الباحثون سلوك الانتماء. بالتأكيد، فإن هذا الأمر لا يثير بالضرورة إشكالية بالنسبة للوظائف التي يتم تحديد المسؤوليات فيها بالكامل مسبقاً. لكن شركات كثيرة تعتمد على قوة العمل المستعدة لتولي مهام إضافية عند الضرورة، وفضلاً عن ذلك، فإن الموظفين أنفسهم يجنون بعض الفوائد عندما ينخرطون في سلوكيات الانتماء، سواء من ناحية رفاههم الشخصي أو نموهم المهني. لذلك، فإن اتجاه الاستقالة الصامتة لا يمكن أن يضر بأصحاب الشركات فحسب، بل وأيضاً بالموظفين، ومن واجب القادة فهم أسبابها الجذرية ومعالجتها. في هذه المقالة، يحدد المؤلفون 3 استراتيجيات مدعومة بالأبحاث للمدراء والقادة تنطوي على إعادة تحديد المهام الأساسية للموظفين والاستماع والاستثمار فيهم واستبدال ثقافة العمل المفرط غير الصحية ببناء “ثقافة انتماء” مستدامة تناسب حاجاتهم.

 

في حين كُتب الكثير من المواضيع عن الاستقالة الكبرى التي حدثت في أثناء الجائحة، ظهر مصطلح جديد يصف شكلاً آخر بديلاً للاستقالة يشيع بشكل متزايد: “الاستقالة الصامتة“. يشير مصطلح الاستقالة الصامتة، التي يرجع الكثير من أسبابها إلى الأسباب نفسها التي تقف وراء الاستقالة المباشرة، إلى الانسحاب من المهام التي تتجاوز الواجبات المحددة الموكلة للموظف أو أن يصبح أقل انخراطاً في العمل من الناحية النفسية. يواصل المستقيلون الصامتون أداء واجباتهم الأساسية، ولكنهم يصبحون أقل استعداداً للانخراط في الأنشطة المعروفة بسلوكيات الانتماء، مثل عدم الرغبة بالبقاء في مكان العمل إلى وقت متأخر أو الحضور مبكراً أو حضور الاجتماعات غير الإلزامية.

قد لا يبدو ذلك إشكالياً للوهلة الأولى، فبطبيعة الحال، لا يمتنع هؤلاء الموظفون عن أداء مهامهم الأساسية، ولكنهم يرفضون فقط القيام بأي مهام تتجاوزها. ولكن، وبالنسبة للعديد من الشركات، تُعد قوة العمل المستعدة للقيام بما هو أكثر من المهام الأساسية المنوطة بها ميزة تنافسية حاسمة. في الواقع، لا يمكن تحديد مهام معظم الوظائف بالكامل في الوصف الوظيفي الرسمي أو العقد، لذلك تعتمد المؤسسات على الموظفين للمبادرة وتولي واجبات إضافية عند الضرورة، وبالتالي لا غرابة في أن يكون رد فعل العديد من القادة سلبياً تماماً على اتجاه الاستقالة الصامتة. وبالفعل، يقول العديد من القادة الذين تحدثنا إليهم إن خسارة الموظفين الذين يريدون الاستقالة أمر صعب، ولكن نتائج التمسك بهم وعدم تركهم يستقيلون أسوأ من ذلك، لأن عدم رغبتهم في بذل أي جهد إضافي غالباً ما تزيد عبء العمل على زملائهم.

فضلاً عن ذلك، في حين أن تولي الموظفين لمهام تتجاوز مهامهم المحددة يؤثر سلباً عليهم، يجد الموظفون العزاء عادةً بمزايا تتمثل في زيادة رأس مالهم الاجتماعي والرفاهية والنجاح المهني. يشير اتجاه الاستقالة الصامتة إلى أن الموظفين باتوا يشعرون أكثر فأكثر أن هذه المقايضة أصبحت غير متوازنة، وذلك نظراً لأن أصحاب الشركات يطالبون الموظفين بالقيام بجهد إضافي دون أن يستثمروا فيهم بشكل كافٍ في المقابل. الأهم من ذلك، وبما أن خيار الاستقالة المباشرة أصبح غير ذي جدوى بالنسبة للكثير من الموظفين مع تدهور التوقعات الاقتصادية، فمن المرجح أن تشيع الاستقالة الصامتة كبديلٍ أكثر فأكثر.

لكن الجانب الإيجابي هنا هو أن هناك خطوات يمكن للقادة اتخاذها لمعالجة الأسباب الجذرية للاستقالة الصامتة. لقد حددنا من خلال عملنا ومراجعة الأدبيات ذات الصلة 3 استراتيجيات مدعومة بالبحث يمكن لأصحاب الشركات اتباعها في هذا الصدد:

أعِد تحديد المهام الأساسية للوظيفة

من الطبيعي أن يحدث بعض التوسع التدريجي في مهام الموظف الأساسية بمرور الوقت. ولكن، وبعد أكثر من عامين من مواجهة التحديات التي فرضتها الجائحة، والتي أصبح خلالها القيام بالمزيد من الأنشطة التي كانت تُعد سابقاً أنشطة تتجاوز المهام الأساسية جزءاً من العمل الذي يجب على الموظفين القيام به، بدا بشكل متزايد أن فوائد سلوك الانتماء تفوق تكلفته.

لذلك ربما يكون الوقت مناسباً الآن للمدراء لإعادة تحديد المهام الأساسية للموظفين لتعكس بدقة أكبر ما هي الأعمال الضرورية وما هي الأعمال التي يجب اعتبارها إضافية. يمكن للمدراء بعد ذلك التركيز على تحفيز الموظفين لأداء مهامهم الوظيفية الأساسية الأكثر أهمية بحرفية عالية مع منحهم مساحة للعناية بأنفسهم خارج العمل.

استمع ثم استثمر

بعد ذلك، يجب على الشركات الاستماع إلى موظفيها ثم الاستثمار فيهم. وهكذا، من غير المرجح أن يؤدي القيام بأعمال إضافية إلى سلوك انتماء مرهق إذا ما شعر الموظفون بالدعم من مؤسساتهم، حيث يبدأ الدعم الفعال بفهم ما يحتاج إليه الموظفون بالفعل. ينطوي ذلك على تخصيص القادة بعض الوقت للتواصل مع الموظفين أنفسهم، وبالإضافة إلى ذلك، يجب عليهم أيضاً تشجيع المدراء وتحفيزهم لمواكبة أحوال موظفيهم دائماً، مع الحرص على منح المدراء الوقت والموارد الكافية للقيام بذلك بشكلٍ فعال.

الأمر لا يعني إظهار التعاطف مع الموظفين فقط. في الواقع، يتطلب الاستماع الفعّال من أصحاب العمل جمع البيانات النوعية والكمية حول حاجات كل موظف ليشعر بالانخراط في العمل. وفي هذا الصدد، يمكن أن توفر الأدوات التحليلية للموارد البشرية رؤية متعمقة حول العوامل التي تؤثر على رفاهة الموظف وأدائه، كما يمكن أن توفر المحادثات الثنائية، مثل مقابلات البقاء الاستباقية، رؤى ثاقبة حول تجربة الموظف. بالإضافة إلى ذلك، يجب على القادة إعطاء الأولوية لخلق بيئة يشعر فيها الموظفون بالأمان عند التحدث بما يفكرون فيه، بيئة تجعلهم يؤمنون بأن المؤسسة تهتم بهم وتمنحهم الثقة بأن القيادة سوف تستمع إلى مخاوفهم وتعالجها.

على أي حال، فإن قوة العمل في المؤسسة ليست متجانسة، فقد يهتم أحد الموظفين بفرص التطوير المهني، بينما قد يسعى آخر لبعض المرونة في جدول مواعيده، وقد يرغب آخرون ببساطة برواتب أعلى. في هذا الشأن، يمكن للقادة، وبعد التشاور مع الموظفين فقط، القيام باستثمارات مستهدفة تلبي الحاجات الفردية للموظفين، سواء كانت مهام إنمائية أو تغيير ساعات العمل أو نظام مكافآت أكثر شفافية.

التقليل من الإفراط في العمل وبناء سلوك انتماء مستدام

أخيراً، يمكن للقادة الحفاظ على الجوانب الإيجابية لسلوك الانتماء دون تعريض فرقهم لثقافة “الإفراط في العمل” غير المستدامة. بدلاً من تعزيز عقلية “الموظف المستعد للعمل دائماً” التي تؤدي في النهاية إلى احتراق الموظفين، يجب على القادة تشجيع الموظفين على الانخراط فيما نسميه “صياغة الانتماء المستدام“.

في ثقافة مكان العمل غير الصحية، غالباً ما يشعر الموظفون بأنهم مضطرون إلى القيام بأعمال تتجاوز مهامهم الأساسية بطريقة تضر رفاههم، مثل القيام بمشاريع إضافية تفوّت عليهم الأحداث العائلية أو الاجتماعية المهمة. ولكن إذا تم تمكين الموظفين من إيلاء الأولوية لسلوكيات الانتماء التي تتماشى مع دوافعهم وحاجاتهم، فقد تصبح هذه الأنشطة محفزة وليست مرهقة. على سبيل المثال، يرغب بعض الموظفين في مساعدة الآخرين، وبالتالي يسعدهم تولي مهام إضافية إذا كان فيها عنصر اجتماعي إيجابي. وقد يشعر البعض الآخر بالتحفيز أكثر من خلال التقدير العلني، وبالتالي قد يستفيدون أكثر من التركيز على أنشطة الانتماء المرئية للجميع داخل المؤسسة. تتمثل مهمة المدراء في الاستماع إلى موظفيهم ومساعدتهم على تحديد أشكال معينة من سلوكيات الانتماء تتماشى مع دوافعهم الذاتية، وتشجيعهم على التركيز على هذه المهام عندما يكون لديهم القدرة والوقت للقيام بما يتجاوز مهامهم الأساسية.

على الرغم من أنّ الاضطراب الذي تخلّفه الاستقالة الصامتة على أداء المؤسسة قد يكون أقل وضوحاً من أثر الاستقالة الكبرى، فإن ضررها قد يكون في الواقع أكبر. لمواجهة هذا التحدي، يجب على القادة التركيز على تحفيز الموظفين على أداء مهامهم الأساسية، والاستماع إليهم ومعالجة احتياجاتهم الفردية، وخلق ثقافة تشجع الموظفين على صياغة سلوك انتماء يتماشى مع نظرتهم.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .