كيف تؤسس شركة عائلية تحافظ على ازدهارها مدى الحياة؟

17 دقيقة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio
خمس خطوات تتبعها الشركات التي تنجح في الحفاظ على أعمالها. تعرف على كيفية حفاظ الشركات العائلية على أعمالها.

قد يكون من السهل وصف الشركات العائلية أنها مرتع لألاعيب السلطة وفنون كسب الود والطعن في الظهر نظراً للصور التي ترسمها عنها وسائل الإعلام، وتلك هي المشكلات التي قد تضر الشركة أو العائلة أو كلتيهما في الواقع. تأمّل مثال شركة عائلة مردوخ، “نيوز كورب” (News Corp)، أو شركة “ناشيونال أميوزمينتس” (National Amusements) المملوكة لعائلة “ريد  ستون”، على سبيل المثال لا الحصر.

لكن على الرغم من الروايات التي تصدّرت عناوين الصحف، تمتّعت العديد من الشركات العائلية بالنجاح على مدى عقود عدة، بل حتى قرون.

ما هي حقيقة الشركات العائلية إذاً؟ هل الشركات العائلية عرضة لفشل ساحق، أم أنها من أكثر الشركات ديمومة في الوجود؟ إن الإجابتين صحيحتان في الواقع؛ فقد تكون الشركات العائلية أكثر هشاشة أو أكثر مرونة من أقرانها. تُعرّف الشركات العائلية أنها الشركات التي يتولى فيها فردان أو أكثر من أفراد العائلة زمام السيطرة، سواء بشكل متزامن أو متتابع؛ وتُمثّل تلك الشركات ما يُقدّر بحوالي 85% من الشركات في العالم، وبالتالي، يُعتبر ضمان ديمومتها أمراً ضرورياً. يوجد في الولايات المتحدة وحدها 5.5 مليون شركة عائلية توظّف 62% من قوة العمل، وجاء ذلك بحسب مجموعة البحوث والمناصرة “فاميلي إنتربرايز يو إس إيه” (Family Enterprise USA).

فكرة المقالة باختصار

المفارقة

تشتهر الشركات العائلية بتنوع ألاعيب السلطة والطعن بالظهر والنزاعات الدرامية فيها. ومع ذلك، توصف بعضها أنها أكثر الشركات ديمومة في الوجود.

لماذا يُعتبرُ ذلك مهمّاً؟

تُمثّل الشركات المملوكة للعائلات حوالي 85% من الشركات في العالم. وتوظّف تلك الشركات 62% من قوة العمل في الولايات المتحدة.

السر وراء ديمومة الشركات

يحق لمالكي الشركات العائلية اتخاذ قرارات بشأن نوع الملكية، وتنظيم الحوكمة، وتحديد طبيعة النجاح، وتحديد ماهية المعلومات التي يمكن مشاركتها، والتخطيط لعملية نقل الملكية إلى الأجيال التالية. وقد يُسفر سوء فهم تلك الحقوق أو إساءة تطبيقها عن تدمير عمل أجيال، في حين قد تؤدي ممارستها بحكمة إلى نجاح طويل المدى.

ولشرح الفرق بين هذين المصيرين، سنخوض في مجال نادراً ما يجري دراسته في كليات إدارة الأعمال أو وسائل الإعلام، ألا وهو تأثير الملكية على نجاح الشركة على المدى الطويل. تمنح ملكية أي أصل من الأصول المالك أحقية إدارته على النحو الأنسب له. فكّر في أي فريق رياضي محترف وستجد أن مالك الفريق يمتلك بحسب قواعد بطولة الدوري الحق في اتخاذ كل قرار مهم، بما في ذلك قرار طرد المدرّب أو الاحتفاظ به، وتحديد هوية اللاعبين المدرجين على قائمة الفريق، والمكان الذي سيلعب فيه الفريق، وما إذا كان يسعى إلى زيادة المكاسب أو الأرباح من خلال نظام الامتياز التجاري، أو ما إذا كان يرغب في بيع الامتياز التجاري، فضلاً عن تحديد وقت بيعه. تحظى الفرق التي تمتلك سجلات إنجازات رائعة بمالكين رائعين يتولون قيادتها. في المقابل، إذا كان فريقك المفضل يخضع لسلطة مالك غير فاعل، فمن المحتمل أن تصاب بخيبة الأمل.

إن أغلب المالكين في الشركات العامة المملوكة لعدد كبير من المساهمين هم أنفسهم المستثمرون. وعادة ما يكون نفوذ هؤلاء المالكين محدوداً، وعادة ما يسمحون لمجلس الإدارة والإدارة بقيادة الشركة. وعندما ينتابهم شعور بعدم الرضا، يعبّرون عن شعورهم بالاستياء ببيع أسهمهم. والأمر سيّان بالنسبة لملكية الشركات العائلية، إذ لا يحظى بالملكية إلا عدد قليل نسبياً من الأشخاص الذين تربطهم صلة قرابة. تكون قدرة أولئك الأشخاص على تنظيم الأعمال في الشركة صعبة وتعتمد في حد ذاتها على علاقاتهم مع بعضهم البعض. في الواقع، تُعتبر مهمة تنظيم الأعمال وبناء العلاقات مزيجاً فاعلاً قد يُسفر عن إخفاقات أو نجاحات غير عادية نشهدها يومياً في عملنا القائم على تقديم المشورة لأصحاب الشركات العائلية.

يوجد خمسة حقوق أساسية مصاحبة لملكية الأسرة ألا وهي الحق في:

التصميم: ما هو نوع الملكية التي ترغب في تطبيقها؟

اتخاذ القرار: كيف ستنظم قضايا الحوكمة؟

تحديد القيمة: ما هو تعريفك للنجاح؟

المشاركة: ما هي المعلومات التي تود مشاركتها والأخرى التي تود حجبها؟

نقل الملكية: كيف ستتعامل مع عملية نقل الملكية إلى الجيل التالي؟

قد يُسفر فهم تلك الحقوق وممارستها بشكل فاعل عن نجاح طويل المدى، في حين قد يؤدي سوء فهمها أو إساءة تطبيقها إلى زعزعة ما قضت الأسرة أجيالاً في بنائه. وسنخوض في هذه المقالة في تفاصيل تلك الحقوق الخمسة ونقدم أساليب موثوقة لممارستها بشكل جيد.

ما هو نوع الملكية الذي ترغب في تطبيقه؟

غالباً ما تُصنّف الشركات العائلية ضمن فئة واحدة كما لو أن جميعها متشابهة. ولكن يوجد في الواقع أربعة أنواع من الشركات العائلية التي تختلف اختلافاً جوهرياً عن بعضها البعض والتي تتميز بهوية من سيتولى ملكية الشركة وكيفية تقاسم المالكين للسيطرة. فإذا كنت تود أن تستمر شركتك العائلية لأجيال، لا بدّ لك من فهم خصائص نوع الملكية المتّبعة في شركتك وأن تحدد نقاط القوة والتحديات المرتبطة بها. إن اختيار نوع الملكية ليس مجرد إجراء قانوني شكلي، بل ينظّم نوع الملكية طبيعة مشاركة مختلف الأعضاء أو يُقيدها، وقد يُسفر عدم تحديدها عن نزاعات مجهولة المصدر.

المالك الوحيد. يمتلك أحد أفراد العائلة الشركة وهو مسؤول عن اتخاذ جميع القرارات. ويُعتبر هذا النوع مثالياً عندما تتطلب الشركة قيادة حازمة وتكون قادرة على توليد سيولة كافية لإرضاء غير المالكين، (أو عندما يمكن للأصول غير التجارية توليد تلك السيولة).

كان لدى شركة العصائر الفرنسية “هاوس أوف كامو” (House of Camus) مالكاً وحيداً منذ تأسيسها في عام 1863. وفي كل مرة تنتقل فيها ملكية الشركة إلى جيل جديد، يشتري أحد أفراد الأسرة أسهم الأشقاء ويتولى قيادة الشركة. ويقول المالك الحالي، سيريل كومو، أن ذلك النموذج كان ضرورياً لضمان ديمومة الشركة؛ فقد كان النزاع العائلي حول ملكيتها أمراً نادر الحدوث، وذلك لعدم تدخّل الأشقاء أو أبناء العمومة في قضايا تسيير العمل. وتنطوي الملكية الفردية على بعض الجوانب السلبية في المقابل، فقد تصبح قضية التعاقب الوظيفي مشكلة رئيسة تتطلب اتخاذ قرار حاسم بشأنها، وقد ينطوي ذلك القرار على اختيار المرشحين وفقاً للجدارة (بحسب تقييم المالك الحالي) أو إسناد الملكية إلى الابن الأكبر أو أي قانون مماثل؛ كما يجب على المالك أن يُفكّر ملياً بالمكاسب التي يمكنه منحها لأفراد الأسرة الآخرين. وقد يكون ذلك النموذج محفوفاً بالمخاطر، وذلك لوجود كثير من رأس المال والمواهب لدى الأسرة في كل جيل.

الشراكة. تقتصر الملكية على أفراد العائلة الذين يعملون بنشاط في الشركة. يُتيح هذا النوع من الملكية إمكانية الإصغاء إلى وجهات نظر متعددة، ويتطلّب وضع قواعد واضحة تنظّم كيفية انضمام الأفراد إلى المجموعة المالكة أو انسحابهم منها، وماهية الفوائد التي تعود على غير المالكين. ويُعتبر الجيل السادس من عائلة “برينينكماير” الألمانية-الهولندية والمالك لسلسلة الملابس “سي آند إيه” (C&A) من أهم العائلات التي تبنّت هذا النوع من الملكية. يُقبل أبناء المالكين الحاليين في الشراكة على أساس تنافسي، وذلك بعد منحهم تقييماً صارماً وجلسات تدريب مهني. يساعد نهج الشراكات في تعزيز مشاركات أفراد العائلات المالكة بشكل كبير، مثل نهج الملكية الفردية تماماً. وفي المقابل، قد تواجه الشركات التي تتبنّى هذا النوع من الملكية خطر فقدان المواهب ورأس المال. وعادة ما تكون تلك الشركات أكثر مرونة وسرعة في التكيف لأنها لا تعتمد على قائد واحد فقط، لكنها قد تشهد من جهة أخرى نزاعاً حول هوية المقبولين لتولي الملكية.

الملكية الموزعة. يجوز لأي فرد من أفراد الأسرة أن يكون مالكاً وأن يشارك في عملية صناعة القرار. ويُعتبر ذلك النموذج مثالياً عندما تتركز معظم ثروة العائلة في الشركة، أو عندما يفرض القانون اتباعه، أو عندما تقوم ثقافة العائلة عليه. على سبيل المثال، يعتمد مجمّع شركات “فوتورانتيم” (Votorantim) الذي يتخذ من البرازيل مقراً له ذلك النوع من الملكية، حيث يقوم أفراد العائلة بتوزيع الحصص بالتساوي بين أفراد كل جيل. ويمكن للملكية الموزعة إبقاء رأسمال العائلة مرتبطاً بالشركة على اعتبار أنه لا توجد حاجة إلى إشراك أعضاء غير مالكين. من جهة أخرى، قد يختلف المالكون في مقدار المشاركة؛ وقد يكون التوفيق بين اهتماماتهم وتحديد قواعد صناعة القرار أمراً صعباً، وقد يتولّد بعض الاستياء من مشكلة “المستفيدين بالمجان” إذا كان بعض المالكين يديرون الشركة في حين كان الآخرون مستثمرين “فقط”. وقد تظهر مشكلات كبيرة في حال رغب بعض أفراد الأسرة في الحصول على بعض السيولة، إلا أن وضع استراتيجية خروج وتفصيلها بدقة قد يساهم في تقليل تلك المخاطر.

الملكية المركزة. قد يحوز الملكية أي فرد من أفراد العائلة، في حين تتحكم مجموعة فرعية في عملية صناعة القرار. ويُعتبر ذلك النموذج مثالياً عند الحاجة إلى اتخاذ إجراءات حاسمة على الرغم من تعدد المالكين، كما أنه يخفف من بعض التحديات المرتبطة بالملكية الموزعة. لكن قد تصبح القضية المرتبطة بهوية من سيتولى السلطة أكثر تعقيداً مع كل جيل جديد. تتبنى شركة “فيتا ميكس” (Vitamix) ذلك النموذج، وهي شركة مصنعة للخلاطات عالية الأداء تأسست قبل 100 عام. يجري في تلك الشركة توارث الأسهم عبر الأجيال، شرط أن يمتلك الرئيس التنفيذي غالبية الأسهم التي لها حق التصويت أو يتحكم بها في كل جيل. وعلى الرغم من رغبة المالكين في التوصل إلى إجماع بشأن القرارات الكبيرة، تعود مهمة اتخاذ القرار النهائي إلى الرئيس التنفيذي. ويتمثّل أحد المخاطر الرئيسة في تحديد هوية من سيتولى الإدارة. وينطوي الخطر الثاني على احتمال أن يفقد من ليسوا في موقع السلطة اهتمامهم بالشركة وأن يبيعوا أسهمهم.

وعلى الرغم من وجود الشركات الهجينة، تُصنّف معظم الشركات العائلية ضمن إحدى تلك الفئات الأربع. (إذا كان لدى أي شركة عائلية بعض الأسهم المطروحة للتداول العام، فقد تندرج ضمن واحدة من تلك الفئات، وذلك بحسب الأسلوب الذي قررت به العائلة إدارة أعمالها). أجرينا استقصاءً على الشركات العائلية من مختلف الأحجام وضمن العديد من القطاعات والمناطق الجغرافية، ووجدنا أن 13% من الشركات لها مالك وحيد، في حين كانت نسبة 24% منها عبارة عن شراكات. واتبعت نسبة 36% من الشركات الأخرى نموذج الملكية الموزعة، في حين اعتمدت 27% منها على نموذج الملكية المركزة.

وليس من الضروري أن يكون نوع الملكية خياراً ثابتاً، بل يجب أن تكون على استعداد لإجراء أي تغيير، سواء عندما ينضم جيل جديد، أو عندما يتغير حجم العمل ويزداد تعقيده، أو عندما توظف قادة خارجيين. كان لعائلة أنتينوري التي اشتُهرت بصناعة العصائر مالكاً وحيداً على مدار 25 جيلاً، ثم انتقلت الملكية إلى أحد أفراد الأسرة الذكور، مع الحفاظ على وحدة الشركة والأرض الملحقة بها. لكن لم يكن لدى بييرو أنتينوري الذي تولى زمام الأمور عام 1966 سوى ثلاث بنات، ولم يكن لديه أي ابن، وهو ما دفعه إلى اختيار شراكة ثلاثية لخلافته.

يتمتّع أصحاب الشركات العائلية بسلطة كبيرة في عمليات صناعة القرار. لاحظنا وجود شركات كبيرة لا يمكن للعاملين فيها إنفاق دولار واحد دون الحصول على موافقة.

نبذة حول العمل الفني: يستمد خورخي ماييت أفكار منحوتاته من تجربته في العيش بوصفه منفي كوبي في إسبانيا. تقدّم منحوتاته المعلّقة في الجو بمناظرها الطبيعية المتنقلة والأشجار المقتلعة رؤى رقيقة تشبه حلمه بالعودة إلى وطنه.

كيف ستنظم قضايا الحوكمة؟

يتمتّع أصحاب الشركات العائلية بسلطة كبيرة في عمليات صناعة القرار. وقد لاحظنا وجود شركات كبيرة لا يمكن للعاملين فيها إنفاق دولار واحد دون الحصول على موافقة. ومن المهم أن تُدرك أن استغلال تلك السلطة على أكمل وجه يمنح الشركة ميزة تنافسية كبيرة، وهو ما يوفر لها المرونة اللازمة لانتهاز الفرص. على سبيل المثال، يضع العديد من قادة الشركات العائلية الذين نعرفهم رهانات كبيرة في أي لحظة، دون الحاجة إلى إدارة عملية صناعة القرارات عبر مستويات متعددة من الإدارة والبيروقراطية. وكما يقول ألكسندر ليفيانت، رئيس مجمع الشركات الكيميائية المتخصصة “آي سي دي” (ICD)، الذي أسسه والده في عام 1952: “لقد أصبحت سرعة الاستجابة عاملاً حاسماً يُتيح لنا بدء مشاريع جديدة بسرعة كبيرة”.

من جهة أخرى، قد تواجه الشركات بعض المشكلات في حال جرى استخدام تلك القوة بشكل غير فاعل. فقد يمارس بعض المالكين قدراً كبيراً من السيطرة، ويضيقون الخناق على عمليات الابتكار ويجعلون من الصعب جذب المواهب الرائعة واستبقائها. في المقابل، قد يتراجع آخرون عن عملية اتخاذ القرارات الكبرى، مخلّفين بذلك فراغاً قد يملؤه المسؤولون التنفيذيون الذين يتطلعون إلى خدمة مصالحهم الخاصة. وقد رأينا عدداً من الشركات العائلية التي انهارت تقريباً عندما تُركت عملية اتخاذ القرارات فيها للمدراء من غير العائلة الذين كان هدفهم تقويض أداء الشركة وشراؤها بسعر زهيد.

تتمحور الحوكمة في الشركات العائلية حول إيجاد حل وسط بين الإدارة التفصيلية والتخلي عن المسؤولية، ويصبح الأمر أكثر صعوبة مع نمو العائلة والأعمال. لذلك نقترح إطار عمل بسيط لتوجيه عملية صناعة القرار، ألا وهو نموذج الغرف الأربع. تخيل شركتك كمنزل يضم غرفة واحدة للمالكين وغرفة لمجلس الإدارة وغرفة للإدارة وغرفة للعائلة الأكبر. يضع المالكون أهدافاً عالية المستوى وينتخبون مجلس الإدارة؛ في حين يُشرف مجلس الإدارة على العمل ويُعيّن الرئيس التنفيذي (أو يطرده إذا لزم الأمر)؛ في حين توصي الإدارة باستراتيجية العمل وتوجه العمليات. ونظراً لأن مجلس الإدارة والإدارة يقدمان تقاريرهما إلى المالكين، تقع الغرف الثلاثة الأولى في مستوى واحد، وتكون غرفة المالكين في الأعلى. وتقع غرفة العائلة التي تُعدّ ضرورية للحفاظ على ارتباط الأفراد العاطفي بالشركة بجانب الغرف الثلاثة الأخرى، وهو ما يؤكد أهمية تأثير الأسرة ووحدتها طوال الوقت.

يكون لكل غرفة في أي شركة عائلية تُدار بشكل جيد قواعد صريحة حول هوية من ينتمي إليها، وحول ماهية القرارات التي تُتخذ فيها وكيفية اتخاذ تلك القرارات. وتختلف أدوار الأشخاص من غرفة إلى أخرى. على سبيل المثال، يمكن لمدير تنفيذي لا ينتمي إلى العائلة إدارة غرفة الإدارة، ولكن لا ينبغي له أن يتخذ قراراً حول كيفية استخدام المالكين لأرباحهم. من جانبهم، لا يمكن لأفراد الأسرة غير المالكين دخول الغرف الأخرى واتخاذ القرارات. تُتيح الحوكمة القائمة على نموذج الغرف الأربع جعل السلّم الوظيفي والحدود واضحة.

وقد رأينا العديد من الشركات تسقط في هاوية الفوضى بسبب عدم وجود عملية جيدة لصناعة القرارات. وقد لا تظهر المشكلة في كثير من الأحيان إلا بعد أن تبدأ الخلافات في تدمير ما بنته العائلة على مر سنين قائمة على التعاون. لنتأمل مثال سلسلة متاجر إقليمية للبيع بالتجزئة التي يرأسها أحد أفراد العائلة الذي سندعوه ستيف؛ لقد أدى الافتقار إلى الحوكمة في الشركة إلى جعل سلوك ستيف المتهور دون رقيب، وهو ما أثار استياء أخته وابن عمه اللذين كانا مالكين يتمتعان بصلاحيات متساوية. وبمجرد أن أدرك الجميع المشكلة، لجأوا إلى نموذج الغرف الأربع وأنشأوا مجلساً للمالكين طُلب فيه من ستيف إجراء مشاورات قبل اتخاذ قرارات ذات درجة معينة من الخطورة. وأسفرت تلك الخطوة في النهاية عن تهدئة مخاوف المالكين المشاركين، في حين اضطر ستيف إلى التخطيط للقرارات الكبيرة بعناية أكبر إلى أن عادت كل من الشركة والعائلة إلى مسارهما الصحيح.

يساعد نموذج الغرف الأربعة المالكين في إحكام السيطرة على أهم القضايا وتفويض القرارات الأخرى. كما أنه يعزز وضع عملية هدفها إعادة النظر في القرارات مع تطور أهداف العائلة أو الشركة أو كلتيهما.

ما هو تعريفك للنجاح؟

يمتلك مالكو الشركة الحق في الحصول على القيمة المتبقية التي تولّدها. وترتبط القدرة على تحقيق النجاح بالحصول على ذلك الحق. وعادة ما يكون ذلك واضحاً بالنسبة إلى الشركات العامة المملوكة لعدد كبير من المساهمين، إذ تهدف تلك الشركات إلى زيادة عوائد المساهمين. لكن قلة من الشركات العائلية التي نعرفها تتبنى تلك الأهداف. في الواقع، تُعتبر تلك الأهداف أحد أفضل الأمور المتعلقة بملكية الأسرة، بمعنى آخر، يجب عليك أن تحدد ماهية الهدف الأكثر أهمية. لا يمكن لأي شخص خارج الشركة أن يُجبرك على إيلاء نمو الأرباح أهمية أكبر من توفير فرص عمل لأفراد العائلة، أو أن يلحّ عليك للسعي وراء الفرص التي تتعارض مع قناعاتك.

وقد تكون ممارسة ذلك الحق بشكل فاعل ميزة رائعة تسهم في ديمومة الشركة. فهو يمكّن الشركة من تبني نهج طويل الأمد تتوارثه الأجيال ويتناقض بشدة مع هوس الشركات العامة بالنتائج الفصلية. لكن لا تمتلك كل العائلات رؤية واضحة بشأن أكثر الأهداف أهمية بالنسبة لها. وقد يُسفر ذلك الافتقار إلى الوضوح عن نزاعات حول الأولويات أو الفشل في انتهاز الفرص أو استبقاء الموظفين الموهوبين. والأهم من ذلك، إن لم تكن واضحاً بشأن أهدافك النهائية، فأنت تخاطر بفقدان السبب وراء تأسيس الشركة، لا سيما مع نمو الشركة وانتقال ملكيتها إلى أجيال جديدة. وقد تصل إلى طريق مسدود في النهاية.

ولتجنب ذلك المصير، تحتاج إلى استراتيجية مالك تحدد فيها أهدافاً ملموسة وتضع عمليات إشراف صارمة.

الأهداف. تندرج الأهداف ضمن ثلاث فئات رئيسة. يمكنك السعي وراء تحقيق النمو: زيادة القيمة المالية. ويمكنك السعي وراء توفير السيولة: إعطاء الأولوية لتدفق نقدي سليم يمكن للمالكين استخدامه خارج نطاق العمل. ويمكنك السعي وراء الحفاظ على السيطرة: الحفاظ على سلطة اتخاذ القرار ضمن المجموعة المالكة عن طريق تجنب الأسهم أو الديون الخارجية.

وقد تضطر إلى إجراء مقايضات بين تلك الخيارات. بمعنى آخر، قد تسعى وراء هدف واحد فقط أو قد تقرر السعي وراء مجموعة من الأهداف. وقد وجدنا عند إجراء دراسة على الشركات العائلية أن معظم تلك الشركات تركز على استراتيجية “الاختيار الثنائي”، بمعنى أنها تمنح الأولوية لهدفين اثنين على حساب الهدف الثالث. ويشير ذلك إلى وجود ثلاث استراتيجيات أساسية للمالك، بمعنى استراتيجية واحدة لكل زوج محتمل من الأهداف، حيث تشكل كل استراتيجية جانباً لما نطلق عليه مثلّث استراتيجية المالك.

تركز شركات التحكم في النمو على أن تصبح أكبر مع الحفاظ على عملية صناعة القرار ضمن سلطة المالكين، وهو النوع الأكثر شيوعاً الذي شهدناه.

وتسعى شركات النمو والسيولة أيضاً إلى أن تصبح أكبر، لكنها تدفع أموالاً كبيرة للمالكين وتستخدم الأسهم أو الديون الخارجية أو كليهما للحفاظ على أعمالها، وبالتالي التخلي عن بعض السيطرة.

في المقابل، لا تهتم شركات التحكم بالسيولة بالنمو السريع، بل تأمل بدلاً من ذلك في توليد تدفق نقدي كبير للمالكين مع الاحتفاظ بسلطة اتخاذ القرار.

ولاحظنا وجود شركات عائلية ناجحة للغاية اختارت التركيز على توليفة استراتيجية محددة. وتُعتبر تلك الاستراتيجيات عامة، بمعنى أنه يمكن للشركات تحديد عناصر أخرى ضمن الاستراتيجية تكون أنسب لها. ومن الضروري أن تفهم الخيارات الصريحة والضمنية التي تتخذها حول الأولويات؛ ولا بدّ أن تكون تلك الخيارات نابعة من قيمك الأساسية. ولا بدّ لك أيضاً من إعادة التفكير في اختياراتك في ظل تطور الظروف، سواء كانت خارجية: مثل التطورات الاقتصادية وحالات الدمج بين الشركات والتحولات التنظيمية؛ أو داخلية: مثل عمليات نقل الملكية بين الأجيال والنزعات العائلية والتغييرات في الإدارة العليا.

ضوابط الرقابة. يُعتبر التوفيق بين الأولويات أمراً ضرورياً. لكن الأمر يُعتبر مجرد كلام دون وجود طرق ملموسة لقياس الأداء. وقد تساعد ضوابط الرقابة في ضمان أن يوجه أولئك الذين يتولون إدارة العمل يوماً بعد يوم معظم طاقاتهم ومواردهم نحو ما تهتم به أنت بصفتك مالكاً، كما تتيح لك تفويض القرارات بثقة أكبر.

وقد تكون ضوابط الرقابة مالية أو غير مالية. ويجب على المالكين أن يسعوا وراء وضع عدد صغير من ضوابط الرقابة المالية، على سبيل المثال، تحقيق الحد الأدنى المسموح به لمستويات العائد على رأس المال المستثمَر أو تحقيق الحد الأقصى المسموح به لمستويات الديون، والتأكد من بقاء الشركة ضمن تلك الحدود. تحدد ضوابط الرقابة غير المالية النتائج التي يكون المالكون على استعداد فيها للتضحية بالأداء المالي. وغالباً ما تكون القيم الناتجة عنها أحد العوامل التي تربط الأسرة معاً ووسيلة لجعل العالم مكاناً أفضل. على سبيل المثال، نعمل مع شركة عائلية مقرها الولايات المتحدة. تستثمر تلك الشركة أموالها في البلدان التي تحصّل درجات عالية في التقييمات السنوية التي تُجريها مؤسسة “فريدم هاوس” (Freedom House) غير الربحية.

يُعزّز وجود استراتيجية واضحة للمالك ديمومة الشركة من خلال ضمان أن تحقق أعمال الشركة الأهداف المالية وغير المالية للمالكين. وعلى المدى الطويل، تحتاج العائلات إلى تحقيق ارتباط عاطفي بشركاتها؛ ولا بدّ لها أن تكون قادرة على قول: “نحن نمتلك تلك الشركة لأننا نريد إحداث فارق” أو “تُعتبر تلك الشركة تجسيداً لما ضحى به أجدادنا لمنحنا حياة أفضل”. من جهة أخرى، قد يميل المالكون إلى تبذير الأموال عند انعدام الارتباط العاطفي الذي يدفعهم إلى تحقيق ما هو أفضل للشركة.

تتمثّل أهم الأمور المتعلقة بملكية الأسرة في أنه لا يمكن لأي شخص خارج العائلة أن يُجبرك على السعي وراء الفرص التي تتعارض مع قناعاتك.

ما هي المعلومات التي تود مشاركتها والأخرى التي تود حجبها؟

يحق للمالكين قانونياً معرفة الكثير عن شركاتهم، مثل المعلومات المُدرجة في البيانات المالية وبعض السجلات التنظيمية ووثائق الملكية. وهم غير ملزمين بمشاركة تلك المعلومات مع أي شخص (بخلاف الحكومة)، باستثناء الحالات التي يُشركون فيها مستثمرين أو مقرضين أو أعضاء مجلس إدارة خارجيين. وهو ما يعني أنهم يتحكمون في عملية التواصل، وأنه يحظر مشاركة أي نتائج دون إذنهم.

وتؤثر الطريقة التي يمارس المالكون من خلالها هذا الحق على ديمومة الشركة بشكل كبير، وذلك لاعتبار التواصل الفاعل عنصراً بالغ الأهمية لتعزيز أحد الأصول الأكثر قيمة لدى الشركات العائلية، ألا وهو العلاقات الموثوقة. وعلى الرغم من القيمة المتدنية التي تولى لتلك العلاقات، فإنها تساعد في توليد ثلاثة أمور مهمة:

رأس المال المالي: المالكون الملتزمون الذين لديهم ارتباط عاطفي بالعمل ويقدّرون أهمية الأداء على المدى الطويل.

رأس المال البشري: الموظفون وأفراد الأسرة، بما في ذلك الأزواج، الذين يدمجون مواهبهم في شركاتهم وعائلاتهم على حد سواء.

رأس المال الاجتماعي: وجود سمعة إيجابية لدى الزبائن والموردين والجمهور وأصحاب المصلحة الآخرين، إذ قد تساعد السمعة الإيجابية في جعلك تتميّز في سوق تنافسي ويتيح لك تطوير شراكات عبر الأجيال.

إن الدافع وراء الحفاظ على خصوصية الشركة هو أمر منطقي، فقد تحمي الخصوصية الشركة والعائلة من تطفّل الغرباء. في المقابل، إذا آثر المالكون الاحتفاظ بسرية البيانات، فهم يخاطرون بحرمان الشركة من قدرتها على تنمية علاقات قيّمة.

لنتأمل مثال أحد الأستاذة الجامعيين في كلية إدارة الأعمال والتي سنطلق عليها اسم صوفي. تزوجت صوفي من رجل ينتسب إلى عائلة من الجيل الرابع تمتلك شركة إعلامية في آسيا. وقد دفعها القلق حول موقف الشركة تجاه قضايا الابتكار إلى الاستفسار عن استراتيجية الشركة على المدى الطويل. وكلما طرحت مزيداً من الأسئلة، حجب الفريق التنفيذي مزيداً من المعلومات عنها، إلى أن طلب من زوجها التوقف عن مشاركة التقارير المالية معها خوفاً من أنها قد “تزعزع العمل”. ازداد قلق صوفي بشأن ما إذا كان أطفالها سيرثون شركة عديمة القيمة. وانسحبت من الشركة كرد فعل على رفض التعاون، حتى أنها قضت إجازاتها السنوية في مكان مختلف عن المكان الذي تجتمع فيه العائلة بشكل سنوي، حارمة بذلك أطفالها من فرصة توطيد العلاقات مع أبناء عمومتهم (والمالكين المشاركين في المستقبل)، وهو ما قد ينطوي على تأثير ضار على الشركة في السنوات القادمة.

من الطبيعي أن يتخذ التواصل طابعاً غير رسمي في بداية عملك، وقد يحدث خلال الاجتماع على مائدة الطعام فقط. لكن مع تطور الأعمال، يمكنك عقد مزيد من الاجتماعات أو وضع بعض السياسات أو المهام أو تطوير المنصات التكنولوجية التي يمكن أن تحسن عمليات الحوار في الشركة. ابدأ بمواءمة المعلومات التي تود مشاركتها مع الآخرين والأخرى التي تود حجبها عنهم. لاحظنا في تجربتنا قلق معظم المالكين بشأن حماية التفاصيل المتعلقة بثرواتهم لدرجة أنهم فشلوا في التفكير في ماهية البيانات التي يمكنهم مشاركتها لمساعدة أصحاب المصلحة في الشعور بالارتباط والعزم على مساعدة الشركة في تحقيق النجاح على المدى الطويل. وقد تتضمن تلك المعلومات قيم مالك الشركة واستراتيجيته، وكيفية اتخاذ القرارات، وخططه بشأن قضايا التعاقب الوظيفي وشغفه بالعمل. وفي حال اتخذت قراراً بالحفاظ على خصوصية تلك المعلومات، فمن الضروري أن تخبر أصحاب المصلحة عن السبب الذي دفعك إلى حجبها.

وقد شهدنا العديد من الحالات التي كان الإخفاق في التواصل بشكل فاعل فيها السبب الوحيد وراء انهيار الشركات العائلية. وشهدنا حالات أخرى أسفر فيها التواصل الفاعل عن مساعدة الشركة في تحقيق النجاح والازدهار خلال الأوقات الصعبة. لذلك، من الضروري أن تمارس الحق في مشاركة المعلومات ولكن بحكمة.

كيف ستتعامل مع عملية نقل الملكية إلى الجيل التالي؟

يتمثّل الحق النهائي للمالك في تحديد ماهية استراتيجية الخروج. يمكنك تحديد هوية من سيتولى ملكية الشركة من بعدك، ونوع الملكية (سواء كانت أسهماً أو ائتماناً)، ووقت عملية الانتقال. ويترافق هذا الحق مع قرارات معقدة وصعبة. ماذا ستفعل بالأصول التي عملت بجد لتطويرها؟ كيف ستتخلى عن الشركة؟ ما هي المناصب التي يمكن للجيل القادم شغلها؟ كيف يمكنك إعدادهم أفضل إعداد؟ هل العلاقات بينهم قوية بما يكفي لدرجة تمكّنهم من اتخاذ القرارات معاً؟

قد يُسفر التأخير أو سوء التخطيط لعملية نقل السلطة عن إحداث فوضى في الشركة والعائلة على حدٍ سواء. وقد وجدت دراسة أجرتها “بوسطن كونسلتينغ جروب” على أكثر من 200 شركة عائلية هندية فرقاً قدره 28 نقطة مئوية في نمو القيمة السوقية بين الشركات التي خططت لعمليات نقل السلطة وتلك التي لم تخطط لها. وقد تُسفر عملية نقل السلطة إلى الأجيال التالية عن توحيد الإمبراطوريات العائلية أو تبديدها.

ولتنفيذ عملية انتقال ناجحة، تحتاج إلى وضع خطة استمرارية ترسم مساراً من الجيل الحالي من المالكين إلى الجيل التالي. ولا بدّ أن تعالج تلك الخطة ثلاثة تحديات رئيسة:

  • نقل الأصول. هل ستحتفظ بنوع الملكية نفسه (مالك فردي، شراكة، وما إلى ذلك) أم ستغيرها؟ هل ستنقل الملكية دفعة واحدة أم تدريجياً (على سبيل المثال، من خلال منح المصالح الاقتصادية للجيل القادم مع الاحتفاظ بالسيطرة على حق التصويت)؟ ما هي الأدوات التي تنوي استخدمها لتقليل الضرائب، مثل صناديق الائتمان وتقديم الهدايا؟
  • تسليم المناصب. ما هي خطوات تسليم المناصب التي سيتبعها القادة؟ ما هو الأسلوب الذي ستتبعه في اختيار خلفاء لك من الغرف الأربع بطريقة عادلة، وكيف ستحدد هوية المرشحين الأكثر موهبة؟ كيف ستضمن انتقال السلطة بشكل سلس؟
  • تطوير قدرات الجيل القادم. ما هي المهارات التي سيحتاج إليها كل من المالكين الجدد، سواء كانوا ينخرطون في أعمال الشركة أم لا؟ كيف ستساعدهم في تحديد المناصب الأكثر ملاءمة لهم؟ كيف ستخلق الفرص التي تمكّنهم من التعاون مع بعضهم البعض؟

قد يُسفر تأخير عملية نقل السلطة إلى الجيل التالي أو التخطيط السيئ لها عن إحداث فوضى في الأسرة والشركة على حدٍ سواء. من الضروري وضع خطط للاستمرارية.

تُعتبر مهمة نقل السلطة إلى الجيل التالي عملية وليست حدثاً، وكلما كانت خطة الاستمرارية قائمة على المناقشة بدلاً من الإبلاغ، زادت فرص النجاح. لا يمكنك إملاء الخطة على الأجيال فحسب؛ بل يحتاج القادة الجدد إلى أن يكونوا على أتم الاستعداد وأن يشغلوا مناصب تتواءم مع مهاراتهم. وفي حال رغبت في معرفة ما قد يحدث عندما تكون العائلة في حالة نزاع، تأمّل عائلة “بريتزكر” التي بنت إمبراطورية الأعمال التي تضم فنادق “حياة” (Hyatt). جمع جاي بريتزكر، قائد الجيل الثالث، وشقيقه روبرت العائلة في عام 1995 ووزعا وثيقة من صفحتين تفصّل خطط التعاقب الوظيفي. كما فصّلت مجموعة معقدة من الصناديق الائتمانية التي وُضعت للاحتفاظ بأصول العائلة، وبيّنت الوقت الذي سيحصل فيه الأعضاء على المكاسب، وكلفت ثلاثة أفراد بمهمة قيادة الشركة. كانت نواياهم من وضع الوثيقة حسنة دون شك، لكنها لم تنجح، إذ بعد أشهر قليلة من وفاة جاي في عام 1999، بدأت سلسلة من الدعاوى القضائية، وقررت العائلة في النهاية تقسيم ممتلكاتها.

قد تكون أكبر عقبة أمام التخطيط المستمر هي البدء في التخطيط في كثير من الأحيان. وقد ينجذب القادة إلى فكرة تأجيل المحادثات المتعلقة بقضايا الخلافة والهوية عبر الأجيال عند مواجهة شواغل ملحة في الوقت الحاضر. لذلك، من الضروري أن تضع تلك المحادثات ضمن جدول أعمالك (في غرفة المالكين، مع فريق عمل مختص بوضع خطط الاستمرارية، أو من خلال مجلس إدارة شركتك) وأن تحدد بعض المواعيد النهائية لها.

لن نحاول تنميق استنتاجاتنا، بل سنؤكد للجميع أن الافتقار إلى العمل الجاد والذكي من قبل المالكين وأفراد العائلة الآخرين والموظفين سيؤدي إلى انهيار الشركات العائلية. لذلك، من الضروري بذل كثير من الجهد لضمان ألا تتضارب المصالح المتنافسة.

لا توجد طريقة واحدة تضمن حفاظ الشركات العائلية على أعمالها وديمومتها، ولا يوجد إلا عدد قليل من الممارسات العالمية المثلى التي يمكنك اتباعها. لكن سيُتيح لك إطار العمل المكوّن من خمسة حقوق إعداد نفسك للعمل وفق ما تقتضيه ملكية الأسرة. اطلب من أعضاء شركتك تقييم أدائك بشكل فردي في كل حق. ثم شارك النتائج معهم وطوّر خطة تستند إلى نقاط قوتك وتدعم نقاط ضعفك. وستكون قادراً من خلال ذلك التعاون على استخدام قوة الملكية للحفاظ على ديمومة شركتك العائلية لأجيال قادمة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .